السياحة في مدينة الصويرة
الصويرة مدينة مغربية رائعة تم تسجيلها ضمن مواقع التراث العالمي لمنظمة اليونيسكو منذ سنوات، تتميز بأبراجها الحجرية و الأسوار التاريخية و الشواطئ الرائعة والمدينة القديمة، كما تتميز بمنازلها البيضاء البسيطة، و الساحات الجميلة والصناعة الحرفية. بالإضافة إلى أشهى أطباق الأطعمة البحرية، لنتعرف من خلال هذا المقال عن مجموعة من الأماكن الترفيهية والمعالم السياحية التي تشتهر بها مدينة الصويرة.
موقع و مناخ مدينة الصويرة
تقع الصويرة في الجهة الاقتصادية المغربية الغربية، مراكش تانسيفت الحوز، على ساحل الأطلسي على بعد 173 كم شمال مدينة أغادير، و 174 كم غرب مراكش، و 406 كم جنوب الدار البيضاء، تبوأت المدينة مكانة سياحية كبيرة بسبب موقعها الجغرافي الواقع بين منطقتين سياحيتين من
أجمل مدن المغرب
اكادير و مراكش. يتميز مناخها بأنه حار في فصل الصيف، ومعتدل في فصل الشتاء. كما تشتهر الصويرة بهبوب رياح قوية، وهو و لهذا السبب يطلقون عليها اسم مدينة الرياح وتتيح هذه الرياح لهواة ركوب الأمواج الاستماع برياضتهم على شواطئها.[1]
اقتصاد مدينة الصويرة
يعتمد بشكل كبير على قطاع صيد الأسماك، حيث يعتبر هذا القطاع من أعرق القطاعات الاقتصادية في المدينة، فقد ساهمت ثروتها السمكية في جذب شركات الصيد البحري من كل مكان في العالم، وخلق فرص شغل عديدة للصيادين التقليديين بالمنطقة، بالإضافة إلى الصناعة التقليدية حيث يعد قطاع النقش على خشب العرعار من اهم القطاعات في المدينة، و قطاع السياحة الذي يعتبر من أهم القطاعات في المدينة لاحتوائها على عدد وفير من المعالم السياحية والتاريخية والدينية التي تجلب الزوار بكثرة، خاصة في فصل الصيف، و مهرجان كناوة و موسيقى العالم الذي يشهد حضور السياح من كل مكان، بالإضافة إلى الشواطئ البحرية الخلابة التي تستقطب السياح لممارسة الرياضات البحرية.
تاريخ مدينة الرياح و النورس
كانت الصويرة في السابق اسمها تاموزيكا حسب ما ذكر المؤرخ هيرودوت، ثم أصبح اسمها “موكادور”، و حسب بعض المؤرخين يعود أصل التسمية إلى الاسم الأمازيغي “امكدول”، ثم حرفه البرتغاليون إلى “موكادور”، ويعني المدينة صاحبة السور أو الحصن، بعد ذلك تم تسميتها الصويرة بمعنى اللوحة و الصورة المرسومة.[1]
مرت على المدينة حضارات سحيقة مختلفة فنيقية، إغريقية، رومانية، ثم الإسلام. تأسست مدينة الصويرة بشكل رئيسي في العهد العلوي والذي يعود إلى سنة 1760م، عندما قام السلطان العلوي سيدي محمد بن عبد الله بإنشاء ميناء الصويرة لتعزيز التجارة الخارجية مع أوربا فأصبحت نقطة التقاء جميع القوافل الإفريقية والتبادل التجاري، وقد كان من أولويات السلطان العلوي تحصين المدينة، و لهذا السبب استعان بالمهندس تيودور كورني الخبير في بناء الحصون العسكرية وهو من قام بتصميم المدينة، فغلب عليها الطابع الأوروبي خاصة في صقالة التي بنيت على أنقاض الحصن البرتغالي، كما أحاط المدينة بالأسوار وجعل الشوارع على
الطراز الأندلسي
، وهذا ما يظهر جليا في حصن باب مراكش وباب البحر و الكنيسة البرتغالية والمساجد العتيقة في المدينة، أهمها مسجد القصبة و المسجد الجامع ومسجد الشرادي.
