مفهوم مخاطر المراجعة ومكوناتها
تُعتبر عملية المراجعة والتدقيق من أهم المهام العملية التي تأتي ضمن أهم جوانب تطبيق مفهوم الجودة الشاملة في أي مؤسسة ، ولا سيما أن المراجعة والتدقيق من شأن كل منهما أن يُساعد على اكتشاف جميع الأخطاء التي قد حدثت أثناء تنفيذ الأعمال والمهام المختلفة بالمؤسسات ، ومن ثَم ؛ تدارك تلك الأخطاء مبكرًا ، ولكن قد يشوب هذا الأمر بعض المخاطر إذا تخلل تلك المراجعة بعض الأخطاء دون أن يلاحظها المراجع والتي يُطلق عليها اسم مخاطر المراجعة .
مفهوم مخاطر المراجعة
يُشير مفهوم مخاطر المراجعة ( وبالإنجليزية : audit risk ) إلى وجود بعض الأخطاء سواء أخطاء مادية أو أخطاء جوهرية في القوائم والملفات المالية محل المراجعة واستمرار تلك الأخطاء حتى بعد إتمام عملية المراجعة ، وقد أشار البعض أيضًا إلى أنه يُمكن تعريف مخاطر المراجعة على أنها عدم قدرة الشخص المعني بمراجعة القوائم المالية في تعديل ارائه بشكل مناسب فيما يخص القوائم التي تحتوي على أخطاء كبيرة وجوهرية تؤثر بشكل كبير على سير العمل بالمؤسسة دون دراية منه بذلك [1] .
طريقة حساب مخاطر المراجعة
هناك بعض الطرق الحسابية التي يتم الاعتماد عليها في تقدير قيمة مخاطر المراجعة في أي أعمال مراجعة للقوائم المالية داخل المؤسسات ، حيث أن خطر المراجعة يتم التعبير عنه من خلال خارج ضرب كل من ( المخاطر الرقابية × المخاطر الذاتية × مخاطر الاكتشاف ) ، ولقد أشار كبار الخبراء في عالم المحاسبة إلى أن النسبة المقبولة والمتعارف عليها عالميًا فيما يخص نسبة مخاطر المراجعة والتي يتم في ضوئها تقييم مدى كفاءة مكاتب المراجعة والمراجعين يجب أن لا تزيد عن 5 % فقط .
حيث أن خبراء المحاسبة قد اتفقوا مهنيًا على أن نسبة الخمسة بالمائة لمخاطر المراجعة هي أعلى نسبة مقبولة في هذا الأمر أما إذا تخطت النسبة هذا الحد ؛ فلا بُد للمؤسسة من أن تتدارك أمرها وتقوم بإجراء مراجعة حديثة موثوقة بها نسبة مخاطر أقل من أجل الحد من تلك المخاطر قدر الإمكان .
مكونات مخاطر المراجعة
غير أن مخاطر المراجعة أيضًا تأتي ببعض المكونات والعناصر الأساسية والتي قد أشار إليها الخبراء كذلك على النحو التالي :
مخاطر ملازمة
تُشير المخاطر الملازمة إلى احتمال وجود بعض الأخطاء الجوهرية في تقدير بعض حسابات القوائم المالية ، وهذا النوع من المخاطر لا يعتمد بالإجراءات الرقابية الداخلية التي تلازم عملية المراجعة ، وتختلف الطرق المُتبعة من أجل تقدير نسبة مخاطر الملازمة في ضوء ما يتوفر من معلومات وبيانات حول مؤسسة العمل وبالاعتماد كذلك على المعلومات الخاصة بعملية المراجعة الشاملة .
مخاطر الرقابة
وهي تُعني مخاطر الرقابة الداخلية وهي تُشير إلى احتمال عدم قدرة الفئة المعنية بعملية المراجعة على اكتشاف بعض الأخطاء المالية بالقوائم ، ومن ثَم ؛ عدم منع حدوثها في التوقيت المناسب ، ويصدر هذا الخطأ من نظام الرقابة الداخلي في المؤسسة ، ويقوم المحاسب بتقدير قيمة ونسبة هذه المخاطر عبر الاعتماد على بعض الاختبارات الخاصة بنظام الرقابة بالمؤسسة .
مخاطر الاكتشاف
تُعد مخاطر الاكتشاف أيضًا من أكثر المخاطر خطورة ؛ حيث أنها تُشير إلى احتمالات وجود اقتناع تام من المراجع بأن القوائم المالية التي قد تمت مراجعتها خالية تمامًا من المخاطر الجوهرية في حين أنها تكون موجودة بالفعل ولكنه لم يُلاحظها ولم يتمكن من اكتشافها ، ومن أجل الحد من نسبة هذا النوع من مخاطر المراجعة ؛ تقوم المؤسسات بالاعتماد على أنظمة التحقق من أجل حماية مسيرة العمل من تلك الأخطار الجوهرية بأقصى قدر ممكن .
