تعريف المحسنات البديعية المعنوية وانواعها
تعتبر المحسنات البديعية أحد فروع علم البلاغة في اللغة العربية، بل يعتبر أهمها، حيث إن
علم البديع
هو ذلك العلم الذي يهتم بتحسين الكلام وتميز، ويعتبر الخليفة عبد الله بن المعتز هو المؤسس الأول لعلم البديع، كما أن العالم العربي الفصيح بن خلدون عرف علم المحسنات البديعية، بأنه تحسين الكلام وتزينه، إما بسجع مميز أو بتشابه الألفاظ، أو ضبط الوزن أو بالطباق او من خلال ترصيع الكلمات بوزن واحد أو تشابه ما كيفما يرى الكاتب.
تعريف المحسنات البديعية المعنوية
تعرف
المحسنات البديعية المعنوية
، بأنها أحد أنواع علم البديع، حيث ينقسم علم البديع إلى محسنات بديعية لفظية وأخرى معنوية، ولا سيما أن علم البديع نفسه قسمه ابن المعتز إلى ثمان وعشرون فن، وظل الامر يتطور ويزيد إلى أن أصبح بعد ذلك سبعة وثلاثون نوعاً ثم وصلت إلى خمسة وأربعين نوع من المحسنات البديعية، ثم اختصرت فيما بعد إلى نوعان رئيسيان وأساسيان، وهم المحسنات البديعية اللفظية، والمحسنات البديعية المعنوية، أما عن المحسنات البديعية المعنوية فهي[1]:
تلك المحسنات التي تحسن الجانب المعنوي من النصوص، وليس المقصود بها الجانب اللفظي الظاهري، وهم عدة أنواع الطباق، والمقابلة، والتورية.
المحسنات المعنوية وانواعها
-
التورية:
وتعني
التورية في المحسنات البديعية
، ذكر ألفاظ تحمل أكثر من معنى، أحدهم بعيد والأخر قريب، ولكنها في المعنى المقروء فقط تحمل معنى عادي، ولكن في فهمها تحمل معنى مفهوم وراء ما كتب، مثل قول أحمد شوقي ،”أودعت كلبا وانسانا وديعة فضيعها الإنسان والكلب حافظ”، إذ أن الشاعر احمد شوقي يقصد بتلك القصيدة حافظ إبراهيم مداعباً صاحبة، رداً على ما قاله حافظ ابراهيم يقولون “إن الشوق نار ولوعةٌ فما بال شوقي اليوم أصبح باردا”، فيما سبق مثال للتورية، حيث إن قول الكلب حافظ في المعنى القريب يوضح إنه يقصد أن الكلب يحفظ الأمانة أكثر من الإنسان أما في قلب المعنى يقصد بالكلب صديقه حافظ، وفي المثال الأخر نفس الأمر يقول حافظ شوقي بارد قاصد في الواقع صديقه أحمد شوقي. -
الطباق
: يقصد بالطباق الجمع بين المتضادين في جملة واحدة، والجمع بالتضاد دوماً يوضح المعنى ويبرزه، ولا سيما أن الطباق بين السلب والإيجاب وبين الأبيض والأسود يوضح المعاني ويبرزها ويوضحها، مثال على ذلك قول أحب الجمال وأكره القبح فالجمال والقبح في جملة واحدة يسمى طباق، او أحمد ناجح ولا يمكن أن يفشل هذا العام. -
المشاكلة
: ويقصد بالمشاكلة ربط الأشياء بما يماثلها لأنهم مترابطين في الأصل، ويقصد به ربط الشيء بغيره بشكل لفظي لأنه مصاحب له دوماً. -
الغلو
: ويقصد به وصف الشيء بأمر في مغالاة أي لا يمت للواقع ولا يمكن أن يصدقه العقل وفي العادي هو امر مستحيل، ولكنه يقصد به تعزيز الشيء أو تقبيحه بشكل فيه مبالغة شديدة. -
الإغراق
: ويقصد بالإغراق وصف الشيء بأمر ما قد يصدقه العقل، ولكنه في العادة غير متواجد أو غير مبرر تواجده بشكل دائم. -
التوجيه والإيهام
: ويقصد به بأن يأتي بالكلمة تحمل معنيان مختلفان، والهدف من ذلك هو إيصال المعنى أو الغرض الأساسي، حيث يستخدم هذا النوع من المحسنات البديعية لكي لا يؤخذ على القائل شيء ولا يعتبر شيء مما قاله خطأ مثلاً، وفي نفس الآن توصيل الفكرة. -
حسن التعليل
: ويقصد بحسن التعليل إنكار العلة الأساسية من الأمر واستبدالها بعلى أدبية أخرى ومناسبة للموقف. -
المقابلة
: ويقصد بها أن يأتي معنيان في الجملة الواحدة متقابلان مثل فليضحكوا قليلاً وليبكوا كثيراً. -
المبالغة
: ويقصد بالمبالغة هو الوصف المستحيل للأشياء، بشكل مبالغ فيه، كوصف الشخص بالأسد مثلاً. -
التبليغ
: وهو وصف مقبول في العادة ويقبله العقل لا مشكلة فيه ولكنه يكون وصف مميز وراقي.
