احداث يوم القيامة بالترتيب

أحداث يوم القيامة بالترتيب

  1. النفخ في الصور
  2. البعث والنشور
  3. أرض المحشر
  4. الشفاعة العظمى
  5. الجزاء والحساب
  6. الميزان
  7. الحوض والصراط

هناك اتفاق من قبل علماء الإسلام على أن أحداث يوم القيامة تبدأ ترتيباً بالبعث، يليه الحشر، ثم الحساب والذي به تتطاير الصحف والميزان والكتب، يليه الصراط بينما الاختلاف جاء حول الحوض وهل هو سابق للصراط أم يليه. [1]


النفخ في الصور :

تظل الحياة على وتيرتها المعتادة في جميع بقاء الأرض إلى أن يأمر الله جل وعلا بالنفخ في الصور وحينها تنتهي كافة مظاهر الحياة سواء كان ذلك بالسماء أو الأرض وهو ما ورد في قول الله تعالى (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاءَ اللَّـهُ) “الزمر الآية 68”.

والصور في اللغة العربية هو القرن وهو ما بينه الرسول الكريم في حديثه الشريف قائلاً (إنَّ اللهَ تعالى لما فرغ من خلقِ السمواتِ والأرضِ خلق الصُّورَ وأعطاهُ إسرافيلَ فهو واضعُه على فيهِ شاخصٌ ببصرِه إلى العرشِ ينتظرُ متى يؤمَرُ فقال أبو هريرةَ قلت : يا رسولَ اللهِ وما الصُّورُ ؟ قال : قرنٌ فقلتُ : وكيفَ هوَ ؟ قال : هو عظيمٌ).

حيث أوضح الحبيب المصطفى أن الملك الذي أوكله الله بالنفخ في الصور هو إسرافيل عليه السلام، وعقب النفخ به لا يمكن للإنسان أن يرجع إلى أهله أو يوصيهم بشيء، وفي ذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم عن أول من سوف يسمع صوت النفخ به قائلاً (وَأَوَّلُ مَن يَسْمَعُهُ رَجُلٌ يَلُوطُ حَوْضَ إبِلِهِ، قالَ: فَيَصْعَقُ، وَيَصْعَقُ النَّاسُ)، فيكون أخذ الناس به سريعاً حتى يكاد الرجل يرفع الطعام إلى فمه فلا يتمكن من ذلك ولا يأكله. [2]

اليوم الذي يكون به النفخ وقيام الساعة هو يوم جمعة حيث قال الحبيب المصطفى (خيرُ يومٍ طلعت فيهِ الشَّمسُ يومُ الجمعةِ، فيهِ خُلِقَ آدمُ، وفيهِ أُهْبِطَ، وفيهِ تيبَ علَيهِ، وفيهِ قُبِضَ، وفيهِ تقومُ السَّاعةُ، ما علَى الأرضِ من دابَّةٍ إلَّا وَهيَ تصبحُ يومَ الجمعةِ مُصيخةً)، وكافة المخلوقات على الأرض وبالسماوات تكون في حالة خوف كل يوم جمعة فيما عدا الإنس والجان، ويقوم الملك إسرافيل بالنفخ مرتين بالبوق بالأولى تقبض أرواح جميع الكائنات الحية، وبالنفخة الثانية تحيل من أجل البعث والحساب.

وقد وردت تسمية النفخة الأولى في القرآن الكريم بالصيحة، كما أطلق عليها الراجفة، بينما النفخة الثانية فأطلق عليها الرادفة وقد ورد عم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوقت الفاصل ما بين النفختين بقوله (ما بيْنَ النَّفْخَتَيْنِ أرْبَعُونَ قالَ: أرْبَعُونَ يَوْمًا؟ قالَ: أبَيْتُ، قالَ: أرْبَعُونَ شَهْرًا؟ قالَ: أبَيْتُ، قالَ: أرْبَعُونَ سَنَةً؟ قالَ: أبَيْتُ)، حيث تحدث بعض علماء الإسلام ومنهم ابن تيمية، ابن العربي، وابن كثير أن النفخ بالبوق يصل إلى ثلاث نفخات وهي الفزع، الصعق، والبعث.

