من هو اول شهيد في الاسلام
تعتبر الشهادة أعلى منزلة ينالها المؤمن الحقن فالله تعالى يهب الذين آمنوا درجات عليا ومن أعلاها منزلة الشهادة، فللشهيد كرامات وعلامات، ودلالات، ولا كل من يقتل فهو شهيد، فالشهادة معروفة ومنزهة، من كل نقص او تشويه، وأعظم أنواع الشهادة، هي الشهادة دون الدين، أي في سبيل الدين الإسلامي الحنيف، ولا سيما أن هناك الكثير ممن ضحوا بأرواحهم في
غزوات الرسول
، مبتغين وجهه الكريم آملين في جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين.
من هو اول شهيد في الاسلام
إن الشهادة منزلة كريمة ، فقدر ما يعذب صاحبها بالموت، قدر ما يرفع في الجنة ويرى النعيم زفات قادمة، فالله تعالى الله عدل يحب عبادة ويكرمهم، ومن الآيات المبشرات للشهداء قول الله الحق بسم الله الرحمن الرحيم “وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ*فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ*يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ”.
فتبث الآية الكريم في النفس الطمأنينة والشعور بالراحة، حيث لا حزن ولا أسف على روح ذهبت للجنة تنعم وترغد، وترزق من النعيم، فقول الله الحق، أحياء يرزقون بشرى لذويهم ولكل المؤمنين بعدهم.
أما عن أول شهيد في الإسلام فقد يثير الأمر العجب، ويظهر عظمة الدين الحنيف، فقد يخطر ببال القارئ أسم من أسماء فطاحلة الإسلام، وقد يخمن بأن الشهيد استشهد في أحد
اهم غزوات الرسول
، ولكن الأمر مختلف تماماً، فالشهيد الأول في الإسلام امرأة، حيث كرم الله المرأة ورفعها وتوجها فجاء الدين الحنيف ناصراً، لتكون من آمنت بالرسول امرأة وهي السيدة الكريمة خديجة بنت خويلد، وتكون أول من استشهدت في سبيل الله امرأة وهي سمية بنت الخياط.
من هي سمية بنت الخياط
- سمية بنت الخياط هي زوجة ياسر بن عامر بن مالك بن كنانة بن قيس بن الحصين بن الوذيم بن ثعلبة بن عوف بن حارثة بن عامر الأكبر بن يام بن عنس تزوجت سمية رضي الله عنها وعن زوجها الكريم ياسر بن عامر، الذي هاجر من اليمن إلى مكة مع اخوتهم ولكنه لم يعود على اليمن مرة ثانية، في حين تواجده في مكة حالف رجل يسمى أبو حذيفة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر المخزوم، وكانت لديه آمة وهي سمية، تزوجا وأسفر زواجهما عن عمار بن ياسر رضى الله عنه وعن أبويه.
- كانت تعرف سمية برقة القلب، والخلق الرفيع، ففور سماعها عن الدعوة الإسلامية، وأن محمد صلى الله عليه وسلم نبي الله ورسوله، فكاد قلبها يذوب من فرط الأيمان وكأن الله أختار قلبها ليسكن ويعمر فيه الدين الحنيف، فأسلمت سمية بنت الخياط، وأسلم زوجها الكريم ياسر بن مالك عامر وأسلم أبنها البار عمار بن ياسر، والأخير عبد الله بن الياسر أبنها الأصغر، فكانت أسرة مسلمة تقية.
- بعد إعلان آل ياسر إسلامهم لم يكن الأمر يسير، حيث يجب الذكر بأن المسلمون الأوائل الذين صدقوا النبي وآمنوا بالله ورسوله وكتبه واليوم الآخر، كان هم كبش الفداء للإسلام ونشره، كانوا هم الضحايا لكي ينصر الدين وينتشر ويصل إلينا بأبهى صورة، كما أن الله تعالى وهبهم الصبر والعزيمة على التحمل وحب الدين فكان الإسلام مصبوب في قلوبهم صباً، وكان الإيمان لهم عزم وقوة ونصراً.
