بحث شامل عن الحضارة الرومانية
تعتبر الحضارة الرومانية القديمة إحدى الحضارات الشهيرة على مر العصور، تمتعت الحضارة الرومانية بالقوة والنفوذ والقدرة على القيادة، مما جعلها تتحكم في منطقة البحر الأبيض المتوسط بالكامل، وعلى الرغم من الأزمات التي مرت بها الحضارة الرومانية على أصعدة مختلفة؛ إلا أن ملوك الرومان استطاعوا في كل مرة الخروج منتصرين من تلك الأزمات.
اشتهرت الحضارة الرومانية بالآثار العريقة، تلك الآثار التي تركها الرومان لكي تكون ذكرى طيبة لأحفادهم في جميع دول العالم، فقد كانت تلك الآثار ذات طابع كلاسيكي متفرد، وهذا ما جعلها محط أنظار العالم ومركزًا هامًا من مراكز السياحة في مختلف الدول التي حكمها الرومان، كما أنها كانت مصدر إلهام لكل من عزم على عمل بحث شامل عن الحضارة الرومانية.
تاريخ الحضارة الرومانية
بدأت الحضارة الرومانية منذ القرن الثامن قبل الميلاد، حيث نمت روما القديمة في بلدة صغيرة تقع على نهر التيبر في وسط إيطاليا، تحولت روما من تلك البلدة الإيطالية الصغيرة إلى إمبراطورية كبيرة، بعد أن تمكّن حكام الرومان من السيطرة على أجزاء كبيرة من العالم، إذ شملت الإمبراطورية الرومانية بريطانيا ومعظم أوروبا الشرقية، بالإضافة إلى شمال إفريقيا وغرب أسيا وجزر البحر الأبيض المتوسط.
تتضح سيطرة الحضارة الرومانية حتى يومنا هذا باللغات التي يتحدث بها سكان العالم، فاللغة الرومانية والإيطالية والفرنسية والإسبانية والبرتغالية، ما هي إلا لغات مشتقة من الأبجدية الغربية واللاتينية القديمة.
تحولت روما القديمة من جمهورية إلى إمبراطورية بعد قضاء 450 عام، وكان ذلك على يد الإمبراطور الروماني أغسطس، الذي لمع أسمه في العالم بتلك الآونة وحتى يومنا هذا، وقد تزامن تحول روما القديمة من جمهورية إلى إمبراطورية مع مقتل يوليوس قيصر.
بدأت الإمبراطورية الرومانية عصرها الذهبي بعد تولي أغسطس، فقد كان عصرًا مليئًا بالسلام والازدهار على كافة المستويات، على عكس سقوط روما الذي حل عليها في القرن الخامس الميلادي، ذلك الحدث الذي لازال يهتز له التاريخ حتى يومنا هذا. [1]
مميزات الحضارة الرومانية
إجراء بحث شامل عن الحضارة الرومانية قاد إلى التعرف على مميزات تلك الحضارة، خاصًة مع الشعوب التي حكموها والدول التي سيطروا عليها على مر العصور.
- احترام الاختلافات الدينية والثقافية والعرقية، وذلك ظهر في عدم إجبار الشعوب المحتلة على تغيير لغتهم أو دينهم أو التخلي عن أصولهم العرقية، فقد كانت مطلب الرومان فقط هو دعم الجيش الروماني والتحاق أفراد تلك الشعوب به، لتكوين عصبة قوية قادرة على السيطرة على العالم.
- تأسيس النظام القانوني كان من أهم مميزات الحضارة الرومانية، فقد كان النظام القانوني الروماني ينص على براءة المتهم حتى تثبت إدانته بالتهمة المنسوبة إليه، بالإضافة إلى أحقية الدفاع عن المتهمين بالمحكمة العلنية، فضلًا عن إمكانية إلغاء القضاة للقوانين التي يرون أنها غير عادلة.
- العمل في الزراعة وتصدير المحاصيل كان حجر أساس لقوة اقتصاد الحضارة الرومانية، كما أن التجارة قد ساهمت في زيادة ثروات الدولة.
- الاهتمام بالجوانب الترفيهية للشعوب، من خلال إنشاء مراكز خاصة للسيرك وحلبات للمصارعة، لجذب الفقراء والأغنياء من أجل الترفيه عن أنفسهم. [2]
انجازات الحضارة الرومانية
حققت الحضارة الرومانية مجموعة متنوعة من الإنجازات على مدار قرون، كانت تلك الإنجازات على المستوى الاقتصادي والسياسي معًا.
- حصلت الإمبراطورية الرومانية على شهرة واسعة حول العالم، حيث كانت من أقوى وأكثر الإمبراطوريات نفوذًا وقوة على مر التاريخ.
- ساهم الرومان في إثراء العمارة الغربية، فقد أصبح القوس الروماني جزء لا يتجزأ من المعمار في الغرب والشرق، فعلى الرغم من استخدام هذا القوس منذ قرون؛ إلا أن الرومان هم من أدركوا قيمته المعمارية، واستغلوه في إنشاء مباني معمارية ضخمة وأكثر تعقيدًا مما كانت عليه.
- تأسيس قنوات المياه المتطورة كان إنجازًا هامًا من إنجازات هذه الحضارة العريقة، إذ طور الرومان تصميم قنوات المياه التي ظهرت لدى مصر القديمة والهند واليونان، وذلك حتى يتم الاستفادة منها بشكل أكبر في الزراعة.
- تصميم مجموعة متنوعة من الأبنية المتفردة، مثل هياكل الكولوسيوم والبانثيون، التي أصبحت فيما بعد أحد عجائب الدنيا السبع، وصارت ملاذًا دائمًا للسياح.
