طريقة لتجديد خلايا بيتا لدى مرضى السكري
يُعتبر مرض السكري من الأمراض المنتشرة والشائعة لدى عدد كبير جدًا من المرضى على مستوى العالم ، وهناك عدد كبير من الأسباب التي قد تؤدي إلى الإصابة بالسكري بعضها مكتسبة والأخرى وراثية ، والنسبة الأكبر من الإصابة بالمرض تحدث نتيجة وجود خلل في خلايا بيتا المسؤولة عن إفراز هرمون الإنسولين .
ماهي خلايا بيتا
خلايا بيتا هي عبارة عن مجموعة من الخلايا الموجودة بشكل طبيعي في جسم الإنسان وتحديدًا في منطقة تُسمى جزر لانجرهانز داخل البنكرياس الذي يُعتبر أحد أهم ملحقات القناة الهضمية ، وتلك الخلايا هي التي يتم من خلالها إفراز هرمون الإنسولين المسؤول بشكل أساسي عن تقليل نسبة السكر (الجلوكوز) في الدم حتى يتم استهلاكه في الخلايا وإنتاج الطاقة ومنع ارتفاع نسبة السكر في الدم ، ويُذكر أنه في حالة الإصابة بمرض السكري من النوع الأول ؛ يكون ذلك ناتجًا عن قيام الجهاز المناعي بمهاجمة هذه الخلايا بشكل خاطئ ، وبالتالي ؛ يؤثر ذلك سلبيًا على قدرتها على إنتاج الإنسولين [1] .
طريقة عمل خلايا بيتا
عندما يقوم الإنسان بتناول أطعمة تحتوي على نسبة عالية من السكريات والجلوكوز ؛ فإن نسبة الجلوكوز ترتفع في الدم أثناء عملية الهضم ، وتتجاوب خلايا بيتا مع ذلك بشكل سريع عبر إفراز كميات كافية من هرمون
الإنسولين
المخزن داخلها ، ويستغرق المدة الزمنية التي يتم خلالها إفراز الإنسولين من أجل السيطرة على ارتفاع السكر في الدم حوالي 10 دقائق .
أما عندما يكون هناك خلل في معدل إفراز الإنسولين أو خلايا بيتا بالبنكرياس ؛ وخصوصًا النوع الأول DM1 يتم تدمير كل أو جزء من هذه الخلايا بواسطة رد الفعل المناعي الشديد والخاطئ من الجهاز المناعي تجاه هذه الخلايا ، وفي بعض الأحيان لا يكون هناك رد فعل مناعي مضاد ، ولكن يكون هناك بعض الالتهابات أو التلف في خلايا بيتا ؛ وهذا ما يُسبب الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني DM2 .
وظائف خلايا بيتا بالبنكرياس
وإلى جانب إنتاج الإنسولين ؛ فإن خلايا بيتا مسؤولة أيضًا عن إنتاج هرمون الأميلين ونتج مادة السي بيبتايد التي تعتبر أحد الفضلات الناتجة عن تكوين الأنسولين ، حيث يعمل هرمون الأميلين على تبطيء معدل دخول الجلوكوز إلى تيار الدم ، وبالتالي ؛ فهو يُعرف باسم المنظم قصير المدى لمستوى الجلوكوز في الدم .
في حين أن مادة الـ سي ببيتايد أيضًا تلعب دورًا هامًا في إصلاح الطبقات العضلية للشرايين ، وبالتالي ؛ فهي تحول دون الإصابة بمضاعفات مرض السكري مثل الاعتلال العصبي وتلف الأوعية الدموية .
طريقة جديدة لتجديد خلايا بيتا لمرضى السكري
مع التقدم العلمي والتكنولوجي والاعتماد على أحدث التقنيات في المجال الطبي والعلاجي ؛ توصل العلماء إلى مجموعة من الأساليب والطرق العلاجية الحديثة التي يُمكن من خلالها مساعدة المريض على على زراعة بعض خلايا بيتا في الجسم ، ومن ثم القدرة على إفراز الإنسولين مرة أخرى بشكل طبيعي ، ومن ثَم عدم الحاجة إلى استخدام
أدوية الأنسولين
.
حيث قد قام فريق من الباحثين والعلماء في جامعة ميامي وفي معهد بحوث السكري بإجراء تجربة علاجية جديدة تم من خلالها زراعة بعض خلايا البنكرياس لدى سيدة مُصابة بمرض السكري من النوع الأول وقد توقفت خلايا بيتا لديها كليًا عن إفراز الإنسولين .
