كيف نحقق التوكل على الله

من أجل وأروع الأمور التي أمرنا الله – عز وجل – بها هو التوكل والاعتماد عليه في كل أمر من أمور الحياة ، فهو سمة المؤمنين ، والأنبياء – عليهم السلام – ويجب على المؤمن أن يعلم تمام العلم أنه لا نافع له في هذه الحياة ، ولا يمكن لاحد أن يضره أو ينفعه إلا الله – عز وجل – ويتحقق التوكل من العبد بالكثير من الأمور ، والمبادئ التي يجب أن يطبقها في حياته ، فقد قال سعيد بن جبير: (إنَّ التوكل جِماع الإيمان)، وقال وهب بن منبه: (غايةُ المؤمن القصوى التوكل)، وقال الحسن: (معنى توكل العبد على الله أن يعلم العبد أنَّ الله هو ثقتهُ) ، فكل هذه المعاني الرائعة تجعل التوكل من أهم الأشياء التي يجب أن يسعى إليها كل مسلم ويتعلم كيف يحقق التوكل على الله في كل أمر من أمور حياته .


كيف نحقق التوكل على الله

التوكل على الله ليس بالأمر السهل الذي يظن البعض أنه يحققه في كل الأمور وأنما يتطلب من العبد أن يراعي الكثير من الأمور في أفعاله وأقواله ليحققه ويجعله منهج حياة له وهذه الأمور هي : [1]


البعد عن الذنوب والمعاصي

الذنوب والمعاصي تعد من أكبر الأشياء التي تنافي مفهوم التوكل على الله – عز وجل – فلو أن أحداً أحتاج المال بشدة ، وتوكل على الله وأخذ بالأسباب وسعى ، فهنا يتحقق مفهوم التوكل ، ولو أنه عصى الله – عز وجل – وحصل على المال الذي يحتاجه من طريق محرم ، فهذا ينافي مفهوم التوكل فيقول الله – عز وجل – في كتابه الكريم :  (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى) .


الإيمان بالقدر خيره وشره

الله – عز وجل – هو الذي خلق البشر ، وهو الذي كتب لهم كل أمور حياتهم صغيرها ، وكبيرها ، وهو أرحم بهم من أمهاتهم ، لذلك يجب على العبد أن يعلم أن كل أمر الله خيراً ، وأن ظهر له أنه غير ذلك فالله له حكمة في كل شئ فقد قال تعالى : (قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلَّا ما كَتَبَ اللَّهُ لَنا هُوَ مَوْلانا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ).


معرفة الفرق بين التوكل والتواكل

يخلط الكثير من الناس بين مفهوم التوكل ، والتواكل وكلاهما نقيض للآخر ، فيجب على الإنسان أن يسعر لما يريد ، ويأخذ بالأسباب التي أتاحها الله – عز وجل – له ، وبعدها يحقق مبدأ التوكل على الله – عز وجل- بقلبه ، فالطالب يجب أن يذاكر دروسه ، ويذهب إلى الأمتحانات ، وفي قلبه توكل على الله – عز وجل- ويقين بأنه سوف يرزقه النجاح ، فهذا يسمى توكل ، أما الذي يجلس في البيت ، ولا يذاكر دروسه ويتأخر عن موعد الامتحان ويقول أنه متوكل على الله – عز وجل- فأن ذلك يسمى متواكل ، وليس مَتوكل على الله  وقال الله تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ) ، وقال سبحانه: (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ) ، وقال سبحانه في سورة الجمعة: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ) ، و قد روى معاذ بن جبل فقال: (كنتُ ردفَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ على حمارٍ يقال له عفيرٌ، فقال: يا معاذُ، هل تدري حقَّ اللهِ على عبادِه، وما حقُّ العبادِ على اللهِ. قلت: اللهُ ورسولهُ أعلمُ، قال: فإنَّ حقَّ اللهِ على عباده أن يعبدوه، ولا يشركوا به شيئًا، وحقُّ العبادِ على اللهِ أن لا يعذبَ من لا يشرك به شيئًا. فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، أفلا أبشر به الناسَ؟ قال: لا تبشِّرهم فيتَّكلوا). [2]


