الفرق بين الصيحة والهدة والرجفة
زخمت السيرة النبوية الشريفة، بما فيها من أحاديث ذات سند صحيح، بكثير من التوقعات التي أوحى بها الله عز وجل إلى رسوله (صلى الله عليه وسلم). وعليه، فقد أتانا نبي الرحمة من علم الله عز وجل وفضل رحمته به بما يجب عمله عند التعرض لهذه التوقعات، والنواكب، و
الابتلاءات
. ومن أبرز ما نوه عليه نبي الرحمة” الصيحة، والهدة، والرجفة”.
حديث عن الصيحة والهدة والرجفة
- ظهر الخلاف الأول على رواية الحديث بين روايتين، رواية للحاكم عن أبي هريرة “رضي الله عنه”، ورواية أخرى احتج يها شيخين وهما ” ابن مسعود، ومسلمة بن علي الحسني ، رُوي الحديث الشريف، دون أي تغيير في المعنى، فالمعنى واضح، وتنويهاته (عليه أفضل الصلاة والسلام) بينة.
-
فرواية الحاكم عن
أبي هريرة
(رضي الله عنه) أن النبي( صلى الله عليه وسلم) يقول ” تكون هدة في شهر رمضان، توقظ النائم وتفزع اليقظان، ثم تظهر عصابة في شوال، ثم معمعة في ذي الحجة، ثم تنتهك المحارم في المحرم، ثم يكون موت في صفر، ثم تتنازع القبائل في الربيع، ثم العجب كل العجب بين جمادى ورجب، ثم ناقة مقتبة خير من دسكرة تقل مائة ألف” - ورغم احتجاج “مسلمة بن علي الحسني” بأن الحديث غريب الفتن، ويُضاف بالعلم أن “مسلمة” ممن لا تؤخذ منهم حجة ولا حكمة، فقد دحض حجته عبد الله ابن مسعود بروايته، فعنه (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : “” إِذَا كَانَتْ صَيْحَةٌ فِي رَمَضَانَ فَإِنَّهُ يَكُونُ مَعْمَعَةٌ فِي شَوَّالٍ ، وَتَمْيِيزُ الْقَبَائِلِ فِي ذِيِ الْقَعْدَةِ ، وَتُسْفَكُ الدِّمَاءُ فِي ذِيِ الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمِ ، وَمَا الْمُحَرَّمُ ” . يَقُولُهَا ثَلاثًا ، ” هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ ، يُقْتَلُ النَّاسُ فِيهَا هَرْجًا هَرْجًا ” . قَالَ : قُلْنَا : وَمَا الصَّيْحَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : ” هَدَّةٌ فِي النِّصْفِ مِنْ رَمَضَانَ لَيْلَةَ جُمُعَةٍ ، فَتَكُونُ هَدَّةٌ تُوقِظُ النَّائِمَ ، وَتُقْعِدُ الْقَائِمَ ، وَتُخْرِجُ الْعَوَاتِقَ مِنْ خُدُورِهِنَّ ، فِي لَيْلَةِ جُمُعَةٍ ، فِي سَنَةٍ كَثِيرَةِ الزَّلازِلِ ، فَإِذَا صَلَّيْتُمُ الْفَجْرَ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَادْخُلُوا بُيُوتَكُمْ ، وَاغْلِقُوا أَبْوَابَكُمْ ، وَسُدُّوا كُوَاكُمْ ، وَدِثِّرُوا أَنْفُسَكُمْ ، وَسُدُّوا آذَانَكُمْ ، فَإِذَا حَسَسْتُمْ بِالصَّيْحَةِ فَخِرُّوا لِلَّهِ سُجَّدًا ، وَقُولُوا : سُبْحَانَ الْقُدُّوسِ ، سُبْحَانَ الْقُدُّوسِ ، رَبُّنَا الْقُدُّوسُ ، فَإِنَّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ نَجَا ، وَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ هَلَكَ “.
- وللحديث روايات أخرى متعددة، ما بين أحاديث مقطوعة، ومرفوعة وموقوفة ، وجميعها تؤكد على ذات المعاني التي وردت بشأن القضايا التي ذكرها نبي الرحمة في حديثه الشريف.
- وما تم ذكره في هذا الحديث هي علامات ستسبق ظهور المهدي المنتظر؛ فسيحدث الكثير مما يُطلق عليه علمياً ” الكوارث الطبيعية”.
- ولقد فسرت الكثير من هذه الروايات، والتي زادت فيها “العنعنة” معنى “الصيحة” و “الهدة” و “الرجفة” .[1]
الفرق بين الصيحة والهدة والرجفة
- تم تفسير الصيحة وهي مشتقة من الصياح أو الصوت المرتفع الذي يُفزع، والصيحة من الألفاظ التي تم ذكرها في القرآن الكريم مثل قوله عز وجل ” يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج” الآية 42 في صورة (ق).