- أنشأ الرومان نظامًا معقدًا للطرق، مما ساهم في تطوير أنظمة الطرق في العالم بشكل عام، إذ أدرجوا مجموعة من الابتكارات المعمارية بمجال هندسة الطرق.
- وضع القانون الروماني القديم أساسًا للنظام القانوني الحديث بالعالم.
- ترك الرومان إرثًا ضخمًا للأدب الغربي القديم، فقد اشتهر الرومان بكتابة الشعر والمقالات والمسرحيات بأنواعها.
- قام الرومان بعمل التقويم اليوليوسي القديم الذي يعتبر حجر أساس للتقويم الميلادي الحديث.
- قدم الرومان مجموعة متفرقة من الابتكارات العسكرية القديمة.
- وضع الرومان حجر أساس للصحافة الحديثة، من خلال تدوين المعلومات على الألواح الحجرية والمعدنية، ووضع تلك اللوحات في أماكن محددة تسمح بالعرض على الجمهور. [3]
الحياة الاجتماعية في الحضارة الرومانية
اعتمد الهيكل الاجتماعي الخاص بالحضارة الرومانية على 5 عناصر أساسية.
- الوراثة
- الملكية
- الثروة
- الحرية
- المواطنة
كما اعتمدت الحياة الاجتماعية في المجتمع الروماني على الطبقية، التي ظهرت في كل شيء حتى بالملابس، على سبيل المثال لم يكن مسموحًا لشخص يعيش داخل الإمبراطورية بارتداء سترة أرجوانية، باعتبار أن هذه السترة خاصة بالملك وحده، وكذلك طبقة مجلس الشيوخ كانوا يرتدون سترة بيضاء ذات خط متقاطع.
أما عن مكانة المرأة بالمجتمع الروماني القديم، فقد تم تحديد المرأة كزوجة وأم في المقام الأول، كما أنها لم تكن متساوية مع الرجل أمام القانون، وقد اعتمد عمل المرأة ونيل حريتها على مكانتها الاجتماعية والثروة التي تمتلكها فقط، وبشكل عام لم تحتل المرأة مكانة مساوية للرجل على عكس مكانة المرأة في حضارة مصر القديمة. [4]
الحياة السياسية في الحضارة الرومانية
كإمبراطورية عظيمة ومؤثرة بالعالم تمتعت روما القديمة بحياة سياسية منظمة، وهذا يظهر في المجلدات التاريخية الشاملة التي تحدثت عن الحضارة الرومانية القديمة، فقد امتلكت الحضارة الرومانية حكومة جمهورية مستقرة لعدة قرون، وأكثر ما يدل على قوة النظام الحكومي في روما هو استناد حكومة الولايات المتحدة جزئيًا على نموذج روما الحكومي.
كما اعتمد النظام السياسي في الحضارة الرومانية على مجلس الشيوخ، وبمجرد تكوين مفهوم الجمهورية لدى الرومان؛ تم انتخاب المواطنين الممثلين للحكم نيابة عنهم في إدارة شئون البلاد، وقد كان لنظام الحكم الروماني نظام خاص ورونق جعله محطًا لأنظار باقي الشعوب في ذلك الوقت. [5]
الحياة الاقتصادية في الحضارة الرومانية
ازدهرت الحياة الاقتصادية في الحضارة الرومانية على الزراعة والتجارة، فقد كانت الصناعة تحتل نطاقًا ضيقًا من الاقتصاد الروماني، إذ اعتمد الرومان على زراعة فئات محددة من المحاصيل الزراعية، أهمها الحبوب والزيتون والعنب، حيث اشتهر الرومان بتصدير زيت الزيتون والنبيذ إلى مختلف أنحاء العالم، تلك المنتجات التي كانت في مقدمة صادرات روما القديمة آنذاك.
قامت الإمبراطورية الرومانية بفرض ضرائب على المواطنين، وفي حالة فيض محصول أحد المواطنين عن حاجته كانت الدولة تقبل بتقديم المحصول بدلًا من الضرائب النقدية، وذلك لسد حاجة الشعوب دون الحصول على تكلفة مالية مباشرة، مما أعطى للإمبراطورية الرومانية شعبية كبيرة بين سكان الإمبراطورية.
أما على الصعيد التجاري فقد اهتمت الحضارة الرومانية بالتصدير، وقد ظهر ذلك من خلال إنشاء الطرق التجارية لتسهيل عملية نقل البضائع والمحاصيل إلى المستوردين، وبشأن الإنتاج الصناعي في روما فقد كان التعدين هو الاسم الأكثر شهرة في عالم الصناعة بالإمبراطورية الرومانية، إذ كان يتم استخدام تلك الصناعة في تأسيس مشاريع البناء الضخمة. [6]
خاتمة عن الحضارة الرومانية
كانت الحضارة الرومانية من أشهر القوى الإمبراطورية في التاريخ. حيث نمت من بلدة صغيرة إلى امبراطورية شاسعة تتضمن أكثر من 50 مليون نسمة. حيث أثبتت الحضارة الرومانية عزمها على البقاء على الخريطة في وقت مبكر من تاريخها حيث نجت من حرب مستمرة مع جيرانها. وتشمل اللحظات الأساسية في تطور الحضارة الرومانية ما يلي: تأسيس مدينة روما عام 753 قبل الميلاد. تأسيس الإمبراطورية الرومانية في 27 قبل الميلاد، وسقوط الإمبراطورية الرومانية في الغرب في القرن الخامس الميلادي. وما بين النشوء والسقوط شهدت الحضارة الرومانية الكثير من الانجازات من كل الجوانب وتمتعت بالكثير من الميزات. [7]