أغراض الشعر الأندلسي

الأندلس ، الاسم الذي أطلقه المغاربة على الأرض التي احتلوها في شبه الجزيرة الأيبيرية من 711 إلى 1492 ، تمتعت بثقافة متطورة للغاية ترتكز عليها اللغة العربية ، وهي وسيلة تعبير راقية مُنحت سلطة ومكانة إضافية بكونها مقدسة لغة القرآن.

كان الشعر الغنائي هو أقدم وأقوى وسيلة أدبية تعود إلى أيام ما قبل الإسلام ، تم تبجيل الشعراء لقدرتهم على تجميع الكلمات ، باستخدام مجموعة متنوعة من التقنيات مثل الجناس و القافية والاستعارات و التورية المعقدة ، لذا فليس من المستغرب أن يلجأ الكتاب باللغة العربية في الأندلس إلى أصولها اللغوية والثقافية.

الشعر في الأندلس امتداد للشعر العربي في المشرق ، ولقد مر الشعر الأندلسي بـ مرحلتين متباينتين وهما مرحلة التقليد والمحاكاة ومرحلة التجديد والابتكار ، فقد انقضى عهد الولاة ، والشعر يكاد صورة لمثيله في الشرق ، الذي كان من أبرز أعلامه  جرير والفرزدق ،إذ جاء الشعر مترسمًا لخطى الشعر العربي الأصيل ، ومحافظًا على منهجه ، وطارقًا موضوعاته المعروفة  وفنونه المختلفة .

على الرغم من القوة السياسية للأندلس من القرن الثامن إلى القرن العاشر ، لم يتم بلوغ ذروة الشعر الأندلسي حتى نهاية القرن العاشر وخاصة القرنين الحادي عشر والثاني عشر عندما عانت الأندلس من إضعاف جذري لشعرها .

أغراض الشعر الأندلسي


مفهوم الشعر الاندلسي

، الشعر الأندلسي  هو فن شعري منبثق عن الحضارة في العصر الأندلسي ، ويعد الوضوح والبساطة أبرز ما يميز هذا الشعر بالإضافة إلى الأحداث والوقائع التاريخية تتعدد أغراض الشعر الأندلسي من المدح والغزل و الوصف والرثاء .

وصف الطبيعة

تفوق شعراء الأندلس على شعراء المشرق في وصف الطبيعة الخالدة حولهم  ، فوصفوا البساتين والأشجار والسحاب والرعد والبرق وغيرها من المناظر الطبيعية الخلابة ، وقد وصفها ابن خفاجة بقوله :

يَأَهلَ أَندَلُسٍ لِلَّهِ دَرُّكُمُ

ماءٌ وَظِلٌّ وَأَنهارٌ وَأَشجارُ

ما جَنَّةُ الخُلدِ إِلّا في دِيارِكُمُ

وَلَو تَخَيَّرتُ هَذا كُنتُ أَختارُ

لاتَختَشوا بَعدَ ذا أَن تَدخُلوا سَقراً

فَلَيسَ تُدخَلُ بَعدَ الجَنَّةِ النارُ

المدح

المدح هو من الأغراض الرئيسية  ومن أشهر الشعراء بن زيدون ولسان الدين بن الخطيب ، مثال على ماقيل في المدح   :

سلمي يا نفس فـي حكـم القضـا   واعمري الوقت برجعي ومتـاب

ودعي ذكـر زمـان قـد مضـى   بين عُتبى قـد تقضـت وعتـاب

واصرفي القول الى مولى الرضى ملهـم التوفيـق فـي أم الكتـاب

الكريـم المنتـهـي والمنتـمـي  أسـد السـرج وبـدر المجـلـس

ينـزل النصـر علـيـه مثلـمـا   ينـزل الـوحـي روح الـقُـدس

الغزل

ويعد الغزل هو أكثر أغراض الشعر شيوعًا في الأندلس ، وانتشر شعر الغزل واللهو والمجون في الحياة الأندلسية ، بسبب وجود أموال كثيرة  و الطبيعة الساحرة الخلابة والتنوع السكاني والتمازج بين العرب والسكان الأصليين ، الأمر الذي خلق جو من الحرية العامة ، ومن أشهر شعراء الغزل في الأندلس المعتمد بن عباس وابن زيدون و ولادة بن المستكفي .

