تعريف الاستعفاف وانواعه
الاستعفاف هو ترك ما لا يليق والبعد عما يخرم المروءة ، والمروءة هي الوقوف عند محاسن الأخلاق ، وعن حكيم بن حزام عن النبي ﷺ قال: اليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول، وخير الصدقة ما كان عن ظهر غنى، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغنِ يغنه الله، متفق عليه.
ومعنى من يستعفف يعفه الله ، أي من يمتنع عن السؤال يغنه الله عن سؤال الناس ، ومن يستغني يغنيه الله ، من يقنع بما عنده وإن قل يعطه الله مايستغنى به عن الخلق كما في قوله تعالى يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ البقرة
و
الاستعفاف
يعني العمل ولو بأجر قليل والصبر على ذلك خير من سؤال الناس وطلبهم ، وهذا لأن مسألة الناس ، وطلب ما في أيديهم مذلة ومنقصة ، ولقد وعد الله المستغني عن الناس بأن يرزقه الصبر ويغنيه من فضله ، ويحث الإسلام على الصدقة على المحتاجين ، والتعفف عن طلب الناس الحاجة .
قال تعالى “وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ، ومن معينات الاستعفاف الصوم والبعد عن كل ما يثير شهوة الإنسان ، مع الحرص على تقوية الإيمان والصلة بالله ، والتوكل على الله ، والاستفادة من الوقت في عمل الصالح.
تعريف الاستعفاف وانواعه
الاستعفاف لغة هو طلب العفة ، والأخذ بأسبابها ، وهو المقصود بالمعنى الاصطلاحي ، وكما هو معلوم ، فإن المقصود بالعفة هو ترك ما لا يليق والبعد عما يخرم المروءة ، أما المروءة هي الوقوف عند محاسن الأخلاق وجميل الصفات ، والاستعفاف متعلق بكل هذه المعاني ، ومشتمل عليها ، فهو يجمع بين العفة والمروءة في الوقت نفسه . [1]
الفرق بين العفة والاستعفاف
قال النووي: “أما العفاف والعفة؛ فهو التنزه عما لا يباح، والكف عنه، والغنى هنا غنى النفس، والاستغناء عن الناس، وعما في أيديهم”
عندما يعيش المرء في بيئة تكون فيها فرص ارتكاب الخطايا كثيرة ويكون التساهل أمرًا شائعًا ، فإنه يتطلب أساسًا قويًا في الأخلاق والسيطرة على الذات. ومن الضروري أيضًا أن يكون النضال ضد العدو مستحقًا ومثمرًا ، خوض معركة بإخلاص وتضامن ونية خالصة وخالية من أي أنانية ومصلحة شخصية ، في نظر الإسلام ، أجدر الجهاد هو مقاومة الرغبات غير المشروعة ، وطلب العفة والاستعانة بالصلاة والصوم .
مجالات الاستعفاف
إن الاستعفاف سلوك عملي شامل لجميع تصرفات المسلم والمسلمة في المعاملات والعبادة والعلاقات ، والمشاعر والعواطف ، حتى شمل الاستعفاف سؤال الناس ( التسول) ، قال تعالى ” لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا ۗ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (273 – البقرة ) ، إلا أن الآيات الكريمة ركزت على مجالين اثنين المال والنكاح
- الاستعفاف في الأعراض والنكاح من خلال الحث عن طريق تيسير أمور الزواج ، وتحريم الزنا ، والبعد عن مثيرات الزنا ، والحث على الاحتشام .
- الاستعفاف في الأموال من خلال التعفف في مال اليتيم وتحريم الكسب الحرام وتحريم الاسراف والتبذير والحث على الاعتدال في الانفاق ، وتحريم الربا والقمار .
- ومن الوسائل المعينة على الاستعفاف ، المداومة على العبادة ، المحافظة على النوافل ، الصحبة الصالحة . [1]
أهمية الاستعفاف وآثاره
الاستعفاف خلق إيماني رفيع ، يرسخ في المجتمعات معاني التكافل والتسامح والتعاون ، وله آثار عظيمة على الفرد والمجتمع ، ومن هذه الآثار :
آثار الاستعفاف على الفرد
-
علو الهمة والبعد عن سفاسف الأمور ،
والانشغال بما هو نافع ، كطلب العلم ، والبحث عن حلول لمشاكل علمية أو اجتماعية أو انسانية ، فتسمو أهداف الإنسان في الحياة ، وينطلق لتحقيقها . -
و
تحمل المسؤولية المجتمعية
، فالاستعفاف يمنع المسلم من إلحاق الأذى بالآخرين ، مما يعين الفرد على القيام بواجبه ، تجاه مجتمعه ، بالحفاظ على مصالحها وحمايتها ، وبذل المنافع لأي خلق . -
و
كسب ثقة الآخرين واحترامهم ومحبتهم
، قال تعالى ” وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34 -فصلت ).
آثار الاستعفاف على المجتمع
أثر الاستعفاف على المجتمع لايقل أهمية عن أثره على الفرد ، بل يلاحظ ارتباطًا وثيقًا بين أثر هذا الخلق الإسلامي على الفرد وأثره على المجتمع ، ويظهر مدى ترابط هذه الآثار من خلال الآتي :
-
تماسك المجتمع أمام الأخطار
، نتيجة لوجود الثقة بين أفراده . -
خلو المجتمع من الجريمة والازدهار
، نتيجة لتحمل أفراده مسؤلياتهم المجتمعية . -
استقرار التعاملات المالية والاقتصادية
، وتبادل المنافع والمصالح مما يعزز الأمن الاقتصادي للمجتمع . [1]
العفة في القرآن والسنة
قال تعالى: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّـهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ . وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ۖ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ۚ وَتُوبُوا إِلَى اللَّـهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور:30-31].
وقال سبحانه: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ اللَّـهُ مِن فَضْلِهِ} [النور من الآية:33].
وقال سبحانه: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ ۖ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ} [النور من الآية:60].
وقال سبحانه: {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا ۗ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّـهَ بِهِ عَلِيمٌ} [البقرة:273].
وقوله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَىٰ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ ۖ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُوا ۚ وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ ۖ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ ۚ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّـهِ حَسِيبًا} [النساء:6]. [2]
عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة حقٌّ على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف» (رواه الترمذي
«من استغنى أغناه الله عز وجل ومن استعفَّ أعفَّه الله عزَّ وجلَّ، ومن استكفى كفاه الله عزَّ وجلَّ، ومن سأل وله قيمة أوقية، فقد ألحف»،
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: «اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى » (رواه مسلم) [3]