استراتيجية نموذج كولب
الاعتماد على نظرية واستراتيجية تعليمية موثوقة ومُجربة وتطبيقها بشكل صحيح أيضًا بواسطة المعلمين والمتعلمين ؛ سوف يُساعد بدون شك على تحقيق الهدف المنشود والأساسي من وراء العملية التعليمية وهي اكساب المتعلمين العلم الواعي والمعرفة وتقييمهم بواسطة المعلمين واكتشاف مواطن القوة والضعف لديهم بطريقة حقيقية وقريبة من الواقع ، ومن ثَم ؛ مُساعدتهم على التفوق بطريقة صحيحة .
نظرية كولب التعليمية
تُعد استراتيجية كولب هي عبارة عن واحدة من أهم وأشهر الاستراتيجيات التعليمية التي قد قام بابتكارها وتأليفها خبير الاستراتيجيات التعليمية الأمريكي ديفد كولب David A. Kolb ، حيث قد قام بتقديم هذه الاستراتيجية في كتاب من تأليفه حمل اسم ( التجربة هي مصدر التعلم والتطور ) ، و تمحورت تلك الفكرة أو النظرية التعليمية التجريبية حول ثلاثة أبعاد أساسية ، هي : بناء الخطط التعليمية على أساس التجربة ، التأكيد على أهمية ممارسة الأنشطة التعليمية ، توضيح أن الذكاء والمهارات الفكرية تنتج بشكل أكبر عن التفاعل بين التلميذ أو المتعلم عمومًا والبيئة المحيطة به ، أي أنها صفة مكتسبة أكثر من كونها صفة موروثة [1] .
أهداف استراتيجية كولب
تأتي استراتيجية كولب بعدد من الأهداف الهامة ، وهي :
-تهدف هذه الاستراتيجية إلى تبني فكرة التجربة المادية للمتعلمين من خلال وضعهم في تجربة حقيقية لما يدرسونه قدر الإمكان ؛ حتى يكونوا قادرين على الاندماج ذهنيًا وفكريًا وعمليًا مع تلك التجارب التعليمية .
-كما ترى هذه الاستراتيجية أهمية أن يتم مراقبة تلك التجربة الجديدة وملاحظتها أيضًا بشكل دقيق ؛ من اجل تحديد مواطن النجاح والإخفاق .
-عند الحصول على ملاحظات ونتائج حول التجربة القائمة ؛ يتم تحديد مجموعة من المفاهيم ؛ من أجل الوصول إلى أهم النظريات التي يُمكن على إثرها تحليل وفهم ما تم رصده من ملاحظات .
-والهدف الأساسي في نهاية الأمر من استخدام نموذج كولب هو إتمام التجريب العملي والذي يُمكن من خلاله الاعتماد على النظريات التي قد تم التوصل إليها عبر الخطوات السابقة في حل ما يظهر من مشكلات و
اتخاذ القرارات
الصحيحة أيضًا .
أبعاد نموذج كولب
ينطوي نموذج كولب Kolb’s model على بُعدين أساسيين يوضحان الطريقة التي قد قصدها الكاتب ؛ من أجل توضح طريقة تناول أي فكرة أو تجربة جديدة بشكل صحيح ، وقد شملت تلك الأبعاد ، ما يلي :
بعد نموذج كولب العمودي
هذا البعد هو المعنى بتوضيح كيفية التفكير والإدراك والشعور في التجربة المادية ، حيث أنها تعتمد على ما يحتاج تفكير المتعلم من إحساس وشعور تجاه كل موضوع أو قضية يتعامل معها بشكل أفضل من الطرق النظرية الجافة التي لا تؤتي بثمار إيجابية ، ولذلك ؛ فإن كولب يرى أنه من الأفضل أن يتم التعامل مع كل فكرة أو قضية بشكل منفرد على أنها تجربة منفردة ، وبناءً على ذلك ؛ فإن البعد العمودي هنا يضم التجربة والتعميم .
بعد نموذج كولب الأفقي
أما البعد الأفقي في نموذج كولب ؛ فهو الخاص بالمعالجة والتأمل والتفعيل ؛ وهذا البعض دائمًا ما يميل إليه الأشخاص غير المحبين للتواجد الاجتماعي والمحبين بشكل كبير إلى الانطواء والبعد عن التزاحم ، وهو يُشير إلى أن التعليم هنا قائم على تأمل المشكلة ، ومن ثم ؛ العمل على معالجتها والتوصل إلى حلول مُحددة ثم البدء في تفعيل وتطبيق تلك الحلول بشكل عملي ، ويُذكر أن الأشخاص الذين يتم وضعهم في هذا ابُعد هم الراغبين دائمًا في إقامة مشاريع العمل الخاصة مع توفر القدرة لديهم على النجاح بها أيضًا .