الحنين إلى الوطن

ظل الأندلسيون مشدودين إلى وطنهم الأول في المشرق ، لذلك عبروا بصدق عما يشعرون به من حنين وشوق ، ولكنهم لم يلبثوا إلا وفتنوا ببلادهم الجديدة وزادهم الشوق والحنين لها إذا رحلوا عنها بغرض الحج أو العلم ، وقد عبر عن ذلك عبد الرحمن الداخل حيث يحن إلى أهله وبلده في الشام : [2]

أيها الراكب الميمم أرضي

أقري من بعضي السلام لبعضي

إن جسمي كما علمت بأرض

وفؤادي ومالكيه بأرض

قُدر البين بيننا فافترقنا

وطوى البين عن جفوني غمضي

قد قضى الله بالفراق علينا

فعسى باجتماعنا سوف يقضي

الرثاء


الرثاء في الشعر الاندلسي

، غرض مهم في الشعر الأندلسي ، واحتل مكانة كبيرة في الموشحات الأندلسية ، النكبات التي خلت بالمسلمين في الأندلس ، والصراع الذي بينهم وبين الأعداء ، وما انتهى عليهم مدنهم وحضارتهم من دمار شامل على أيدي الأعداء ، كل ذلك أدى إلى تفاعل الشعراء مع أحداث بلدهم ، وأبدعوا فيما عُرف برثاء المدن ،  ومن

قصيدة ابو البقاء الرندي في رثاء الاندلس

:

لِكُلِّ شَيءٍ إِذا ما تَمّ نُقصانُ

فَلا يُغَرَّ بِطيبِ العَيشِ إِنسانُ

هِيَ الأُمُورُ كَما شاهَدتُها دُوَلٌ

مَن سَرّهُ زَمَن ساءَتهُ أَزمانُ

وَهَذِهِ الدارُ لا تُبقي عَلى أَحَدٍ

وَلا يَدُومُ عَلى حالٍ لَها شانُ

يُمَزِّقُ الدَهرُ حَتماً كُلَّ سابِغَةٍ

إِذا نَبَت مَشرَفِيّات وَخرصانُ

وَيَنتَضي كُلَّ سَيفٍ للفَناء وَلَو

كانَ ابنَ ذي يَزَن وَالغِمد غمدانُ

أَينَ المُلوكُ ذَوي التيجانِ مِن يَمَنٍ

وَأَينَ مِنهُم أَكالِيلٌ وَتيجَانُ

وَأَينَ ما شادَهُ شَدّادُ في إِرَمٍ

وَأينَ ما ساسَه في الفُرسِ ساسانُ

وَأَينَ ما حازَهُ قارونُ من ذَهَبٍ

وَأَينَ عادٌ وَشدّادٌ وَقَحطانُ

أَتى عَلى الكُلِّ أَمرٌ لا مَرَدّ لَهُ

حَتّى قَضوا فَكَأنّ القَوم ما كانُوا

وَصارَ ما كانَ مِن مُلكٍ وَمِن مَلكٍ

كَما حَكى عَن خَيالِ الطَيفِ وَسنانُ

دارَ الزَمانُ عَلى دارا وَقاتِلِهِ

وَأَمَّ كِسرى فَما آواهُ إِيوانُ

كَأَنَّما الصَعبُ لَم يَسهُل لَهُ سببٌ

يَوماً وَلا مَلَكَ الدُنيا سُلَيمانُ

فَجائِعُ الدُهرِ أَنواعٌ مُنَوَّعَةٌ

وَلِلزَمانِ مَسرّاتٌ وَأَحزانُ

وَلِلحَوادِثِ سلوانٌ يُهوّنُها

وَما لِما حَلَّ بِالإِسلامِ سلوانُ

دهى الجَزيرَة أَمرٌ لا عَزاءَ لَهُ

هَوَى لَهُ أُحُدٌ وَاِنهَدَّ ثَهلانُ

خصائص الشعر الأندلسي

لقد ظهر الشعر في الأندلس في ظروف تتصل بطبيعة الأندلس وتنوعها وجمال تضاريسها ، وأخرى تتصل بالتكوين الثقافي لسكانها ، والتقى الجنس العربي مع أجناس أخرى مختلفة بربرية ويهودية وأجنبية على أرض واحدة ، وتعايشت الأديان السماوية الثلاثة تحت سماء الأندلس ، فبات يُسمع الآذان بجانب أجراس الكنائس ، وهذا التعايش أثر بشكل مباشر على الشعر الأندلسي  ، ومن أبرز خصائصه :

