ما هي اداب الدعاء
شرع الله تعالى الدعاء لعباده باعتباره العبادة التي يتمكن المسلم من خلالها من التقرب إلى الله سبحانه والحصول على المنفعة بالدنيا والآخرة وتحقيق سؤاله ومطلبه، يبتهل به إلى الخالق ويتضرع إليه لينال حاجته، وقد وعد الله جل وعلا الداعي من عباده بأن يستجيب له في سورة البقرة الآية 186 ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)، ولكن لكي يستجيب الخالق لدعاء العبد هناك بعض الشروط والآداب عليه أن يتعرف عليها أولاً ومن ثم اتباعها لكي يحصل على أجل تلك العبادة العظيمة وتلبية حاجته من الله عز وجل.
آداب الدعاء
هناك بعض الآداب التي لابد أن يتحلى بها المسلم في دعائه لكي يتقبله الله سبحانه وتعالى ويلبي حاجته إليه، تلك الآداب تتمثل في الآتي: [1]
- الإلحاح بطلب الحاجة وبالدعاء وتكرار السؤال ثلاث مرات أو أكثر والجزم به.
- الدعاء للنفس والآخرين بما يتمنى العبد الحصول عليه مثل الدعاء للإخوة والأبناء، الوالدين والمسلمين والمسلمات الأحياء والأموات.
- الامتناع عن الدعاء بالشر على النفس، أو المال والأهل والغير.
-
الحرص على القيام بالأعمال الصالحة مع إخلاص النية لله عز وجل ومن تلك الأعمال (الصيام وإخراج الصدقات)، والتي تعد من قبيل وسائل
تعجيل استجابة الدعاء
. - التوسل بسبل التوسل المشروعة إلى الله مثل القيام بالأعمال الصالحة السابق ذكرها.
- الحرص قبل البدء في الدعاء على التوضؤ والوقوف باتجاه القبلة ورفع اليدين باتجاه السماء وقت الدعاء.
- العزم على التوبة من المعاصي والذنوب من خلال الاعتراف بالذنوب والندم على اقترافها، واتخاذ القرار بعدم الرجوع إليها ثانية، حيث إن التوبة من أهم أسباب تحقق البركة وزيادة الخير واستجابة الدعاء.
- تحري أوقات استجابة الدعاء والإكثار من الدعاء بها.
- التوجه إلى الله بالدعاء في كل وقت وحين وعدم اقتصارها على أوقات الحاجة أو الشدة فقط.
- الحرص على التأدب في الحديث مع الله من خلال اختيار أفضل الكلام وأحسنه، مع خفض الصوت وخشوع القلب.
- الدعاء بأسماء الله الحسنى وصفاته العلى.
- إبداء الحاجة والتذلل والافتقار إلى الله جل وعلا والبكاء من القلب خلال الدعاء.
- استشعار الرهبة من الله والرغبة في التقرب منه واستحضار مدى عظمته.
- الثناء على الله جل وعلا والإكثار من الصلاة على الحبيب المصطفى قبل البدء في طلب الدعاء وبعد الانتهاء منه.
فضل الدعاء
الدعاء من أفضل العبادات وأعظمها التي يمكن أن يتقرب بها إلى العبد إلى الله تعالى حيث يتوجه المسلمون إلى ربهم بالدعاء بملأ إرادته وهي أحد أهم الوسائل التي يتصل بها العبد إلى ربه وهو ما ورد في الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة والنصوص الشرعية، كما جاء في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يردُّ القضاءَ إلَّا الدُّعاءُ، ولا يزيدُ في العمرِ إلَّا البرُّ)، كما قال صلى الله عليه وسلم (سلُوا اللهَ مِنْ فضْلِهِ، فإِنَّ اللهَ يُحِبُّ أنْ يُسْأَلَ، وأفضلُ العبادَةِ انتظارُ الفرَجِ). [2]
فهو عبادة حقيقة لما به من الإقبال على الله سبحانه وحده دون أحد من العباد فلا يرجو سواه ولا يخاف من أحد غيره فهو إقرار واعتراف بالعبودية إلا الله والتذلل إليه وهو ما قال فيه رسول الله صلى عليه وسلم (الدُّعاءُ هوَ العبادةُ ثمَّ قال وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)، كما تبين فضل الدعاء في قول النبي الحبيب (الدُّعاءُ ينفع مما نزل ومما لم ينزِلْ، فعليكم عبادَ اللهِ بالدُّعاءِ).
