كيف اعتنى الإسلام بالأسرة
منح الدين الإسلامي للأسرة فائق الاهتمام والعناية إذ نجد به ما شرعه من نظام دقيق ومحكم لها عن طريق يتضح ما لكل من أفرادها من حقوق وما عليه من واجبات، حيث عمل على تنظيم كافة المعاملات المتعلقة بالزواج من نفقة، تربية الأبناء، حقوق الآباء، الميراث، فضلاً عما غرسه داخل نفوسهم من مودة ومحبة وهو ما ورد في قول الله تعالى (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) “الروم: 21″، ويعد السبب الرئيسي وراء
مظاهر عناية الاسلام بالاسرة
العمل على تقويتها، وضبط سلوكيات أفرادها، بما يترتب عليه بالتبعية تقوية المجتمع ككل، ونشر القيم الاجتماعية والإنسانية السامية، وبذلك تعتبر الأسرة حجر أساس المجتمع ونواته وركيزته الأساسية التي يقوم عليها وينشأ. [1]
الأسرة في الإسلام
الأسرة هي أساس المجتمع ففي حالة كانت مترابطة ومتماسكة قوي المجتمع ونشأ على أسس صحيحة، بينما إن كانت الأسرة مفككة ضعيفة سوف يهوى المجتمع ولن يقدر على القيام، لذلك فإن حرص الإسلام على توثيق العلاقات بين إفراد الأسرة كما حث المجتمعات على تقوية الرابط بين من يعيش بها أيضاً، وهو ما قال فيه الله تعالى (
وَالمُؤمِنونَ وَالمُؤمِناتُ بَعضُهُم أَولِياءُ بَعضٍ يَأمُرونَ بِالمَعروفِ وَيَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَيُقيمونَ الصَّلاةَ وَيُؤتونَ الزَّكاةَ وَيُطيعونَ اللَّـهَ وَرَسولَهُ أُولـئِكَ سَيَرحَمُهُمُ اللَّـهُ إِنَّ اللَّـهَ عَزيزٌ حَكيمٌ) “سورة التوبة، الآية 71”.
تكوين الأسرة في الإسلام
تقوم الأسرة في تكوينها على دعامتين رئيسيتين، ألا وهما الرجل والمرأة، أبما يقصد به الزوجان، إذ يعدان هما الأساس في إنجاب الذرية الصالحة وتكوين الأسرة، وفي ذلك قال تعالى في محكم تنزيله: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً) “النساء: الآية 1″، حيث منح الإسلام كامل العناية للزوجة والزوج من خلال ما وضع من محكم التشريعات التي توضح أسس العلاقات الزوجية، مع وضع رسم واضّح لحدود كل من الزوجين فيما يتعلق بما لهم وما عليهم، والطريقة التي يمكن لكلّ منهم ممارسة دوره بالحياة، والهدف من ذلك المساهمة في بناء مجتمع إنسانيّ قوي وعظيم. [1]
وظائف الأسرة في الإسلام
يكون الزواج بين كلاً من الرجل والمرأة بغرض تحقيق الكثير من المصالح المشتركة لدى كلاً منهم والتي يعد أهمها وأولها تحقيق نظام اجتماعي يقوم على أساس من الرحمة، الصيانة، العفة، والمودة، وإشباع ما لدي الإنسان من غرائز طبيعية فطره الله تعالى عليها بشكل مستقر وسليم، حيث يعمل الزواج على تهذيب الأنفس والارتقاء السامي بالأسرة. [2]
وبذلك جعل الإسلام لقيام الأسرة عدة أهداف ووظائف تقوم على تحقيقها وهي التي تنقسم إلى هدف اجتماعي يسعى إلى تحقيق الدعم والترابط بين الأفراد والشعوب والجماعات، والثاني هو الهدف الخلقي الذي يحمي كلاً من أفراد الأسرة من الفساد والانحراف، الهدف الروحي يسعى إلى تقويم وتهذيب الأنفس وتنمية الأساليب ةالطرق التي تعمل على نشر الرحمة والود بين الناس في التعاملات بما يحقق السلام والتعاون بينهم.
