خصائص وتاريخ عملاق رودس
تمثال رودس هو واحد من أهم المثيل في العالم ، ولا تكمن أهميته في كونه تمثال رائع في مكان رائع ، ويأتي إليها الكثير من السائحين ، وأنما في أنه يصور لنا ملحمة بطولة لشعب من أعرق الشعوب ، الذي ظل يدافع ويحارب حتى يحرر بلاده من الطغيان ، والاحتلال ولم يسمح للمعتدى أن يمس أرضيه ، وليس ذلك فقط وأنما صنع من الأشياء التي اغتنمها من الأعداء تمثال في صورة واضحة للعالم حتى تذكرهم بقوة هذا الشعب العريق وتصديه للمعتدين ، ودفاعه عن بلاده .
تاريخ بناء تمثال رودس
- الاسكندر المقدوني كان من أحد العوامل التي ساعدت على انتشار عجائب الدنيا السبع ، حيث أنه كان قائداً عظيماً جمع في سلطته وملكه الكثير من البلاد ، وهذا بسبب كثرة الفتوحات التي قام بها فضم لملكه دول كثيرة وعريقة جداً تحتوى على العديد من عجائب الدنيا السبع فقد دخلت مصر في ملكه بما فيها من الأهرامات إحدى العجائب ، كما كان يضم العراق ، والشام بما فيها من حدائق بابل المعلقة ، ولكن بعد أن توفى هذا القائد العظيم تم توزيع الأرض التي كانت ملكاً له على قادة الجيش من بعده وهم بطليموس الأول الذي أخذ مصر في حكمه ، و أنتيجونس الذي فرط سيطرته على أجزاء متفرقة من آسيا الصغرى ، وكان من أهم هذه الأجزاء جزيرة رودس ، وتعد رودس ذات أهمية تجارية كبيرة جداً ، حيث أنها توجد في موقع مهم جداً ، ولديها ما يكفي من القوة العسكرية حتى تسيطر على بحر إيجا ، وفي الوقت الذي كان يفرط فيه أنتيجونس سيطرته على جزيرة رودس كانت تقف الجزيرة وأهلها في موقف حياد من القائد بطليموس الأول.
- والقائد أنتيجونس الذي يفرض سيطرته عليهم ، ولكن أنتيجونس شعر أن سكان الجزيرة يمكن أن يتخلوا عنه ويقدموا السفن الحربية لبطليموس لمحاربته ، وخاصة أنه كانت تجمعهم به علاقات تجارية ضخمة لذلك قرر القائد أن يضع سكان الجزيرة أمام الخيار أما الانحياز إلى طرفه أو الحرب عليهم ، وأختار أهل الجزيرة الانحياز إلى الجانب المصري ، فقام أنتيجونس بتكوين جيش بقيادة أبنه ديمتريوس ، وقد كانت الحرب بالفعل قوية جداً بين الطرفين فقد جهز أنتيجونس الجيش ب 200 سفينة حربية ، و150 سفينة مليئة بالجنود ، والأسلحة ، كما أن أنضم لجيش أنتيجونس الكثير من السفن التابعة للقراصنة ، ويقال أن عددهم وصل إلى 1000 سفينة .
- وعلى الرغم من أن المنطق يقول أن جيش أنتيجونس هو من سيفوز بالحرب إلا أن العكس هو الذي حدث تماماً ، وانتصرت الشجاعة على النطق ، وانتصر أهل جزيرة رودس على جيش أنتيجونس بفضل بسالتهم ، كما أن المدينة كانت محصنة بشكل قوي جداً ، وبني حولها الكثير من الأسوار القوية التي حاول الجيش اقتحامها وبالفعل نجح في فتح جزء منها ولكن الجنود التي كانت تدخل منها كانت تقتل على الفور ، وبعد فترة وجيزة رمم الأهالي هذا الجزء مرة أخرى ، وعلى الرغم من أن الحصار الذي قام به جيش أنتيجونس كان قوي واستمر لفترة طويلة واستخدام فيه الكثير من المعدات القوية ، ومن أشهرها الأبراج العالية التي سميت فيما بعد أبراج هليوبلس ، فإن أهل المدينة صمود لمدة عام كامل من الحصار ، حتى رفع عنهم في عام 304 ق.م ، وبعد فترة من زمن قرر سكان الجزيرة أن يقوموا ببناء تمثال من الأدوات التي خلفها المقدونيين خلفهم ، وكذلك ليخلد تاريخ الآلهة التي كانوا يقدسونها . [1]
خصائص عملاق رودس
- أغلب سكان مدينة رودس كانوا يعملون في نحت التماثيل ، حتى أن المدينة اشتهرت بأنها أكثر المدن التي تقوم بتصدير التماثيل البرونزية ، وكان لابد أن تنبي الجزيرة تمثال عريق لا مثيل له في كل العالم القديم ، وبالفعل قاموا ببناء تمثال رودس العملاق.