-
و تختلف الصيحة عن الصياح، فالصياح هو ذلك الصوت العالي أو المرتفع الذي قد يصدر عن الأطفال أثناء بكائهم أو صراخهم، أو من الجموع في المعارك، أو عن الديك مثلاً فيُقال ”
صياح الديكة
” ، أما الصيحة فهي علامة حق مُرسلة كإحدى أعظم آيات الله عز وجل. - أما بالنسبة للهدة فهي ما ينتج من صوت ارتطام حائط أو بناء من جبل، وربما يكون أحد توابعه حدوث الزلزلة أو الزلزال.
- وتفسر معنى الرجفة، من ما دة “رجف” وورد ذكرها في القرآن الكريم في قوله تعالى ” فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين” سورة الأعراف الآية 78.
- والرجفة هي الزلزلة الشديدة، وفي التفسير للفظ ورد ذكره بالقرآن الكريم هي “صوت النفحة الأولى في الصور يوم القيامة”.
- وفي رواية عبد الله بن مروان عن أبيه، عن أبي الحوصاء، عن طاوس، قال : تكون ثلاث رجفات ، ولقد رتب تدرجهم من الشديدة إلى الأكثر شدة؛ في اليمن هي شديدة، وأشد منها في الشام، وفي الشرق هي الأكثر شدة واسمها رجفة الجاحف.
- ولقد تناولت كتب عديدة، ذكر هذه الآيات، وتفصيل الأحاديث التي رُويت عن الصحابة وعن صحابة الصحابة، ومنها كتاب “أبي علي الدبيسي” (عظائم الدهور)، والذي توفى في القرن السادس الهجري، عام 565 هـ
- هناك أيضاً كتاب “الفتن” للسليلي، وكتاب “المفاجأة” لمحمد بن عيسى بن داوود، وكتاب “الملاحم” لابن المنادي.[2]
موقف الأزهر من حديث الصيحة والهدة والرجفة
- علق الأزهر الشريف منذ ما يقرب من الشهر في وسائل الإعلام المختلفة، على انتشار الحديث الشريف، وخاصة بعد أن صادف أن الخامس عشر من رمضان هو يوم جمعة.
- وجاء في تعليق مركز الأزهر للفتاوى الإلكترونية أن هذا الحديث لا تصح نسبته إلى رسولنا الكريم، فقد حكم عليه العلماء بالكذب مثل ابن القيم، وابن الجوزي، والإمام العقيلي، والإمام الذهبي تغمدهم الله جميعاً برحمته.
- يُضاف تكذيب التاريخ؛ الذي صادف أن جاء فيه الخامس عشر من رمضان أكثر من مرة بيوم الجمعة، دون أن تحدث الهدة أو الرجفة أو الصيحة.
- لم يتماشى ما ورد ذكره ي كتاب “عظائم الدهور” مع الأساليب العلمية المُحكمة والتي تم النشر بها في الكتب الصادرة بالقرن السادس الهجري.
- وأكد الأزهر موقفه بأن كثير من الأمور الغيبية ستحدث ولكنها في علم الله عز وجل وحده، ولن تكون إلا معجزة لنبي.
- ونهاية حذر الأزهر الشريف من نشر هذه الأكاذيب المنسوبة لسيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خاصة في تلك الأوقات العصيبة التي تمر بها البلاد.
- رفض الأزهر الشريف أن يُصدق على الحديث، وقدم أدلته على الأمر، وفصل الجدال الذي ينتشر على صفحات التواصل الاجتماعي بخصوص ما ورد ذكره.
- جدير بالذكر أنه لطالما كان للأزهر الشريف موقفاً واضحاً وصريحاً من “الاسرائيليات” أو “أشباه العلوم” والتي تسعى لإحداث تأثير غير محمود على الإطلاق، خاصة في الأوقات التي تسود بها الفتن، أو الأوبئة، هذا بالإضافة إلى تصديه للكثير من الشائعات.
يأتي شهر رمضان كل عام بنفحات طيبة على مدار الشهر كله، فهناك عشرة أيام للرحمة، وعشرة للمغفرة، وعشرة للعتق من النار. وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
وهناك
ليلة القدر
، وهي ليلة خير من ألف شهر، وسر من أسرار متعددة لزيادة البركة في هذا الشهر هو أن يندر المؤمن الصالح من أعماله كلها لله عز وجل، وأبرزها إحساسه بأخيه المسلم ساعة الإفطار، وفي مشهد بديع لاصطفاف موائد الرحمن، وتوزيع ما جادت به الأنفس من الطعام على الفقراء والمساكين.
كما أن جميع العبادات تأخذ روحاً مختلفة في الشهر الفضيل، فيُجازى المسلم على
النوافل
، والسُنن، وتشتاق نفس المسلم لصلاة التراويح والتي يُسرت صلاتها على الجميع.
هناك من يحب الاعتكاف، وهناك من يحب أن ينذر نفسه سبباً لسد احتياجات الجميع، وهناك من يتفرغ للعبادات ويحرص على أن يكون لها الوقت الأعظم من يومه.