فوائد التدريس باستخدام نموذج كولب
هناك عدد كبير من التأثيرات الإيجابية الهامة جدًا عند التدريس من خلال الاعتماد على نموذج كولب ، وهي [2] :
-يُمكن من خلال نموذج كولب تحديد ميول وطبيعة كل متعلم والمجال الأنسب له من خلال النمط الذي ينتمي إليه ضمن هذا النموذج .
-يُمكن من خلال هذا النموذج تطوير عدد كبير جدًا من المهارات الفكرية والتحليلية بل والمهارات الحسية والشعور أيضًا لدى المتعلمين ، وهذا من شأنه أن يخلق نوعًا من التوازن الفكري والنفسي لدى المتعلم ، وبالتالي ؛ لا يؤدي التعليم هنا إلى طمس الجانب الحسي في شخصية الفرد لأنها يوليها قدر ليس بالقليل من الاهتمام أيضًا .
-أثبتت الدراسات والأبحاث دور تطبيق نموذج كولب Kolb’s model على درجة الذكاء الانفعالي والرغبة في الإنجاز والإبداع لدى المتعلمين بشكل قد فاق العديد من النماذج التعليمية الأخرى .
-يتميز نموذج ديفد كولب بالمرونة ؛ أي أنه مُناسب للاستخدام في جميع الدراسية والعلمية ن وليس هذا فحسب ؛ بل إنه يُمكن من خلال هذا النموذج أيضًا تقديم دورات تدريبية كاملة للمتعلمين من جميع الأعمار من أجل اكتساب مهارات مُحددة ، فضلًا عن أنه يُساعد على تقويم السلوك والقدرة على التحصيل بشكل احترافي لدى المتعلمين .
-أشار العديد من المعلمين والمُدربين إلى أن استخدام نموذج كولب التجريبي قد ساعدهم بالفعل على اكتشاف جوانب شخصية ميول المتعلمين لديهم بشكل سريع ودقيق ويسير في نفس الوقت ، وهذا بالطبع من شأنه أن يُساعد على توظيف مهارات وميول الطلاب بشكل صحيح يضمن قدرتهم على التميز والإبداع مستقبلًا .
معوقات نموذج كولب
على الرغم أن استراتيجية نموذج كولب التعليمية تجد صدى كبير من الترحيب والتأييد لدى عدد هائل من خبراء الاستراتيجيات التعليمية المؤمنين بمبدأ التجربة من أجل التعلم ؛ إلا أنه في نفس الوقت قد نالت عدد من الانتقادات نتيجة ما يعترض طريقها من معوقات صعبة السيطرة في الوقت الحالي ، مثل :
-من المهم جدًا أن يتم اكتشاف ميول الطالب في وقت مبكر ، ولكن من الخطأ الذي قد يقع به بعض المعلمين وأولياء الأمور هو حصر مواهب أطفالهم في جزء واحد أو مجال واحد فقط ح في حين أن ميول ومهارات التلميذ قد تتبدل مع الوقت ومع نموه العقلي ، ولكن وضعه في إطار مُحدد يحرمه من القدرة على الاختيار ما يناسب رغباته الشخصية لاحقًا .
-كما يرى البعض أن نموذج كولب يشوبه بعض الصعوبة والتعقيد في التفسير والتحليل للأنماط الفكرية للمتعلمين والمتدربين ، وهذا يؤكد على أنه يحتاج إلى خبراء من أجل تطبيقه بشكل سليم وبدلًا من ذلك ؛ يحتاج إلى وقت طويل جدًا ؛ حتى يتمكن المعلمين والمدربين من فهمه واستخدامه وتطبيقه بشكل سليم ودقيق على المتعلمين لديهم .
-على الرغم أن نسبة دقة هذا النموذج تتجاوز الـ 9 % إلّا أن نسبة الخطأ في تقييم ميول الطلاب قائمة ن وخصوصًا في حالة كان الطالب من الأشخاص الذين لا يمتلكون القدرة على التعبير عن أنفسهم بشكل سليك ولا يمكنهم أيضًا الاعتراض على ما يختاره لهم المعلم من أفكار ، وهذا بالطبع ينعكس بصورة سلبية تمامًا على جزء من الطلاب ، أي أن الفرص هنا في تحديد الميول المناسب لكل طالب لن تكون متكافئة .
وعلى الرغم من تلك المعوقات ؛ إلا أن عدد ليس بالقليل من خبراء وضع الاستراتيجيات التعليمية الحديثة لا يزالوا يرون أن نموذج كولب التعليمي هو أفضل نموذج تعليمي تجريبي دقيق قد شهده القرن التاسع عشر ولم يُضاهيه أي نموذج تعليمي تجريبي اخر حتى الان .