استراتيجية الحوار السقراطي

إجراء المحادثة والحوار القائم على تحديد مجموعة من الأسئلة وتوجيهها إلى شخص اخر أو تبادل الاسئلة بين طرفي الحوار يُعد من أشهر الطرق الحوارية التي يتم الاعتماد عليها في الكثير من الدور العلمية ، وهناك عدد هائل من انلظريات التي تقوم عليها المناظرات والمحادثات والحوارات المختلفة ومنها استراتيجية الحوار السقراطي أو الأفلاطوني .

الحوار السقراطي

هو عبارة عن حُجة أو مجموعة من الحجج في شكل سلسلة بالاعتماد على مبدأ الأسئلة والأجوبة كما قد تم استخدامها بواسطة سقراط في حواراته مع أفلاطون ، ومن هنا اخذت هذه الطريقة اسم الحوار السقراطي كما تُعرف كذلك باسم الحوار الأفلاطوني .

ويُعتبر الحوار السقراطي من أقدم الاستراتيجبات التعليمية التي كان يتم الاعتماد عليها منذ

العصور الوسطى

؛ وهي تعتمد بشكل كامل على المعلم ؛ حيث أنه يكون ذو درجة مشاركة أكبر بكثير من المتعلم لأنه يقوم هنا بدور المرشد والموجه وهو من يقوم أيضًا بوضع الأسئلة ويُساعد المتعلمين على الإجابة على الأسئلة التي يطرحها عليهم ، غير ان المعلم هنا يتظاه بالجهل التام للموضوع محل النقاش ؛ حتى يستمع إلى وجهات نظر وإجابات الطلاب عبر الأسئلة التي يطرحها [1] .

أهداف الاستجواب السقراطي

هناك بعض الأهداف الهامة التي يتم تطبيق الحوار والاستجواب السقراطي من أجل الوصول إليها ومن ثم تقييم المتعلمين بشكل سليم ، وهي :

-الكشف بعمق عن تفكير المتعلم وما يجول في خاطره من أفكار ومعلومات واستنتاجات من خلال إجاباته على الأسئلة التي يطرحها المعلم ، ومن ثم معرفة نقاط الفهم وعدم الفهم لدى الطالب ومساعدته على فهمها وتنمية مهاراته الإدراكية .

-من أهم أهداف الحوار السقراطي هو أن يُدرب المتعلمين على طرح الأسئلة السقراطية التي تحيط بأي موضوع من جميع جوانبه لسبر أغوار الموضوع بشكل كامل وتام ، ولا ينطبق ذلك على الحياة العلمية فحسب ؛ وإنما يُنمي ملكة طرح الأسئلة وبدأ الحوار لدى الطلاب في الحياة العامة أيضًا .

فوائد الاستجواب السقراطي

وهناك عدد كبير جدًا من النقاط الإيجابية في الحوار السقراطي التي تعود على المتعلمين ، ومن أهمها ما يلي [2] :

-من خلال الحوار السقراطي ؛ يتمكن الطلاب من توضيح وجهات نظرهم وطريقة تفكيرهم مثل : لماذا تقول ذلك ؟ وهل يُمكنك تفسير ذلك بشكل أوضح ؟

-يُساعد الطلاب على التفكير بعمق ؛ حتى يقوموا بطرح بعض الافتراضات ، وعرض أسباب اعتقده بهذا الفرضيات أيضًا .

-لا بُد أن يُقدم الطالب دليل حقيقي يؤكد صحة فرضياته ؛ حيث يُعتبر الدليل هو أساس النقاش في الاستجواب السقراطي ، وهذا بالطبع يجعل الطالب قادرًا على التفكير والتحليل والوصول إلى أدلة دامغة حيال كل موضوع أو قضية قبل أن يطرحوا وجهات نظرهم عبر الحوار والنقاش مع الاخرين .

-يُوطن الطالب على احترام اراء الاخرين وتقبل الاخر والرؤى ووجهات النظر البديلة طالما كانت تهدف إلى الصالح العام ، ويُساعده على أن يبني حجة للمعارضة أيضًا أثناء حواره من الاخرين وعدم الجدال من أجل الجدال والفوز بالنقاش فقط وإنما إجراء الحوار والمناقشة من أجل الوصول إلى أفضل رأي ووجهة نظر .

-الاستجواب المباشر للطالب يُساعده على أن يكون ذو قوة ملاحظة وسرعة بديهة أكبر ؛ لأنه يعتمد على العصف الذهني وعلى كل ما يتمكن من تذكره حتى يقوم بالإجابة على الأسئلة المطروحة لديه ، وبالتالي ، فإن الاستمرار في تطبيق هذه الاستراتيجية يجعل الطالب ذو قدر على من الذكاء وقوة الذاكرة .

