استراتيجية تدريس الاقران
عبر السنوات العشر الأخيرة ؛ أثبتت
استراتيجيات التعليم النشط
التي قد تخلت بشكل كبير عن الشكل التقليدي المتعارف عليه للعملية التعليمية على أنها السبيل الأهم والأكثر إيجابية في تعزيز درجة الفائدة المعرفية والمعنوية التي يحصل عليها الطالب من خلال المدرسة والأنشطة التعليمية ؛ بل إنها تُساعد أيضًا على بناء شخصيات مجتمعية سوية قادرة على قيادة زمام أمور الوطن بنجاح مستقبلًا .
تدريس الأقران
إن استراتيجية تدريس الاقران ( وبالإنجليزية : Peer Tutoring Approach ) هي عبارة عن نظرية تدريسة جديدة تخلف كثيرًا عن استراتيجيات التعليم النشط الأخرى ، حيث أن دور المعلم هنا لن يكون معرفي بأي حال ولن يكون مصدرًا للمعلومات ، ولكنه سوف يقوم فقط بتدريب التلاميذ على الاستراتيجية ، ثم يقوم التلميذ بنفسه بشرح أحد أجزاء الدرس لزملائه كما لو كان هو المعلم ، ولا بُد أن يتم ذلك بالطبع تحت إشراف المعلم [1] .
خطوات تطبيق استراتيجية تدريس الاقران
يُمكن تطبيق استراتيجية تدريس الاقران داخل الصف بسهولة من خلال اتباع الخطوات التالية الذكر :
-يقوم المعلم بتحديد أحد المواضيع أو الدروس في أي مادة ، ويطلب من التلاميذ تحضير هذا الدرس جيدًا بأنفسهم من أجل القيام بشرحه في الحصة القادمة من خلال وضع السؤال وافجابة عليه وتحديد مدون الأفكار .
-وفي الحصة التالية ، يطلب المعلم من التلاميذ تقسيم الأجزاء التي سوف يقوم كل منهم بشرحها ، ثم تبدأ عملية الشرح ، وعندما ينتهي كل تلميذ من الجزء خاصته ، يترك المجال لزميل اخر ليقوم هو الاخر بالشرح ، وهكذا .
-يُمكن تقسيم الطلاب إلى مجموعات كل منها يضم طالبين أو أكثر ، وفي كل مجموعة يقوم كل طالب بشرح أحد أجزاء الدرس إلى الاخر ويشاركه في تحليل المفاهيم والمعلومات المختلفة فيما بينهم .
-في النهاية ؛ يكون من حق الطلاب أن يقوموا بمناقشة بعضهم البعض في هذا الشرح وأن يطرحوا الأسئلة على بعضهم أيضًا وأن يتشاركوا في الوصول إلى الإجابة الصحيحة .
-أثناء الشرح يُراقب المعلم أداء كل طالب ، وبعد انتهاء الطالب من الشرح يقوم المعلم أيضًا بمناقشته وتوضيح أي أوجه خطأ لديه .
أهمية نظرية تدريس الاقران
من أبرز فوائد استراتيجية تدريس الأقران التي قد جعلتها الأولى من بين عدد كبير من استراتيجيات التعلم النشط الحديثة ، ما يلي :
-لا تجعل الطالب يلعب دورًا واحدًا طوال الوقت ؛ حيث أنه لا يكون متلقيًا للمعلومات ومتدربًا أو مُعطي للمعلومات ومُدربًا طوال الوقت ، ولكنها تُركز بشكل كبير على إحداث نوعًا من التنوع في المهام المُوكلة إلى الطالب طوال الوقت ؛ حيث أنه يكون طارة مٌعلمًا لزميله وطارة أخرى متلقيًا للعلم منه ، وهكذا .
-تُساعد هذه الاستراتيجية التعليمية على أن تُنمي مهارات وقدرات الطلاب الأكاديمية ؛ ولا سيما أن
التعليم الأكاديمي
أصبح الان معتمد بشكل كبير على تحضير وعرض الأبحاث الجامعية ، ومن ثَم ؛ فإن تطبيق الاستراتيجية يجعل الطالب مؤهلًا إلى هذا الجانب بشكل كبير وقادرًا على الشرح والتوضيح لأهم الأجزاء والمعلومات ، وهكذا .
-تُعد طريقة جديدة يُمكن من خلالها ترسيخ المعلومات المعرفية في أذهان الطلاب بشكل سلس ويسير ، حيث أنها تُساعد على تنشيط وإعادة تذكر المحتوى الذي قد تمت دراسته مسبقًا في ذهن الطالب دون أن يكون في حاجة إلى اتباع طرق الحفظ والمراجعة التقليدية .
-عندما يقوم التلاميذ بدور المعلم ؛ فإن ذلك الأمر يُعزز من درجة التفاعل الإيجابية بين التلاميذ وبعضهم البعض ويخلق جوًا من السعادة والروح الإيجابية داخل الفصل .