اهتمام الإسلام بالأسرة
أحاطت الشريعة الإسلامية الأسرة بخالص التكريم حينما أقر نظام الزواج، بما يترتب عليه المحافظة على كرامة المرأة ومكانتها، وكذلك الرجل الذي اهتم بالحفاظ على عِرْضَه وشرفه مما جعل الإسلام يراعي وينظم إجراءات الزواج، فجعل له مراسم ومراحل تبدأ بالخِطبة، يليها إبرام عقد الزواج، ثمّ الزفاف، وكافة تلك الإجراءات تسعى إلى تكريم الزواج، وتقوية نفوذه بالمجتمع الإسلاميّ. [3]
إلى جانب ما سبق ذكره من مظاهر اهتمام الإسلام بالأسرة هي عنايته بالمولود الجديد منها إظهار السرور بقدومه وتقديم الأقارب التهنئة، ولا بد أن تتضمن البشارة جميع المواليجد الجدد أياً كان جنس المولود أنثى أم ذكر، ومما لا شك فيه أن لحظة الأولى من رؤية المولود الجديد من أسعد اللحظات بالحياة، ومن مظاهر اعتناء الإسلام بالمولود الجديد أهمية اختيار اسم جميل مناسب له يسعده ويجعله فخوراً به، ومن جوانب أهتمام الإسلام بالأسرة أيضاً. [4]
إقرار الحقوق والواجبات
بيّن الدين الإسلامي طبيعة العلاقة بين الزوج والزوجة، فمن الطبيعة البشرية حدوث بعض المشاحنات والخلافات بين الزوجين، نتيجة التغيّر ات المزاجية، والاختلاف بين المشاعر، العقول و الطبائع الإنسانية، إذ لا بد للعلاقة بينهما أن تقوم على المودة والمحبة والسكينة، لا المشاكل والخلافات، التي غالباً ما تترتب على رغبة كلاً منهما إثبات كلّ نفسه، حيث بين جل وعلا في كتابه الكريم ضرورة أن يعاشر الزوج زوجته بالمعروف، الإحسان في الإنفاق عليها، والرفق بها، وهن ما ورد في قوله تعالى (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) “البقرة: الآية 228”.
وحتى في الحالة التي لم يتمكن بها الزوجين من إنجاح تلك العلاقة لا يجوز لأياً منهما أن يهين الطرف الآخر من العلاقة، أو القدح في خُلق الآخر أو دينه، إذ قال تعالى: (فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ)، “البقرة: الآية 229″، وفي ذلك تعبير عن أن الله تعالى يريد على الطرفين القيام بكافة المحاولات قبل اتخاذ قرار قطع العلاقة بينهما، والمحافظةً على كيان الأسرة، وتربية الأبناء تربية إسلامية صالحة.
تربية الأبناء
الأبناء هم ثمار ونتائج العلاقة الأسرية بين الزوجين، وهم النواة الأولى التي بها تكتمل أركان الأسرة، وفي الواقع فإنهم يعدون الامتداد التاريخي والأسري للأسرة، حتى يتم فيما بعد بهم وبغيرهم من الأسر مهمة تكوين المجتمع، لذلك أوضح الدين الإسلامي ما يقع على الوالدين من واجبات في تربية أبنائهم والإحسان خلال القيام بذلك الدور، بما يتحقّق معه الصلاح والخير للمجتمع، ومن أبرز أشكال حسن تربية الأبناء تعليمهم
اركان الاسلام
من الصغر،
الحرص والامتناع عن حدوث الخلافات والمشاكل بين الزوجين أمام أبنائهم، أداء حقوقهم كما أمر الله تعالى وبينت أحكام الشريعة الإسلامية، مع اللين والرفق في التعامل معهم، والامتناع عن الضرب.
طاعة الوالدين
حثّ الدين الإسلامي الأبناء على البرّ بوالديهم، وهو ما جاء في قول الله تعالى: (وَقَضى رَبُّكَ أَلّا تَعبُدوا إِلّا إِيّاهُ وَبِالوالِدَينِ إِحسانًا إِمّا يَبلُغَنَّ عِندَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُما أَو كِلاهُما فَلا تَقُل لَهُما أُفٍّ وَلا تَنهَرهُما وَقُل لَهُما قَولًا كَريمًا) “الإسراء: 23″، حيث أمر تعالى الأبناء بالطاعة المطلقة لوالديهم، فيما عدا الحالة التي يطلب منهما أحد الوالدين أو كليهما طاعتهما في معصيةً لله تعالى، أو الشرك به، ولا بد من الإحسان في معاشرتهما، وهو السبيل للحصول على برّ الأبناء في المستقبل، وقد قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (بِرُّوا آباءَكم تَبَرَّكم أبناؤُكم)، فدوماً ما يكون الجزاء من جنس العمل.