فن الردود الدبلوماسية
تعتبر الحياة بشكل عام مجموعة من الفنون والعلاقات الاجتماعية، حيث يجب على الفرد أن يعي ويعرف كيفية إدارة حياته مع الآخرين، دون أن يشكل عبأ عليهم، ولا سيما أن الكثير من الأفراد لا يمتلكوا فن الرد على غيرهم، مما يجعلهم دائماً عرضة للنبذ أو التجاهل ممن حولهم، إذ أن الأفراد بشكل عام يميلوا إلى طيب الكلام والتصرفات الحسنة، فلا يوجد من هو يتقبل التجاهل أو الكلمات السيئة العنيفة، لذا فالدين الإسلامي دوماً يدعوا إلى القول الحسن والعمل الطيب، كما أن
تعلم فن الرد
أمر شديد الأهمية للجميع.
فن الردود الدبلوماسية
يعتبر الرد بشكل دبلوماسي فن، يحتاج تعلم مهاراته، ودراسة أشكاله، فالكثير من الأفراد ليس لديهم تلك المهارة، مما يجعلهم يخسروا الكثير ممن حولهم دون أن يدروا، الله عز وجل جعل الكلمات لها تأثير كبير على مسامع وقلوب البشر، فلابد أن يعي الإنسان تأثير تلك الكلمات ، ويعمل جاهدًا على أن يكون دومًا طيب اللسان لين الكلمة، فالكلمات الجارحة ما هي إلا أسهم تصيب القلوب، فإذا تعلم الكبير كيف يحتوي الصغير ويقول له حسن سينتج جيل ناضج وواع وكريم، وإذا حافظ صاحب العمل على كلماته تجاه العاملين سيحصد أفضل إنتاج فكان الرسول الكريم لا يقول إلا طيب وحسنًا .[1]
فن الدبلوماسية
فكرة الدبلوماسية في حد ذاتها، ما هي إلا التعرف على كيفية التعامل مع الأشخاص، حيث يجب أن يكون لدى الفرد مهارة في الحديث، ولديه
فن الاعتراض
، ومهارة كسب الآخرين، وحب الناس وإدارة المشكلات والأزمات، كلها تتطلب شخص فطن مهذب، ذو جأش وحكمة، وفيما يلي أهم سبل الدبلوماسية، أو كما يطلق عليها اتيكيت التعامل مع الأخرين : [2]
- يجب على الأفراد تقبل النقد، وإدراك أن لا احد معصوم من الخطأ، ولم يخلوا بني أدم من العيوب فكلهم ذو نقص، إذ أن البشر خطاء، بل يجب التعامل مع النقد بصدر رحب، وتحول الشعور السلبي إلى طاقة للتغير للأفضل.
- تعلم الاعتذار، حيث إن الاعتذار ثقافة، لا يعرفها إلا ذوي الخلق الرفيع، لا سيما أن الاعتذار يخلق حالة من الود بين الأفراد، ويذيب جبال العداوة، ويفتح القلوب التي أغلقها صدأ الحقد والخصام، فالشخص الذي يعتذر دوماً هو الأقوى، الذي يتغلب على أخطائه وعيوبه ويواجه مشكلاته.
- التبسم في وجه أخيك في الدين الإسلامي الحنيف صدقة، كما أن تأثيرها جميل، ففي العلاقات الإنسانية ، البسمة قادرة على إذابة جبال من الخصام والعداء، لذا فيجب على الأفراد التبسم الدائم، كما إنها تمنح الأشخاص وجه جميل وبشوش.
- لا تحكم على أحد من أول لقاء، فالأشخاص لا يمكن التعرف عليهم، ولا على طبائعهم إلا من خلال التعامل القوي، كما يفضل وضع العديد من المبررات للأفراد في تعاملاتهم، فلا يجب الحكم السريع دون معرفة مجريات الأمور.
- يجب احترام الأفراد، وترك مساحات للحديث، حتى وإن كان لديك القدرة على إدارة الحديث كاملاً، لا تفعل ذلك، أترك لغيرك مساحته الكافية لوضع كافة أراءه وأفكاره، ستبدو حينها اكثر حكمة وذكاء مما تظن.
فن الردود الذكية
الذكاء هو الفرس الرابح دوماً في كل المواقف، لذا يجب على الأفراد استخدام عقله، لا سيما أن العقل السليم، يخرج كلمات سليمة ويطرح أفكار مميزة، ولكي يستطيع الفرد أن يرد بذكاء يجب عليه الإنصات الجيد وفهم الحديث حتى لا يخرج الرد دون وعي، كما أن التمهل والصبر من أدوات الردود الذكية، ويجب التخلي عن العند ولكن يمكن الرد في حالة قساوة الكلمات يمكن الرد من خلال الأمثلة الشعبية، مثل الرد على الأفراد في حالة نقد السن المتأخر عن الزواج أو عن الطول أو السمنة، فكثيراً ما لا يستطيع الفرد الرد بشكل مناسب على الكلمات الجارحة، ومن سمات الرد الذكي:
- في البداية يجب أن يثق الفرد في ذاته، حتى تخرج الكلمات بثقة تامة وقوة مطلقة.
