الأساليب الحجاجية في اللغة العربية
يوجد في اللغة العربية الكثير من الأساليب ، والفنون التعبيرية التي يمكن استخدامها ، كما أنها تحتوى على الكثير من الأساليب البلاغية ، التي تتميز بالفصاحة ، وتعد الأساليب الحجاجية ، أسلوب الحجاج ، من أهم هذه الأساليب ، والمقصود منه الحجَّة ، والحُجَّة معناها في اللغة : الإقناع ، والمحاجَّة ، والمخاصمة ، والتي تتعلق برد الآراء الخاطئة ، والانتصار للحق دائماً ، من هنا جاء قوله تعالى: (هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) ، والمقصود لم تأتوا بأدلة ضعيفة تجادلون وتحاجُّون بها بهدف الانتصار الأعمى لرأيكم الّذي لا دليل عليه ، وتتنوع الأساليب الحجاجية في اللغة العربية ، ولها الكثير من الفوائد التي ينتفع بها .
النص الحجاجي
- يعد الحجاجُ من أشهر الأشكال النصية في اللغة ويعرف بنظريّة الحجاج ، والتي يمكن من خلال هذه النظرية عرض مجموعة من الأدلة ، والحجج والبراهين على رأي من الأراء ومحاولة الإقناع به ، والنص الحجاجي يوجه إلى شخص واحد فقط ، أو جماعة من الأشخاص ، ويكون السبب منه هو إقناعهم بتغير رأيهم حول قضية من القضايا سواء كانت سياسية ، أو فنية ، أو دينية ، ويجب أن يدخل في النص الحجاجي العديد من الجوانب منها الرؤية الذاتيّة ، والموضوعيّة في ذات الوقت ، حتى لا يحتوي على أي نوع من التشدد ، أو الصرامة في النص ، مثل التي تتحدث عن العلوم الطبيعية ، والرياضيات .
- النص الحجاجي يرجع تاريخه إلى شعب اليونان القديم منذ الكثير من الزمن ،وقد ظهر تحديداً على يد الفيلسوف اليونانيّ أرسطو الذي درس في مجال الظواهر المتعلّقة بالنصوص الحجاجيّة ، فأصبح له العديد من الدراسات منها كتابُ الجدل والخطابة ، وكتاب السفسطة والشعر ، ولم يلاقى النص الحجاجي القبول في الأوساط الأوربية ، والغربية ، ولكن على عكس ذلك فقد ذاع صيته في الأوساط العربية ، وخاصة الإسلامية ، وقد وأصبح متسعاً جداً ، وهذا بفضل أن الحضارة الإسلامية كانت مقترنة بصلة قوية بالثقافة اليونانيّة خاصة في القرن الثامن والتاسع عشر الميلاديّ . [1]
أساليب الحجاج في اللغة العربية
الحجاج في اللغة العربية عدة أساليب وصور منها : [1]
- الندوة ، وهي أحد الأشكال والفنون التي يتم التعبير بها ، وتتضمن الحجاج مع بالدليل .
- الحوار ، يعد الحوار الجيد ، المرتب له سابقاً ، أحد الأساليب الحجاجية القوية .
- المحاضرة ، تعد من أساليب الحجاج التي تستخدم لإقناع عدد كبير من الناس ، وهي من أساليب الحجاج الجيدة .
- الخطابة ، الخطابة هي من أكثر الأماكن التي نجد أنها ترد الباطل وتنتصر للحق ، وترد على الشبهات لذلك فهي تستخدم أساليب الحجاج بكثرة .
- مجموعة الفنون الكتابية مثل فن المقال ، في المقالة حيث أن هناك نوع من أنواع المقالة يجب أن يتضمن الحجج والأدلة بهدف وصولها إلى القاري ، كما أنها قد تكون إلى جهة رسمية خاصة ، أو عامّة ، أو فكرة ، يريد الكاتب توصيلها وإقناع القارئ بها .
- المسرحيَّة كذلك في بعض الأحيان ما تحتوي على رسالة وهدفاً حجاجيّاً معيَّناً حول قضيَّة معيَّنة سواء كانت هذه القضية ، سياسيَّة ، أو تعليمه ، عناصريَّة ، أو تربويَّة ، ويتم توصيلها أثناء سير الأحداث في المسرحية ، ومشاهدها.
- القصَّة القصيرة والرواية نجد أنها تستخدم الأساليب الحجاجية حيث يقوم الكاتب بمعالجة قضية معينة من خلال استخدام الأحداث ، ومشاهد الرواية في إقامة الأدلة ، والحج والبراهين ، واستخدام الأساليب الحجاجية يكثر في الروايات عن القصص ، وهذا لأنها تنقسم إلى العديد من الفصول ، التي يمكن للكاتب استخدامها في إثبات الحجة والبراهين على رأيه وصدق قضيته .