وهناك العديد من المخلوقات لا تتأثر بالصعق وهو ما اختلف العلماء حول بيانه حيث قال ابن حزم أن تلك المخلوقات هي الملائكة الكرام، بينما مقاتل فقد قال أنهم ملك الموت، ميكائيل، إسرافيل، وجبريل عليهم السلام، أما الإمام أحمد ابن حنبل فقد ذكر أنهم الولدان المخلدون والحور العين بالجنة، وقد قال القرطبي أنهم الموتى من البشر، وقد قال أبي هريرة وابن عباس أن الشهداء والأنبياء هم من لا يصعقون باليوم الآخر.


البعث والنشور :

البعث في اللغة العربية هو الإرسال بينما في الإصطلاح الشرعي يقصد به إحيار الله جل وعلا للمخلوقات عقب الموت من القبر للحساب، حيث يكون البعث بكلاً من الروح والجسد ومن الدلائل عن حدوث ذلك ما ورد في قوله تعالى بسورة الأنعام الآية 36 (إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ).

بينما النشور فهو في اللغة العربية التفرق والانتشار بينما في الشريعة فيقصد به تفرق الناس وانتشارهم عقب الخروج من القبور متجهين لمكان الحساب، وقد ورد ذكر النشور في قول الله سبحانه (ثُمَّ إِذَا شَاء أَنشَرَهُ)، ويحدث النشور بعدما ينزل الله سبحانه المطر فتنبت أجساد العباد مثل الزروع ثم ينفخ بالصور لكي يقوموا للحساب وفي وصف ذلك اليوم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ثم يُرْسِلُ اللهُ مَطَرًا كأنه الطَّلُّ، فيَنْبُتُ منه أجسادَ الناسِ، ثم يُنْفَخُ فيه أخرى، فإذا هم قِيامٌ ينظرونَ). [3]


أرض المحشر :

يحضر جميع المخلوقات على أرض خالصة بيضاء وهو ما ورد ذكر وصفه في الكثير من الأحاديث النبوية منها قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (يُحْشَرُ النَّاسُ يَومَ القِيامَةِ علَى أرْضٍ بَيْضاءَ عَفْراءَ، كَقُرْصَةِ النَّقِيِّ، ليسَ فيها عَلَمٌ لأَحَدٍ)، ولا يكون لكل إنسان منها سوى مقدار موضع قدميه فقط، ولا يوجد بها لا زروع ولا جبال.

أما عن حال الناس فهم عراة، خائفين، حُفاة يجتمع لديهم الشعور بالجوع والتعب والعطش يأتون إليه أفواجاً، منهم من يأتي مثل الذُر وهم من كانوا بالأرض متكبرون، وآخرون مشتعلة النار في جسدهم وهم من كانوا بين الخلق مجرمون، وهو الأمر كذلك كلاً يبعث مثلما كان عمله.

يبقى الناس بأرض المحشر يوم واحد فقط لا غير ولكن قوامه ليس مثل اليوم بالأرض ولكن قوام خمسون ألف عام تدنوا به الشمس منهم حتى يغرقون بعرقهم وذلك على حسب عملهم، إذ يجلس الصالحون بظل عرش الرحمن منهم الشاب الذي قد نشأ بطاعة الله، ومن كفل يتيماً وما إلى ذلك، كذلك فإن الملائكة سوف تأتي بالنار تعرض على الخلق رامية باللهب مثل المدائن.


الشفاعة العظمى :

بين العلماء أن الشفاعة العظمى تنسب لنبي الله محمد عليه الصلاة والسلام وهي المقام المحمود الذي خصه الله به وتحدث حينما تقترب الشمس من الناس بمقدار ميل إلى أن يغشاهم العرق فيذهبون إلى نبي الله آدم عليه السلام ونوح وإبراهيم والكثير من الأنبياء ليجيبون جميعهم معتذرين قائلين (نفسي نفسي).