تتكون مدينة الرياح و النوارس من مجموعة من المعالم التاريخية أهمها القصبة و المدينة العتيقة التي تحتوي على مجموعة من الأسواق المختصة، ثم الملاح الحي اليهودي الشهير الذي يعتبر من بين أهم المزارات التاريخية في المدينة، ويعود تاريخ إنشاؤه للقرن “السادس عشر” الميلادي عندما بناه السلطان احمد منصور الذهبي، بالإضافة إلى الأسوار العتيقة و باب البحر وصقالة الميناء والمدينة وحصن باب مراكش و مسجد القصبة و بعض الكنائس القديمة أهمها الكنيسة البرتغالية التي قام ببنائها احد تجار أوروبا المرموقين في تلك الفترة، و سوف نتطرق لهذه المعالم بشكل مفصل.
الأماكن السياحية في مدينة الصويرة
الشواطئ الرائعة
تتوفر مدينة الصويرة على مجموعة من الشواطئ الرائعة التي تعد النقطة المحورية للترفيه بالمدينة التي يتوافد عليها الكثير من السياح من كل مكان في العالم لممارسة الرياضات المائية المختلفة، خصوصا وأن الرياح في هذه الشواطىء مثالية لركوب الأمواج والتزلج على الماء والتجديف، على بعد بضعة كيلومترات جنوبًا ، باتجاه الطريق إلى مدينة أكادير ، يمكنك الاستمتاع بالجزر الصغيرة ، بالإضافة إلى شاطئ فريد من نوعه فهو شاطئ سيدي كاوكي، الذي يقع على بعد حوالي 25 كم من المدينة، كما يمكن ركوب الإبل على طول الشاطئ والاسترخاء والتمتع بمنظر المدينة العتيق و أسوارها التاريخية، والأبواب الخشبية المنقوشة بشكل جميل.
الأسوار التاريخية
واحدة من أجمل المعالم السياحة والتاريخية في الصويرة، تم بنائها سنة “1765” بهندسة عسكرية أوروبية تشبه الأسوار الموجودة في المدن المغربية الأخرى، وهذا لحماية المدينة من أي هجوم أجنبي، تمتاز هذه الأسوار باحتوائها على بعض الأبراج و خمسة أبواب منفتحة على الجهات الأربعة أهمها باب البحر، و تشهد إقبالا واسعا من قبل الزوار طيلة أيام السنة. [2]
باب البحر وصقالة الميناء و المدينة
هو الباب التاريخي للمدينة ويدعى أيضا باب المرسى، تم بنائه في عهد السلطان محمد بن عبد الله، يمتاز بتصميمه الفريد و نقوشه الجميلة التي تعلو واجهة الباب، يعود تاريخ إنشاؤه لسنة “1184 هـ – 1770 ”م، وبالقرب منه نجد “صقالة الميناء”، التي تمتاز بموقعها الاستراتيجي البارز وهى مكان خاص بالعسكر وكانوا يستخدمونه في الماضي لتخزين الأسلحة والذخيرة.
أما صقالة المدينة عبارة عن مبنى طوله 200 متر، تحدها من ناحية البحر شرفات توجد بها مدافع برونزية بالاضافة الى برجين في الجهة الشرقية و الغربية، تقع في الزاوية الشمالية الغربية لمدينة الصويرة، و تتميز بطرازها الهندسي الأوربي، فتتكون من ساحة مستطيلة الشكل تتشكل من مخزن خاص بالتجهيزات العسكرية و برج للمراقبة يعلوه برج أخر.[2]
حصن باب مراكش
أثناء التجول بشارع للاعائشة، الذي يربط ساحة الحسن الثاني بشاطئ الصويرة الرائع يوجد حصن مراكش المنيع جنوب غرب المدينة العتيقة بالصويرة، و يمتاز بتصميمه و صلابته ويعتبر من أهم مزارات المدينة، كان من أهم الحصون الدفاعية المهمة في المدينة وظيفته تخزين الأسلحة و المؤن التي تحمي الصويرة من هجمات
اوروبا
، توجد على جوانبه مجموعة من المدافع وتبلغ مساحته 980 متر مربع، تم تشييده في عهد السلطان محمد بن عبد الله، ثم قاموا بترميمه بعد هجوم فرنسا على المدينة سنة 1844، صنفته منظمة “اليونيسكو” كمعلمة للتراث الثقافي الإنساني العالمي سنة 2001.
مسجد القصبة
قام ببناءه السلطان محمد بن عبد الله، تبلغ مساحة المسجد 900 متر مربع، ويوجد في قلب القصبة القديمة، شكله بسيط تتوسطه نافورة خاصة بالوضوء، و يحتوي على صومعة مربعة و مدرسة و مأوى للطلاب.
جزيرة موغادور الصويرة وقرية ديابات
موكادور هو الإسم القديم للصويرة القديمة، كما تسمى الجزيرة ب” أرخبيل الصويرة”، و هذا الموقع عبارة عن جزيرة صغيرة شامخة قبالة الشاطئ تشهد على القيمة التاريخية و الحضارية لهذه المدينة، وقد وجدت فيها مجموعة من الآثار التاريخية التي تعود للحضارة الفينيقية، توجد الآن في متحف الصويرة، كما يوجد بها قلعتين تعلوهما أبراج و أعشاش الطيور الجميلة أهمها طائر النورس الأليونور وطائر السنونو وغيرها، بالإضافة لبعض الأنواع من الزواحف و الأرانب البرية، ويوجد بالجزيرة بعض
الأنواع النادرة من النباتات
توجد فقط في المغرب، كما يوجد هناك سجن قديم يعود تاريخ بنائه إبان حكم السلطان مولاي عبد العزيز، و مسجد صغير تعلوه مئذنة، كما صنفت الجزيرة سنة 1981، تراثا عالميا للإنسانية من طرف اليونيسكو. [2]
أما قرية الديابات قرية مشرفة على البحر، تبعد عن الصويرة المدينة القديمة بنحو كيلومترين تقريبا، يتواجد بها مسجد يرجع إلى عهد السلطان محمد بن عبد الله. أسسها أحد التجار في عهد السلطان عبد الرحمان، و تعتبر وجهة ممتعة ومثالية لمحبي الاسترخاء، إذ تضم منتجع وملعب للجولف وسبا فاخر والعديد من أماكن الاستجمام.
مهرجان غناوة للموسيقى العالمية
يقام مهرجان غناوة للموسيقى العالمية لمدة ثلاثة أيام كل يونيو في مدينة الصويرة كأكبر حدث سنوي في المغرب، حيث يشارك فيه الكثير من الموسيقيين العالميين والمحليين من مختلف الألوان الموسيقية، الجاز و
الفلامنكو
والريغي و تاكناويت، كما يشمل المهرجان الكبير حفلات موسيقية وفقرات متنوعة، ومجموعة من الندوات، ويحظى بشعبية كبيرة بين سكان المغرب والسائحين على حد سواء.
و اصبحت الصويرة كذلك وجهة للثقافة وكل الفنون بدون استثناء وعامل جذب للكثير من مهنيي السينما بفضل جمالها وغناها الثقافي والتاريخي والسياحي والكثير من المؤهلات التي تساعد المخرجين السينمائيين من كل مكان في العالم على تصوير الأفلام والمسلسلات التلفزيونية، منذ أزيد من ستين سنة.
كما تتوفر المدينة على مجموعة من الفنادق المميزة مثل أطلس الصويرة آند سبا، و سوفيتل الصويرة مغادور غولف اند سبا، و رياض ميمونة، وفندق المدينة الصويرة، فندق كوت اوشيان موكادور، و فندق فون ديز إيل. وتشتهر المدينة بسلسلة من المطاعم الفاخرة والشعبية كذلك التي تقدم وجبات شهية خاصة طاجين السمك.
تمتلك الصويرة جميع المقومات التي تجذب إليها السُيّاح، فهي مدينة تخلب الأنظار بسحرها و طلتها الجميلة، فأسوارها وهوائها العليل و شاطئها النقي، ستترك في أعماق كل زائر ذكريات لا تنسى.