معلومات عن اتفاقية برن
تعتبر حماية المصنفات الفنية والأدبية إجراء هام للحفاظ على الإبداع وحماية المبدعين، إذ اهتمت العديد من دول العالم بتأسيس قاعدة قوية لحماية الأعمال الأدبية والفنية، أي حماية الملكية الفكرية بشكل عام، وذلك لإعطاء المبدعين فرصة للتعبير عن إبداعهم، دون الخشية من سرقة هذا الإبداع أو استغلاله بصورة غير قانونية، وتعد اتفاقية برن أحد الإجراءات الهامة التي تم اتخاذها بصدد الحفاظ على الملكية الفكرية، وحماية أفكار المبدعين والمبتكرين من النهب والسرقة، من الجدير بالذكر أن هذه الاتفاقية قد كانت حجر أساس لزيادة الإبداع خلال القرن العشرين، إذ تم عقد اتفاقية برن في نهاية القرن التاسع عشر تحديدًا بتاريخ 1886.
اتفاقية برن
اتفاقية برن (بالإنجليزية: Berne Convention)، هي إحدى الاتفاقيات العالمية لحماية الملكية الفكرية للمبدعين بكافة المجالات، تم عقد اتفاقية برن للمرة الأولى في عام 1886، وكان ذلك في مدينة برن السويسرية، تلك المدينة التي شهدت وضع حجر أساس لحماية حقوق المبدعين على مستوى العالم، ومن بعدها شهدت الاتفاقية العديد من التعديلات.
تضمن جوهر اتفاقية برن نص رسمي يخص توفير حماية حقوق الملكية الفكرية في كل دولة متعاقدة مع تلك الاتفاقية، من خلال حماية المصنفات الفنية بصورة تلقائية، وذلك للأعمال التي يتم نشرها للمرة الأولى في الدول الموقعة على اتفاقية برن، فضلًا عن حماية الأعمال غير المنشورة، تلك التي يعيش مؤلفوها داخل الدول الموقّعة على الاتفاقية أو خارجها.
يذكر أن اتفاقية برن كانت أول اتفاقية يتم إجراؤها لحماية حقوق الملكية الفكرية على مستوى العالم، لذا لم تلقى برن رواجًا كبيرًا من كافة دول العالم، فقط وقعت بعض الدول على الاتفاقية، ومن ثم تم التعديل عليها لتكون أكثر شمولًا وحماية لحقوق الكتاب والمفكرين، وينضم إليها العديد من الدول فيما بعد. [1]
تاريخ اتفاقية برن
مرت اتفاقية برن بمجموعة من المراحل، إذ تتمثل مراحل تطور الاتفاقية في الآتي:
- تم اعتماد اتفاقية برن للمرة الأولى بتاريخ 9 سبتمبر 1886، وكان ذلك في سويسرا، تحديدًا بمدينة برن، لذا نُسب اسم الاتفاقية إلى المدينة السويسرية.
- شهدت الاتفاقية مجموعة من المراجعات والتعديلات، إذ مرت اتفاقية برن بتعديلات في عدة مؤتمرات، مثل مؤتمرات باريس وبرلين وبرن وبروكسل وروما وستوكهولم وباريس.
- نمت اتفاقية برن في أواخر القرن التاسع عشر، نظرًا للحاجة الملحوظة آنذاك لحماية المصنفات المؤلفة، من القرصنة الدولية والنسخ غير المصرح به.
- لاقت الاتفاقية رواجًا عندما زاد الطلب على المواد المطبوعة الجديدة خلال هذه الحقبة، الأمر الذي حفز العديد من الناشرين على إعادة طبع الإصدارات غير المصرح بها من الأعمال الأجنبية، وعلى الرغم من ذلك لم يلجأ المؤلفون الذين كانت تتعرض أعمالهم للقرصنة إلى القضاء، لأن قوانين حقوق النشر وقتها كانت تُسن عادة على أساس وطني، أي أنها لا ترتبط بحقوق عالمية للملكية الفكرية خارج نطاق الدولة ذاتها.
- في منتصف القرن التاسع عشر تم تشكيل جمعية غير حكومية في باريس، هذه الجمعية تحمل اسم ” Littéraire et Artistique International “، إذا قادت تلك الجمعية حركة حماية حقوق النشر الدولية، وعزمت على إنشاء مشروع أصبح في نهاية المطاف اتفاقية برن.
- كانت فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة من أوائل الدول التي انضمت إلى اتفاقية برن الدولية لحماية الملكية الفكرية.
- وضعت اتفاقية برن الكثير من مبادئ حقوق النشر الدولية، تلك المبادئ التي ظلت باقية خلال جميع نسخ المعاهدة. [2]
أهمية اتفاقية برن
ساهمت اتفاقية برن في زيادة انتشار الأفكار الإبداعية والمؤلفات المبتكرة، نظرًا لضمان كل مبدع حقه في التعبير عن فكره دون الخوف من سرقة نتج هذا الفكر.
- حددت اتفاقية برن مجموعة من القيود وبعض الاستثناءات لحقوق الملكية الفكرية لمالكي حقوق الطبع والنشر.