اليقين بأن التوكل يجلب رضا الله

التوكل على الله – عز وجل – هو من كمال الإيمان به ، فهو بذلك يحقق رضا الله – عز وجل –  عن العبد فقد قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) ، و قال تعالى: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ*الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) ، فهذا يدل على أن التوكل جزاؤه الجنة ، لأن المتوكل يصير كامل الإيمان بتوكله على الله – عز وجل-  وقد قال تعالى: (وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا) أي أن العبد يجب أن يشعر بالذل والخضوع لله ، ويعلم يقين العلم أنه وحده الذي يستحق الاعتماد عليه .


ثمرات التوكل على الله

هناك الكثير من

ثمرات التوكل على الله

والتي يمكن أن يحصل عليها العبد في حياته نتيجة لتوكله على الله – عز وجل – ومن أهم هذه الأمور أنه يصبح مؤمناً كامل الإيمان ، كما أنه يحصل على السلام الداخلي ، والقدرة على العيش بسعادة  لأنه يعلم أن الله يدبر له أمور حياته كلها ، وأنه ليس عليه إلا السعي والأخذ بالأسباب فقد قال ابن بطال: (التوكل على الله هو الثقةُ بهِ، والاستسلامُ لأمرهِ، وإيقانُ العبدِ بأنَّ قضاءهُ عليهِ ماضٍ). و قال تعالى : (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَىٰ بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا) ، وقال: (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ) ، وتكررت الآية: (وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) ،  في سبعة مواضع في كتاب الله ، فقد ذُكرت في سورة آل عمران في موضعين، وفي سورة المائدة، والتوبة، وإبراهيم، والمجادلة، والتغابن.


أجمل ما قيل في التوكل على الله

هناك الكثير من الموافق للأنبياء – عليه السلام – والصحابة -رضي الله عنهم – التي تعد المثل الأروع في التوكل على الله – عز وجل – وصدق الإيمان به ومن أهمها : [3]

  • عندما هاجر النبي – صلى الله عليه وسلم – من مكة إلي المدينة وهو يعلم أن المشركين يحاولون أن يقتلوه ، ولكنه هاجر مع صاحبه وأخذ بكل الأسباب التي يمكن أن تنجيه فقد قال أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه : (أنَّ أبا بكرٍ الصِّدِّيقَ حدَّثه قال: نظرتُ إلى أقدامِ المشركين على رؤوسِنا ونحن في الغارِ. فقلتُ: يا رسولَ اللهِ! لو أنَّ أحدَهم نظر إلى قدمَيه أبصَرَنا تحت قدمَيه. فقال: يا أبا بكرٍ، ما ظنُّك باثنَين اللهُ ثالثُهما) ، وأنزل الله – عز وجل – في لك قوله تعالى : (إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).
  • قصة سيدنا نوح هي أفضل مثال على التوكل على الله – عز وجل – والصدق في الأخذ بالأسباب ، في دعوة قومه فقد قال تعالى : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآَيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ).
  • وضرب الرسول – صلى الله عليه وسلم – وأصحابه المثل الأروع على الإطلاق عندما  كانوا  بحمراء الأسد ، وأخبرهم بأنَّ أبا سفيان جمع لهم ، فقال الله – عز وجل – عن هذه القصة في كتابه : ( الذين قال لهم الناس إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ*فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ).


التوكل على الله في الزواج

من المؤكد أن الزواج رزق من أهم الأرزاق التي يمكن أن يمنحها الله – عز وجل للعبد لذلك يجب أن يعلم تمام العلم أنه لا يمكن أن يجلبه له إلا الله – عز وجل – سواء كان ذكر أم أنثى  فعن عمر بن الخطاب عن النَّبي – صلى الله عليه وسلم – قال : (لو أنكم تتوكّلونَ على اللهِ حقَّ توكلهِ ، لرزقكُم كما يرزقُ الطيرُ ، تغدُو خماصًا ، وتروحُ بطانا) وهذا الحديث من أعظم الأحاديث التي يجب أن يجعلها المؤمن واقع حياة ، ومبدأ يعيش به . [4]