متى ترفع الأعمال إلى الله


وكل الله عز وجل ملكين لكل بني آدم عن اليمين وعن الشمال لكتابة أعماله كلها ، الصالحة منها والطالحة ، قال تعالى ” مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ” ، وتتسم تلك

الملائكة

بالدقة في إحصاء الأعمال كلها ودقتها مهما كبرت أو صغرت ، مع تحديد زمانها ومكانها  ، كما ترفع الأعمال في مواقيت محددة ، ورد ذكرها  في كتاب الله وسنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم .


وفي الصَّحيحَيْنِ مِن حديثِ أبي موسى الأَشعَريِّ رَضِيَ اللهُ عنه: “يُرْفَعُ إليه عَملُ اللَّيلِ قبْلَ عَملِ النَّهارِ، وعَملُ النَّهارِ قبْلَ عَملِ اللَّيلِ”؛ فيَحتمِلُ أنَّه يُعرَضُ عليه تَعالى أعمالُ العِبادِ كلَّ يومٍ، ثمَّ تُعرَضُ أعمالُ الجُمُعةِ في يومِ الاثنينِ والخَميسِ، ثُمَّ أعمالُ السَّنةِ في شَعبانَ؛ كما في رِوايةِ النَّسائيِّ، ولكُلِّ عَرضٍ حِكمَةٌ .


في ضوء الحديث الشريف ،  بالإضافة إلى التقارير الفورية ، هناك ملائكة يعينهم الله سبحانه الذين يعطون كل ساعة ،  أو يوميًا ، أو مرتين يوميًا ، أو أسبوعيًا ، أو مرتين أسبوعيًا ، و شهريًا ، أو تقارير سنوية إلى الله عز وجل ، كم من الواضح أن هيكل التقارير هذا الذي أنشأه الرب معظم الأعمال العليا هو من بين علم الغيب ومعروف لله سبحانه وحده ، ما يجب أن يكفي للمؤمنين هو الإيمان بقناعة كاملة ومطلقة بأنه لا يوجد شيء مخفي أو يمكن إخفاؤه من ربهم ، وأن ربهم يدرك تمامًا كل ما يحدث في خليقته الأسمى .


متى ترفع الأعمال إلى الله


الله يعلم جميع أفعال عباده التي قاموا بها سواء في السر أو العلانية ، سواء دونتها الملائكة في الصحائف أو التقارير ، أما الحكمة من ذلك جذر المكلف عن القبائح بعد علمه أن أعماله ستعرض على رؤس الأشهاد يوم القيامة ، بالإضافة إلى أن وزن الأعمال غير ممكن ، أما وزن الصحائف فهو ممكن ، يقيم الله الحجة الملموسة على الإنسان ،  تُرفع الأعمال إلى الله أربع مرات ، فهناك تقارير يوميًا وأسبوعيًا ، وسنويًا  ،  وختامية ، وفقًا لما ورد في الكتاب والسنة .


رفع الأعمال اليومي


الرفع الأول تعرض فيه الأعمال على الله يوميًا ،   في كل يوم  ترفع الأعمال إلى الله ، عمل الليل قبل النهار ، وعمل النهار قبل الليل ، فالله عز وجل وكل ملائكة يكتبون علينا ، ويكتبون لنا ، يُسجلون كل مانقوم به أو نقوله ، من خير أو شر ، لا يظلمون أو يحابون ولا يكتمون ، قال الله عز وجل ” وإن عليكم لحافظين كرامًا كاتبين


، وهناك ملائكة أخر ألا وهم من يحفظون عمل المرء كل يوم ويرفعون الأعمال إلى الله ، ويصعدون به إلى الله  يعني وإن عليكم لملائكة ، يلتقي هؤلاء الملائكة كل يوم ، في صلاتي الفجر والعصر


عَنْ أَبِي مُوسَىٰ الأشعري رضي الله عنه قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ، فَقَالَ: “إِنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ لاَ يَنَامُ وَلاَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ. يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ. يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ. وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ. حِجَابُهُ النُّورُ (وَفِي رِوَايَةِ: النَّارُ) لَوْ كَشَفَهُ لأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ”. رواه مسلم.


