تعريف تحقيق المخطوطات
تُعد اللغة العربية هي اللغة الوحيدة التي تُقدم علم لغوي له عدد هائل من الفروع والأقسام ، وهذا ما جعلها من أهم لغات العالم التي لا تُضاهيها أي لغة أخرى ولا سيما أنها لغة القران الكريم وهي اللغة التي نطق بها سيد المرسلين عليه أفضل الصلوات والتسليم ، ومن أهم العلوم التي قد تضمنتها
اللغة العربية
هو علم التحقيق .
معنى تحقيق المخطوطات
تحقيق
المخطوطات
يُشير إلى قراءتها قراءة دقيقة وصحيحة وإتقان تحرير وضبط النص بأعلى درجة من الإحكام والدقة ، من أجل إخراجه على الوضع الصحيح والحقيقي كما تركه مؤلفه تمامًا ، بحيث يوافق هذا التحقيق ويطابق الوضع الأصلي ، ويتم ذلك عبر بعض الاليات التي يتم من خلالها التحكم في عملية تحقيق المخطوطة [1] .
أهم صفات مُحقق المخطوطات
تحقيق
المخطوطات
ينطوي على نقل هذا المحتوى بشكل بالغ الدقة والصحة ، ولذلك ؛ فهو يتطلب توافر قدر من السمات والصفات الهامة في الشخص الذي سوف يتولى تحقيق المخطوطات ، وهي تتلخص في النقاط التالية [2] :
-الإلمام التام والكامل في علوم وأسس وقواعد و
أصول اللغة العربية
والحصول على شهادة أكاديمية بها والدراسات العليا أيضًا .
-الإلمام بالطريقة والأسس المتبعة في استخدام الحبر والورق ومعرفة أهم الاختصارات والرموز في اللغة العربية وخصوصًا في العصور التي تنتمي إليها تلك المخطوطات .
-المعرفة الجيدة بعلم كتابة الكتب أو نسخ الكتب والتي تعرف باسم Bibliography ( ببليوجرافيا ) ، ومعرفة قوائم وفهارس الكتب العربية والقدرة على معرفة الكتب المطبوعة والمخطوطة .
-معرفة الأصول والقواعد والاليات الخاصة بأصول التحقيق والتعرف أيضًا على أصول نشر الكتب .
-لا بُد أن يُِهد للمحقق بالالتزام بالأمانة الكاملة والتامة في النقل وأن يكون محايدا في الحكم ، وبالتالي لا تغطى ميوله على نفسه ولا يغلبه هواه على طمس الحقيقة ، ولا بد أيضًا أن يتسم بالنزاهة التامة في النقد .
-تحقيق المخطوطات ليس أمرًا سهلًا ؛ وإنما هو أمانة وثقة في نقل معلومات واردة من السلف إلى الخلف ، وبالتالي ؛ هي تتطلب قدر ليس بالقليل من الإخلاص والصبر والمثابرة .
-وأخيرًا ؛ لا بُد أن يكون الكتاب محل التحقيق منتميًا إلى أحد أنواع العلوم التي قد درسها المحقق حتى يكون مُلمًا بالكامل بموضوع الكتاب ؛ ولا سيما أن ذلك سوف يُساعده على فهم الموضوع وترجمة الجزاء الغامضة منه بشكل دقيق وصحيح قدر الإمكان .
طريقة تحقيق المخطوطات
كما يتم اتباع خطوات مُحددة بوجه عام عند الرغبة في تحقيق المخطوطات ، كما يلي :
مرحلة التحقيق الابتدائي
وهنا يقوم المحقق بتحديد اسم وعنوان لمخطوطة وصاحبها ، ثم المفاضلة بين النسخ المتوفرة واختيار أكثرها صحة ؛ حيث أن الفضلية في هذه النقطة تكون للمخطوطة الكاملة دون الناقصة والأكثر وضوحًا والنسخ القديمة والتي قد قوبلت بغيرها أيضًا ، وبعض المحققون يميلون إلى استخدام النسخ المخطوطة بخط يد المؤلف .
تحديد الفروق بين النسخ
لا بُد أن يعطي المحقق جزء كبير من وقته للمفاضلة بين أنواع المخطوطات المعروضة عليه لنفس المؤلف ، ومن خلال البحث والاستكشاف في كل منهم بطريقة صحيحة سوف يتمكن من الوصول إلى أكثر المخطوطات قربًا إلى الصواب ، وتكمن أهمية تلك النقطة في أنها تعطي المحقق المصدر الأساسي الذي سوف يعتمد عليه في تحقيق المخطوطة محل النقاش .
