ذوي الاحتياجات الخاصة في القرآن

عندما أرسل الله – عز وجل الرسول – صلى الله عليه وسلم – فقد أرسله إلى الناس كافة وأمرنا أن نعامل المسلمين كلهم على حداً سواء لأنه لا فضل لأحد على أحد إلا بتقوى الله – عز وجل- فهي التي تفصل بين العباد لا جنسهم ، ولا لونهم ، ولا هيئهم ، أو تكوينهم البشرية ، و قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ ، وكأن الله – عز وجل – يريد أن يقول لنا أنه لابد أن نكون مختلفين عن بعضنا البعض لأن كل شخص هناك  ما يميزه عن غيره ، ويجب أن نحترم هذا الاختلاف ويقول أحد العلماء  الآية الكريمة: ” إن الله خلقَنا شعوبًا وقبائل ليعرف بعضنا البعض ، وبعد التعارف ليتعاونوا ، وبعد التعاون ليهدي بعضنا البعض ؛ تعارف، وتعاون، وهداية “.


ذوي الاحتياجات الخاصة في الإسلام

لا يوجد دين في هذه الحياة أكرم الإنسان وأعطاه حقه مثل الدين الإسلام فقد نظر إلى

ذوي الاحتياجات الخاصة

نظرة لم ينظر لها بهم أحداً من قبل وذلك عن طريق : [1]

  • أن الله – عز وجل – أعطاهم هذا الابتلاء ليصبروا عليه ، فأن الله – عز وجل – إذا أحب عبداً ابتلاه ، وأن الرضا ، والصبر على الابتلاء له أجر عظيم عند الله ، وفي الأخرة يتساوى الناس جميعاً فلا يصبح في أي شخص إعاقة أو أي شيء يعيقه عن الاستمتاع بالجنة ، والنعيم الذي أعده الله – عز وجل – له .
  • دائماً ما تكون نظرة العبد للشيء ، والابتلاء ، وقضاء الله وقدره ، ضيقة جداً ، ولا يمكن له أن يعرف الحكمة التي من أجلها قدر الله له ذلك فيقول في كتابه الكريم : ﴿ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾ ،  وقال – عز وجل – : ﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) .
  • كما أن الإعاقة تكون سبباً في تقدير العبد الصحيح لنعمة الله – عز وجل – عليه وشكره وحمده في أغلب الأوقات فقد أمرنا الرسول – صلى الله عليه وسلم – : ((إذا رأى أحدكم مبتلى فقال: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به وفضَّلني عليك وعلى كثير من عباده تفضيلًا، كان شكر تلك النعمة))
  • كما أن أصحاب الإعاقة يحمدون الله – عز وجل – على الابتلاء وعلى النعم الأخرى التي لديهم ، فهم بذلك يحققون حديث الرسول حين قال – عليه  الصلاة والسلام – : ((أولُ من يُدعَى إلى الجنة الحمَّادون، الذين يحمدون الله في السراء والضراء)) .


ذوي الاحتياجات الخاصة في القرآن

هناك الكثير من القصص والمواقف والعبر التي سردها القرآن الكريم على أذأن العالم أجمع ليتعلموا منها كيفية التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة ومن أهم هذه الآيات : [2]


الإعاقة في القرآن الكريم

  • قال تعالى : ( أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)  .
  • قال تعالى : ( مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا أَفَلَا تَذَكَّرُون ) .
  • قال تعالى : ( وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ) .
  • قال تعالى : ( وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا * الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا ) .

ذكر الطبري في تفسير هذه الآيات  الكريمة : “هذا مثلٌ ضربَه الله للكافر والمؤمن؛ فأما الكافر، فصُمَّ عن الحق فلا يسمعه، وعَمِيَ عنه فلا يبصره، وأما المؤمن ، فسمع الحق فانتَفع به ، وأبصَره فوعاه ، وحفظَه وعملَ به” ، وبذلك يريد الله – عز وجل – أن يقول أن الإعاقة الحقيقة هي من غفل عن ذكر الله – عز وجل – وصد عنه بقلبه فكأنه لديه إعاقة عن السمع ، أو لا يستبصر عظم ذلك القرآن الكريم ، ولا يبصره لذلك لا يؤمن به ،  كما ورد عن مجاهد – رضي الله عنه –  أنه قال : ( وفي هذا فَصَل القرآن الكريم ما بين القدرة على السماع والقدرة على الفهم ، إنَّ الإعاقة في نظَر الإسلام هي وصف لمَن لم يستعمل حواسه وجوارحه في الوصول إلى الله تعالى والإيمان به، وليس من ابتُلي بإعاقة عقلية أو سمعية أو بصرية ) .


النهي عن السخرية من ذوي الاحتياجات الخاصة

  • كما نجد أن هناك آيات كريمات تحذرنا من التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة بطريقة تسير في نفوسهم شيء من الحساسية ، وقد جاء ذلك في مطلع سورة عبس في قوله تعالى :  ﴿ عَبَسَ وَتَوَلَّى ﴾ إلى أخر الأيات  ، وذكرت هذه الآيات في عبدالله بن أم مكتوم – رضي الله عنه – عندما جاء إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – وكان أعمى ، وكان النبي عابساً ، ورغم أنه أعمى لا يرى عبوس النبي – صلى الله عليه وسلم –  إلا أن الله – عز وجل – أنزل قرآن يتلى إلى يوم القيامية حتى يعلم الناس كيفية التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة ، ووَرَدَ أن الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام كان بعد نزول تلك الآيات يستبشر عندما يرى ابن أم مكتوم ويقول: ((مرحبًا بمَن عاتبني فيه ربي!)).
  • كذلك فأن الله – عز وجل – حذر المسلمين جميعاً من السخرية من غيرهم مهما كان حالهم في قوله تعالى  ق: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾
  • وقال – صلى الله عليه وسلم – : ((المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله ولا يَحْقِرُه، التقوى ها هنا – وأشار إلى صدره – بحسْب امرئ من الشر أن يَحْقِرَ أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرامٌ: دمُه، ومالُه، وعِرضُه)) . [3]


تخفيف الله عز وجل الأحكام لهم

رأفة الله – عز وجل – بذوي الاحتياجات الخاصة تتجلى في أنه سامحه في حقه هو جل وعلا فقال الرحيم : ﴿ قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا * لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾ .


حديث قصير عن ذوي الاحتياجات الخاصة

  • جاء في الحديث عن عطاء بن أبي رباح قال: قال لي ابن عباس: “أَلا أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟”، قُلْتُ: “بَلَى”، قَالَ: “هَذِهِ المَرْأَةُ السَّوْدَاءُ، أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: إِنِّي أُصْرَعُ وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللَّهَ لِي”، قَالَ: ((إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ، وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ))، فَقَالَتْ: “أَصْبِرُ”، فَقَالَتْ: “إِنِّي أَتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللَّهَ لِي أَنْ لَا أَتَكَشَّفَ”، فَدَعَا لَهَا.
  • وعَنْ أَنسٍ  – رضي الله عنه – قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّه – صلى الله عليه وسلم –  يقولُ: إنَّ اللَّه – عز وجل – قَالَ:”إِذَا ابْتَلَيْتُ عَبدِي بحبيبتَيْهِ فَصبَرَ عَوَّضْتُهُ مِنْهُمَا الْجنَّةَ يُريدُ عينيْه، رواه البخاريُّ.
  • ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم – لكل أصحاب الإصابات والإعاقات: “مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُشَاكُ شَوْكَةً فَمَا فَوْقَهَا إِلَّا كُتِبَتْ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ وَمُحِيَتْ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ .  [4]