- لم يلبس القليل من علم أهل قريش بإسلام آل ياسر، إلا وشنت عليهم ألوان العذاب، فكان أبي جهل يتولى تعذيبهم ويأمر الكفار بتشديد العذاب عليهم، وفي ذلك الحين كانت سمية بن الخياط امرأة كبيرة عجوز في السن، ليس فتاة لتتحمل كل ألوان العذاب هذه.
- لحق بآل اليسر الأذى واشتد عليهم البلاء، ولكن كان الدين محفز لهم وكأن حقاً صدقوا الله عهدهم فأنزل عليهم الصبر والسكينة والسلوان.
- كان كلما مر الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بهم ورأى حالهم قال، “صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قصة استشهاد سمية بنت الخياط
- رأت سمية بنت الخياط أبشع أنواع التعذيب وكان الأمر بالنسبة لأهل لقريش عبرة، لكي لا يدخل أحد الإسلام، ولكن هيهات هيهات، فما أنزل الله بالدين إلا وله حافظ ومتين، فالله تعالى هو الذي يقذف في قلوب أعداء الإسلام الرعب، ويثبت الذين صدقوا العهد، وكانت سمية بنت الخياط مثال للصبر والثبات، فلا يهزها كافر، ولا يرجعها عن دينها عذاب[1].
- ظل تعذيب سمية وآل ياسر كلهم مدة كبيرة، رغبة من آل قريش في ردتها عن إسلامها، الذي يرونه عبث، ولكن الغيمان وجد في قلبها مستقر وكان له لذة تجعلها تتمسك به أكثر فأكثر.
- اعتبرت سمية بنت الخياط مثال قوي للمسلم الحق والمؤمن القوي، حيث تحملت ما لا يتحمله الرجال، حتى كتبت فيها القصائد، وضربت بها الأمثال.
- وفي يوم أراد الله تعالى أن يزف روحها الطاهرة إلى الجنة، فمن عليها بالشهادة، ورحمها من العذاب، وكانت لاستشهادها أثر كبير في نفوس المسلمين حينها، حيث استشهدت على يد أبي جهل، ولا سيما إنه كان يمر عليها، فسمع صوتها البريء الهالك الذي ضعفه التعذيب و أنهكه الألم، إذ تقول أحد احد الله اكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله وأن سيدنا محمد رسول الله، حيث تعتبر احد من أهم غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم، فجن جنونه، وصار كالمجنون حقاًن وامرها باردة والكفر في التو، فأبت أمة الله المباركة، وظل يعذبها بيده النجسة وهي تأبي وترفض التنازل عن دينها الذي قد تملك قلبها، وملأ جوفها، فضربها بحربة لعينة ليسقطها شهيدة.
-
انتقلت فور الطعنة إلى بارئها حيث كانت سمية بنت الخياط هزيلة الجسد ضعيفة البنية، لتكون
اول شهيدة في الاسلام
عجوز السن معذبة في كل مناطق جسدها أثر إسلامها، ولكنها حفرت في عقول المسلمين القوة والنصر والحب والإيمان، فبوركت سمية، ولحقت بالرفيق الأعلى، وقال بن جبر المكي عن الرسول صلى الله عليه وسلم “أوَّلُ شهيدٍ في الإسلامِ سميَّةُ والدةُ عمَّارِ بنِ ياسرٍ وكانَت عجوزًا كبيرَةً ضعيفَةً ولما قُتِلَ أبو جهلٍ يوم بدرٍ ؛ قال النَّبيًّ صَلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ لعمَّارٍ “قتل اللَّهُ قاتلَ أمِّكَ”. - هكذا كانت قصة المجاهدة الكريمة سمية بنت الخياط، الشهيدة الأولى في الإسلام التي قتلت على يد أبي جهل، وقدر ما تألمت وآلمت قلوب المؤمنين، إلا إنها كانت حافز وبثت العزيمة في قلوب الرجال والنساء، وتكون حافز للاستشهاد والفداء بالروح فيما بعد في غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم.