قصة عن الحب الحقيقي
إن الحب هو ذلك الشعور الإنساني الجميل، الذي لا يستطيع أي إنسان في الكون العيش دونه، وما هو إلا فترة جعلها الله بين الناس لكي يتألفون ويتعارفون، والحب هو كل شعور جميل يسكن القلب، يجعله هادئ مطمئن، ولاسيما أن الحب هو كل علاقة سوية تنشأ بين الأشخاص، سواء كان حب للأم للأب للابن، أو للحبيب، وفيما يلي قصة عن الحب الحقيقي، الذي لا يستطيع أحد أن يدمره أبداً، ولا ينهيه، قد تمنح الحياة بعض البشر القدرة على تخريب العلاقات وانهائها، لكنهم ليس لهم على القلوب سلطان أبداً.
قصة عن الحب الحقيقي
بدأت القصة في أحد الشهور الباردة حين كانت تسير بطلة القصة ليلى في أحد شوارع المدينة الصغيرة التي تسكنها، لتأتي ببعض الأغراض لوالدتها، فقطع سيرها مجموعة من الشباب الذي يبدوا عليهم البلاهة والسفة، ارتبكت الفتاة كثيراً، وهم ينهالوا عليها بالألفاظ التي تنبأ بأن هناك شيء غير سوي في ضمائرهم، وهي تفكر وترتجف تأتي النجدة الإلهية، وإذ بشاب يقف بسيارته، ويسألها هل تحتاجين شيء يا أنسة، فما عليها إلا وأنها نظرت إليه بخوف وكأنها تطلب النجدة، قال لها أركبي السيارة، ثم بدأ يتجه نحو شارع عمومي كبير دون أن يتحدث أي منهما بأي كلمة، وكأن الفتاة تستعيد قواها وتجمع كلمات الشكر لهذا الرجل الذي انتشلها بين يدي ذئاب قد ينهشوها.
بدأ الشاب الوسيم بسؤال الفتاة لماذا تسيرين في هذا الشارع في هذا الوقت المتأخر، أخبرته بأنها تذهب لتأتي لوالدتها بإيجار محل تجاري في هذه المنطقة، وأن والدتها لم تستطيع الخروج معها هذه الليلة، كونها مريضة، فطلب منها أن يذهب معها لتأخذ الإيجار ويعديها للمنزل، اعتذرت منه وقالت أنها شاكرة فضلة، ولكنها لا تريد أن تزعجه أكثر من ذلك، ضحكت بخفة ولطف، وقال لها لا تعب أبداً، أنا أريد أن اطمأن عليكِ، خاصة أن الوقت قد تأخر، وأخيراً وافقت ليلى وفي هذا الحين شعرت بأمان غير معهود، وبدأت تقرر في ذاتها ليت الوقت يطول، ليت الطريق لا ينتهي.
ذهبت ليلى لتأخذ الإيجار والشاب الذي لم تعرف اسمه بعد وقف بعيداً منتظراً فتاة لم يعرف اسمها إلى الآن، رجعت ليلى وكأن هناك شيء أحزنها، فسألها الشاب، قالت لم أجد الرجل، ووجدت زوجته وقالت لي غداً سيأتيكم الإيجار، بدأ الشاب يشعر بأنها كانت تحتاج المال، فأخبرها ما الذي كنتي ستحضريه لوالدتك وأنتِ عائدة إلى المنزل، قالت له دواء الأنسولين، فهي مريضة سكر وقد اشتد المرض عليها.
بينما هي تتحدث قطع حديثها بوقف السيارة بشكل سريع وقال لها انتظري ثوان، بعد دقائق عاد لها بالدواء، وقال لها اعتبريها سلفة تستطيعِ سدادها وقتما شئتِ، بكت ليلى وقالت له أنت أنسان رقيق، ولكني أشعر بالخجل الشديد جراء فعلك، وجودك ونبلك أمر جديد علي فبعد أبي لم أجد من يهتم أبداً، شكراً لك، ولكن أريد رقم هاتفك لكي أرد تلك السلفة غداً، أعطاها الرقم مسرعاً، وكانه كان يتمنى أن يجمعهم أي لقاء أخر، وقال لها أسمي أحمد، نزلت ليلى من السيارة وهي تشعر بمئة شعور وعلى لسانها ألف كلمة وفي قلبها ملايين العبارات بالشكر ولكنها نزلت في صمت عند منزلها، وهي فرحة بأنها أتت بالدواء لوالدتها المريضة.
