أنواع الترجمة الأدبية وخصائصها
الترجمة ومن إلى واللغات المختلفة أصبحت أحد أهم المجالات اليوم التي قربت العالم من بعضه البعض، عن طريق نقل تراث وحضارات وثقافة وأدب الدول لبعضها البعض. تنقسم الترجمة بشكل رئيسية إلى الترجمة الكتابية و
الترجمة الشفوية
، كما تتضمن العديد من الأنواع ومنها الترجمة الأدبية.
الترجمة الأدبية وانواعها
الترجمة الأدبية هي أحد أنواع الترجمة التي تتمحور حول نقل النصوص الأدبية المختلفة من لغة إلى لغة أخرى مع الحفاظ على معناها الجمالي والفني، وتتضمن ترجمة النصوص الأدبية ما يلي:
- الكتب، القصص، المقالات، الروايات، ومختلف أشكال النثر الأخرى.
- الشعر.
- المحتوى الإعلاني.
- وبعض النصوص المختلفة التي تتطلب مرونة وابتكار في الترجمة.
تختلف الترجمة الأدبية كثيراً عن الأنواع الأخرى للترجمة، بخلاف نقل النص الأصلي للغة أخرى لابد من أن ينتبه المترجم لضرورة الحفاظ على الصورة الفنية والوظائف الجمالية التي تتضمنها الأعمال الأدبية المختلفة لما تتركه من انطباع مختلف لدى القارئ، فالترجمة الحرفية للنص الأدبي لن تمكن القارئ من لمس معنى وعمق المعاني الأدبية التي يحاول الكاتب نقلها إليه.
فتتعلق الترجمة الأدبية بشكل رئيسي بكيفية إدراك المترجم للنصوص الأدبية، عندها فقط سيتمكن من إعادة كتابة النص الأصلي بلغة أخرى بشكل إبداعي وفني بعيداً عن الترجمة الحرفية ناقلاً من خلالها عمق العمل الأدبي، فعلى سيبل المثال قد يلجأ لاستبدال بعض التعابير الواضحة بمرادفاتها أو يغير بنية الجملة إن لزم الأمر، لكن بما لا يخل بالمعنى المستهدف في النص الأصلي.[1]
خصائص الترجمة الأدبية واهم استراتيجياتها
الاستراتيجيات التي تقوم عليها الترجمة الأدبية مختلفة بالطبع عن استراتيجيات الترجمة الأخرى، فلكل نوع منها خصائصه ويمكن تقسيم خصائص الترجمة الأدبية إلى خمس استراتيجيات هي:
-
الاستراتيجية الأولى
تعتمد هذه على استبدال عناصر النص الأصلي بعناصر أخرى تمثل الثقافة المستقبلة لها، وتعد من الاستراتيجيات المفيدة للغاية عند ترجمة النصوص الإعلانية والشعارات وغيرها.
عند الاعتماد على هذه الاستراتيجية يكون الأهم هو توصيل معنى الرسالة الفعلي للمتلقي بدلاً من الكلمات التي تتكون منها في الأساس.
-
الاستراتيجية الثانية
تتعلق هذه الاستراتيجية باستخدام المترجم عناصر لغوية جديدة في النص المترجم، والتي تستخدم عادةً في شرح كلمات ليس لها مثيل في اللغة الأخرى.
-
الاستراتيجية الثالثة
تتعلق هذه الاستراتيجية بنقل بعض المعلومات في النص الأصلي لمكان مختلف في النص المترجم عن النص الأصلي، وذلك لعدم امتلاكها ذات التأثير إن تمت ترجمتها في نفس المكان كما في النص الأصلي.
وتستهدف هذه الاستراتيجية بشكل رئيسي تعويض الخسائر الفنية التي يتعرض لها النص الأصلي عند ترجمته.
-
الاستراتيجية الرابعة
تتعلق هذه الاستراتيجية بإمكانية حذف بعض المعلومات الموجودة في النص الأصلي عند ترجمتها، وذلك لتحسين جودة الترجمة الأدبية، لكن يجب أن تكون هذه العناصر غير رئيسية وحذفها لن يؤثر على النص المترجم بل يجب أن تفيد في تحسينه.
-
الاستراتيجية الخامسة
تستخدم هذه الاستراتيجية بكثرة في الترجمة الأدبية بالإضافة لاستخدامها في أنواع أخرى للترجمة مثل الترجمة الطبية، وتعتمد على استخدام كلمات موجودة في النص الأصلي ووضعها كما هي في النص المترجم، قد تكون مألوفة لمتحدثي اللغة الأخرى أو تعود للغة ثالثة، أو ربما يكون تعبير لا يمكن شرحه بالترجمة.[2]
صعوبات الترجمة الأدبية
يواجه مترجمي النصوص الأدبية المختلفة عدد من الصعاب والتحديات من أبرزها:
عدم تغيير المعنى الذي يقصده الكاتب، وهي واحدة من أكثر التحديات التي يواجها مترجمي النصوص الأدبية، فلجانب تقديم عمل مترجم بشكل احترافي عليهم الانتباه للحفاظ على المعرفة والخبرة التي يرغب الكاتب بمشاركتها مع القراء في المقام الأول.
