تاريخ نزاع الفشقة
تاريخ نزاع الفشقة الذي له جذور تاريخية بعيدة بين السودان ، و
إثيوبيا
، وذلك منذ القرن التاسع عشر إلى وقتنا هذا ؛ حيث قامت في الماضي العديد من الاتفاقات ، والمفاوضات بين البلدين ؛ لحل مشاكل النزاع حول الحدود .
نزاع الفشقة
الفشقة تقع في ولاية القضارف في شرق السودان ، وهي أرض سودانية تحتل الدولة الإثيوبية منها حوالي مليون فدان ؛ الأمر الذي أدى إلى نشوب نزاعًا بين البلدين ، ويرجع هذا النزاع إلى تاريخ كبير على الحدود السودانية الإثيوبية بينهما ، ونعرض هذا النزاع فيما يلي :
النزاع الحدودي بين السودان وإثيوبيا
الخلاف الحدودي بين السودان ، وإثيوبيا ليس قائمًا حول صحة تبعية منطقة الفشقة إلى السودان ، أم لا ، ولكنه قائم على اعتداء إثيوبيا على هذه المنطقة تبعًا للعلاقة المزارعين السودانيين بالمزارعين الإثيوبيين المعروفة ؛ فمنطقة الفشقة منطقة زراعية خصبة جدًا ؛ مما جعلها مطمعًا للمزارعين الإثيوبيين لدرجة أنهم أقاموا بها عدد من المنشآت ، كما شرعوا في زراعة محاصيلهم بها ، بالإضافة إلى تعدي الميليشيات الإثيوبية من وقت إلى آخر على هذه المنطقة .
نشأت هذه العلاقة بين البلدين منذ حقبة السبعينات في القرن الماضي ، ولم تلقى أي محاولة جادة ، وقاطعة تُنهي هذا النزاع ؛ الأمر الذي سمح بتجدده إلى وقتنا الحالي . [1]
الحدود السودانية الإثيوبية
يرجع تاريخ الحدود السودانية الإثيوبية إلى ما يلي :
عام 1891
في عام 1891 بعث إمبراطور الحبشة منليك الثاني تعميمًا يُحدد فيه الحدود الرسمية للحبشة ، وفيه أن حدود إثيوبيا ” الحبشة ” الشمالية الغربية تبدأ من ” تومات ” التي تقع في ملتقى نهر ستيت ، ونهر عطبرة ، إلى مدينة ” كركوج ” التي تقع على النيل الأزرق ، والتي تشمل ” مديرية القضارف ” التي تضم ” الفشقة ” ، كما أعلن إمبراطور الحبشة بأنه يعمل على استعادة حدوده السابقة التي تمتد في الاتجاه الجنوبي إلى بحيرة فيكتوريا ، وفي الاتجاه الشرقي إلى مدينة الخرطوم . [2]
عام 1897
وهذا التعميم الذي أرسله منليك إلى رؤساء أوروبا من الواضح أنه لم يصل إلى الملكة فيكتوريا ، ولا إلى حكومة بريطانيا العظمى إل إلا بعد إرسال بعثة السير ” رينيل رود ” عام 1897 إلى منليك بشأن بعض الأمور الأخرى . [2]
عام 1898
وفي عام 1898 أبلغ ممثل القوات البريطانية المصرية ” جون هارنجتون ” إمبراطور الحبشة باحتلال القوات لمدينة القضارف ، ومدينة الروصيرص ؛ مما أغضب منليك ، وبالرغم من ذلك فإنه لم يهتم باحتلال مدينة القضارف ، وغضب لاحتلال مدينة الروصيرص التي تقع على
النيل الأزرق
. [3]
عام 1899
في عام 1899 شرع كل من منليك ” إمبراطور الحبشة ” ، وجون هارنجتون ” ممثل قوات الاحتلال البريطاني في مصر ” في المفاوضات بشأن ترسيم الحدود بين السودان ، وإثيوبيا ، وقد أبلغت الحكومة المصرية منليك أنه في حالة حصولها على ضمانات تخص مياه بحيرة تانا ، ومياه النيل الأزرق ؛ فإنه بالضرورة ستُقدم الحكومة المصرية بعض التنازلات الخاصة بالأراضي لصالح منليك .
وفي الوقت ذاته كان جون هانجتون مبعوث بتعليمات تقضي بعدم قبول أي مطالب يرغب منليك في تحقيقها في وادي النيل ، وخاصةً في المناطق الغربية ، والمناطق الشمالية الغربية ؛ لأنه يقع تحت سيطرة الخديوي عباس ، هذا بالإضافة إلى تأكيده على نفوذ انجلترا ، وسيطرتها على مصر ، والسودان .