اللقاء الجديد
ذهبت ليلى إلى غرفتها لتسدل شعرها فوق ظهرها وكأنها بدأت للمرة الأولى أن تشعر بأنها أنثى، ربما ذلك الشعور بالحنو والاهتمام من قبل أحمد هو الدافع لأن تجدد ليلى علاقتها بنفسها، بدأت ليلى ترى كل شيء جميل، حتى غرفتها تبدلت ألوانها في عينها إلى ألوان زاهية، ولكنها ظلت تهدأ ما في قلبها، وتقول ربما كان عطف أو أحسان، وربما كانت صدفة لا تتكرر، فأنا فتاة بسيطة وهو يبدو عليه مظاهر الغنى والرفاهية.
مرت الليلة على ليلى وكأنها تتمنى أن يأتي الصباح وتوفر المبلغ لتعطيه لأحمد، لكي تراه مجدداً، ولكن الحظ لم يحالفها هذه المرة، فأتي المستأجر ليعتذر من والدتها لتأخير الإيجار أسبوع واحد لكي يجمع المبلغ، حينها سألتها والدتها من أين بالدواء أتيت، فأخبرتها القصة، فطلبت السيدة فاطمة والدة ليلى أن تتصل بأحمد وتطلب منه أن يأتي إلى المنزل لكي تشكره على موقفه النبيل، وتدبر له المبلغ، فرحت ليلى وكأنها طائر وردي يحمل الزهور ويطوق في المنزل، شعرت بخفة ونعومة لم تشعر بها من قبل، ذهبت ليلى إلى هاتف منزلهم وطلبت رقم أحمد فرد عليها وحين سمع صوتها، فرح بشدة، أخبرته حينها برغبة والدتها في رؤيته بشكل ضروري، وما به إلا رحب للغاية وقال لها في تمام السابعة سأحضر إليكم.
بدأت ليلى بترتيب المنزل، وقامت والدتها الحاجة فاطمة بطهي الطعام، فقد كانت تقتني عشة تربي فيها طيور وحمام، فلم تتأخر في أن تذبح لأحمد أفضلهم وأشدهم، جاء أحمد في الوقت المحدد، وإذ بليلى ترتدي فستان بسيط ولكنه شديد الجمال، لونه أبيض منقوش بزهور تشبه زهور الربيع باللون القرمزي الجميل، وليلى كأنها قمر بازغ في سماء الحب، لم يستطيع أن يداري احمد إعجابه، في هذا الوقت كانت الحاجة فاطمة أحضرت الطعام، وطلبت من أحمد أن يتناول الغداء معهم ليكون عيش وملح، وتعبير عن الشكر والامتنان.
وكان احمد يأكل وهو يشعر بشعور غريب، ربما لم يشعره على مائدة بيتهم الفارهة، ولا في النوادي الكبيرة التي يذهب إليها مع أصدقائه، شكرت الحاجة فاطمة أحمد، وأعطته المبلغ، التي دبرته من بيع حلق ذهب صغير كانت محتفظة به، وبدأ أحمد يحكي عن نفسه وعن وظيفته، إذ كان يعمل مهندس في إحدى الشركات الكبرى، ثم قال أن والده هو مسؤول كبير في المدينة، ولا سيما أن ليلى كانت تسمع بحب وفخر ولكن كلما ذكر شيء دل على ما يعيش فيه من رغد ورفاهية، كانت تشعر بالخوف والهزيمة تجاه أن تكون حبيبته.
تطور علاقة احمد وليلى
مرت الأيام وبدأ أحمد يحدث ليلى في الهاتف كل يوم، ويأتي لزيارتهم كثيراً، وفي يوم كان العيد قد أتى فذهب لهم وهو يحمل فستان جميل ليلى وبعض علب الحلوى، فقالت له الحاجة فاطمة أن هذا كثير، وأنه عطف محمود ولكنهم لا يحتاجوا المساعدة في هذا الحين بدأ أحمد يقول للحاجة فاطمة أنه يحب ليلى وأنه يطلب يدها منها، إذ بها تقاطعه، ووالدك ووالدتك يعلموا ذلك، وهل هم قابلين بزواجك من بنتي، تردد قبل الرد، وقال لها الخميس القادم سنأتي لخطبتها، فرحت ليلى وظلت تغني وتقف أمام مرآتها بكل ثقة، ولكن الحاجة فاطمة كانت تتألم خيفة من أن تجرح أبنتها، ولكنها كانت تكذب ما يجول في خاطرها بشأن أهل احمد.