-وقد خضعت هذه المرأة التي تبلغ من العمر 37 عامًا إلى جراحة تم من خلالها استخدام خلايا بيتا سليمة مأخوذة من أشخاص اخرين ، وتم زراعتها في منطقة الأمعاء لدى هذه السيدة وتحديدًا في جزء من الأمعاء يطلق عليه اسم ( omentum ) ، وقد وقع اختيار العلماء على هذا الجزء من الأمعاء نظرًا إلى أنه يتميز بنسيج به أوعية دموية كثيرة مما سوف يسمح بتغذية الخلايا التي سوف يتم زراعتها به .
كما أن استخدام مادة جل وهيكل مُحدد من أجل تثبيت هذه الخلايا بمنطقة البطن ؛ سوف يُساعد كبير على تثبيت الخلايا إلى أن تلتصق تمامًا بالأمعاء وتصبح جزء منها ويتحلل باقي الهيكل عندئذ وتصبح الخلايا المزروعة بمثابة غدة بنكرياسية صغيرة مهمتها إفراز هرمون الإنسولين بشكل طبيعي عند ارتفاع نسبة السكر في الدم .
ومنذ إجراء هذه الجراحة ، ولا تزال المرأة التي قد خضعت إلى هذه التجربة تتمتع بصحة جيدة ولم يرتفع لديها نسبة الجلوكوز في الدم ولم تعد في حاجة إلى العلاج باستخدام الإنسولين [2] .
شروط زراعة خلايا بيتا جديدة
أشار العلماء والقائمين على الدراسة السابقة إلى أنها تتطلب بعض الشروط التي يجب توافرها أولًا في المريض من اجل نجاح العملية ، مثل :
-أن تكون خلايا بيتا في البنكرياس متوقفة بشكل كامل عن إنتاج الإنسولين ؛ حتى لا يحدث تداخل ضار وسلبي بين الإنسولين الأصلي الذي يفرزه الجسم وبين الأنسولين الناتج عن الخلايا الجديدة المزروعة بالجسم .
-اهتم العلماء بأن يكون مكان زراعة خلايا بيتا الجديدة في الأمعاء ومنطقة البطن وليس في الكبد كما هو متعارف عليه عند الرغبة في زراعة خلايا بالجسم ، وبالتالي ؛ يجب أن تكون صحة المريض مُهيئة لإتمام هذا النوع من العمليات الجراحية .
-عند استيفاء الشروط الصحية السابقة ، وخضوع المريض بالفعل إلى عملية زراعة خلايا بيتا جديدة بالجسم ؛ فهنا لا يُمكن التوقف فورًا عن العلاج باستخدام الإنسولين إلّا بعد مرور ثلاثة شهور على الأقل بعد إجراء العملية حتى تكون الخلايا الجديدة قد انتظمت في إفراز الإنسولين في الجسم .
-لا بُد من توفر مُتبرع متوافق مع
فصيلة الدم
والنسيج للشخص الذي سوف يتم التبرع له بالخلايا البنكرياسية ، ولا بُد أن يكون هذا المتبرع سليم ومُعافى ولا يُعاني من مرض السكري أو أورام البنكرياس ، ويُفضل هنا أن يكون المتبرع هو أحد الأقارب من الدرجة الأولى إذا أمكن .
-يجب أن يتم ضبط نسبة السكر لدى المريض وأن تكون نسبة السكر في الدم لدى المتبرع مثالية أي ليست أقل من 70 مجم/ مل وليست أعلى من 140 مجم / مل في حالة
السكر العشوائي
، حتى تكون عملية ناجحة .
-من الإجراءات الوقائية الأخرى التي تؤكد على نجاح العملية هو أن يتم فحص البنكرياس لدى المتبرع أولًا والتأكد من عدم وجود تلف أو بادرة تلف في الخلايا البنكرياسية وخلايا بيتا ؛ حتى لا تتلف الخلايا المأخوذة منه بعد زراعتها لدى المريض وتكون العملية غير مُجدية .
-ونظرًا إلى أن هذه العملية لم يتم تجربتها سوى على امرة واحدة ، فهي لا تزال تحت المتابعة حتى اليوم ، من أجل التأكد من عدم تعرضها إلى أي تأثير سلبي أو تراجع في فاعلية الخلايا المرزوعة لديها أو غير ذلك ؛ حتى يتم تعميم استخدامها لاحقًا على أي مريض يُعاني من فشل تام في خلايا بيتا بالبنكرياس .
ويُذكر أن هذه الدراسة الجديدة تفتح باب الأمل بشكل كبير أمام كل مريض يُعاني من مرض السكري وخصوصًا السكري من النوع الأول ؛ لأنها سوف تُساعد على التخلص من الحقن اليومي بجرعات الإنسولين بشكل نهائي وامن .