متى يقدم الإنسان على الفعل أو يحجم عنه بعد الاستخارة
إن
صلاة الاستخارة
أحد الأمور الدينية المريحة للعبد، حيث يفوض الله في أمره، ويستخيره في شؤنه، إذ أن الله تعالى يعلم قدرة عبادة، ومدى قلة حيلتهم وضعفهم، لذا سخر لهم تلك الصلاة والدعاء لكي يختار لهم في الأمور التي تحيرهم، فمهما بلغ العبد من علم ومن حكمة، هناك بعد الأمور التي لا يعلم مدى خيرها من شرها، والله تعالى وحده هو المطلع على الغيب ويعرف ما تخفيه الأيام والقلوب، كما أن أكثر الأمور التي يستخير فيها العباد ربهم، هي السفر أو الزواج او العمل وكثيراً من الأمور الحياتية التي يحتار في الإقبال عليها من عدمه الأشخاص[1].
ماذا يفعل
الانسان بعد
صلاة
الاستخارة
-
كثيراً ما يستخير الأشخاص ربهم في الأمور التي تحيرهم، ولا يعرفوا اختيارها من عدمه، ولا سيما أن بعد الصلاة وذكر دعاء الاستخارة ينتظر الشخص إشارة ما أو أمر يوضح له القبول من الرفض، وفي ذلك يقول الشيخ بن عثيمين “
صلاة الاستخارة مسنونة إذا تردد الإنسان في الأمر؛ لأنه لا يعلم العاقبة، فيكل الأمر إلى الله عز وجل. وصفتها أن يصلى الإنسان ركعتين من غير الفريضة، فإذا سلم دعا بدعاء الاستخارة المعروف، ثم إذا قدر له أن يكون الشيء، فهذا دليل على أن الله تعالى اختار له أن يكون، وإذا صرف عنه بأي نوع من الصوارف دلّ على أن الله تعالى اختار له ألا يكون. وأما قول بعض الناس: “لا بد أن يرى الإنسان في الرؤيا أنه اختير له الإقدام أو الترك” فهذا لا أصل له، لكن بمجرد ما يستخير، ثم يهيأ له الفعل أو الترك، فإننا نعلم أن الله تعالى اختار له ما هو خير؛ لأنه قد سأل ربه أن يختار له ما هو خير”[2]
- كثيراً ما يظن أن يجب أن يرى رؤية تدل على ان كان يقدم على الفعل او يعزف عنه، ولكن في واقع الأمر ليس بشرط أبداً، أن يتلخص الموضوع في رؤية، فقد يخيل العقل الباطن للأشخاص أمور نتيجة كثرة التفكير، أو قد لا يحلم بها على الإطلاق[3].
- القبول والرفض في الاستخارة، يأتي بعد استخارة العبد ربه في الأمر، ثم يمضي فيه، فإذا وفق فهذا خير له، وإذا لم يوفق فالله تعالى اختار له أن لا يكمله، إذ أن الاستخارة تفويض لله عز وجل في امر المؤمن، ولكن على العبد السعي فقط وترك باقي الأمر لله عز وجل.
- لا يشترط الراحة القلبية للأمر بعد الاستخارة من عدمها، فالراحة هي امر نسبي يختلف من شخص لأخر، فكثيراً من العوامل التي قد تؤثر في الموضوع لا علاقة لها بالاستخارة، لذا فالأمر يتلخص في أن يثير العبد في طريقة، ويترك لله عاقبة الأمور[4].
- اما عن الاحجام عن الأمر، فيسير العبد في امره كما وضح مما سبق، وإن كان شر سيصرفه الله تعالى عنه بحوله وقدرته عزو جل، فطالما فوض العبد أمره لله سيتولى لله تيسير الامر أو إحجامه.
الحيرة بعد الاستخارة
- قد يصاب الكثير من الأشخاص بالحيرة بعد الاستخارة، ولا يعلموا أي الأمور هو المناسب لهم، وقد لا يفهموا الإشارة إلى الخير فيما يستخيروا الله فيه، فيرجع البعض إلى تكرار الاستخارة تيمن بقول النبي صلى الله عليه وسلم “إذا دعا دعا ثلاثاً، وإذا سأل سأل ثلاثاً” رواه مسلم.