  • البساطة في التعبير واستخدام الأخيلة والتصويرات الواضحة .
  • الإيقاع الموسيقي الذي نلمسه في الألفاظ والتراكيب .
  • التناغم من خلال تكرار في بعض الحروف في آخر الأبيات الشعرية ، وهو ما يسمى بالروي .
  • رقة الألفاظ والعناية بها ، مما جعلها صالحة للغناء وسلاسة وسهولة اللغة والتراكيب .
  • المحسنات البديعية التي أكثر منها الشعراء ولكن بدون تكلف .
  • العاطفة الصادقة الجياشة وخاصًة في شعر الغزل وإظهار الشوق للمحبوبة .
  • تأثر الشعراء بالطبيعة الخلابة .
  • ظهور نظام المقطوعات لنظام القصيدة وخاصة في شعر الطبيعة .  [1]

الشعر الأندلسي


تعريف الشعر الأندلسي

، الشعر الأندلسي هو ذلك الشعر الذي نبع من الأندلس ، واشتهر ألفاظه بالسهولة والوضوح ورقة الأسلوب ، وقد اهتم الشعراء في الأندلس بالصنعة اللفظية ، والتزموا التزامًا كبيرًا بوحدة الوزن والقافية في بداية ظهور هذا الشعر ، فيما بعد قاموا بتأليف كل ما هو جديد في مجال الأوزان ، وخاصًة بعد انتشار الغناء :  [1]

جادك الغيـث إذا الغيـث همـى   يـا زمـان الوصـل بالأنـدلـس

لـم يكـن وصـلـك إلا حلـمـا   في الكرى أو خلسـة المختلـس


مظاهر التجديد في الشعر الأندلسي

، أصبح الشعراء أدوات فعالة في معركة أدبية بين ملوك الطوائف ، كما أصبحوا أبواقًا مفيدة ومرموقة مدح القادة أنفسهم ،  كان تقليد المدح تقليدًا طويلًا ومعتزًا في الثقافة العربية وقيمته الدعائية معترف بها على نطاق واسع  ، لكن قلم المديح الشعري يمكن أن يكون مسلحًا بالسخرية وموجهًا إلى العدو ؛ كما يمكن أن يخفف ويزيد من عجلة الدبلوماسية ، إن المسابقات الشعرية ، التي غالبًا ما تكون على شكل ألغاز حول مواضيع معينة ، شحذ ذكاء المشاركين ومنحهم مناصب مرموقة في نفس الوقت الذي أثارت فيه شهية نخبة مثقفة على دراية بتعقيدات المؤلفات الشعرية ، ربما لا يوجد مؤشر أفضل لأهمية الشعر والشعراء هو ملاحظة أن الجزء الأكبر من ميزانيات ولايات الطوائف ينفق على الشعر ، ثمار هذا الحب للشعر هي المقتطفات الأدبية العديدة التي جمعها علماء الأندلس ، من كتاب المقارنات لابن قطاني إلى مختارات الشعر الضخمة التي جمعتها عائلة ابن سعيد المغربي (ت 1286) على مدى 100 عام.

ومن

فنون الشعر الأندلسي

الموشحات الأندلسية  فن من فنون الشعر العربي المستحدثة ، وتختلف الموشحات عن القصيدة التقليدية في قوافيها المتعددة وأوزانها المتنوعة ، لقد نشأت الموشحات في الأندلس أواخر القرن الثالث الهجري عند الفترة التي أشاع فيهم فن الموسيقى والغناء ، ونتيجة هذا  الازدهار أثر في ذلك الشعر .

ولقد نشأت الموشحات الأندلسية بسبب رغبة أهل الأندلس وحاجاتهم للتجديد والخروج على نظام القصيدة التقليدية ، بحيث ينسجم هذا الأدب مع طبيعة أحوالهم الاجتماعية في هذه المرحلة ، وتميز هذا النوع من الأدب عن غيره بعدة أمور منها

خصوصية البناء ، وتميز اللغة  واختلاف الإيقاع  والموسيقى ومن أعلام الشعر الأندلسي ابن زيدون ، وأبو البقاء الرندي وابن الزقاق البالنسي وابن خفاجة وابن دارج القسطلي ،أبو اسحاق الألبيري ، ابن زمرك ، ابن عبد ربه .

إن الموشح كفرع من الشعر العربي هو بلا شك شكلاً مرتبطًا حصريًا بزمن الأندلس ،  ومع ذلك ، لا يوجد اتفاق بين العلماء على أصل هذا النوع من الشعر ، والواضح أن الموشح الوحيد المسجل يعود إلى الأندلس وحدها والشعراء الأندلسيين. هذا لا يعني أن الموشح منفصل تمامًا عن تقليد الشعر العربي قبل الأندلس ، على العكس من ذلك ، فإن الصلة بين القصيدة العربية الكلاسيكية والموشح ضرورية ، يعتمد الشكل الجديد على كسر البنية التقليدية للقصيدة وأهم وحدتها البيت .  [3]