في بداية المفاوضات أصر إمبراطور الحبشة على التمسك بالحدود التي ذكرها في التعميم الذي بعثه إلى الدول الأوروبية ، والذي يُوضح فيه حدود دولته ، وأن عدم اعتراض انجلترا على التعميم يعني موافقتها ، وفي المقابل رفض هارنجتون الحدود التي اعتمدها منليك ، وأنه غير كافٍ ، وأن حدود الدول في أفريقيا يُحددها الاحتلال ، وبذلك يُشير إلى اتفاقيات مؤتمر برلين عام 1890 ؛ الأمر الذي أجبر منليك على التراجع عن حدوده التي ذكرها .
نتيجة لصلابة رد فعل هارنجتون وإصراره على موقفه خضع منليك للتفاوض ، واقترح منليك اقتراحًا بشأن تحديد حدود الدولتين على الخريطة ، وذلك في السادس والعشرين من مايو عام 1899 ، وقد قبله هارنجتون ، ولكنه علق الموافقة النهائية على المقترح إلى حين موافقة الحكومة الإيطالية عليه فيما يتعلق بالجزء الشمالي لتعلقه بنفوذ
الاستعمار الإيطالي
. [2]
حدود عام 1899
ورُسمت الحدود على الخريطة لكل من الحبشة ” إثيوبيا ” ، والبلاد المجاورة لها ، وتبدأ الحدود من مدينة ” تدلك ” في الشمال ، ثم تتجه الحدود إلى الجنوب إلى تقاطع ” الستيت ” ، و “مايتيب ” ، وتُركت منطقة ” الكداوي ” مفتوحة إلى حين تحديد ضمها للشرق ، أو للغرب .
أما منطقة القلابات فامتدت الحدود بها إلى اتجاه الشرق ، وبقيت القلابات بأكملها في الأراضي السودانية ، ولكن رغب منليك أن يحتفظ بمدينة المتمة لما لها من أهمية استراتيجية تجارية ، وطالب الاحتفاظ بها بشكل ودي ، وعلى هذا قبلت الحكومة البريطانية تقسيم منطقة المتمة إلى جزأين فكان من نصب السودان الجزء الغربي من المتمة ، أما الجزء الذي اتخذته الحبشة كان يقع في الجهة الشرقية لخور أبو نخرة . [2]
اتفاقية 1901
في هذه الاتفاقية تم تحديد الحدود بين كل من السودان ، وإثيوبيا ، وجاءت الحدود في المادة الأولى منها بشكل تفصيلي ، وكانت تمتد من الاتجاه الشمالي بمدينة ” تدلك ” ، وفي الاتجاه الجنوبي إلى خط عرض (6) درجات شمالًا ، وبذلك تبدأ الحدود الفاصلة بين إثيوبيا ، ومناطق السيطرة البريطانية في شرق أفريقيا ، وأوغندا .
ولكن هذه الاتفاقية لم يم توقيعها لتدخل سيكوديكولا ممثل بريطانيا في أديس أبابا ؛ بأنها تتعارض مع اتفاقيته مع منليك عام 1900 بشأن ترسيم الحدود بينإثيوبيا ، وإريتريا ، والتي تُفيد بأن الحدود بينهما تمد من تومات ، وتدلك ، وماريب ، ومونا .
وقد عبر سيكوديكولا عن اعتراضه على هذه الحدود المتفق عليها ، ولم يكن على علم تنازل إيطاليا عن الإقليم الغربي البادئ من تدلك إلى تقاطع مايتيب وستيت لدولة السودان ، وذلك في عام 1899 في مدينة روما بين كل من السفير البريطاني اللورد ” كري ” ، ووزير خارجية إيطاليا ” فيسكونتي فنوستا ” .
اتفاقية 1902
تطرقت هذه الاتفاقية إلى العديد من الأمور حول المياه ، وإجار الأقاليم ، وعمل خطوط السكك الحديدية ، ولم تقتصر على ترسيم الحدود ، وكان الغرض الأبرز للاتفاقية هو الإبقاء على العلاقات الودية الموجودة بين البلدين .
وجاء الحدود في هذه الاتفاقية بأنها تبدأ من ” خور أم حجر ” ، إلى ” القلابات ” ، والنيل الأزرق ، وأيضًا أنهار بارو ، وبيبور ، وأكوبو ، ثم إلى مليلي ، وأخيرًا إلى نقطة تقاطع خط عرض 6 درجات شمالًا ، مع خط طول 35 درجة شرق
خط جرينتش
.
كما نصت مواد الاتفاقية على ترسيم هذه الحدود المذكورة بشكل فعلي من خلال لجنة مشتركة من البلدين ، مع إشعار الشعبين بهذه الحدود .
عام 1903
قام بتطبيق حدود اتفاقية 1902 ميجر قوين ، ولم تشترك البلدان في ترسيمهم ، ثم أرسل الزعماء المحليين في إثيوبيا مجموعة من الممثلين إلى ميجر قوين ليُوضح لهم الحدود التي خططها بين البلدين ، وقد أرفق قامة تضم أسماء من رافقوه في هذا الاجتماع .
وفي عام 1903 قام القائم بأعمال
الاستعمار البريطاني
في أديس أبابا ” كلارك ” بتسليم نسخة خاصة بتقرير قوين الخاص بالحدود . [4]