فيأتي الخلق لمحمد صلى الله عليه وسلم ليقول (أنَا لَهَا، فأسْتَأْذِنُ علَى رَبِّي، فيُؤْذَنُ لِي، ويُلْهِمُنِي مَحَامِدَ أحْمَدُهُ بهَا لا تَحْضُرُنِي الآنَ، فأحْمَدُهُ بتِلْكَ المَحَامِدِ، وأَخِرُّ له سَاجِدًا، فيَقولُ: يا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، وقُلْ يُسْمَعْ لَكَ، وسَلْ تُعْطَ، واشْفَعْ تُشَفَّعْ، فأقُولُ: يا رَبِّ، أُمَّتي أُمَّتِي) فيشفع الحبيب المصطفى لمن يشفه له بأرض المحشر ثم بعدها يبدأ الحساب والعرض. [4]


الجزاء والحساب :

عقب البعث يجمع الخالق سبحانه الناس لكي يحاسب كلاً منهم عن عمله فتتحدث الأرض بما كان يحدث فيها ثم تشهد كلاً من اليدين واللسان والجلد والرجلين بما كان يعمل صاحبه بها فقد قال سبحانه (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)، وقتها يكون الناس عراة حفاة وأول من يكسى من الخلق هو نبي الله إبراهيم عليه السلام.

تأتي الملائكة الكرام بالكتب التي قامت بتسجيلها على الخلق بالحياة الدنيا لتعرض على صاحب كلاً منها كتابه مسجل به كل فعل وحركة قام بها فمنهم من يأخذ كتابه بيمينه فهو من أهل الجنة، بينما من ياخذه بيساره هو من أهل النار، ثم يتم توزيع الصحف بما تتضمنه من أعمال فيكون الجزاء حسب وزن العمل كما قال سبحانه في كتابه العزيز (فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ *وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ).

يتولى الله تعالى بنفسه حساب الخلق دون واسطة أو حجاب فلا يناقش المؤمن بحسابه رحمة به، بينما الكافر يفضحه الله تعالى إذ ينادي عليه أمام جميع الناس كاشفاً ظلمه وكذبه، فيكون المؤمن مسروراً فرحاً بما قدم، وحسابه يكون يسيراً، بينما الكافر فهو مذلول يحاول إنكار ما هو في كتابه ولكن ألسنتهم تتوقف حينها لتتحدث عوضاً عنها أعضائه بما قام به من أفعال محرمة ليصبح حسابه عسيراً شديداً. [5]


الميزان :

تعد قضية الميزان من أخطر الأمور المتعلقة بيوم القيامة والتي لابد على المؤمن أن يؤمن بها وهو ما ورد في قول الله تعالى (وَنَضَعُ المَوازينَ القِسطَ لِيَومِ القِيامَةِ فَلا تُظلَمُ نَفسٌ شَيئًا وَإِن كانَ مِثقالَ حَبَّةٍ مِن خَردَلٍ أَتَينا بِها وَكَفى بِنا حاسِبينَ)، وقد أعده الله سبحانه لكي يزن به أعمال عباده أو صحفهم، أو يوزن به العباد ولا يعلم مقداره أحد غير الله.

وقد ورد فيما يتعلق بعظمته أنه يكفي لميزان السموات والأرض فمن غلبت حسناته سيئاته فهو من الفائزين أصحاب الجنة، بينما من تغلب سيئاته حسناته فهو من الخاسرين، أما من تساوت حسناته مع سيئاته فهو بين الأعراف وموقعه بين الجنة والنار.

عقب الانتهاء من الميزان يقف كلاً من الناس وفقاً لتشابه عملهم حيث يكون الظالم مع الظالم، والمؤمن مع المؤمن كما قال تعالى (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ* مِن دُونِ اللَّـهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ) ثم تتم غقامة لواء لكل نبي من الأنبياء لتقف كل أمة تحت لواء نبيها ثم يججب الله تعالى النور عن الناس، فيقوم كلاً منهم بالمشي على هدي نور عمله ثم يضرب فيما بين المؤمنين والمنافقين سور فلا يرى المنافق أي شيء من شدة الظلام فيقع بجهنم. [6]


الحوض والصراط :

لكل نبي من الأنبياء يكون له حوض خاص بأمته موضعه قبل الصراط وذلك لشدة معاناة الناس من العطش يوم المحشر حيث يرد بعضهم إلى حوض الرسول صلى الله عليه وسلم فمنهم من تطرده الملائكة لردتهم، ماء حوض محمد صلى الله عليه وسلم منبعها نهر الكوثر بالجنة فمن شرب منه لا يظمأ بعد ذلك أبداً.

