الجيولوجيا الهندسية وأهم مجالاتها
الجيولوجيا الهندسية هي ببساطة أحد أفرع العلوم التطبيقية التي تدمج بين علمي الجيولوجيا (علم الأرض) والهندسة المدنية، ويتم فيها تطبيق علوم الجيولوجيا على مجال الدراسات الهندسية لضمان الأخذ بالعوامل الجيولوجية المتعلقة بموقع الأعمال الهندسية وتصميمها وإنشائها وتشغيلها وصيانتها وأخذها في الاعتبار.
مجالات علم الجيولوجيا الهندسية
الدراسات والتحليلات الجيولوجية والجيوتقنية
علم الجيولوجيا الهندسية يهتم بتقديم الدراسات والتحليلات الجيولوجية والجيوتقنية المتعلقة بمواقع عمليات التنمية العقارية وإنشاء الأنواع المختلفة من الهياكل البنائية التابعة للمشاريع المدينة الكبرى مثل السدود والجسور والمباني الكبيرة.
تفاعلات بنية الأرض
يدور عالم الجيولوجيا الهندسية بشكل أساسي حول تفاعلات بنية الأرض في مواقع الإنشاءات المعمارية الهندسية وحول التحقيق في كيفية تأثير الظاهر الأرضية الجيولوجية على كل من الهياكل البنائية والأنشطة البشرية.
يمكن إجراء دراسات الجيولوجيا الهندسية خلال مراحل التخطيط وتحليل الأثر البيئي والتصميم الهندسي، وذلك عند الشروع في إنشاء المشاريع الإنشائية المختلفة، ونحتاج تلك الدراسات خلال مراحل البناء لمشاريع الأشغال العامة والخاصة ومراحل ما بعد البناء، في كل هذا نحتاج عملية التحليل الجيولوجي الكامل للمواقع.
فوائد الجيولوجيا الهندسية
بشكل أساسي تفيد تلك الدراسات التي تقدمها الجيولوجيا الهندسية على دراسة وحساب المخاطر الجيولوجية والمخاطر الجيوتقنية وكذلك خصائص المواد في مواقع الإنشاءات. وتدرس مدى استقرار الانهيارات الأرضية والمنحدرات وتحلل معدلات التآكل واحتماليات حدوث الفيضانات أو نزح المياه أو وقوع الزلازل في منطقة المشروع لتجنب الخسائر المستقبلية بأكبر قدر ممكن.
دراسات الجيولوجيا الهندسية
يتم إجراء دراسات الجيولوجيا الهندسية بواسطة جيولوجي أو جيولوجي هندسي متعلم ومدرب ولديه خبرة في التعرف على العمليات الطبيعية وتفسيرها وفهم وإدراك كيفية تأثير هذه العمليات على الهياكل التي يصنعها الإنسان (والعكس صحيح) ومعرفة طرق التخفيف من المخاطر الناجمة عن الظروف الطبيعية أو التي من صنع الإنسان.
وبهذا يعد الهدف الرئيسي لأخصائي الجيولوجيا الهندسية هو حماية الأرواح والممتلكات من الأضرار التي تسببها الظروف الجيولوجية المختلفة والكوارث الأرضية كالفيضانات والزلازل والتآكل.
ترتبط أيضًا ممارسة الجيولوجيا الهندسية ارتباطًا وثيقًا بممارسة الهندسة الجيولوجية والهندسة الجيوتقنية. وإن كان هناك اختلاف في محتوى التخصصات فهو ليس كبيرا ويعتمد على مدى خبرة وتدريب المتخصص.
دور المهندس الجيولوجي
أحد أهم الأدوار التي يؤديها المتخصص في الجيولوجيا الهندسية هو دراسة الأشكال الأرضية والعمليات الأرضية لتحديد المخاطر الجيولوجية المحتملة وما يرتبط بها من مخاطر من صنع الإنسان والتي قد يكون لها تأثير كبير على الهياكل المدنية والتنمية البشرية. توفر الخلفية في الجيولوجيا للجيولوجي الهندسي فهمًا لكيفية عمل الأرض، وهو أمر بالغ الأهمية للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالبيئة.