آداب الدعاء ومستحباته
هناك بعض السبل والطرق التي يمكن من خلال اتباعها أن يقبل الله دعاء عباده ويمنحهم الأجر والثواب ومن أفضل تلك الطرق الآتي: [3]
- قبل القيام بالبدء في العمل لا بد من طلب العون والتوفيق من الله تعالى، وبدء الدعاء بالاستغفار من الذنب وإعلان التوبة الصادقة والثناء على الله بصفاته العلى ومن ثم الصلاة على النبي الحبيب وذكر كل ما يتمناه العبد من أمور الدنيا والآخرة، حيث أن الله لا يرد الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم وبالتالي يقبل الدعاء ما بين الصلاتين.
- أفضل وقت للدعاء في السجود وهو ما وُرد في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ” أَقْرَبُ ما يَكونُ العَبْدُ مِن رَبِّهِ، وهو ساجِدٌ، فأكْثِرُوا الدُّعاء”.
- ومن أفضل الأوقات التي يكون فيها الدعاء في الثلث الأخير من الليل، يوم الجمعة وليلته، عقب الصلوات الخمس المفروضة، ما بين الآذان والإقامة، عند ختم القرآن، وقت نزول المطر، عند الآذان وبالطبع وقت الخشوع.
- لا يرد الله دعاء سائل بدأ نداءه باسمه الأعظم ومن أفضل صيغ الدعاء (اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، الْأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ).
موانع الدعاء
الدعاء من أهم سُبل بلوغ المسلم غاياته، يدفع به كل مكروه أو سوء عن نفسه وأهله وهناك
علامات إجابة الدعاء
كما يوجد ما يمنع استجابة الله له إما نتيجة ضعف قلب وإيمان الداعي أو ما يحمله من صفات الغلظة والعدوان فضلاً عن افتقاره إلى الإقبال والعزم واليقين أن الله تعالى سميع مجيب للدعاء وأن الله إن أخر قبول الدعاء فهي لحكمة منه فيها خير للداعي. [4]
كما أن من موانع استجابة الدعاء الانغماس في ارتكاب المعاصي والذنوب والغفلة عن تنفيذ ما أمر الله به العباد أو نتيجة التعجل في انتظار الإجابة والتوقف عن الدعاء سريعاً وعدم الإلحاح على الله به أن لم يستجب له بسرعة، الجدير بالذكر أن استجابة الدعاء لا تقتصر على تحقق الهدف والغاية حيث قد يدخرها الله للآخرة أو أن يكون سبب في دفع ضُر عن العبد، كما قد يكون في الأمر المدعو به ذنب كبير فكان عدم الاسنجابة من الله أولى، ويُعد من موانع الدعاء ارتكاب ما بينه الله من محرمات ومعاصي بكثرة، الدعاء بالإثم وقطيعة الأرحام.
فوائد الدعاء وثماره
إن من أسمى وأفضل ما يتقرب به العبد إلى الله هو الدعاء، سواء كان ذلك بالحالة التي يستجيب بها الله أو لم يستجب فكليهما خير له، ومن أهم ثمار الدعاء في الحياة الدنيا والآخرة ما يلي:
- العبد اللحوح يستجيب الله إلى دعائه ويدهشه بجزيل فضله وعظيم عطائه وعلى العبد أن يشكر الله فضله وحينها يجازيه الله أضعاف شكره بالبركة والخير.
- يدفع الله عنه ما قد يلحقه من شر في الدنيا بفضل الدعاء، فبه يطرق المسلم أبواب الله الواسعة.
- ولعظيم الأجر تأخير استجابة الله الدعاء للآخرة قال فقهاء الإسلام أن العباد سوف يتمنون لو أن الله لم يستجب لدعائهم في الدنيا قط.