ذهب أحمد لوالده وأخبره بأنه يريد أن يخطب فتاة جميلة ورقيقة ومهذبة للغاية، رحب أبيه ولكنه سأله بنت من؟ فقال أحمد أبنت ناس خلوقين للغاية، ولكنهم بسطاء مات والدتها وهي في المرحلة الثانوية، وترك لهم محل تجاري أجرته والدتها لتاجر قماش وبيت صغير يسكنوا فيه، وبدأ أحمد يحكي لأبيه عن مدى جمال المنزل، والهدوء وإذ بوالده ينهره، مجنون أنت! تريد أن تكون أم أولادك بلا حسب ونسب، بدأ يشتد الحديث، ويتعالى صوتهم، وفي اليوم التالي ذهب أحمد للحاجة فاطمة وأخبرها أنه يريد أن يتزوج ليلى ولكن أهله رافضين تماماً، وقال لها أنا رجل ناضج واستطيع أن أتحمل مسؤولية قراري، فقط زوجيني من ليلى وصدقيني لن تندمي أبداً، رفضت الحاجة فاطمة، وقالت له أبنتي غالية ويجب أن يتزوجها من يعرف أهله قيمتها.
الحب والوفاء
أسرع أحمد إلى سيارته وهو يبكي ويرتجف، وليلى في غرفتها يكاد قلبها يشق اضلعها وينفجر من بينهم من كثرة الحزن الذي لم تستطيع تلك الصغيرة تحمله، بعد دقائق تقريبا رن تلفون المنزل وإذ برجل يقول أن صاحب هذا الهاتف تعرض لحادث وانقلبت السيارة، وكان رقم منزل ليلى هو آخر رقم تواصل معه أحمد.
جرت ليلى إلى مكان الحادث وكان احمد نقل للمستشفى، وقفت ليلى أمام غرفة العمليات والأطباء يسرعوا جرياً لإنقاذ أحمد، فقد تعرض لنزف شديد، في هذا الحين أتى والده ووالدته إلى المستشفى، وأخبروا الطبيب أن أحمد يعاني من فشل كلوي ويحتاج إلى نقل كلى ولكنه كان يعتمد على الغسيل الكلوي والنزف خطر، تذكرت ليلى ما كان يسرده أحمد من أنه مريض وكان يخاف أن لم يكمل حياته معها ولكنها كانت تشعر دوماً بالحرج من أن تسأله عن مرضه، وفي ثواني قررت ليلى أن تهدي أحمد جزء من جسدها، ولم تشعر أبداً بأنها ستفعل شيء كبير، مرددة في ذاتها أستطيع أن أعيش دون كلى، ولكني لن استطيع أبداً أن أعيش دون قلبن واحمد قلبي.
ذهبت ليلى إلى الطبيب وهي تخبره بأنها تريد التبرع لأحمد بالكلى، فتعجب الطبيب، وبعد أقناع، اضطر الطبيب أن يوافق ولكن أخبرها بأن هناك مجموعة من التحاليل والفحوص التي يجب إجراؤها، لكي يعرف إذا كان يمكن أن تتبرع له أم لا، وكانت ليلى تصلى وتدعي أن يوفقها الله بأن تنقذ حبيبها من الموت، كان الأطباء في هذا الحين أوقفوا النزيف وبدأ أحمد يستعيد بعض قواه في العناية المركزة.
أظهرت النتائج أن ليلى أفضل متبرع لأحمد حيث تتوافق فصائل الدم، وكل شيء خاص بالتبرع، هي أمور طبية معقدة لا نستطيع فهمها بشكل كامل.
دخلت ليلى مع احمد غرفة العمليات وهي تشعر بفرح كبير، بأن جزء من جسدها سيكون مع حبيبها للأبد ينقذه، وهو لا يعرف إلى هذه اللحظة أي شيء، وهذا كان طلبها من الدكتور أن يخدر أحمد قبل دخولها العمليات، دخلت ومسكت يده، وبدأ الطبيب بإجراء العملية، انتهت الجراحة بعد ساعات، وخرج الطبيب لوالديه مبشرين بأنه سيكون بخير أن شاء الله، وان الفتاة التي أنقذته بخير أيضاً، خرج احمد وليلى ليجدوا نفسهم مستلقيان على سريرين متقابلين، وهو يبكي من المفاجأة وهي تبكي من الفرحة، وحولهم أسرتهم والأطباء وكان الحب أراد أن يسطر قصة جديدة عنوانها الوفاء والتضحية، ثم نظر لها وقال أهديتني الحياة مرتين مرة حين رأيتك وها هي الثانية.