ويشير هذا الحديث أن العمل يرفع في النهار في أول الليل الذي بعده ، فإن الحفظة يصعدون بعمل الليل بعد انقضائه في أول النهار ، ويصعدون بأعمال النهار بعد انقضائه في أول الليل ، وفي هذين الوقتين ترفع التقارير اليومية ، آخر كل يوم وليلة  ، فعمل النهار يُرفع في آخره ، وعمل الليل يُرفع في آخره ، وهذا الرفع خاص بعمل الأيام والليالي


رفع الأعمال الأسبوعي


الرفع الثاني رفع الأعمال أسبوعي ،


ترفع الأعمال إلى الله يومي الاثنين والخميس


وفي هذا الحَديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: “تُعرَضُ الأعمالُ على اللهِ يَومَ الاثنينِ والخَميسِ”


فترفع كل اثنين وخميس؛ كما جاء في حديث أبي هريرة عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: ((تُعرَض أعمال الناس في كلِّ جمعةٍ مرتين، يوم الاثنين و

يوم الخميس

، فيُغفَر لكل عبد مؤمن، إلا عبدًا بينه وبين أخيه شَحْنَاء، فيقال: اتركوا – أو ارْكُوا – هذين حتى يَفِيئا))


لذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب أن يصوم تلك الأيام ، فكان يحب أن يرفع عمله وهو صائم ، تُرفع أعمال المرء


حسب إيمانه  ، فقد خلق الله الخير والشر على حد سواء ، لكن هذا لا يمنح المؤمنين رخصة للعمل في الأعمال الشريرة ، على العكس من ذلك ، فإن القرآن يوضح على وجه التحديد الأعمال الصالحة وتلك التي تكون شريرة للمؤمنين ليقوموا بالاختيار العقلاني بين الاثنين .


على الرغم من أن المحظورات المحددة قد تبدو مقيدة لغير المسلم ، إلا أن المؤمنين يعرفون أن المبادئ التوجيهية في القرآن مصممة خصيصًا لمصلحة الإنسان والحفاظ عليه .


إن القيام بالأعمال الصالحة هو طريقة المؤمن لإثبات تطهير قلبه لله ،


عمل الخير يجب أن يكون في سبيل الله ،


على الرغم من أنه قد يكون من المغري القيام بنفس الشيء لإرضاء إنسان آخر على سبيل المثال ، يجب أن تكون نوايا المؤمن مصممة لإرضاء الله فقط .


رفع الأعمال السنوي


أما الرفع الثالث وهو رفع الأعمال السنوي ، في كل عام مرة ، في شهر شعبان ، ترفع جميع أعمال السنة ، من شعبان الماضي إلى شعبان الحالي ، لذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم  يصوم في شهر شعبان ، أكثر مما يصوم في غيره


فتُرفَع في شهر شعبانَ؛ كما جاء في حديث أسامة بن زيد – رضي الله عنه – وفيه: ((ذلك شهرٌ يَغفُل الناس عنه بين رجبٍ ورمضانَ، وهو شهرٌ تُرفَع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأُحِبُّ أن يُرفَع عملي وأنا صائم))؛ [رواه النسائي، وحسَّنه الألباني].


التقرير الختامي


الرفع الرابع وهو الرفع الختامي ، وهو عند انقضاء الأجل وانتقال الروح إلى بارئها ، فحينئذ تطوى صحيفة عمله ، ويُختم عليها ، ثم تُرفع الأعمال إلى ملك الملوك تبارك وتعالى ،  تقرير النهاية وتقرير العمر الذي عشته ، من أوله لآخره ، تقرير الأعمال فيه حينما يأتي

ملك الموت

ويقبض الروح ، وتخرج هذه الروح من البدن ، وتخرج من هذه الدنيا ، إلى المرحلة التي بين الدنيا والآخرة ، أول منزلة من منازل الآخرة ، يٌختم على كتاب الأعمال للمرء ، ثم يُرفع الكتاب إلى السماء ، وهذا الرفع يكون نهائي ، الذي يكتب عنك في آخر حياتك أو بعد ماتخرج من هذه الحياة الدنيا .


متى لا ترفع الأعمال إلى الله


ترفع الأعمال إلى الله في كل شهر شعبان إلا المتخاصمين ، أعمال المتخاصمين لا تعرض على الله  فيجب الحذر من الخصومة والشحناء ، فقد تحرمك من مغفرة الله ، وقبول عملك ، فالله عز وجل يطلع على الأعمال في ليلة النصف من شعبان ، فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن ، فرحمة الله عز وجل تشمل جميع عباده المؤمنين ، إلا من كان في قلبه شرك أو كان في قلبه حقد أو شحناء .

قال صلى الله عليه وسلم ”

يطلع الله إلى خلقه في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن

” صححه

الألباني .


فقد ورد في الحديث الصحيح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تفتح

أبواب الجنة

يوم الاثنين ويوم الخميس، فيغفر الله لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا. رواه مسلم.

[1]