المجموعة القصصية ورد وسكر

يكمن جمال المنتج الأدبي خاصة فيما يتعلق بالرواية أو القصة القصيرة بما يجعل القاريء في حالة ترقب دائماً لما يلي من أحداث، وما يجعله يواجه نفسه ومواقفه المختلفة كبشر من خلال أبطال الرواية؛ فيفتح في نفسه أفاقاً جديدة لرؤية الحياة من منظور مختلف، والتعامل معها بشكل سليم.

المجموعة القصصية ورد وسكر

  • تعتبر المجموعة القصصية “ورد وسكر” للكاتب القاضي (شريف حمدالله) من أكثر المجموعات القصصية التي تمثل وجبة أدبية مُحترمة، التي برزت من بين الكثير من كتيبات معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته بيناير الماضي.
  • يُعرف عن القاضي شريف حمدالله أنه يعمل رئيساً لإحدى المحاكم بمصر، وهو قاضياً مصرياً كذلك، وتُمثل المجموعة القصصية “ورد وسكر” باكورة إنتاجه الأدبي.
  • صدرت المجموعة القصصية “ورد وسكر” للكاتب القاضي شريف حمد الله عن دار أكتب للنشر والتوزيع؛ وللكاتب روايتين تحت الطبع هما :” ويسألونك عن الحب” و “المملوك الأخير”.
  • للكاتب شريف حمدالله العديد من المقالات بالصحف المصرية، وتألق قلمه فوق صفحات العديد من الجرائد و المجلات الثقافية أيضاً؛ إذ أنه قام بنشر قصص مثل (حدث في جزيرة رودس) بجريدة الهلال، ويحب الكاتب القاضي شريف حمدالله مشاركة أهم أعماله على صفحات التواصل الاجتماعي الخاصة به، مثل قصص (يوميات كاتب م الريف) و القصة القصيرة (

    البروتوكول

    ).
  • يتميز إبداع الكاتب القاضي شريف عبد الله بأنه لا يقف عند حدود الزمان أو الوضع الحالي؛ بل إنه يسافرإلى الأشخاص في ذواتهم، وينتقل بنا في مغامرة سكش فيها عما يدور بخلد البشر، وما تقتضيه الأقدار لهم.
  • كما أنه من الكتاب المتأثرين كثيراً بالفن الكلاسيكي؛ ويحب مطالعة الأقلام الواعدة من كتاب العصر الحديث.

محتوى مجموعة ورد وسكر

  • اعتدنا الرمز لمشروب الأفراح الشهير (الشربات) بالورد والسكر؛ فهل لمعنى كتاب الكاتب القاضي (شريف حمدالله) مغزى من وراء اختيار عنوان كهذا لمجموعته القصصية البكر.
  • ربنا يكون الكاتب قد أدرك أننا بحاجة إلى مزيد من البهجة في حياتنا؛ فأراد أن تكون بدايته من خلال عنوان شيق، ومثمر، وعنوان ينم عن مزيد من القصص المُبهجة، أو الأسطر اليقظة التي تزيد من تفاعل القاريء معها.
  • تأتي المجموعة القصصية ورد وسكر في سبعة عشر قصة؛ تتنوع في بنائها ما بين الاجتماعي، والكوميدي، والرومانسي، والبناء الأدبي الساخر.
  • يتناول الكاتب القاضي شريف حمدالله، قصصه بورد وسكر بمنتهى الدفء والثراء اللغوي، كما أنه يميل إلى الأسلوب الأدبي الكلاسيكي، وإلى التزام التحفظ بدرجة كبيرة عند سرده للكثير من أحداث القصة، أو الحديث على لسان أبطالها.
  • فمثلاً تأتي قصة ورد وسكر والتي تحمل المجموعة القصصية عنوانها لتحكي عن قصة حب (ورد) و (سكر) والتي يرفضها المجتمع، ونبذها المحيطين نتيجة فارق السن بين عمر البطل والبطلة.
  • هذا ويُضاف إلى قصة ورد وسكر رصد الكاتب للمجتمع الشعبي، و موقفه تجاه قصص الحب التي تسير على هذه الشكيلة.
  • في قصة أخرى يتحدث الكاتب شريف خير الله عن حوار أحد القُضاة مع سواق تاكسي؛ وما قد يتخلل هذا الحوار من قضايا إنسانية، وكيف تناولها الكاتب بحس فني يعتمد السُخرية أو الكوميديا.
  • وعلى ما يبدو فإن للكاتب حس إنساني عالي، وكذا فهو يملك ذكاء اجتماعي يخوله للتعامل مع جميع الطبقات الاجتماعية، ومختلف المجتمعات، وهذا ما أقدم على إبرازه من خلال أسطر القصص بالمجموعة القصصية ورد وسكر.
  • تتميز الشخصيات الخاصة بمجموعة ورد وسكر بأنها دائة وحيوية، ويظهر لديها البٌعد الكلاسيكي المحافظ الذي يحبه الكاتب، ويحاول أن يُذكر قراء المجموعة بما عاش المجتمع الشرقي يتمتع به منذ زمن طويل من جمال الفكر والوجدان والسلوك.
  • أما بالنسبة لقضايا القصص السبعة عشر، فقد جاءت على اختلاف بنائها تحمل بُعدا واقعياً بدرجة ما، خاصة وأنها تواجه القاريء بما يتمنى أن يحدث، وقد يكون قد سعى بتغييره من خلال كلمة أو فعل، وما يفرضه المجتمع.
  • أسئلة كثيرة يجد القارئ نفسه أمامها وعلى رأسها: ما الذي ينقصني حتى أبدأ في رفض تلك القيم المغلوطة؟ أو أن يقرر أن يتغير بسبب الأحداث التي تنتظر منه الحكم العادل في نهايتها.
  • إن نظرية التوليد التي يسعى لها كاتب كالقاضي شريف حمدالله والتي تعتمد على إظهار المشاعر التي كان يجهل القارئ أنها كانت موجودة بالفعل بداخله، الأمر الذي يدفعه إلى الإيمان بنفسه بشكل أكبر مما هو معتاد.
  • يرصد الكاتب العديد من الأماكن، ويذهب بنا في كل قصة برحلة ممتعة يكسر فيها حدود الزمان؛ فبعضها يعتمد قصصاً حدثت منذ فجر التاريخ، ونجد قصصاً أخرى حدثت في يومنا هذا.[1]