ويتخرج العديد من الجيولوجيين الهندسيين بتدريب متخصص في ميكانيكا التربة وميكانيكا الصخور والتكنولوجيا الجيولوجية والصرف والهيدرولوجيا والهندسة المدنية. يوفر هذان العنصران من تدريب الجيولوجيين الهندسيين قدرة محددة على فهم وتقليل المخاطر المرتبطة بتفاعلات بنية الأرض.
أهمية الجيولوجيا الهندسية
يتطلب بناء المشاريع الهندسية المدنية الكبيرة معرفة جيولوجيا المنطقة المعنية المختارة التي سيتم فيها إتمام البناء أو تساعد أيضا على اختيار المنطقة الأكثر مناسبة من الناحية الجيولوجية لإنشاء المشاريع، تحدد جيولوجيا المنطقة موقع وطبيعة كل من الهياكل التالية:
- السدود.
- أسس البناء.
- الطرق.
- والسكك الحديدية.
فباختصار، الجيولوجيا الهندسية تساعد على ضمان نموذج مستقر للمشاريع الهندسية المختلفة وفعال من حيث التكلفة لمشاريع البناء. يعد جمع المعلومات الجيولوجية لموقع المشروع أمرًا مهمًا في مرحلة التخطيط والتصميم والبناء للمشروع الهندسي. إن إجراء مسح جيولوجي تفصيلي للمنطقة قبل بدء المشروع سيقلل التكلفة الإجمالية للمشروع. عادة ما ترتبط المشاكل الأساسية الشائعة في الخزانات والجسور والمباني الأخرى بشكل مباشر بجيولوجيا المنطقة التي تم إنشاؤها فيها.
الهندسة المدنية والجيولوجيا
قد يتساءل البعض عن سر ارتباط الهندسة المدنية بالجيولوجيا، إذ قد يبدوان كفرعين متباعدين من العلوم، والسبب هو أن بعض أعمال الهندسة المدنية قد تتطلب بعض الحفر في التربة والصخور، وتشمل شحن الأرض بالبناء عليها. في بعض الحالات، يمكن استخدام الصخور المحفورة كمواد بناء، وفي حالات أخرى، قد تشكل الصخور جزءًا رئيسيًا من المنتج النهائي، مثل طريق سريع أو سد.
يتطلب الأمر كثيرا من التخطيط والتصميم والبناء والتكاليف لضمان أمن وسلامة المشروع التي تعتمد بشكل حاسم على الظروف الجيولوجية التي سيتم فيها البناء، إلى جانب كل هذا تحتاج لدراسة جيولوجيا المنطقة بدقة.
لذا، فإن مهندسا مدنيا ليس كافيا لإتمام المشاريع المدنية، لا بد من تدخل شخص لديه علم كاف بالجيولوجيا إلى جانب الهندسة، أي أخصائي في الجيولوجيا الهندسية مؤهل بما يكفي لدراسة كل جوانب المشروع.
تاريخ الجيولوجيا الهندسية
قد ترجع التطبيقات المبكرة لمجال الجيولوجيا الهندسية إلى ما يزيد عن خمسة آلاف سنة، وتحديدا إلى القدماء المصريين الذين طبقوا هذا العلم للتخفيف من تأثير الفيضانات التي تحصل لنهر النيل على البنايات الضخمة كالاهرامات. هناك أيضا سجلات للرومان والأوروبيين في العصور الوسطى تظهر انهم استخدموا تطبيقات للجيولوجيا الهندسية في مجموعة واسعة من أشغالهم ومشاريعهم، واستخدموها أيضا لاستخراج الموارد المعدنية ودعم الحملات العسكرية.