- الذي يبلغ طوله 30 متر فوق سطح الماء ، وقد كان بذلك أعلى تمثال في العالم القديم كله ، كما أن التصميم الذي صمم له ، وهو على شكل إله الشمس عند أهل الجزيرة جعله روعة في الجمال ، وتحفة فنية لا مثيل لها ، ووضع التمثال على الميناء الرئيسي للجزيرة وتمر السفن من بين قدميه ، وفي وقت بناء التمثال كان لدي الشعب مشكلة كبيرة وهي أن بناء تمثال بهذا الحجم ، يكلف الكثير من المبالغ الباهظة ، وهنا فكر الشعب في استغلال الموارد ، والمعدات والسفن التي خلفها جيش أنتيجونس ورائه الذي فر هارباً ، بعد أن بعث بطليموس الأول السفن لتحارب جنوده .
- وقد وقع اختيار أهل الجزيرة على أحدى النحاتين المشهورين ويدعى كارس أوف ليندوس ، والذي كان تلميذ لواحد من أشهر النحاتين في العالم في ذلك الوقت وهو ليسي بوس ، وكان لابد أن يكون كارس على قدر المهمة التي أعطها لها أهل المدينة ، فكان أهمه تحدى أكبر من كل التماثيل التي أعدها معلمه ، وقام بالفعل النحات الشهير بصنع تمثال مصغر لتمثال الكبير يبلغ طوله 15 متر ، ولكن أهل القرية قابلوا الأمر بالرفض التام ، وقالوا أن التمثال لابد أن يكون على الأقل ضعف هذا الرقم ، وبالفعل قام كارس بنحت تمثال يبلغ طوله 30 متر ، وبدأ أهل القرية في بناء التمثال من القواعد الخشبية ، والمعدنية في عام 292 ق.م .
- وكان هناك صعوبة بالغة في بناء التمثال في هذا العصر الذي لا يحتوي على الكثير من المعدات الحديثة الموجودة في الوقت الحالي ، وكانت المشكلة التي تقابل العاملين في بناء التمثال هو أنه لا يمكنهم الحفاظ على توازن التمثال ومنعه من الاختلاء ، فقد كان يهوى إلي الأسفل عندما يرتفع المثال أكثر ، فقام العمال بتثبيت الأرجل عن طريق إلقاء الحجارة فيها كلما ارتفعوا في بناء التمثال أكثر ، كما قاموا ببناء حاجز من التراب على الجانبين حتى يساعد على تثبيت المثال بشكلٍ جيد ، وبلغ طول الحاجز الترابي من الجانبين بعد الانتهاء من البناء ، والوصول إلى رأس التمثال إلى 30 متر ، واستغرق بناء التمثال 12 سنة . [2]
انهيار عملاق رودس
في زلزال قوي جداً شهدته البلاد في عام 226 ق.م ، تدمر التمثال الكبير ، بعد أن ظل 54 سنة قائماً قام تركه البناة ، وهو واحد من عجائب الدنيا السبع القديمة التي انهارت جميعها واختفت بخلاف أهرامات الجزيرة ، وعلى الرغم من مرور الكثير من السنوات على تحطم التمثال إلا أن الكثير من الناس يدعو إلى بناء تمثال مشابه له ولكن باستخدام المعدات الحديثة ، وأحد الاقتراحات تقول بأن التمثال الجديد يمكن أن يكون طوله 150 متر ، ويشتمل على مكتبة كبيرة ، ومنارة يمكن رؤيتها من على بعد خمسين متر ، بتكلفة تصل إلى 300 مليون دولار ، وعلى الرغم من أنه لم يتم تشيد التمثال مرة أخرى إلا أن الروايات تقول بأن هناك عرافة قامت أخبرة أهل رودس أنه سوف يصيبهم الحظ السيئ أن قاموا ببناء التمثال مرة أخرى . [3]