وتجدر الإشارة إلى أن قوى الاحتلال على مر العصور حاولت أن تقضي على الأساليب الحجاجية ، فكل العناصر ، والأساليب التي ترد فيها حيث أنها كانت الصوت الأول الذي يساعد الشعوب على توصيل فكرتهم ، والتصدي لهم ، ولكنها فشلت في ذلك.
اهمية الأساليب الحجاجيَّة في اللغة العربية
يترتب على الحجاج في اللغة العربية وأساليبه المتعددة فوائد منها: [2]
- توصل الفكرة أو القضية المرادة إلى المتلقي ، عبر الأسلوب أي من أساليب الحجاج .
- تشجيع المهارة الإقناعية ، لدى من يستخدم الأساليب الحجاجية .
- من أهم الفوائد التي يقوم بها الأسلوب الحجاجي ، هو أنه يعزز الحوار بين الأفراد في المجتمع .
- تصحيح الأفكار الخاطئة ، والتصدي للقضايا الباطلة .
- الأخذ بالرأي الصحيح ، وتحقيق مبدأ الإقناع ، وهو من أهم المبادئ التي يصعب الاعتراف بها .
آداب اسلوب الحجاج
توجد الكثير من الآداب التي يجب أن يتحلى بها من يستخدم اسلوب الحجاج منها : [2]
- أحترام الآراء المعارضة ، حتى ولو لم تقتنع بها .
- خلو الأسلوب من السب ، أو الأسلوب الذي يحرج الطرف الأخرى .
- محاولة إثبات القضايا ، والآراء تتطلب المعرفة الكاملة بالقضية التي تتحدث عنها ، وأن تكون الأدلة صحيحة ، ومن مصادر موثوقة ، متعلقة بالقضية التي تحج فيها .
- عدم الانحياز لأي دليل من الأدلة لمجرد أنه موثوق .
- ذكر الأدلة ، والبراهين المتعلقة بالقضية فقط ، فيجب أن تكون البراهين في القضايا النحوية ، مأخوذة من كتب النحو ، وغير مخالفة للقواعد النحوية ، والأدلة العقائدية غير مخالفة للكتاب ، والسنة، والإجماع .
شكل الاسلوب الحجاج
يجب مراعاة الأمور الفنية التي تتعلق بالأسلوب الحجاجي حتى يكون نصاً قوى وأسلوب يمكن من خلاله إثبات الرأي ، ومن أهم هذه الأمور الفنية :
- يجب أن تكون العبارة دقيقة جداً ، وهناك ترابط بين المفردات التي تتكون منها العبارات ، وبين العبارات وبعضها البعض.
- أن لا تحتوى الجمل على أخطاء نحوية ، أملائية ، أو غيرها من الأخطاء التي تخل بالجملة .
- عدم الإطالة في التعبير عن المعنى المراد .
- من أهم الأشياء الفنية التي يجب أن تكون جودة أسلوب الحجاج هو أن يحتوى على عناصر صحيحة ، وبراهين وأدلة قوية ، فأن كان كذلك فيمكن الوصول من خلاله إلى الغرض الذي جاء من أجله ، ولكن إن كان العكس فإننا نصل منه إلى أي شيء .
- كذلك فإن الشخص الذي يستخدم أسلوب الحجاج يجب أن يكون سريع البديهة ، ولديه قدرة على الإقناع والمناقشة ، وتقبل الرأي الآخر .
خصائص النص الحجاجيّ
يوجد مجموعة من الخصائص للنص الحجاجي وهي :
- استخدام أدوات الربط المنطقيّ مثل : إذن، هكذا ، لأن ، كي.
- استخدام الاستدلال المنطقيّ .
- استعمال أدوات التوكيد، وحروف العطف المختلفة ، لربط بين كلّ فقرة وأخرى ، حتى يكون هناك ترابط بين الجمل .
- كر السبب ثم النتيجة لتأكيد على الربط بينهما .
- التدليل على الرأي بذكر الأحداث ، والمواقف التي تتعلق به .
- استخدام الضمائر وأسماء الوصل والعطف ، لربط بين الجمل بطريقة صحيحة .
- استعمال مُعجم الموازنة ، والمقابلة ، والمجادلة .
- الاقتباس من القرآن والسنة حيث أنه يساعد على تأكيد الرأي والحجة ، ويزيد من قوة الرأي .
- استخدام أدوات التوكيد، مثل (إنّ ،أنّ، إنّما) حيث أنها تساعد على الميل إلى الإقناع .