إنشاء مسودة خاصة
أي بحث أو كتاب أو دراسة أو حتى رواية ؛ لا بد أن يسبق إصدار النسخة الأساسية منها مرحلة المسودة ؛ حيث أن المؤلف أو المحقق يقوم بتسطير كل المعلومات التي يتوصل إليها إما بخط يده أو بالاعتماد على برامج التحرير الإلكترونية ليضع تصور مبدئي لشكل تحقيق المخطوطة ، حيث يتم إجراء تحرير وتعديل على المسودة من أجل تقويم وإصلاح النص وفق بعض المصادر العلمية .
وعند الانتهاء من التحقيق النهائي ، يقوم المحقق بوضع مقدمة وخاتمة واسم المؤلف والناسخ مع ذكر نتائج التحقيق بشكل مختصر ، ووضع قسم خاص للمراجع التي اعتمد عليها المحقق ، وبالتالي ؛ يكون الكتاب قد اكتمل وأصبح جاهزّا للطباعة والنشر .
تقويم تحقيق المخطوطات
كما يوجد أيضًا مجموعة من العوامل التي لا بُد من أخذها في الاعتبار عند تحقيق المخطوطات ، كما يلي :
-وضع تخريج صحيح ودقيق لكل الايات القرانية التي يعتمد عليها الكاتب وكذلك الأحاديث النبوية الشريفة وكافة مقاطع الشعر والأخبار وغيرهم من الجزاء التي تحتاج إلى توثيق وتخريج .
-كما التعريف بجميع المدن والبلدان والدولة والأماكن التي يرد ذكرها في تحقيق المخطوطة وخصوصًا بلدان العالم القديم التي قد تغيرت أسمائها كثيرًا في العصر الحالي ؛ حتى يكون القارئ مطلعًا ومتصلًا أثناء القراءة بكل المعلومات اللازمة لتوصيل المعنى إليه .
-ومن الواجب أيضًا أن يقوم المحقق بالتعليق على أي جزء من النص عند الضرورة لتوضيح فكرة أو حل لغز أو تفسير شيء غير منطقي في النص الأساسي ، ويعتمد ذلك على مدى مهارة واحتراف المُحقق .
الاهتمام بوضع علامة الترقيم وخصوصًا الفاصلة والنقطة وعلامة الاستفهام وعلامة التعجب والفاصلة المنقوطة وغيرهم من
علامات الترقيم
الأخرى التي تُساعد على فهم النص بدرجة أكبر وأوضح .
-الاهتمام بالتنقيط والتشكيل ؛ حيث أن وضع المعلومات في صورة نقاط يكون أفضل ويصب في صالح تنظيم ووضح النص وتوصيل المعلومة إلى القارئ بشكل أكثر تنظيمًا وتفصيلًا ، والاهتمام أيضًا بتشكيل الكلمات ولا سيما في الايات القرانية والأحاديث النبوية الشريفة والكلمات التي لا بُد من تشكيلها من أجل نطقها بشكل سليم .
-كما يجب أيضًا الترجمة للأعلام وتوضيح معاني المفردات الصعبة والمعقدة في مسودات أو هوامش يتم وضعها أسفل كل صفحة .
-حتى يكون الكتاب في نهاية الأمر أكثر ترتيبًا وتنظيمًا ؛ فلا بُد من أن يقوم المحقق بوضع جزء خاص بالفهارس ؛ حتى يتمكن القارئ من الوصول إلى أي جزء أو قسم أو معلومة داخل تحقيق المخطوطة بشكل
سهل وسريع
.
-ومن الضروري أن يقوم المُحقق أيضًا بوضع أسماء المراجع وكافة المصادر التي قد اعتمد عليها في المخطوطة بشكل منظم وواضح ومع ترقيم وترتيب صحيح للمراجع ، ويُفضل الاعتماد على صيغة واحدة خاصة بالمراجع سواء دراسات أو كتب أو غيرها .
شروط تحقيق المخطوطة
وهناك شروط أخرى ليست متعلقة بالمحقق وإنما تتعلق بالمخطوطة ذاتها من اجل قبولها ، وهي تتلخص أيضًا في النقاط التالية :
-يجب التأكد أن المخطوطة لم يتم تخطيطها مُسبقُا بواسطة محقق اخر ولم يتم نشرها من قبل ، ويتم ذلك بالرجوع إلى الفهارس الخاصة بالمخطوطات التي قد تم نشرها مسبقًا والتأكد من أن المخطوطة المُراد تحقيقها ليست ضمن هذه الفهارس .
-كما يُمكن القيام بالتحقق مرة أخرى من كتاب تم نشره إذا ما كان الكتاب لم يتم تحقيقه بقدر جيد من الدقة والصحة ، ولكن ؛ لا بُد من اتباع الحياد التام وعدم هضم حق المحُقق السابق لتبرير القيام بعملية التحقيق مرة أخرى ، ويجب ان يتم الرجوع هنا إلى كبار الخبراء والأساتذة في علم التحقيق لإتاحة إعادة تحقيق المخطوطة مرة أخرى .