دعاء قيام الليل مكتوب
صلاة قيام الليل
سُنة مؤكدة، وقربة معظمة في سائر العام، فقد تواترت النصوص من الكتاب والسنة بالحث عليه، والتوجيه إليه، والترغيب فيه، ببيان عظم شأن دعاء في جوف الليل يدعو به المسلم ربه.
دعاء قيام الليل للرزق
وردت في ذلك أدعية كثيرة، في صلاة قيام الليل ، ومنها ما رواه البخاري عن عبادة بن الصامت، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من تعارَّ من الليل، فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، وسبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: رب اغفر لي، أو قال: ثم دعا استجيب له، فإن عزم فتوضأ، ثم صلى قبلت صلاته”. [1]
فضل قيام الليل
صلاة الليل لها شأن عظيم في تثبيت الإيمان، والإعانة على جليل الأعمال، وما فيه صلاح الأحوال، والمآل قال تعالى: ” يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا ” إلى قوله: ” إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا ” [المزمل، الآيات: 1-6]
وثبت في صحيح مسلم عن النبي، صلى الله عليه وسلم قال :” أفضل الصلاة بعد المكتوبة – عني الفريضة – صلاة الليل ”
وفي حديث عمرو بن عبسة قال صلى الله عليه وسلم: ” أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن”
ولأبي داود عنه -رضي الله عنه- قال : أي الليل أسمع -يعني أحرى بإجابة الدعاء- قال صلى الله عليه وسلم: ” جوف الليل الآخر فصل ما شئت، فإنّ الصلاة فيه مشهودة مكتوبة”
وفي الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ،قال : “ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر؛ فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟! من يسألني فأعطيه؟! من يستغفرني فأغفر له ؟! ”
فتلخص مما سبق أنّ قيام الليل:
- من أسباب ولاية الله ومحبته.
- من أسباب ذهاب الخوف والحزن، وتوالي البشارات بألوان التكريم، والأجر العظيم.
- من سمات الصالحين، في كل زمان ومكان.
- من أعظم الأمور المعينة على مصالح الدنيا، والآخرة، ومن أسباب تحصيلها والفوز بأعلى مطالبها.
- صلاة الليل أفضل الصلاة بعد الفريضة، وقربة إلى الله، ومكفرة للسيئات.
- من أسباب إجابة الدعاء، والفوز بالمطلوب المحبوب، والسلامة من المكروه المرهوب، ومغفرة سائر الذنوب.
- نجاة من الفتن، وعصمة من الهلكة، ومنهاة عن الإثم.
- من موجبات النجاة من النار، والفوز بأعالي الجنان.[5]
دعاء قيام الليل لقضاء الحاجة
الدعاء طاعة لله، وامتثال لأوامره، والبعد عن غضبه وسخطه، ويقول الله تعالى: “وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ”.
ومن روائع
دعاء في جوف الليل
: “اللهم إني أسألك أن تصلح أموري، وتقضي ديني، وحوائجي، إنّك أنت الّذي شهد كلّ ذي لسان بقدرتك وقوّتك وذي دراية بعظمتك وسلطانك لا إله إلا أنت السّامع المجيب”. [4]
الفرق بين الدعاء والسؤال والاستغفار
عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأغْفِرَ لَهُ رواه البخاري، ومسلم.
فالمتقرر أن السؤال والاستغفار داخلان في عموم لفظ الدعاء؛ فالسؤال غالبا ما يطلق على طلب النفع سواء كان نفعا دينيا أو دنيويا؛ والاستغفار يطلق على طلب دفع شر الذنب وآثاره السيّئة؛ وإنما خصّا بالذكر من باب عطف الخاص على العام.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
” فذكر أولًا لفظ الدعاء، ثم ذكر السؤال والاستغفار. والمستغفر سائل، كما أن السائل داع؛ لكنّ ذكر السائل لدفع الشر، بعد السائل الطالب للخير، وذكرهما جميعا بعد ذكر الداعي الذي يتناولهما وغيرهما، فهو من باب عطف الخاص على العام”.
وقال البدر العيني رحمه الله :
” الْمَذْكُور هَهُنَا : الدُّعَاء وَالسُّؤَال وَالِاسْتِغْفَار .
وَالْفرق بَين هَذِه الثَّلَاثَة :
أَن الْمَطْلُوب: إِمَّا لدفع الْمضرَّة، وَإِمَّا لجلب الْخَيْر . وَالثَّانِي : إِمَّا ديني أَو دنياوي .
فَفِي لفظ الاسْتِغْفَار : إِشَارَة إِلَى الأول .
وَفِي السُّؤَال : إِشَارَة إِلَى الثَّانِي .
وَفِي الدُّعَاء : إِشَارَة إِلَى الثَّالِث “.
وَقَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: مَا الْفرق بَين الدُّعَاء وَالسُّؤَال؟
قلت: الْمَطْلُوب إِمَّا لدفع غير الملائم، وَإِمَّا لجلب الملائم، وَذَلِكَ إِمَّا دُنْيَوِيّ وَإِمَّا ديني .
فالاستغفار ، وَهُوَ طلب ستر الذّنب : إِشَارَة إِلَى الأول .
وَالسُّؤَال : إِلَى الثَّانِي .
وَالدُّعَاء : إِلَى الثَّالِث .
أو الدُّعَاء : مَا لَا طلب فِيهِ ، نَحْو قَوْلنَا: يَا الله يَا رَحْمَن .
وَالسُّؤَال : هُوَ للطّلب .
أوَ الْمَقْصُود وَاحِد، وَاخْتِلَاف الْعبارَات لتحقيق الْقَضِيَّة وتأكيدها.”
وقد وردت زيادات أخرى:
فعند الإمام أحمد في “المسند” : هَلْ مِنْ تَائِبٍ فَأَتُوبَ عَلَيْهِ؟ .
وعنده أيضا في “المسند” : مَنْ ذَا الَّذِي يَسْتَرْزِقُنِي فَأَرْزُقَهُ؟ مَنْ ذَا الَّذِي يَسْتَكْشِفُ الضُّرَّ فَأَكْشِفَهُ عَنْهُ؟ .
وأسلوب الإطناب هنا، بذكر الخاص بعد العام فائدته التأكيد على ما قد خصّه بالذكر، كما فيه مزيد حث، وترغيب في الدعاء ، وهذا أمر يتذوقه كل مستمع لهذا الحديث؛ فإنه عند سماع الحديث بتمامه يشعر بأهمية الدعاء في هذا الوقت وفضله أكثر مما يشعر به عند سماعه لجزء منه. [2]
كيفية قيام الليل
ادعية قيام الليل
كثيرة وتكون في صلاة قيام الليل، وعن أبي هريرة، “رضي الله عنه” : أنَّ النبيَّ “صلى الله عليه وسلم”، قَالَ: “إِذَا قَامَ أحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ فَلْيَفْتَتِحِ الصَّلاَةَ بركْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ” قيل: الحكمة في هذه الركعتين إذهاب ما قد يبقى في الجسد من كسل النوم.
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ صَلاَةِ اللَّيْلِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- “صَلاَةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى فَإِذَا خَشِىَ أَحَدُكُمُ الصُّبْحَ صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً تُوتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى”.
قوله: «مثنى مثنى»، أي: ركعتان، ركعتان، أي: يسلم من كل ركعتين، ويوتر بركعة واحدة، ويجوز الوصل كما وردت بذلك الأحاديث الصحيحة.
ويكون وقت قيام الليل، في آخر الليل، فعن عائشة رضي الله عنها: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم “كَانَ يَنَامُ أوّلَ اللَّيلِ، وَيَقُومُ آخِرَهُ فَيُصَلِّي”
وقد يصلى في أي وقت من الليل فعن أنس -رضي الله عنه-، قَالَ: كَانَ رسولُ اللهِ- صلى الله عليه وسلم- يُفْطِرُ مِنَ الشَّهْرِ حَتَّى نَظُنَّ أنْ لاَ يَصُومَ مِنْهُ، وَيَصُومُ حَتَّى نَظُنَّ أنْ لاَ يُفْطِرَ مِنْهُ شَيْئاً، وَكَانَ لاَ تَشَاءُ أنْ تَرَاهُ مِنَ اللَّيلِ مُصَلِّياً إِلاَّ رَأيْتَهُ، وَلاَ نَائِماً إِلاَّ رَأيْتَهُ” قال الحافظ: لم يكن لتهجده وقت معين بل بحسب ما يتيسر له القيام.
وعن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ لَهُ: أَحَبُّ الصَّلاَةِ إِلَى اللهِ، صَلاَةُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، وَأَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللهِ صِيَامُ دَاوُدَ، وَكَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ وَيَنَامُ سُدُسَهُ، وَيَصُومُ يَوْمًا، وَيُفْطِرُ يَوْمًا”
قال المهلب: كان داود عليه السلام يجم نفسه بنوم أول الليل، ثم يقوم في الوقت الذي ينادي الله فيه: هل من سائل فأعطيه سؤاله، ثم يستدرك بالنوم ما يستريح به من نصب القيام في بقية الليل. وفيه: من المصلحة، استقبال صلاة الصبح وإذكار النهار بنشاط. [3]