- كما أن الكثير من الأفراد حين لا يروا الرؤى فقد يحتاروا في الأمر، ولكن قد يكفي انشراح الصدر أو الإقبال على الأمر وترك تسهيل الأمور إلى الله عز وجل.
- ولا سيما أن هناك العديد من أهل العلم نصحوا بتكرار الاستخارة وفقاً لقول الرسول الكريم “يا أنس إذا هممت بأمر فاستخر ربك فيه سبع مرات، ثم انظر إلى الذي يسبق إلى قلبك فإن الخير فيه” وقد حكم الحفاظ بضعفه، منهم الإمام النووي والحافظ العراقي[2].
- أما في نهاية الامر إن لم يفهم العبد ما يجب عليه أن يفعله، فعليه أتباع ما ينشرح له قلبه وصدره، فيقول الإمام النووي “وينبغي أن يفعل ما ينشرح له صدره، فلا ينبغي أن يعتمد على انشراح كان له فيه هوى قبل الاستخارة، بل ينبغي للمستخير ترك اختياره رأساً، وإلا فلا يكون مستخيراً لله، بل مستخيراً لهواه، وقد يكون غير صادق في طلب الخيرة، وفي التبري من العلم والقدرة وإثباتهما لله تعالى، فإذا صدق في ذلك تبرأ من الحول والقوة، ومن اختياره لنفسه”.
-
صلاة الاستخارة امر مهم، حيث تفيد الكثير من الناس في تيسير الأمور، وهناك
قصص عن الاستخارة
لا عد ولا حصر لها، حيث تيسر أمورن وتفتح أبواب موصده. -
الحكمة من مشروعية الاستخارة
تتجلى في أنها تشمل الخضوع والاعتراف بقلة الحيلة لله عز وجل، وتشمل تفويض من الله تعالى في كافة أمور عباده، ولا سيما أن العبد لا يستطيع أن ييسر أموره ولا يعلم خيرها من شرها، لذا فيترك الأمر لله عز وجل.
صلاة الاستخارة لشخص تحبه
إن صلاة الاستخارة يفضل أن يصليها الفرد لنفسه، حيث إن الرسول صلى الله عليه وسلم وصى أن يستخير الفرد لذاته، ولا سيما أن في حين أن الفرد لا يستطيع أن يقول دعاء الاستخارة فيمكن أن يقوله الشخص ويقول ورائه الشخص الذي يريد الاستخارة[5]، فلا مشكلة في أن يسأل الناس
كيف نصلي الاستخارة
حيث الأفضل أن يصليها العبد لنفسه، وفيما يلي طريقة صلاة الاستخارة:
- في البداية يصلي العبد ركعتين دون الفرض، أي بعد قضاء الفروض، ويقرأ فيهم الفاتحة وما تيسر من القرآن الكريم.
-
يقول بعدها
دعاء الاستخارة
.
- لا مانع في أن تصلي الأم والأب لأولادهم، أو الأولاد لأهلهم، بنية تنوير البصيرة او إصلاح الامور، فالاستخارة دعاء، ولا مانع أن يدعوا أي عبد لغيرة، ولكن الأصل في الموضوع أن يصلي العبد لنفسه، والدليل على ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم” إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الفَرِيضَةِ، ثُمَّ لِيَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ العَظِيمِ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلاَ أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلاَ أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلَّامُ الغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي – أَوْ قَالَ: عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ – فَاقْدُرْهُ لِي، وَيَسِّرْهُ لِي، ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي – أَوْ قَالَ فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ – فَاصْرِفْهُ عَنِّي، وَاصْرِفْنِي عَنْهُ، وَاقْدُرْ لِي الخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ أَرْضِنِي به” ثم يقول الحاجة التي يريدها[7]
دعاء الاستخارة
قال الرسول صلى الله عليه وسلم ” اللهم إني أستخيرك بعلمك واستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر (ويسمي حاجته) خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر (ويسمي حاجته) شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير ثم رضني به” رواه البخاري عن جابر[6]