الفرق بين النظم الإسلامية والنظم الوضعية
ينبغي أن نعلم قبل عقد المقارنة بين الشريعة الإسلامية والنظم الوضعية ، فإنه لا نعني بذلك أن يكون القانون الوضعي أهل بأن يقارن بشريعة السماء ، حيث أن القانون الوضعي هو صنع بشري ، بينما الشريعة الإسلامية هي وحي من الله ولإيضاح الفرق بين النظم الإسلامية والقانون الوضعي لابد من التعرف على معنى كلا منهما على حدى.
ما هي النظم الإسلامية
النظم الإسلامية أو الشريعة الإسلامية أو الشريعة هي قانون الله الإلهي الغير قابل للتغيير ، وهي قانون ديني يشكل جزءًا من التقاليد الإسلامية ؛ وتستمد النظم الإسلامية من تعاليم الإسلام خاصة القرآن والحديث ؛ وكانت طريقة تطبيقه في العصر الحديث موضوع نزاع بين الأصوليين الإسلاميين والحداثيين .
ما هي النظم الوضعية
يشير مصطلح القانون الوضعي إلى القوانين التي وضعها الإنسان والتي تتطلب بعض الإجراءات المحددة ؛ هذه هي القوانين والأنظمة واللوائح التي سنتها الهيئة التشريعية ، وعلى النقيض من ذلك يشير “القانون الطبيعي” إلى مبادئ عالمية في المجتمع تحكم الأفعال الأخلاقية ، ولاستكشاف هذا المفهوم ضع في الاعتبار تعريف القانون الإيجابي التالي :
بالمعنى الدقيق للكلمة فإن القانون الوضعي هو : القانون الذي يصنعه البشر وعلى وجه التحديد تعرّف بعض القواميس القانون الوضعي بأنه : القانون الذي تم سنه أو اعتماده فعليًا وبالتحديد من قبل السلطة المناسبة لحكومة مجتمع منظم وبمعنى أكثر يشير مصطلح القانون الوضعي إلى فلسفة قانونية للوضعية .
الفرق بين النظم الإسلامية والنظم الوضعية
النظم الوضعية متغيرة
بينما النظم الإسلامية ثابتة لا تتغير ؛
الذين يضعون القوانين الوضعية يخضعون إلى الأهوال والنزاعات والمصالح الشخصية والعواطف البشرية والظروف والأحوال التي تتغير ، وهذا لا يجادل به أحد وبهذا تكون القوانين الوضعية عرضة للتغيير والتبديل ، ولا يكون لها مقياسٌ ثابتٌ للأحكام ، حيث عند حدوث تصويت على القانون فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى تغيير القانون ، بل وعلى سبيل الأمثلة البينة أنه عندما يأتي حاكم لم يرتضي صنيع الحاكم الذي سبقه (بالنسبة للقوانين التي كان يضعها) ولا يجرؤ وحده أن يغير القانون ، فيطرح هذا الذي يعرف سياسيًا باسم الاستفتاء ، فيقبل الناس رأي الحاكم القادم فيغيرون ما قد دونه الحاكم الذي قد سبق ولهذا فهي قوانين وضعية .
أما التشريع الإلهي هو تشريع عدل وقسط ، وصلاح للعباد في المعاش والمعاد (يوم القيامة) ، قال تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم “الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا” صدق الله العظيم؛ شريعة الله عز وجل نعمة على العباد بل وأي نعمة؟
كما يقول الله تبارك وتعالى :
بسم الله الرحمن الرحيم
“وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ” صدق الله العظيم .
ويقول : بسم الله الرحمن الرحيم “وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا” صدق الله العظيم .
بالإضافة إلى قول الله تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم “الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا” صدق الله العظيم ؛ هذا كله لا يمكن أن يكون شيء منه في القانون الوضعي الذي وضعه الناس .
النظم الوضعية مؤقتة لزمانٍ معين
بينما النظم الإسلامية تنفع لجميع الأزمنة ؛
قواعد القانون الوضعي مؤقتة لجماعة معينة في بيئة معينة في عصر معين ، بمعنى أنه قد يصلح القانون الوضعي لدولة ما في مرحلة ما ، لكنه قد لا يصلح لدولة مجاورة لها تختلف عنها عرقًا ، وهذا لا يمكن أن يكون في شريعة السماء لأن الله عز وجل عالمٍ بالعباد كلهم أينما كانوا وحيثما حلوا .