تطبيقات الجيولوجيا الهندسية
تفيد الجيولوجيا الهندسية بشكل خاص في مواقع “الحقول الخضراء” الموسعة، حيث تمتد المنطقة المتأثرة بالمشروع إلى كيلومترات فوق الأراضي غير المطورة نسبيًا.
وكذلك الحال عند تصميم الأنفاق والقنوات وبناء الطرق السريعة، كمثال: في قسم الطريق السريع M9 الذي يربط إدنبره وستيرلنغ، والذي يعبر مواقع الصخر الزيتي المهجورة، أدت إعادة ترميم وتصميم هذا الطريق بناءً على نصيحة أخصائي الجيولوجيا الهندسية الحكوميين، إلى تحقيق نسبة أمان أعلى وفعالية اكبر.
بالنسبة للمشروعات الصغيرة أو تلك التي تتطلب البناء فوق موقع محدود من الأرض، فإن الطلبات على الخبرة الجيولوجية للمقاول أو الحاجة إلى المشورة الجيولوجية ستكون أقل ولكن لن تكون منعدمة الأهمية تماما، ففي مثل هذه الحالات قد يكون فحص الموقع عن طريق حفر وتحليل العينات تمهيدًا ملائمًا للمبنى.
راتب المهندس الجيولوجي
إذا كنت تفكر في التخصص في الجيولوجيا الهندسية فتلك فكرة جيدة، في الأحوال العادية قد يصل متوسط الراتب الجيولوجي وأخصائي التعدين والهندسة العلمية وأخصائي الجيولوجيا الهندسية إلى حوالي 84300 دولارًا، ويكسب 10 % أعلى 136.800 دولار.
وظيفة المهندس الجيولوجي
يعمل العديد من هؤلاء المتخصصين في الجيولوجيا الهندسية في مناصب استشارية لشركات الهندسة المدنية أو البيئة.
يتم توظيف العديد منهم كذلك في العديد من إدارات الطرق السريعة والوكالات البيئية وخدمات الغابات والعمليات المائية وأيضا لديهم فرص كبيرة في التوظيف في المشاريع الهندسية المدنية التابعة للحكومات.
تعتمد الصناعات الإنشائية الكبرى في أغلب الأحيان على المهندسين الجيولوجيين لضمان استقرار أساسات المباني وتناسب نوعيات الصخور والتربة لمواقع بناء الأنفاق والجسور والمنشآت المرتفعة، إذ يجب أن تتحمل المؤسسات الزلازل والانهيارات الأرضية وجميع الظواهر الأرضية الأخرى التي قد تهدد المنشآت بما في ذلك التربة الصقيعية والمستنقعات.
كما يجد المهندسون الجيولوجيون طرقًا أفضل لبناء مدافن النفايات النووية والعضوية وإدارتها، أيضا يمكنهم ابتكار الطرق قد تكون أكثر أمانًا للتخلص من مياه الصرف الصحي وإدارتها من المواد الكيميائية السامة والقمامة وقد يخططون ويصممون أنفاقًا للتنقيب. [1]
الجيولوجيا الهندسية والمياه الجوفية
المياه الجوفية تخصص آخر يمكن لأخصائي الجيولوجيا الهندسية الدخول فيه، إذ تحتاج الصناعات والمزارع إلى مصادر موثوقة للمياه تتطلب السدود أو حفر الآبار في بعض الأحيان. وهذا يتطلب بالتأكيد دراسة لجيولوجيا المنطقة وأفضل الطرق التي يمكن أن تتبع للحفر والتنقيب.
وينظم هؤلاء المهندسون إمدادات المياه للسدود الكهرومائية حيث يقومون بتصميم السدود ويعملون على منع تآكل السواحل.
الجيولوجيا الهندسية مجال من المجالات ذات الأهمية العظمى، ساهمت في بناء الحضارة البشرية منذ القدم وساعدت على تجنب مخاطر الظواهر الطبيعية بشكل كبير مما جعل بناء المشاريع الكبرى التي تسهل حياة الإنسان المعاصر عملية أكثر سهولة وأمانا.