مخاطر السيطرة
أما مخاطر السيطرة ؛ فهي أيضًا أحد أهم مخاطر التدقيق التي تهتم بالتدقيق في الأرقام التي يتم رصدها وإدخالها بواسطة الموظفين ، حيث أن بعض الشركات قد تقوم بإحداث مشاكل مالية خطيرة تظهر بصورة الاحتيال على البعض نتيجة وجود أخطاء لم تتم ملاحظتها في الأرقام الواردة من الموظفين دون الانتباه إليها والإبلاغ عنها ، وتكمن خطورة هذا النوع من مخاطر المراجعة في أنه قد يؤدي إلى أن تكون المواد المالية داخل الشركة غير صحيحة بشكل كبير ولا سيما إذا لم يتم اكتشافها لفترة زمنية طويلة أو إن لم يتم اكتشافها على الإطلاق .
طرق التعامل مع مخاطر المراجعة
نظرًا إلى أن المراجعة الدقيقة والصحيحة الواعية تُعتبر من أهم العوامل التي يتم من خلالها تطبيق أهم مبادئ الجودة ، ومن ثَم ؛ الارتقاء بمستوى المؤسسة ككل ؛ فإنه يجب استخدام أهم الخطط والاستراتيجيات ؛ من أجل تحديد نسب مخاطر المراجعة واكتشافها وعدم إعطاء أو تفويض الأمر بشكل مُطلق وكامل إلى مكاتب المراجعة ، ومن أهم خطط التعامل مع مخاطر المراجعة ، ما يلي :
-عمل أكثر من مرحلة للمراجعة ، وعدم تكديس المهام الخاصة بالمراجعة على موظف واحد أو موظفين فقط ن بل يجب أن يكون هناك فريق متكامل لإتمام هذا الأمر ، وأن يتم تقسيم المهام على أعضاء قسم المراجعة أيضًا بحيث لا يقوم الموظف الواحد بأكثر من مهمة مراجعة واحدة قدر الإمكان ، وبالتالي ؛ يكون قادرًا على فحصها وتمحيصها جيدًا وتقليل نسبة الأخطاء ومخاطر المراجعة التي يُمكن أن تحدث .
-يجب عدم الاعتماد على موظف واحد أيضًا عند مراجعة مهمة محددة ، بل يجب أن تمر نفس المهمة على مراجع اخر ؛ لكي يُلقي عليها نظرة دقيقة أيضًا ويتأكد من عدم وجود أي أخطاء لم يتم اكتشافها عند المراجعة الأولى .
-يجب أن تعمل المؤسسات أيضًا على تفعيل دور وممارسة الرقابة الداخلية الاحترافية والمناسبة فيما يخص إعداد التقارير الخاصة بالقوائم المالية .
-من الضروري من القيام أيضًا بإجراء عملية تقييم مُتقنة وصحيحة لكل أنواع مخاطر التدقيق من أجل تحديد قيمتها بشكل صحيح ، ومن ثم ؛ إتخاذ القرار هل يُمكن قبول تلك المراجعة ، أم أن القوائم المالية في حاجة إلى إعادة مراجعتها مرة أخرى بشكل أكثر دقة ، ويتم تحديد ذلك في ضوء نسبة مخاطر المراجعة ؛ حيث أنها إذا تخطت الـ 5 % لا يُمكن قبول المراجعة ، في حين أنها إذا كانت تُعادل 5 % أو أقل ، تكون المراجعة مقبولة .
-سواء كانت عملية معالجة مخاطر المراجعة قد تمت بشكل كلي داخل المؤسسة أو تم الاعتماد على أحد مكاتب أو شركات المراجعة ؛ في كلتا الحالتين ؛ يُمكن عمل معالجة وتوفيق بين مخاطر هذا التدقيق بشكل سريع ومبكر ؛ من أجل حماية مؤسسة العمل من أي أخطاء جوهرية قد تكون سببًا في تدمير وتراجع الشركة بل وتعرضها للمسائلة القانونية .
وتُجدر الإشارة إلى أنه على كل مؤسسة أن تقوم بإعداد قسم مراجعة محرف خاص بها وأن تقوم بتعيين عدد من الموظفين المتخصصين وأصحاب الخبرة في مجال التدقيق والمراجعة وأن يكون لديها أيضًا بعض المتخصصين في تقييم نسبة مخاطر المراجعة ؛ من أجل حماية الشركة من هذه المخاطر ، أما في حالة الشركات الصغيرة ؛ فلا بُد من الاستعانة بمكتب محاسبة ثقة ولديه سابقة أعمال مطمئنة ؛ من أجل الحصول على درجة تدقيق ومراجعة سليمة أيضًا وبنسبة مخاطر مراجعة أقل قدر الإمكان .