تفاعل الكاتب القاضي مع القضايا الإنسانية

  • لطالما كانت محتويات الأدب الخاصة بمن لا ينتمون إلى المجال الأدبي بحياتهم المهنية أمراً مثيراً ومشوقاً للغاية.
  • لقد رأينا مثلاً الطبيب يكتب، وكذلك المهندس، وهناك من احترف منهما مجال التمثيل كذلك، وأن يكتب قاضياً بالأصل عن العلاقات الإنسانية من وجهة نظره الخاصة؛ فهذا حتماً يعد من الأمور التي تحمل بُعداً راقياص ومتحضراً من جهة، وكذا أملاً في إنارة الطريق أمام جموع المجتمع لخلق علاقة تُبنى على الثقة، وتبث في الأنفس مزيداً من الأمان، والأمل.
  • وفي أولى محاولاته لخوض عالم الأدب، قدم لنا الكاتب شريف حمد الله صوراً متعددة من العلاقات الإنسانية التي تذوب بها رؤيته للأحداث، والشخصيات، والزمن، والعقدة، والتتابع، والنهاية.
  • ربما يُمكننا ملاحظة تأثر الكاتب إلى حد كبير برواد العصر الكلاسيكي أمثال إحسان عبد القدوس، و


    يوسف السباعي


    ؛ خاصة وأن القصة التي سُميت باسمها المجموعة (ورد وسكر) هي قصة رومانسية.
  • اتجاه آخر لطالما فرض نفسه في اختيار اسم المجموعة القصصية، يظهر عندما تكون المجموعة متنوعة في أبنيتها، فيغلب الإسم الخاص بالناحية العاطفية؛ إذ أن العاطفة هي الأساس ي كل ما يُمكننا أن نمرح أو نمزح أو نسخر منه، وفي الأساس الذي يحركنا للتعاطف مع الجميع.
  • لطالما كانت مهنة القاضي مهنة صعبة، وقاسية في أحيان كثيرة؛ إذ يتنافى يها تعاطفه كإنسان مع تحقيقه لواجبه، وإقامة العدل مهما كان الثمن.
  • ولهذا، استطاع بعض القراء استشفاف التواصل الإنساني بين شخصية الكاتب الحقيقية وبين بعض القصص الواردة في الكتاب، وكذلك بعض التعبيرات أو الألفاظ بعينها، وهذا ما دفعهم للتعلق بمجموعة مثل (ورد وسكر).
  • لقد أراد الكاتب باسم المجموعة أن يخلق تواصلاً أيضاً بين أجيال مختلفة؛ خاصة وأنه اعتمد

    الأدب الكلاسيكي

    ؛ والذي لا يبلى أبداً مهما عُرضت أنواع مختلفة من الفنون الأدبية الحديثة.

تربعت القصة القصيرة في السنوات الأخيرة على عرش فنون الأدب المختلفة، كما استطاعت أن تكسب قلوب قطاع كبير من الجمهور، وأقيمت لأجلها الكثير من المسابقات بكثير من المحال والمحافل الثقافية والأدبية بمصر، وعلى مستوى العالم العربي والغربي أيضاً.

وتقام من أجل القصة القصيرة الكثير من ورش العمل، والندوات، والمؤتمرات الثقافية، وكذلك نج كتاب القصة القصيرة على مستوى العالم في فرض لون أدبي جديد وهو ”


القصة القصيرة


جداً” والتي صارت مجالاً يُحاكى بها، في براعة التكثيف، وفرض فنون بلاغية كالجناس التام والناقص، وكذلك الاستعارات، والكنايات، وباتت لوناً أدبياً رشيقاً يواكب العصر.