كيف يبعث الناس يوم القيامة
إن البعث يوم القيامة، أمر محسوم وهو عقيدة وإيمان بالله واليوم الآخر، يوم ينفخ إسرافيل في الصور، فتعود الأرواح لأجسادها، ويقوم أهل القبور، استعداد ليوم عظيم، إذ يقول الله تعالى في كتابه العزيز “وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاءَ اللَّـهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ)صدق الله العظيم، كما يقول “وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ * قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَـذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَـنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ * إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ” صدق الله العظيم.
كيف يبعث الناس يوم القيامة
صور الله تعالى
احداث يوم القيامة
، للمؤمنين ووصفها بشكل دقيق من خلال الآيات القرآنية ومن خلال الرسول الكريم[1].
- حيث حين تخرج الروح من الجسد لا ترد له إلا في القبر أول دخوله، ليسأل من الملكان، ثم يعرف مقعده في الجنة أو النار، وتبدأ الروح تصعد إلى عالم البرزخ، وهو عالم لا يعرف ماهيته الحقيقية سوى الله عز وجل، وهو مرحلة فاصلة بين الحياة والبعث، فالأرواح لا تموت أبداً، الجسد يفنى ويبلى، بينما الروح تحفظ في عالم البرزخ.
- بعد ذلك يفنى الجسد، وتبقى عظمة واحدة، تسمى عظمة الذنب، حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم “كُلُّ ابْنِ آدَمَ يَأْكُلُهُ التُّرابُ، إلَّا عَجْبَ الذَّنَبِ منه، خُلِقَ وفيهِ يُرَكَّبُ” تلك العظمة هي أسفل فقرة في الظهر، لا يمكن أن تتحلل أبداًن تبقى إلى يوم البعث لينفخ فيها ويعود الإنسان للحياة يوم القيامة ليحاسب على كل ما فعل، لم يفلت من أي صغيرة ولا كبيرة، فهناك صحف ملئت بما فعل.
- أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة سيدنا النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حيث قال “أنا سيدُ ولدِ آدمَ ولا فخر وأنا أولُ من تنشقُّ الأرضُ عنه يومَ القيامةِ ولا فخر وأنا أولُ شافعٍ وأولُ مشفَّعٍ” وفي حديث أخر” أنا سيِّدُ ولدِ آدَمَ، وأوَّلُ شافِعٍ، وأوَّلُ مُشفَّعٍ، وأوَّلُ مَن تنشَقُّ عنه الأرضُ؛ فأُكْسى حُلَّةً من حُلَلِ الجَنَّةِ، ثم أقومُ عن يَمينِ العَرشِ، فليس من الخلائِقِ يقومُ ذلك المقامَ غيري”.
يبعث الناس على ما ماتوا عليه
-
وصف لنا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم،
أهوال يوم القيامة،
بأنها يوم ليس كأيامنا هذه، يوم يبعث العباد ويحشروا ويحاسبوا على كل ما فعلوه، وما قدموه بأيدهم، يوم يثاب من فعل خير، ويعاقب من أساء، يوم يقف الناس أما رب العالمين بعضهم فرح مستبشر بما قدم، وبعضهم زليل حزين على ما فعل، يوم على الكفار له أهوال وصفه الله بالعسرة عليهم إذ يقول عز وجل” فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ * فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ” عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ”، وينفخ في الصور الذي هو عبارة عن قرن ينفخ فيه، نفختان الأولى تسمى الراجفة، والثانية الرادفة، ولكن الصور نفسه غيب عند الله لا يعلم ما هيته سواه عز وجل، فلم تخبرنا عنه آيات ولا سنة، ويقال أن النفخة الثانية لا تقوم إلا على اكثر اهل الأرض شر، ويموت من في السماء، إلا من أذن الله لهم أن يحيوا، أما عن النفخة الثالثة هي تلك التي يقوم فيها الناس من بعد موتهم إذ يقول قول الحق عز وجل” وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاءَ اللَّـهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ”، صدق الله العظيم، ولا سيما أن الجميع من المؤمنين يؤمنوا بيوم القيامة، إذ أنه جزء من إيمانهم بالله عز وجل، وإقرار بعظمته وقدرته على أن يعيد الناس للحياة مرة أخرى، فهو خلقهم ولم يكونوا شيء من ذي قبل، - كما ان الرسول صلى الله عليه وسلم قال “ما بيْنَ النَّفْخَتَيْنِ أرْبَعُونَ قالَ: أرْبَعُونَ يَوْمًا؟ قالَ: أبَيْتُ، قالَ: أرْبَعُونَ شَهْرًا؟ قالَ: أبَيْتُ، قالَ: أرْبَعُونَ سَنَةً؟ قالَ: أبَيْتُ، قالَ: ثُمَّ يُنْزِلُ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَيَنْبُتُونَ كما يَنْبُتُ البَقْلُ، ليسَ مِنَ الإنْسانِ شيءٌ إلَّا يَبْلَى، إلَّا عَظْمًا واحِدًا وهو عَجْبُ الذَّنَبِ، ومِنْهُ يُرَكَّبُ الخَلْقُ يَومَ القِيامَةِ” فالحديث الشريف لا يوضح كم هؤلاء الأربعين، هل أربعين يوم أم أربعون شهر ام أربعون سنة، كما لم يوضح هل هذه المدة بين النفخة الأولى والثانية أم الثالثة، فكل تلك الأمور غيبية، قد يعجز العقل البشري عن تخيلها، فالله تعالى منح الإنسان تفكير وعقل له حدود، لا يمكن ان يصل ولا يستوعب كل الأمور التي خلقها الله تعالى.
يبعث الله الموتى يوم القيامة من قبورهم
- يوم القيامة يوم له أهوال جمة، يعرف بالعسرة والصعوبة، إلا على من رحم الله، حيث إن الظالمين يجزوا على ألسنتهم حسرة على ما فعلوا، ويبكوا الفاسدين ندماً، كما إن الكافرين يتمنوا العودة ليعملوا الصالح، يوم تجزى كل نفس على ما فعلت، ولا ينفع المرء أحد” يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِّلَّه”[2].
- يوم القيامة يوم ذي هيبة كبيرة، يخرج الظالمين من قبورهم مسرعين مهرولين متسائلين، من أخرجنا وأحيانا بعد موتنا، وكأنهم ماتوا بكفرهم وباقين عليه.
- بينما يأتي اليوم على المؤمنين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، بالخير والطمأنينة، يبعث الله لهم ملائكة يطمئنهم ويثبتوا قلوبهم، خوفاً عليهم من أن يصيبهم الفزع، إذ يقول الله تعالى في سورة الأنبياء آية 103 “لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَـذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ” صدق الله العظيم.
- ومن المعروف في العقيدة أن يوم القيامة يأتي المرء على ما مات عليه، حيث يبعث الناس على أعمالهم، فحجيج البيت يأتوا لله ملبيين، والشهيد يأتي بدمه كما استشهد لذا لا يغسل، ومن مات على الشهادة يأتي يوم القيامة يشهد بأن لا اله إلا الله وأن سيدنا محمداً عبده ورسوله، حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم” من كانَ آخرُ كلامِهِ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ دَخلَ الجنَّةَ”.
- يقول الله تعالى عن بعث المؤمنين الصادقين في إيمانهم” يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ” دلالة على أن اليوم سيكون هين ويسير على من فعل صالحاً وأتقى الله.
- كما أن يوم القيامة تتبدل الأرض وتتبدل السماء، فيقوم الناس وهم لا يعلموا هم أين، لا الأماكن كما هي، ولا شيء كما هو لا يوجد بنايات ولا بيوت، فالصراط والجنة والنار فقط، إذ يقول الله تعالى في سورة إبراهيم” يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ ۖ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ” صدق الله العظيم.
- تأتي بعد ذلك الطامة الكبرى، وهي الألم الشديد والعذاب والوعيد لمن يستحق ذلك، تصغر فيها الدنيا في عين الجميع، ويروا الحياة وكأنها ليلة واحدة مرت عليهم، والدليل على ذلك قول الحق “كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا”، صدق الله العظيم، فيبدأ الفزع والرعب وتفتح النار أبوابها، وتقول هل من مزيد، حيث إن جهنم أكبر من الجنة، لأن أهل النار أكثر، فهذا الهول والشكل مرعبين للغاية، وأكثر الناس رعباً من يعرفوا ما فعلوه، المجرمين الكافرين، وفقاً لقول الحق “وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ”