كيف ينفذ حد الحرابة
هناك الكثير من الأمور التي نهى الله – عز وجل – عن فعلها ومن يفعلها يجب أن يطبق عليه الحد الذي شرعه الله ، وهذا لحكمة يعلمها الله – عز وجل – وحتى يعلم كل من يرتكب هذه النواهي أن هناك عقاب سوف يحصل عليه وحتى لا تتحول الأرض إلى مسرح من الجرائم ، والاعتداء .
ومن أهم هذه الجرائم التي توجب أن يطبق فيها حد الله – عز وجل- : السّرقة ، وشرب الخمر ، وقذف
المحصنات
، والزّنا ، والحرابة ، وهي من أكثر الأمور التي يجب أن يطبق فيها الحد حيث أن تطبيق حد الحرابة يساعد على سيادة الأمان في العالم كله حيث أن من أول المقاصد التي جاء من أجلها الدين الإسلامي هي حفظ (النّفس والمال والدّين والعرض والنّسل) ، كما أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – أشار إلى أهمية تطبيق الحدود من خلال الحديث الشريف : (لَحَدٌ يُقامُ في الأرض خَيرٌ لأهلها من أن يُمطَروا ثلاثينَ صَباحاً) ، فهذا أبلغ ما يمكن أن يعبر عن أهمية إقامة حدود الله في الأرض .
تعريف الحرابة
- الحرابة في اللغة : مأخوذة من الحرب ، وهي ضد السلام ، وفي الاصطلاح هي : البروز لأخذ مال، أو لقتل، أو لإرعابٍ فأن حصل هذا وجب الحد الإسلامي فيها.
- واتفق علماء المسلمين على أن الحرابة هي أن يخرج مجموعة من اللصوص الأقوياء ، يعترضون الطريق ويرعبون الناس بهدف أن يأخذوا منهم أموالهم بدون رضاهم ، والكراهية ، والعدوان ، والاعتداء عليهم.
- وقال الفقهاء أن الحرابة يمكن أن تكون من قبل واحد من الناس أو جماعة كبيرة من الناس ، ولكن الشرط الأساسي هو أن لا يستطيع المارة ، العبور من الطريق ، سواء كان الذي يقطع الطريق يخيف الناس بنفسه بالتهديد بالقتل ، بالسلاح أو بغيره ، أن تحقق شرط ارعاب الناس ، ولم يقدروا على المرور.
- وسواء كان من يقطع الطريق يعاونه أحد من الأشخاص ، أو يقطعه بنفسه فقط دون مساعدة أحد من الناس.
- وفي الغالب فأن من يقطع الطريق ، فأنه يريد السرقة ، وأخذ المال أو غيره بغير حق له فيه ، ويكون لديه عدة ، والكثير من الأسلحة التي يستخدمها في إخافة الناس ، ويمكن أن يصل الأمر إلى قتل الأشخاص ، وإزهاق الأرواح.
شروط حد الحرابة
حد السرقة هو من أهم الحدود في الإسلام وكل حد في الإسلام يجب أن يكون له شروط معينة حتى يطبق ، وإلا فأن الأرض ستصبح كلها فساد في الأرض وهناك شروط تتعلق بالقاطع ، وشروط تتعلق بالمقطوع له وشروط تتعلق بهما معاً :
شروط القاطع
- أن يكون عاقلاً بالغاً: بمعنى أن يكون مكلفاً كما في عرف الدين الإسلامي ، فلا تطبق الحرابة ، ولا أغلب الحدود على المجنون ، أو الصبي .
- أن يكون ذكراً: وهذا الشرط ذكرة الإمام أبو حنيفة ، فقال أن السيدات لا يقدرون على تطبيق حد الحرابة حيث أنهم يتصفون برقة قلوبهم ، وأنهم لا يقدرون على ذلك مثل الرجال فليس لهم قوة بدنية تعينهم على ذلك .
- وقال الطحاويّ : أن جمهور العلماء على أن من يقوم بهذا العمل يجب أن يطبق عليه الحد ، وهذا لأن أغلب الحدود في الإسلام لا فرق فيها بين الرجل ، والأنثى ، فأن تحققت جميع الشروط جاز أن يقام هذا الحد على امرأة.
شروط المقطوع عليه
- أن يكون مُسلماً أو ذِميّاً (أهل الأديان الأُخرى من البلاد الإسلاميّة): فإن كان حربيّاً مُستَأمناً (غير مسلم بينه وبين المسلمين مُعاهدة أو وثيقة أمان)، وهذا لأن المستأمن ليس له عصمة مطلقة مثل غير من الذميين ، وأنما يمكن أن يباح قطع الطريق عليه ، فيمكن أن يكون القاطع قد قطع عليه الطريق ليس بهدف الترويع أو أخذ المال ، وظن هو ذلك.
- أن تكون مُلكَه أو حيازته لما نُهِبَ وسُرِق منه صحيحاً : وهذا أن كانت يملكها ، أو كانت أمانة عنده في حوزته ، فأن كان المال ، أو الشيء الذي يريد أن يأخذه القاطع ملكه ، أو سرقة السارق فلا يعد ذلك قطعاً لطريق ، وإنما رغبة في استعادة الحق.
شروط القاطع والمقطوع عليه جميعاً
- يجب أن لا يكون هناك قرابة سوء قريبة أو بعيدة بين القاطع ، أو المقطوع عليه ، فقأن كان هناك قرابة بينهما فلا يطبق حد الحرابة على القاطع.
- والحكمة من هذا في الدين الإسلامي أنه يمكن أن يكون هناك عادة أمان بين الأقارب على ما يملكونه من أملاك فيما بينهم.
- وذهب الأحناف إلى الاختلاف مع جمهور العلماء في هذا الشرط ، وشرط الذكورة في القاطع ، والصبي.
- فقال الحنفية: يُشترط كون القُطّاع كلهم أجانب (غير ذي قربى من المقطوع عليه) مُكلّفين ذكوراً، حتى إذا كان أحدهم قريباً من المقطوع عليهم أو صبيّاً أو مجنوناً لا تجب عليهم عقوبة قطع الطّريق عند أبي حنيفة ومحمد.
- وأما المرأة: فلا يتحقق منها قطع الطّريق لضعفها.
تنفيذ حد الحرابة
- إذا قبض على الشخص الذي قام بقطع الطريق على الناس فأنه ينفذ فيه حد الحرابة أن لم يتب قبل ذلك ، وهو القتل ، أو الصّلب ، أو قطع اليد والرّجل من خِلاف ، أو النّفي والحبس .
- ولا يحكم بإقامة الحد إلا الحاكم حتى لا يشيع الفساد في الأرض ، ويرجع إلى تقديره كذلك أن وجد منه التوبة عفا عنه ، وأن لم يتب وجب أن يقام عليه الحد حتى لا يسعى في الأرض فساداً.
- قال أبو حنيفة والشافعيّ: أن العقوبة يجب أن تكون على الترتيب المذكور في الآية الكريمة ولا يُقتَل ما لم يَقتُل ، ولا يُصلَب ولا يُقطَع ، فإن قَتَل ولم يأخذ مالاً قُتِل فقط ولم يُقطَع ولم يُصلَب، فإن أخذ المال ولم يَقتُل قُطِع فقط، وإن قَتَل وأخذ المال.
- قال أبو حنيفة: أن الإمام هو من يحكم ويجب أن شاء جمع القتل والقطع ، وإن شاء جمع القطع والصّلب ، ثم قُتِل بعد الصّلب.
- وقال الشافعيّ: أن حد الحرابة يطبق بالخنق ثم القطع.
متى يسقط حد الحرابة
اتفق جمهور العلماء ، والمذاهب الأربعة على أنه يسقط حد الحرابة عن الشخص إن تاب قبل أن يصل إليه الحاكم ، وكانت توبته نصوحة لوجه الله -عز وجل- ولا يمكن للحاكم أن يعفو الحاكم عن القاطع ، حيث أن هذا الأمر يرجع إلى عفو المقطوع عليهم لأن هذا من حقوق العباد.
تفسير اية الحرابة
قال تعالى : (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ).
المحاربة : هي المضادة والمخالفة ، وهي صادقة على الكفر ، وعلى
قطع الطريق
وإخافة السبيل ، وقال الكثير من الصحابة والسلف منهم سعيد بن المسيب : إن قرض الدراهم والدنانير من الإفساد في الأرض ، وقد قال الله تعالى : ( وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد ).