خطوات وطريقة الذبح الشرعي
تعد الأضحية أحد أعظم شعائر الدين الإسلامي التي تقرب العبد من الله تعالى كما أنها من الطاعات التي تمثل الإخلاص في عبادة الله سبحانه والامتثال لما أمر به واجتناب نواهيه، والأضحية هي سنة المرسلين ومن سبقونا من أمم قبل الإسلام كما ورد في قوله تعالى (لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ) “الحج:34″، وقد ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قام بالأضحية بكبشين أقرنين، وهي ليست فريضة ولكنها مستحبة يثاب فاعلها عظيم الثواب.
يقصد بالذبح في الدين الإسلامي والشريعة الذكاة وفي اللغة العربية يعني تمام الشيء وقد سمي ذكاة لأنه يتضمن إزهاق روح الطائر أو الحيوان الذي تم ذبحه حيث تكون الروح موجودة بالحيوان أو الطائر وحينما تم ذبحه أزهقت هذه الروح فأتممت، ولا تكون الذكاة إلا لما شرع الله أكله فلا يمكن أن يصنف من قبلها ذبح الأسد الحصان لأن أكل لحمه غير جائز في الشريعة الإسلامية، وفيما يتعلق بالاعتقاد السائد لدى الكثيرون أن الذبح يختص بالأضاحي فقط إلا أنها تتم على مدار العام في المناسبات المختلفة مثل الصدقات وإطعام الفقراء.
خطوات وطريقة الذبح الشرعي
من يرغب في القيام بالذبح لابد عليه أولاً من الاطلاع على الأحكام الشرعية الخاصة بذلك الأمر وهي مشروعة في كتاب الله وسنة ورسوله حتى أن النبي الحبيب قد ضحى عن من لم يضحي من أمته فأتى بكبش وسمى الله عليه وكبر، كما ورد عن أبي سريحة رضي الله عنه أنه قال (رأيت أبا بكر وعمر وهما يضحيان)، كما قال تعالى في سورة الكوثر (فصل لربك وأنحر) وهي دلالة على مشروعية الأضحية واستحبابها وليس أنها إلزامية وواجبة.
وهناك بعض الشروط والأحكام الواجب مراعاتها في الشريعة الإسلامية أولها أن تكون مسنة وهو ما ورد في قول النبي الكريم (لا تذبحوا إلا مسنة، إلا أن يُعسر على أحدكم فليذبح جذعه من الضأن) والمقصود بالمسنة الثني من كل أمر أي ظهر لها سنتان متتاليتان للأسنان اللبنية التي تكون مولودة بها وهي صغيرة ومن ثم تتساقط.
وبالنسبة للبقر فالثني منها هو ما يمتلك اثنين من الأسنان وما يزيد عن ذلك، أما الإبل فيشترط أن تمتلك على الأقل خمس من الأسنان، بينما الماعز يجوز أن تمتلك سنٍ واحد، كما يجوز التضحية بالحامل أي البقرة أو الجاموس العشراء، ولمن أراد أن يضحي بجدي عليه أن يتأكد مسبقاً من أنه ثني كما سبق إيضاحه.
كيف يكون الذبح الشرعي
هناك بعض الشروط في الشريعة الإسلامية لابد من مراعاتها في كل مرة يتم بها ذبح الأضحية والتي لا تقتصر على طريقة الذبح فقط ولكنها تشمل جميع الخطوات والأمور الخاصة بالذبيحة ولابد أن تكون جميعها تامة لكي يكون الذبح صحيحاً من الناحية الإسلامية ومنها ما هو متعلق بالذابح، المذبوح، وأداة الذبح أيضاً.
شروط الذابح:
لابد أن يكون من المؤمنين بكتاب سماوي وهو ما يعني جواز أن يكون مسلم أو أن يكون من أهل الكتاب، كما لابد أن يكون بالغاً عاقلاً مميزاً ولكن لا يشترط أن يكون رجلاً بل يجوز أن تقوم النساء بالذبح كذلك، وعليه ألا يكون محرماً لأداء العمرة أو الحج، ومن ثم عليه استحضار النية والتسمية لله على الذبيحة قبل البدء في ذبحها بأن يقول ( بسم الله، الله أكبر) وهو شرط لأن يكون أكل لحمها حلالاً كما ورد في قوله تعالى بسورة الأنعام الآية 21 (وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ). [2]
شروط آلة الذبح:
لابد أن تكون حادة تماماً والتأكد من ذلك قبل الشروع في الذبح بحيث تخرف وتقطع بحدها لا بثقلها، ولا تكون ظفراً تذبح بأظفاره، ولا تكون سِناً تصبح بالأسنان وفي ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (فإذا قتلتُمْ، فأحسِنوا القتلةَ، وإذا ذبحتُمْ، فأحسِنوا الذَّبحَ، وليحدَّ أحدُكُم شفرتَهُ، وليُرِحْ ذبيحتَهُ) وهو ما يبين مدى رحمة الدين الإسلامي والرسول الحبيب بالذبائح والذي يتضح في الاهتمام بالإحسان إلى الذبيحة وعدم تعريضها للألم، كما ورد في السنة الامتناع عن ذبح البهيمة أمام بهيمة أخرى والحرص على عدم رؤيتها للسكين لكي لا يصيبها الخوف، وهو ما ورد في موقف قد حدث مع الرسول صلى الله عليه وسلم حين رأى رجلاً يحد شفرته وهو واضع رجله على صفحة ما ينوي ذبحه من شاه فقال له (أتريدُ أن تُميتَها موتاتٍ هلَّا حَدَدْتَ شَفْرَتكَ قبلَ أنْ تُضجِعَها)
شروط الذبيحة:
لابد أن تكون مما أحل الله تعالى أكله من بهائم ففي الأنعام أحل الله أكل لحم الغنم والإبل والأبقار، أما الطير فقد أحل لنا الله أكل الإوز والبط والدجاج، وتتمثل طريقة الذبح في قطع الأوداج الأربع التي لابد من قطعها وهي المريء، الحلقوم، والعرقان المتواجدان في صفحتي العنق، ولا يتم تجاوز ذلك إلا في حالة الشاه التي تمتنع، ولا يجوز أن يتمادى في الذبح إلا أن يصل للحبل الشوكي فيقوم بقطعه مما يترتب عليه من تعذيب وألم، كما يشترط أن تكون الذبيحة لازالت على قيد الحياة وقت الذبح غير نافقة أو ميتة بحيث يميتها الذبح لا أمر غيره، فلا يجوز أن يتم تعذيبها بإلقاء حجر عليها لكي تموت بسرعة، كما أنه من المستحب استقبال القبلة عند الذبح للذابح والذبيحة ولكنه ليس شرطاً واجباً بل مستحباً. [3]
أحكام الذبح الشرعي
- تسمية الله أولاً ومن ثم قول (بسم الله، والله أكبر، اللّهم هذا منك ولك، هذا عنّي -وعن فلان إن كان يذبح عن شخص آخر- اللّهم تقبّل من فلان وآل فلان)، ثم يقوم الذابح بتسمية نفسه وهو واجب.
- تثبيت أرجل وأقدام الذبيحة بشكل تام ثم ذبحها والتأكد من قطع الشريان والوريد لسرعة موتها بدون ألم.
- ترك الدم يخرج منها لمدة تتراوح بين عشرة دقائق حتى خمسة عشر دقيقة.
- بعد التأكد من موتها وسكونها يفصل الرأس عن الجسد أو كسر الرقبة، ثم سلخ الجلد.
الحيوانات الجائز ذبحها في الإسلام
لم يغادر القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة صغيرة ولا كبيرة في حياة العباد إلا وقد تطرق لها وبين أحكامها بما في ذلك الحيوانات الجائز ذبحها في الشريعة الإسلامية والتي يمكن أن تكون الأضحية من بينها ولا تجوز في غيرها، وقد وردت في مواضع مختلفة من القرآن الكريم حيث قال تعالى (ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ)، كما قال جل وعلا (وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ)، وقد تم إيضاح الحيوانات الوارد ذكرها في تلك الآيتين الكريمتين من قبل علماء الإسلام على أنها (الجاموس، النعجة، الكباش، العنزة، الجدي، البقرة، الثور، الناقة، والجمل)، ولا يجوز التضحية بالطيور مثل الديوك والدجاج.
ولمن يتسائل حول قدر الثواب الذي يحصل عليه المضحي من الله تعالى فإن كل ما ورد في ذلك الصدد من أحاديث نبوية هو ضعيف ولا يوجد به خبر ثابت ولكن المؤكد أن فضلها عظيم حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم لرجل قام بالذبح قبيل الصلاة (ذبيحتك ليست من النسك في شيء، شاتك شاة لحم)، وفي ذلك دلالة على أن الذبح قبل الصلاة اعتبره الرسول الحبيب مجرد أكل لحم وليس أضحية، أما من قام بالذبح عقب الصلاة متبعاً في ذلك الخطوات الشرعية هو الفائز بالثواب.