-من خلال تطبيق نظرية تدريس الأقران ؛ فإن العملية التعليمية للدرس الواحد سوف تستغرق وقتًا أطول من أجل أن يكون المعلم على يقين من أن التلاميذ قد أصبحوا مُلمين بأهم الجوانب المعرفية واكتسبوا المهارات اللازمة أيضًا والتي تُمثل الفائدة المرجوة بشكل أساسي من العملية التعليمية .
إجراءات استراتيجية تدريس الأقران
هناك مجموعة من الإجراءات اللازمة والضرورية من أجل أن يكون تطبيق هذه الاستراتيجية فعال ومُفيد أيضًا ، وهي تشمل ، ما يلي :
-لا بُد من القيام بتزويد مجموعة الطلاب بأهم الإرشادات التي يجب الالتزام بها أثناء تطبيق الاستراتيجية .
-كما يجب أيضًا أن يتم توزيع نموذج فارغ لتطبيق الاستراتيجية على الطلاب ، والصورة التالية توضح أحد النماذج الخاصة باستراتيجية تدريس الأقران في مادة التربية الدينية الإسلامية :
-على المعلم أن يقوم بتقديم التغذية الفورية إلى الطلاب أثناء حل النظرية ، والبدء في مناقشة باقي الطلاب بها أيضًا .
-ربما يترك المعلم الأمر لكل مجموعة بأن تقوم بتوزيع الأدوار فيما بينها ، ولكن في مرحلة التعليم الأساسي وخصوصًا المرحلة الابتدائية ؛ يقوم المعلم بتوزيع الأدوار ومراقبة عمل المجموعة جيدًا حتى يتأكد من اتقانهم لتطبيق كل خطوات الاستراتيجية .
-كما يجب على المعلم أيضًا أن يقوم بتحديد الوقت الزمني اللازم لتطبيق النظرية وعدم تعدي هذا الوقت × لكي لا يؤثر على معدل سير العملية التعليمية بشكل سلبي .
معوقات تطبيق نظرية تدريس الأقران
يواجه تطبيق هذه النظرية مجموعة من المعوقات التي جعلت البعض يرى بأنها عيوب لا يُمكن تداركها ، مثل :
-تحتاج إلى وقت طويل جدًا وإلى فترة إعداد مسبقة طويلة جدًا سواء عند تجهيز الاستراتيجية بواسطة المعلم أو عند تدريب الطلاب عليها داخل الصف .
-التقسيم العشوائي للطلاب في مجموعات ؛ قد ينتج عنه خلل في أداء المجموعة ؛ حيث أن بعض المجموعات قد يكون جميع أفرادها من أصحاب المستوى التحصيلي المرتفع ، وأخرى يكون أفرادها من ذو مستوى تحصيل منخفض ، ومن ثم لا تتحقق الفائدة في الأخيرة ، غير أن بعض المجموعات قد تضم طلاب متفوقين وآخرين أقل في المستوى ، وهو أمر يؤثر سلبيًا أيضًا على الطالب المتفوق ، وهذا هو السبب الرئيسي في عزوف الكثيرين عن استخدام تلك الاستراتيجية .
-ومن معوقات النظرية أيضًا وخصوصًا في وطننا العربي هو أن عدد الطلاب في المجموعة الواحدة يجب أن لا يتخطى ثلاثة طلاب ، وعلى المعلم أن يراقب عمل كل هذه المجموعات معًا ، وكما نعرف جميعًا أن مستوى كثافة الفصول في معظم الدول العربية مرتفع بشكل كبير جدًا ، وهذا يحول بلا شك دون تطبيق هذه الاستراتيجية بنجاح .
-يختلف الوقت المطلوب لتطبيق هذه الاستراتيجية من مادة إلى أخرى ، وعلى سبيل المثال مادة العلوم والفيزياء والرياضيات تحتاج إلى وقت أطول كثيرًا ؛ من أجل استيعاب النظريات والقوانين الرياضية ، وهو أمر قد يؤثر سلبيًا على معدل التقدم في المناهج الدراسية وفق الخطة التي تضعها
وزارة التعليم
فيما يخص المناهج الدراسية .
ويُذكر أن البعض قد اعتمد على استخدام نظرية تدريس الأقران في تحفيظ القران الكريم للأطفال والتلاميذ ؛ نظرًا إلى أن مجموعة المتعلمين في هذه الحالة سوف تكون مجموعة متجانسة ذات فكر واحد وهدف واحد ، وهذا من شأنه أن يُساعد على سهولة تطبيق هذه الاستراتيجية وعلى ارتفاع معدل نجاحها أيضًا ، وهذا هو سبب الاعتماد على هذه الطريقة في الكثير من حلقات تعليم و
تحفيظ القرآن
بشكل قد فاق نسبة استخدامها في المدارس .