تلخيص علم البديع
إن علم البديع هو علم الرمزيات الجميلة، وتعني كلمة بديع بدع الشيء أي أنشأ الشيء وقام بإنشائه لأول مرة، ولا سيما أن الشيء البديع هو الشي الجميل المميز، والذي يرى في عجب وإعجاب، كما أن في اللغة العربية كلمة بديع تطلق على كل ما هو جديد في الشعر والأدب والبلاغة، ومن أشهر علماء البلاغة الذي تميز أسلوبهم بكثرة المحسنات البديعية وعظمتها الجاحظ وابن المعتز، والباقلاني وأبي هلال العسكري، حيث إن العرب تاريخهم حافل ومليء بكثرة علماء اللغة والأدب كما ان الأشعار والنثر من اهم ما يميزهم سواء في الجاهلية أو فيما بعدها، حيث كثرت المحسنات البديعية في الشعر والنثر وتعتبر من أهم سمات جمال النصوص، حيث تبرز عظمة الشعراء وقدرتهم على الصياغة والأبداع[2].
كما وضحنا ان علم البديع هو علم الألفاظ المميز والتعبيرات الممتعة، حيث إنه هو علم اختيار الألفاظ البديعة والكلمات المميزة والوصف الخاص، ولا سيما أن علم البديع كما ذكرنا ينقسم إلى نوعين، وضحنا النوع الأول، إما عن النوع الأخر وهو المحسنات البديعية اللفظية، والتي تنطق وترى رؤى العين، ومن أنواع المحسنات البديعية اللفظية السجع والجناس ورد العجز عن الصدر، كما أن هناك أهمية كبيرة لعلم البديع يجب الوقوف عندها ومعرفتها والتي تتمثل في:
المحسنات اللفظية
ويقصد بها تلك المحسنات التي تقوم بتحسين اللفظ، ولا سيما أن المحسنات اللفظية تحتوي على معنى جميل ومميز، كما أن المحسن البديعي اللفظي يمكن استخراجه بسهولة، ويكون مؤثر وواضح في الجملة، ويتمثل في[3]:
السجع
: والسجع هو توافق الفواصل النثرية بحرف في نهاية الجملة، ولا سيما أن السجع معروف في النثر بأن تتفق النهايات في الجملة مع بعضها بأن يقول الشاعر اشتهيت الأزاد وأنا ببغداد وليس معي عقد على نقد.
رد العجز على الصدر
: وهو تكرار الكلمة في أول الجملة وفي اخر الجملة، أي اتفاق أول كلمة مع نهاية الجملة، وذلك مثل قول الشاعر سريع إلى ابن العم يلطم وجهه وليس إلى داعي الندى بسريع.
الجناس
: ويقصد بالجناس تشابه لفظين في النطق تماماً، ولكن لكل منهم معنى مختلف عن الأخر، ويقسم الجناس إلى نوعان جناس تام وجناس ناقص، والجناس التام هو الجناس الذي يتفق في نوع الحروف وعددها وترتيبها وشكلها، ومثل ذلك في قول الله تعالى “وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ” صدق الله العظيم، أما عن الجناس الناقص، فهو ذلك الذي يختلف في نوع الحروف أو عددها وشكلها أحياناً وترتيبها ويكون فيهما اختلاف ولكنه بسيط وطفيف.