قصة قصيدة ظلم ذوي القربى
وظلم ذوي القربى اشد مضاضة
على النفس من وقع الحسام المهند تلك الأبيات قائلها هو الشاعر الجاهلي طرفة بن العبد الذي ذاق مرار الظلم من الأقارب والأهل لذلك قام بكتابة تلك القصيدة لكي يعبر من خلالها على مدى ما ألم به من وجع وألم وقد صنفت معلقته تلك كواحدة من أكثر سبعة معلقات تضمنت حكم وفلسفة في حكمة الحياة وشؤونها.
قصة ظلم ذوي القربى
في
بحث عن طرفة بن العبد
يُذكر أنه هو (
طرفة بن العبد بن سفيان بن سعد، البكري الوائلي، أبو عمرو) أحد شعراء العصر الجاهلي من أولى الطبقات به، كان ميلاده ببادية البحرين ثم انتقل إلى بقاع أراضي نجد، واتصل مع الملك (عمرو بن هند) الذي جعله بندمائه، ومن ثم قام بإرسال كتاب إلى المكعبر وهو عامله ما بين عمان والبحرين أمره فيه بقتله، حيث بلغ الملك أن طرفة كان قد كتب أبيات يهجو الملك بها. [1]
وبالفعل تم قتله على يد المكعبر وكان وقتها في ريعان شبابه وقد ورد أن مقتل جاء وهو ما زال في العشرين من عمره، ورأي آخر قال أنه مات وهو في عمر الست وعشرون، وقيل عن أشعاره وهجائه أنها تميزت بالقول الغير فاحش، كما كمان لسانه يفيض بالحكمة في الكثير من أشعاره. [2]
ولد طرفة في بدايات القرن السادس الميلادي تحديداً في العام 543م، حيث أتت وفاته قبل مولد الرسول صلى الله عليه وسلم بخمس أعوام تقريباً، وهو ينتمي إلى عائلة عرف عنها كثرة شعرائها، وعلى الرغم من اعتباره الوريث لعائلة كبيرة من عائلات بني بكر، كان لوفاة والده بالغ الأثر السلبي عليه والتي بدأ معها صراع بينه وبين أهله الذين لم يرث منهم سوى الموهبة الشعرية بل إنه قد أصبح أعظم شعرائهم.
ومن الواضح أنهم قد شعروا بمدى ما يتمتع به من ذكاء في وقت مبكر، فرغبوا في ابعاده طامعين في الثروة والمال، لكنه تمكن من تخليد اسمه في التاريخ، حيث إن المال يذهب، بينما فصاحته في البيان باقية حتى اليوم، حيث قام بصناعة المجد من خلال حياة مختلفة تقوم على إذ قام بصناعة المجد والثورة.
في صغره لم يكن طرفة واعٍ بعد لأمره حينما تربى مع أعمامه الذين أساؤوا إليه بشدة وأكلوا م ورثه عن أبيه، كذلك فإنهم اضطهدوا أمه، وبذلك بمجرد أنبدأ في إدراك العالم من حوله، أصبح يعيش بحالة من اللا انتماء، فكان شخص رافض جميع ما حوله، لا يبحث سوى عن ملذاته وحياته الخاصة ، لا يشعر بالسعادة إلا في السفر والشراب والتنقل والملذات، قام بالسفر من أطراف المحرق المعروفة حالياً بالبحرين حتى أطراف جزيرة العرب، ومن خلال الحياة الطليقة والتنقل اكتسب خبرة بأحوال وشؤون الناس والوجود.
كان شقيقه وأخوه اسمه معبد، لم يكن مقرب منه أو واقف إلى جواره، ومعلقة طرفة لا تعد سوى تصويراً لتلك الآلام التي عاشها كشخص شريد، استبدل التهكم بالجدية في كل أمر، بفلسفة عميقة بالحياة، وقد كان يرى نفسه وكأنه أصيب بالجرب و لا بد من إبعاده عقب مسح جلده بالقار (الزيت) ومعالجته به، كأنه واحدة من ذلك القطيع أو الإبل الجرباء التي من الممكن أن تصيب أخواتها بالعدوى.