ولا يكون الشرب بعد الارتواء من يد النبي الشريفة إلى بهدف التلذذ فقط ثم يأتي وقت المرور بالصراط وهو عبارة عن جسر يتم نصبه فوق جهنم يعبر من خلاله المسلمون إلى الجنة والنبي الحبيب يدعو للمؤمنين أن يعبروا بالسلامة حيث يكون مرور كلاً من البشر وفقاً لعمله ولا يعبر سوى من غفر الله له ومن لا يجتازه يقع في النار.

فيقف من اجتاز الصراط وقد وصل الجنة لكي يزال الحقد من قلوبهم ويقتص الله لهم من بعضهم بما يعرف بالقنطرة التي وردت في حديث النبي الكريم قائلاً (يَخْلُصُ المُؤْمِنُونَ مِنَ النَّارِ، فيُحْبَسُونَ علَى قَنْطَرَةٍ بيْنَ الجَنَّةِ والنَّارِ، فيُقَصُّ لِبَعْضِهِمْ مِن بَعْضٍ مَظالِمُ كانَتْ بيْنَهُمْ في الدُّنْيا، حتَّى إذا هُذِّبُوا ونُقُّوا أُذِنَ لهمْ في دُخُولِ الجَنَّةِ).

وأول من يدخل الجنة بعد رسول الله الفقراء من المهاجرين، ثم فقراء الأنصار، ثم فقراء الأمة، بينما الأغنياء فإن الله سبحانه يؤخرهم لمحاسبتهم حيث يتم القصاص من جميع المخلوقات بما فيهم الحيوانات ويكون القصاص من المظلوم للظالم سواء كان الظالم مسلما أو غير مسلم فيقتص من الشاه التي لا قرون لها من الشاه ذات القرون.


اهوال يوم القيامة

وأحداثه تبدأ منذ الحشر حتى يدخل كلاً من الخلق إما إلى الجنة أو النار وقد تمت تسميته باليوم الآخر لأنه آخر أيام الدنيا ومتأخر عنها، كما يوجد سبب آخر وراء تسميته بذلك وهو أنه آخر الأوقات التي تم تحديدها، أما الإيمان به فهو التصديق الغير قابل بالشك في وجوده وحدوثه أن الحياة الدنيا سوف تنتهي به بوقت لا يعلمه إلا الله سبحانه.

يوم القيامة في القرآن والسنة

يعرف الإيمان باليوم الآخر أو يوم القيامة في القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة أنه هو الإيمان والتصديق بجميع ما قد ورد في كتاب الله وسنة نبيه الكريم من أحداث سوف يمر بها الإنسان بعد الموت منها البعث، الصراط المستقيم وشفاعة الحبيب المصطفى فهي جميعها وغيرها من الأمور الغيبية ولابد من الإيمان اليقيني بها.

والأدلة التي وردت بالقرآن الكريم حول يوم القيامة والتي تثبت أنه سوف يقع ويحدث كثيرة منها قول الله تعالى في الآية الثالثة من سورة سبأ (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ).

كما ورد ذكر يوم القيامة بالسنة النبوية إذ ورد عن أبو بكر بن أبي الدنيا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ” إذا كان يوم القيامة أدنيت الشمس من العباد ، حتّى تكون قيد ميل ، أو ميلين ” . قال سليم : لا أدري أي الميلين أراد؟ أمسافة الأرض ، أم الميل الذي تكحل به العين ؟ قال : ” فتصهرهم الشمس ، فيكونون في العرق بقدر أعمالهم ، فمنهم من يأخذه العرق إلى عقبيه ، ومنهم من يأخذه إلى ركبتيه ، ومنهم من يأخذه إلى حقويه ومنهم من يلجمه إلجاماً ” . قال : فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشير إلى فيه ، قال : ” يلجمه إلجاماً ” . رواه الترمذي.