الحوار السقراطي في العلاج النفسي

هل تعلم أن الحوار السقراطي يُعتبر من أهم الوسائل التعليمية المستخدمة في العلاج النفسي أيضًا ؛ حيث أنه يُساعد على إعادة بناء الهيكلة المعرفية لدى المرضى كأحد خطوات ومراحل العلاج الإدراكي ، ومن أهم الأسئلة التي يتم الاعتماد عليها عبر الاستجواب الاستقرائي في العلاج الإدراكي ، ما يلي :

-ما هو الدليل على الفكرة التي تطرحها ، وما هي حجة صحتها والإيمان بها ؟

-ومن أجل تصور بدائل مناسبة تجاه أفكار مُحددة ، يتم طرح سؤال ما هو تفسير الموقف وما هي وجهة نظرك الأخرى وسبب وجهة النظر الأخرى ، وهكذا .

-التعرف على خواطر المريض أيضًا وما يتوقعه من نتائج تجاه عوارض الحياة التي تواجهه مثل : ما هي أسوأ الاحتمالات ، وما هي أفضل التوقعات ، ومن هي النتائج التي يُمكن تحملها ؛ والنتائج التي لا يُمكن تحملها ، وهكذا .

-التعرف على الرؤية الفكرية البعيدة للمريض ، ومن المثلة على ذلك ؛ أن يطلب المقعالج النفسي من المريض أن يتخيل أحد أصدقائه أو أي شخص اخر واقعًا في نفس مشكلته ، ويطلب منه معرفة ما هي ردود فعل هذا الشخص تجاه هذه المشكلة ، ويعرف ما الذي سوف يقوله المريض لهذا الشخص لمواساته أو لحل المشكلة أو مساعدته وهكذا .

ويُذكر أن الاعتماد على فكرة الاستجواب الاستقرائي في العلاج النفسي للمرضى وتطبيقها بشكل صحيح وخصوصًا في حالة المرضى الذين يتعرضون إلى صدمات نفسية قوية يُساعدهم على أن يتخلصوا من حالة العزلة وعدم الرغبة في الظهور أو التواجد في المجتمع بأي صورة ؛ لأنه يتصدى إلى التفكير اللامنطقي للمريض ويجعله يواجه الموقف بصورة غير مباشرة ؛ ولذلك ، لا يزال الكثير من الأطباء والمعالجين النفسيين معتمدين على الحوار السقراطي .

سلبيات الحوار السقراطي

يرى بعض النقاد أن الحوار السقراطي يُعتبر عامل سلبي تمامًا على تقدم العملية التعليمية ويلغي فكر الطالب ولا يعمل على تنمية العقل والإدراك كما يزعم المؤيدين لاستراتيجية الاستجواب السقراطي ، ويرجع ذلك إلى النقاط التالية الذكر :

-يتم الاعتماد بشكل كامل على المعلم في الحصول على المعلومات وشرجها وتوصيلها للطالب وطرح الأسئلة بل ومساعدة الطلاب أيضًا على الإجابة عليها ، وهذا يلغي مشاركة الطالب في سير العملية التعليمية ولا يكون سوى متلقي فقط للمعلومات وربما حافظًا فقط لأجوبة الأسئلة دون فهم لها .

-الكثير من المعلمين غير متقنين بشكل كامل لنظرية واستراتيجية الحوار السقراطي ، وبالتالي ؛ لا يترتب على ذلك أي فائدة تُذكر للطلاب ولا يتم بناء الجانب الحواري والنقدي القائم على الحجة والدليل لديهم .

-الفروق الفردية بين المتعلمين تجعل بعضهم يحظى بتنمية القدرات العقلية والإدراكية ، في حين أن الطلاب المُصابين بالرهاب الاجتماعي والخجل وعدم القدرة على المشاركة في الحوار لا يحصلوا على أي فائدة من هذه الاستراتيجية وبناءً على ذلك لا تحقق استراتيجية الاستجواب السقراطي الفائدة المنشودة منها لجميع المتعلمين .

-يتبني الكثير من الأشخاص وجهة نظر سقراط في أن الاستجواب هو أنجح استراتيجية تعليمية التي يجب الدفاع عنها دائمًا أمام أي وسائل حوارية أو تعليمية أخرى ، في حين أنه يوجد عدد هائل من الاستراتيجيات التعليمية الأخرى الحديثة والمعتمدة على الوسائل التقنية التي قد أثبتت أنها ذو فائدة أكبر للطلاب وتجعله ذو قدر عالي من المشاركة في سير العملية التعليمية .

وعلى الرغم من كم الانتقادات الموجه إلى تطبيق استرايجية الحوار السقراطي بمفردها في التعليم ؛ إلا أن الكثير من المؤسسات التعليمية لا تزال تعتمد على هذه الاستراتيجية كوسيلة أساسية في تقيم المتعلمين لديها دون غيرها من وسائل التقييم الأخرى الأكثر تقدمًا والأعلى دقة .