- في حالة كان الكلمات غير مرغوبة والعبارات ساذجة، فيجب عدم التطويع للحديث، وتغيره على نحو السرعة.
- يجب الرد على الكلمات الطيبة بما هو أفضل منها، واستخدام العبارات القصيرة أكثر دقة وروعة من العبارات الطويلة.
- تجنب الحدة في الكلام، حيث إن الكلمات الحادة والعبارات القاسية، تزيد من حدة النقاش، بينما الحديث بشكل ودي يجعل الأفراد دوماً لا يخرجوا عن الود أبداً، وتبقى العلاقات الاجتماعية قائمة.
- نصف الذكاء في التواضع، ونصفه الآخر في حسن الخلق، لذا يجب على الأفراد دومًا التحلي بالتواضع وحسن الخلق.
- عدم انتقاد الآخرين، فقد يشير الرد بالنقد دومًا إلى النقص، فالأشخاص الأذكياء والأسوياء لا يمكن أن يهتموا بالغيرة والحقد من الآخرين.
فن الرد المهذب
كثيراً ما يتعرض الأفراد للكلمات الجارحة والنقد والتنمر والكثير مما يتسبب للشخص في الضيق والأذى، حيث إن الله تعالى يقول في كتابه العزيز “وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُون. فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِين .وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِين”، إذ أن الله تعالى يعلم أن هناك الكثير من العباد قولهم أذى، ولكن يجب على الفرد الإحتفاظ بأدبه ودينه، وعدم قول شيء غير القول الحسن، حتى وإن تعرض للأذى والإساءة، فيجب أن يرد حقه وكرامته، ولكن بما لا يخالف تعاليم الدين ومكارم الاخلاق، وفيما يلي سبل الرد المهذب: [3]
- لكي يستطيع الفرد الرد بشكل مهذب يجب عليه التمهل والتفكير لمدة لا تقل عند دقيقة واحدة، حيث إن الإنسان الواقع تحت تأثير الكلام السلبي والعبارات الوقحة، قد لا يعينه تفكيره وذهنه على الرد السريع، غير أن التمهل وتنظيم النفس قد يمنحه فرصة للتفكير الجيد واختيار العبارات المناسبة.
- الرد بصوت منخفض، فالصوت المرتفع دومًا يضيع الحق ويعبر عن الهمجية، رغم أن الكثير من الأشخاص لا يستطيعوا السيطرة على ردة أفعالهم في حالة التعرض للكلمات الجارحة والعنف الفكري والظلم من قبل الآخرين، إلا أنه يجب دوماً الحرص كل الحرص على الهدوء والثبات الانفعالي، حتى لا ينتصر عليك الآخر، وتخسر احترام الحاضرين أجمعين.
-
يجب أن يرد المهذب
أجمل الردود
في حالة إن قيل له كلام جميل أو أثنى عليه، حتى لا يندم الأفراد على قول المدح أو الكلمات الطيبة، فالرد بالأجمل يفتح القلوب، ويديم الود، ويزهر القلوب بالخير. - يمكن التجاهل في حين كانت الكلمات قاسية للحد الذي يجعل الفرد لا يمكنه التحكم في الرد، فعدم الرد يعتبر في هذه الحالة أقسى من الكلمات، فيعني إما أن كان الفرد لا قيمة له ولا وزن لكلماته، إما تعبر عن قساوة وبشاعة الكلمات.
- إعادة السؤال مرتان، في حين لم يكن الرد على خير ما يرام، يجب إعادة الكلمات ثانية، حيث يجب أن يشعر الأشخاص بعضهم بمدى وقاحة المواقف، وخطورة العبارات، وقسوتها.
- تبديل النشاط، واستئناف الكلام، حيث إن الحديث أحيانًا يأخذ مجرى غير محبب أحيانًا، فيمكن تناول كوب من الماء او بضع من العصير او قطع الحلوى، فذلك أفضل كثيرًا في حالة لم يكن الكلام لطيف بما يكفي.
- الحفظ على اللباقة: يجب أن الفرد يعلم دوماً ان يجب أن لا ينتقص منه شيء، ولا شيء أكثر من الحديث ينقص الفرد، لذا يجب الحرص على انتقاء الكلمات وحفظ اللسان، فالكلمات الغير لائقة لا تنقص إلا من أصحابها. [4]
- يمكن الهروب من الحديث بشكل مهذب من خلال المرح، وقلب الموضوع إلى حوار هزلي، فهي إحدى الطرق التي يخرج الفرد من الحديث الجارح من خلالها.