- أصبح نص الاتفاقية مرجع رئيسي للحفاظ على الملكية الفكرية في العالم.
- شجعت نصوص اتفاقية برن والتعديلات التي تم إجرائها على النصوص الأصلية الكثير من الدول على توقيع الاتفاقية، بعد رؤية نتائج تطبيق هذه الاتفاقية على الإبداع.
- ساعدت برن على الترويج لمفاهيم لم تكن متواجدة من قبل، مثل مفهوم الحق المعنوي للمبدع، ذلك الحق الذي يمنحه فرصة نسب إبداع الفني والأدبي إليه في جميع الأحوال.
- روجت اتفاقية برن إلى مفهوم الانتفاع المجاني، هذا المفهوم الذي يخص حق الانتفاع بصورة مجانية من العمل الفني أو الأدبي، في حالة موافقة المبدع، أو بعد مرور المدة المعلنة لحماية المحتوى.
- حماية الاختراعات والابتكارات الخاصة بالشباب داخل بلادهم أو خارجها، مما زاد من رغبة الشباب في نشر الأعمال الإبداعية.
- توطيد العلاقات الدولية بين الدول الأعضاء في اتفاقية برن.
- نشر سبل التوعية بضرورة محافظة المبدعين على أفكارهم وابتكاراتهم من النهب والسرقة. [3]
- الترويج لمفهوم التفرد وعدم التقليد مما زاد من ثقة المستهلك في السلعة التي يقبل على شرائها.
مبادئ اتفاقية برن
تتضمن المبادئ الأساسية لاتفاقية برن الاعتراف بحقوق الطبع والنشر الخاصة بالمبدعين، وهذا في جميع الدول الموقعة على الاتفاقية، بالإضافة إلى تطبيق سياسات حقوق النشر الخاصة بها على كافة الأعمال الأدبية والفكرية، إذ اعتمدت الاتفاقية على ثلاث مبادئ رئيسية تتمثل في الآتي:
- المعاملة الوطنية: موافقة الدول الموقعة على منح المصنفات الأجنبية نفس الحماية التي تتمتع بها المصنفات الوطنية، أي نفس الحماية الأدبية والفنية التي يتمتع بها العمل الفني بصورة محلية، إذ يحض هذا المبدأ على اعتبار معاملة الأعمال الأجنبية معاملة وطنية في تطبيق قانون الملكية الفكرية، فعلى سبيل المثال منذ أن وقعت كندا على اتفاقية برن، أوجبت منح المصنفات التي تتبع إحدى الدول الموقعة على اتفاقية برن مثل الولايات المتحدة؛ نفس الحماية التي تتمتع بها المصنفات الكندية بموجب قانون حقوق النشر الكندي المعترف به.
- الحماية التلقائية: الحماية المنصوص عليها في تشريعات الدول الموقعة لا تتطلب أي إخطار، فليس من الضروري تسجيل العمل الإبداعي أو إضافة الاسم أو تضمين شعار حقوق النشر من أجل حماية العمل بحقوق الطبع والنشر، إذ يتم عمل حماية تلقائية للعمل الإبداعي عقب طرحه في السوق.
- استقلالية الحماية: لا تقتصر الأعمال الإبداعية على تشريعات حقوق الطبع والنشر السارية في بلدها الأصلي، لأن المبدعون يتمتعون بالحماية الدائمة من قبل التشريعات السارية في البلاد الأخرى طبقًا لاتفاقية برن، ونتيجة لذلك قد تختلف الحماية المطبقة على العمل الإبداعي، وذلك اعتمادًا على المنطقة التي يتم الترويج له بها، بغض النظر عن أصل مؤلف العمل، أو البلد الذي نشر فيه هذا العمل للمرة الأولى. [4]
معايير اتفاقية برن
طالبت اتفاقية برن كافة الدول الموقعة عليها بضرورة الالتزام بمجموعة من المعايير، تلك المعايير التي تتمثل في الآتي:
- حق الميراث.
- الحقوق الأخلاقية.
- مراعاة الحد الأدنى لمدة الحماية والتي تبلغ 50 عام. [4]
علاقة اتفاقية برن بمنظمة الويبو
تناولت اتفاقية برن للمرة الأولى حماية المصنفات الفنية والأدبية بالعالم، أي أن اتفاقية برن وما جرى عليها من تعديلات كانت حجر أساس لمنظمة الويبو، تلك المنظمة التي ترعى حقوق الملكية الفكرية بشكل قانوني، وتقوم بتوفير كافة سبُل الحماية التي يحتاجها المبدع للتعبير عن إبداعه.
يذكر أن مبادئ اتفاقية برن التي تم الاتفاق عليها من قبل القائمين على حقوق الملكية الفكرية، هي ذاتها المبادئ الرئيسية للمنظمة العالمية للملكية الفكرية ” الويبو”، لذا تعتبر هذه الاتفاقية بمثابة الأب الروحي لحقوق المفكرين، والداعم الأكبر لكافة الاتفاقيات والمؤسسات التي تدعم حقوق المبدعين والمفكرين في جميع دول العالم. [5]