التربية على القيم
التربية هي العماد الأول والأساس لقيام الشعوب والمجتمعات فهي اللبنة التي من خلالها يزدهر البنيان وتتقدم الأمم ولذلك فإنها تمثل الوسيلة الأساسية للاستمرار والبقاء في سكينة واستقرار، إذاً فهي ضرورة اجتماعية لا غنى عنها هدفها الاهتمام بحال المجتمع وتلبية احتياجاته، إلى جانب ذلك فهي ضرورة فردية للإنسان تتكون من خلالها شخصيته وثقافته وتصقل قدرته للاندماج والتفاعل فيما بينه وبين المجتمع المحيط به، ومن هذا المنطلق شغلت التربية اهتمام الدارسين والباحثين منذ القدم وحتى العصر الحالي مما جعلهم يمنحونها قدر من التحليل والدراسة لا يستهان به على ضوء من القيم الإنسانية والإسلامية.
التربية على القيم
القيم هي تلك المعتقدات التي يحملها الأفراد لفترات ذات أمد طويل حيث تشكل ما هو هام لدى أحد الأفراد حتى تمثل ما يحمله الإنسان من معايير يستند إليها في اتخاذ قراراته وانطباعه عمن حوله تم يبدأ ذلك المعتقد في النضوج والتطور ليصبح قيمة ضرورية لدى صاحبها. [1]
تم تصنيف القيم إلى العديد من التصنيفات المختلفة ولكنها جميعاً ذات أهمية عظيمة والتي من خلال التعرف عليها وفهمها منذ الصغر يمكن للإنسان اتباعها والتحلي بها بما يضمن معه نشأة فرد مهذب يتحلى بالخلق ويتمتع باحترام الجميع له وبالتالي يصلح حال سائر المجتمعات تلك التصنيفات هي:
- قيم ذات صلة بعلاقة الإنسان مع الله تعالى.
- قيم ذات صلة بعلاقة الإنسان مع نفسه.
- قيم ذات صلة بعلاقة الإنسان مع غيره من البشر.
وهناك تصنيف آخر لها ورد على نهج مختلف من السالف ذكره أتى على النحو التالي:
- قيم عقائدية وروحية مثل حب الله والإيمان به والجهاد في سبيله سبحانه .
- قيم أخلاقية تتمثل في التعاون، العدل، إكرام الضيف، الصدق، والأمانة.
- قيم عقلية ذات صلة بالمعرفة وسبل الوصول إليها تعتمد على التفكير الناقد التجربة.
- قيم انفعالية ووجدانية مثل الكراهية والمحبة، والتحكم في الانفعال حين الثورة أو الغضب.
- قيم اجتماعية وسلوكية مثل الإحسان للجار، التكافل الاجتماعي وبر الوالدين.
- قيم جمالية ذات صلة بالذوق الجمالي العام من اعتناء بالنظام، النظافة، المظهر الشخصي، والاتساق ما بين الأشياء المختلفة.
- قيم مادية ذات صلة بالعناصر المادية مثل الاقتصاد في الانفاق وتعلم الإدخار، والاعتناء بالصحة والجسد.
تعريف القيم
نظراً لكون مصطلح القيم يستخدم في العديد من المجالات وله الكثير من الاتجاهات فقد ورد في شأنه العديد من التعريفات المختلفة وسوف نطرح لكم الأقرب منها لمفهوم القيمة المرادفة للتربية وتنشئة الأفراد.
-
وضع ” إلبرت وفيرمان ” تعريف القيم بأنها مرادفة للاتجاهات والاهتمامات.
- أما الفلاسفة القدماء ذكروا أن القيم جزءاً من الأخلاق والفلسفة السياسية.
- بينما التعريف الإنساني للقيم فيتمثل في كونها المثل الأعلى الذي لا يتحقق إلا بالمقدرة على العطاء والعمل.
- كما عرفها أحد الباحثين بكونها ” مجموعة من المعايير والأحكام تتكون لدى الفرد من خلال تفاعله مع المواقف والخبرات الفردية والاجتماعية بحيث تمكنه من اختيار أهداف وتوجهات لحياته يراها جديرة لتوظيف إمكانياته ، وتتجسد في القيم من خلال الاهتمامات أو الاتجاهات أو السلوك العملي أو اللفظي بطريقة مباشرة أو غير مباشرة).
- أما ” لجنة القيم والاتجاهات ” التي شكلتها وزارة التربية والتعليم الأردنية عام 1980م فقد عرَّفت القيمة كما يلي : ” القيمة معنى وموقف وموضع التزام إنساني أو رغبة إنسانية ، ويختارها الفرد بذاته للتفاعل مع نفسه ومع الكلية التي يعيش فيها ، ويتمسك بها “.