قواعد الشريعة عامة لكل البشر ولم تأتي لقومٍ دون قوم أو وقتٍ دون وقت أو بيئة دون بيئة ، بينما القانون الوضعي ينشأ مخصوصًا ببعض جوانب الحياة ، كعلاقة الأسر والدول والمعاهدات والاتفاقات إلخ ؛ وقد يرتقي إلى قواعد ونظريات متأخرة أما التشريع الإسلامي فأصلاً يولد كاملاً والفرق واضح .
النظم الوضعية قابلة للتغيير والتطوير
بينما النظم الإسلامية أتت كاملة غير قابلة للتغيير ولا التطوير ؛
القانون الوضعي يتطور ويزاد فيه حتى يصل إلى مقصوده ، ومهما أضيف فيه يبقى قاصرًا قابل للتغيير ، لكن شريعة الله منذ أن كانت ومنذ أن بدأت في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، فهي وجدت كاملة والدهر والأيام والأزمنة والأمكنة تتجلى فيها شريعة الله تعالى ، حيث يأتي العلماء ويأتي المجتهدون إلى المقاصد والغايات العظام التي جاءت في الكتاب والسنة يستنبطون منها ومن ثم ينزلونها على الواقع والزمان والدهر والبيئة التي يعيشونها ؛ وهذا فرق كبير ما بين قانون يوضع وما بين شريعة أصلها قد وضعت في السماء ثم جيء بها نعمة على البشرية .
قال تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم “الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا” صدق الله العظيم.
النظم الوضعية لا تدخل في علاقة الفرد مع ربه
بينما النظم الإسلامية تبدأ أساسًا بعلاقة الفرد بربه ؛
القانون الوضعي لا يتناول سوى المعاملات المدنية في الشؤون الاجتماعية والاقتصادية والعلاقات الدولية ، ولكنه لا يمت إلى العقيدة بصلة والذي يعد ثقبٌ عظيم في القانون الوضعي ؛ بينما التشريع السماوي ينظم علاقة الفرد بالأفراد الآخرين بالإضافة إلى علاقة الفرد بخالقه وكذلك حال الفرد مع ربه ، وهذا أصلاً قبل أن تضع طرائق في حال الفرد مع من حوله من الناس ؛ وهذا يعد فارقًا من أعظم الفوارق بين النظم الوضعية والنظم الإسلامية .
النظم الوضعية تهمل الوسائل الأخلاقية
بينما النظم الإسلامية ليست كذلك ؛
القوانين الوضعية تهمل الوسائل الأخلاقية وتكثر المخالفة على ما فيه ضرر مباشر للأفراد أو الإخلال بالأمن والنظام العام ، وهذا موجود في النظم الوضعية ولا ينكره أحد ، وهذا غير موجود في النظم الإسلامية ومن الأمثلة على ذلك شرب الخمر ، فإن الشريعة الإسلامية تحرمه على أي حالٍ كان لأنه يضر بالإنسان ، لكن القوانين الوضعية لا تحرمه في غالبها إلا إذا تعدى صاحبه إلى غيره ، في حالة إذا رأوا ضرر ولكن حتى مع حدوث ذلك فإن الخمر لا يصل في النظم الوضعية إلى المنع المقيد على عكس النظم الإسلامية .
النظم الوضعية لا تردع النفس
حتى مع العواقب التي تفرضها بينما الشريعة الإسلامية قادرة على ردع النفس البشرية ؛
تفقد القوانين والنظم الوضعية سلطتها على النفس البشرية ، لأن سلطة العقوبات المعنوية والجسدية والمالية وحدها في ردع المجرم ، فمهما صنع الناس من عقوبات إن لم يرتدع الإنسان من نفسه ، فإن بعض الناس بل الكثير يستطيع أن يتحايل على القوانين ، وفي كثيرٍ من الأحيان ينجحون في ذلك لذا فحاجة الناس إلى ما يردعهم من أنفسهم أمرٌ عظيم ، وهو ما لا توفره النظم الوضعية ، على عكس الشريعة الإسلامية فيما توضحه من ذكر الآخرة حتى نخافها أو نخشاها ، أو ذكر الأشياء الأخرى التي تردع منها النفس البشرية إذا تيقنتها جيدًا
وأخيرًا لا يوجد ما يقارن بحكم الله تعالى وشريعته ، فهي أتت كاملة مكملة من كل شيء وصالحة لكل زمانٍ ومكان ، على عكس القوانين التي يضعها البشر كيفما شاءوا وحيثما رأوا . [1]