نقل التعبيرات الثقافية المحددة، في كثير من الأحيان يستخدم المؤلفون أسماء لشخصيات مشهورة في ثقافتهم في الروايات أو القصائد للدلالة على شيء معين من خلالها، مثل استخدام اسم “دون جوان” وهي شخصية في أحد المسرحيات سيئة السمعة تستغل ثرائها لإغواء النساء.
واستخدمت فيما بعد في كثير من الثقافات كتعبير عن الرجل “زير النساء” كما يقال، هنا قد يصاب الكاتب بحيرة هل يكتب الاسم كما هو ويوضح أسفل الصفحة الخلفية الثقافية لها أم يحاول العثور على شخصية مماثلة لها في ثقافة اللغة الأخرى.
العثور على الكلمات المناسبة، استخدام الكلمات والتعبيرات المناسبة لتوصيل نفس المعلومة أو العمق الفني للقارئ هي من أكثر التحديات التي يواجهها كل المترجمين دون استثناء.
ترجمة اللغات العامية واللهجات المحلية، تحدي آخر يواجهه المترجمين فكثير من الكتاب يميلون لاستخدام اللغة العامية واللهجات الأصلية في كتاباتهم سواء كانت قصص أو روايات أو أبيات شعر، والتحدي يكمن في كيفية قيام المترجم نقل هذه التعبيرات للغة الأخرى مع الاحتفاظ بالأسلوب المميز الذي تتحدث به الشخصيات في النص الأصلي.[3]
أهمية الترجمة الأدبية
هناك العديد من الأسباب التي يمكن من خلالها تفسير مدى أهمية الترجمة الأدبية، ومنها:
- تساعد القراء على فهم العالم أكثر من خلال الإطلاع على ثقافة الشعوب الأخرى.
- تمكن القارئ من الإطلاع على التاريخ والفلسفة والسياسة في الثقافات المختلفة.
- يتعرف القارئ من خلالها على الطرق المختلفة للحياة، التي تختلف من ثقافة لأخرى ومن بيئة لأخرى.
- التغلب على عائق اللغة في الاستمتاع بالأعمال الأدبية الفريدة والكتابات المبدعة لأفضل المؤلفين.
- تعد بمثابة بوابة للماضي يتمكن القارئ من خلالها من التعرف على نظرة القدامى للحياة، وطريقة تعبيرهم عن ذاتهم ومشاعرهم، والأهم طريقة تفكيرهم.
- كما أنها تمكن القارئ من المقارنة بين الأدب في العصر الحالي والعصر القديم، وطرق الحياة اليوم وكيفية التعاطي مع المشكلات وإنجاز المهام المختلفة وما كانت تبدو عليه في الماضي.[4]
- تعزز قيم المشاركة والتفاهم والاستيعاب بين المجتمعات المختلفة، وذلك من خلال نقل قضايا حقوق الإنسان والعوامل الإنسانية المشتركة بين الشعوب فضلاً عن تجارب المهمشين.
- تقدم للقارئ أكثر من مصدر للحصول على النصوص الأدبية، من خلال ترجمة الأعمال الأدبية العالمية للعديد من اللغات، هذا الأمر ساعد الكتاب أيضاً على التحدث لأجيال وثقافات مختلفة من خلال أعمالهم.
- تساعد على تنشيط وتعزيز اللغة المترجم إليها، من خلال نقل أفكار ومصطلحات جديدة عليها، فعن طريق التعرف على الثقافات الأخرى من خلال الأعمال الأدبية يصبح التعبير عن العالم بطرق مختلفة أكثر سهولة.
- عامل مهم من عوامل تنشيط المجال الأدبي فعن طريق النصوص المترجمة يمكن للكتاب أن يصلوا لأبعد من تخصصاتهم ويقدموا أعمال فنية مختلفة كلياً عما اعتادوا عليه، عن طريق التعلم من ثقافات ولغة ومصطلحات والأساليب الأدبية والفنية الموجودة في اللغات الأخرى.
- تتيح القراء إمكانية الحصول على أفضل الكتب في العالم والاستمتاع بقراءتها وخوض التجربة الخيالية التي تنقلها لهم، فمما قيل عن الترجمة أنها “مثال للديمقراطية الحية حيث تمكن أي شخص من القراءة لأفضل الكتاب في العالم”.
- تجذب الترجمة مزيد من القراء الجدد، كما تخلق مزيد من الكتاب الجدد في كل مكان في العالم.
- من العوامل التي تساهم في دعم النمو الاقتصادي، فالتمكن من لغة ثانية ومعرفة القراءة والكتابة بها بالإضافة لاستيعاب ثقافتها تعزز من إمكانية حصول المترجم على فرصة عمل جيدة في الخارج.
- تساعد الترجمة الأدبية كذلك على تطوير أسواق جديدة، فتضخ الكتب المترجمة اليوم إلى المزيد من المناطق الغير مستغلة في العالم وتحقق نتائج جيدة حتى الآن.[5]