وفي تنقلاته وصل إلى منطقة الحيرة في جنوب وسط العراق، وبها وجد ملاذا مؤقتا عند ملكها (عمرو بن هند) وصار من بين ندمائه، ولأنه لا يعرف الهدوء هجا الملك، مما جعله يقرر الانتقام منه عن طريق قتله على يد المكعبر عامل ملك المحرق،و لا تزال تفاصيل تلك الحادثة مبهمة حتى اليوم، وعلى الرغم من صغر سنه تمكن طرفة بن العبد من دخول التاريخ من خلال معلقته التي أظهرت فلسفة عميقة قوية، تشمل نظرة واسعة للإنسان والموت والحياة ومما ورد في أبياته الشعرية من الحكمة قوله في فلسفة العيش وهو كنز ليس له دوام:
أرى العيش كنزا ناقصا كل ليلة وما تنقُص الأيام والدهر ينفد
كما عبر عن رأيه في انعدام وجود فائدة بالخير الذي يحمل بباطنه الشر، ولا بمن يقدم الاستقباح الخصومة ومن ثم يمنح العطاء حيث قال:
ولا خير في خير ترى الشر دونه ولا نائل يأتيك بعد التلدد
وقوله أن الإنسان لا بد أن ينفع أهله بالود، ولا يعطيه وستنزفه لمن لا يستحق، وأن العداوة للعدو:
إذا أنت لم تنفع بودك أهله ولم تنك بالبُوسى عدوك فأبعد
كذلك فقد أن الأيام كفيلة بإظهار كافة الأمور، وإن الأخبار ستصل بغير شك أو احتمال:
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا ويـأتيـك بالأخبـار من لم تـزود
ويأتيك بالأخبـار من لم تبـع له بتاتا ولم تضرب له وقت موعد
ويمضي لكي يتكلم عن أن المرء هو من يصاحب ويرافق:
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه فكل قرين بالمقارن يقتدي
معلقة طرفة بن العبد
كانت أشهر
أشعار طرفة بن العبد
هي معلقته التي مطلعها (
لخولة أطلال ببرقة ثهمد)، وقد قام الكثير من العلماء بشرحها كما تم جمع المحفوظ من أشعاره، ومنها ما تمت ترجمته إلى اللغة الفرنسية، وفيما يلي معلقة طرفة: [3]
لِخَولَةَ أَطلالٌ بِبُرقَةِ ثَهمَدِ
تَلوحُ كَباقي الوَشمِ في ظاهِرِ اليَدِ
وُقوفاً بِها صَحبي عَلَيَّ مَطيَّهُم
يَقولونَ لا تَهلِك أَسىً وَتَجَلَّدِ
كَأَنَّ حُدوجَ المالِكيَّةِ غُدوَةً
خَلايا سَفينٍ بِالنَواصِفِ مِن دَدِ
عَدَوليَّةٌ أَو مِن سَفينِ اِبنِ يامِنٍ
يَجورُ بِها المَلّاحُ طَوراً وَيَهتَدي
يَشُقُّ حَبابَ الماءِ حَيزومُها بِها
كَما قَسَمَ التُربَ المُفايِلُ بِاليَدِ
وَفي الحَيِّ أَحوى يَنفُضُ المَردَ شادِنٌ
مُظاهِرُ سِمطَي لُؤلُؤٍ وَزَبَرجَدِ
خَذولٌ تُراعي رَبرَباً بِخَميلَةٍ
تَناوَلُ أَطرافَ البَريرِ وَتَرتَدي
وَتَبسِمُ عَن أَلمى كَأَنَّ مُنَوِّراً
تَخَلَّلَ حُرَّ الرَملِ دِعصٌ لَهُ نَدي
سَقَتهُ إِياةُ الشَمسِ إِلّا لِثاتِهِ
أُسِفَّ وَلَم تَكدِم عَلَيهِ بِإِثمِدِ
وَوَجهٌ كَأَنَّ الشَمسَ حَلَّت رِدائَها
عَلَيهِ نَقِيُّ اللَونِ لَم يَتَخَدَّدِ
وَإِنّي لَأَمضي الهَمَّ عِندَ اِحتِضارِهِ
بِعَوجاءَ مِرقالٍ تَروحُ وَتَغتَدي
قصائد طرفة بن العبد
كتب طرفة بن العبد الكثير من القصائد على الرغم من موته صغيراً تلك القصائد هي: [4]
- سائلوا عنا الذي يعرفنا
- إني وجدك ما هجوتك وال
- إن امرأ سرف الفؤاد يرى
- أشجاك الربع أم قدمه
- وتقول عاذلتي وليس لها
- يا عجبا من عبد عمرو وبغيه
- لهند بحزان الشريف طلول
- أتعرف رسم الدار قفرا منازله
- لخولة بالأجزاع من إضم طلل
- قفي ودعينا اليوم يا ابنة مالك
- ونفسك فانع ولا تنعني
- ولا أغير على الأشعار أسرقها
- وإنا إذا ما الغيم أمسى كأنه
- أبا منذر كانت غرورا صحيفتي
- إذا كنت في حاجة مرسلاً
- خالط الناس بخلق واسع
- إني من القوم الذين إذا
- من الشر والتبريح أولاد معشر
- أصحوت اليوم أم شاقتك هر
- فليت لنا مكان الملك عمرو
- أعمر بن هند ما ترى رأي صرمة
- يا لك من قبرة بمعمر
- أبني لبينى لستم بيد
- الخير خير وإن طال الزمان به
- إذا شاء يوما قاده بزمامه
- وركوب تعزف الجن به
- لخولة أطلال ببرقة ثهمد
- أما الملوك فأنت اليوم ألأمهم
- خليلي لا والله ما القلب سالم
- من عائدي الليلة أم من نصيح
- أسلمني قومي ولم يغضبوا
- ولقد شهدت الخيل وهي مغيرة
- فكيف يرجي المرء دهراً مخلداً
- ما تنظرون بحق وردة فيكم