- “القيم مقاييس تحكم بها على الأفكار والأشخاص والأشياء والأعمال والموضوعات والمواقف الفردية والجماعية، من حيث حسنها وقيمتها والرغبة بها ، أو من حيث سوئها وعدم قيمتها وكراهيتها” [2]
الفرق بين القيم والعادات الاجتماعية
يحدث خلط لدى البعض فيما بين القيم والعادات التي تتحلى بها المجتمعات حيث تعرف العادة بالصفات المتوارثة أو المكتسبة في السلوكيات مثل المهارات النظرية والحركية، إلى جانب أساليب التفكير والتعامل والتي تتضح من خلال تصرفات الأفراد بسرعة وبطرق ذات آلية دقيقة.
والجدير بالذكر أن العادة تختلف عن العادات الاجتماعية حيث تمثل الأخيرة ما يتم فرضه من قبل المجتمع بشكل عام أو ما هو متوقع من أفراده القيام به وممارسته والتي لا تتم تلك الممارسة سوى داخل الجماعة.
- العادات الاجتماعية تنشأ عن التفاعل ما بين الأفراد بالمجتمعات، وليس مصدرها الدين بينما أن الدين فهو مصدر من مصادر القيم .
- العادات الاجتماعية تأتي في مرتبة أقل من حيث الأهمية من القيم لأنها ترتبط بأمور ثانوية، في حين أن القيم فترتبط بالغايات النهائية الأساسية. [1]
القيم في الدين الإسلامي
القيم الإسلامية هي تلك القيم المستمدة من الشريعة الإسلامية من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة حيث إنها تتوافق مع شرع الله سبحانه وتجلب لصاحبها الثواب في الآخرة، والتي تشتمل كافة مجالات الحياة الإنسانية وجميع ما يرتبط المسلم مع من حوله من البشر أو تلك القيم التي تربط بينه وبين الله تعالى.
ولكي يتم إيضاح القيم بشكل أكبر في الدين الإسلامي سوف نعرض تصنيفها ومجالاتها على النحو التالي:
-
القيم العقائدية:
المسلم الحق يجب أن ينشيء ويتمسك بقيمة عظيمة وهي الإيمان بالله
وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره والمقصود منها الإيمان بالله تعالى ودين الإسلام وان محمد صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء والمرسلين وهو المصدر الرئيسي والأول للشريعة الإسلامية.
-
القيم الإنسانية:
يقصد بها علاقة الفرد بغيره حيث جعل الدين الإسلامي الأخلاق القويمة جزء لا يتجزأ من الإيمان الحق وهو التفسير الخاص بما دعا إليها الإسلام من وجوب الالتزام بقيمة الآداب والسلوك القويم من صدق في الأقوال والأفعال بالعلن والسر، وطهارة اليد واللسان من الشرور والأذى للغير، وحسن الظن. -
القيم الكونية:
فقد جعل الدين الإسلامي عباد الله يتفحصون وينظرون إلى خلق الله وملكوته بالسموات والأرض إلى جانب ضرورة الالتزام بالمحافظة على خلق الله من جماد ونبات وحيوان لحماية البشرية جمعاء.
علاقة التربية بالقيم
هناك علاقة وثيقة ما بين القيم والتربية واللتان يمثلان وجهان لعملة واحدة كما يمكن القول أنهما تكملان كل منهما الأخرى حيث تعد القيم هي أساس التربية وركيزتها، إذ لابد أن تتم تربية الطفل منذ صغره على القيم الصحيحة القائمة على ما أمر به الله تعالى عباده أن يتبعوه وما نهاهم عن إتيانه، وعلى ذلك فلا وجود للتربية بدون القيم وبدونها لا تصح التربية وتفسد البشرية والإنسانية تبعاً لذلك.
دور القيم في بناء المجتمع
تعد القيم من اللبنة الأساسية لبناء كلاً من الأفراد والمجتمعات وهو ما سوف نعرض المقصود منه بشكل تفصيلي في الفقرة الآتية:
- القيم هي واحدة من أهم الركائز التي تقوم عليها الحياة الإنسانية فهي الروح الذي تحيا به سلوكيات الأفراد وترتقي نفسه وتتحقق صفاته البشرية السامية.
- تمنح المجتمع صفاته الحقيقة وملامحه التي يجب أن يكون عليها إذ أنها توجه حركته ومساره وتعمل على تحديد غايته وضبط اتجاهاته مما تتحقق معه أغراض الأفراد وتنتظم معه حياتهم.
- تظهر القيم ما يفرق بين البشر في البلاد والمناطق المختلفة من صفات وعادات وطباع حيث يتم من خلالها الحكم على المجتمع سواء كان عادل وخير أم أنه خلاف ذلك.