ماهو خاتم المهندسين

تتطلّب

مهنة الهندسة

إلى جانب الدراسة و الكفاءة والحنكة في العمل و سرعة البديهة، حسّاً إنسانيّاً عالياً يجب أن يتحلّى به المهندس أثناء تأدية عمله ، بالإضافة إلى ضميره المتيقظ وعدم الغش والتدليس، سعيا وراء الماديات والمنافع على حساب الغير، و لذلك يحصل المُهندسُون في كندَا علَى خَاتم من الحديد أو الفولاذ يتم ارتدائُه في فترة التّدريبِ بعد الجَامعة ، هدفهُ التّذْكيرُ دائماً بأهمية الضّمير المهنِيّ لدى المهندس بصفته المسؤول الأول عن أرواح البشر، والتحذير من أيّ تهاون مهنيّ قدْ يتسبّبُ فِي كارثَةٍ كبْرى.

خاتم المهندس هو رمز يحدد بوضوح المهندس في كندا ، و من المهم أن نفهم أن ليس كل مهندس لديه رخصة لمزاولة المهنة، وليس كل مهندس محترف لديه خاتم من حديد على إصبعه الصغير، حيث يعتبر هذا الخاتم تقليدًا هندسيًا كنديًا قديمًا ، يتم تقديمه كجزء من طقوس تسمية المهندس أثناء تأدية اليمين ، لكن ما قصة هذا الخاتم و متى بدأت هذه الطقوس وما هدفها؟  كل هذا سنعرفه من خلال هذا المقال.

قصة خاتم المهندسين

في عام 1900، بدأ بناء جسر كيبيك ، وهو جسر يربط بين وينيبيج و مونكتون ، خاص للمشاة و المركبات وسكك الحديد، قبل اكتمال بناء هذا الجسر، انهار تحت وطأة قاطرة محملة بالفولاذ و قتل 75 شخصا آنذاك، وأظهر تحقيق لاحق أن الحادث كان نتيجة سوء التخطيط والتصميم من قبل المهندسين المشرفين الذين صمموا الجسر، و تكررت المأساة مرة أخرى خلال المحاولة الثانية لبناء الجسر في سنة 1916 ، وانهار المركز الأوسط أثناء رفعه في مكانه ، مما أسفر عن مقتل 10 أشخاص آخرين ، و بعد سنة تم الانتهاء من الجسر أخيرًا في عام 1917، و من هنا جاءت فكرة خاتم المهندسين، و لم تكن الخواتم الأولى المقدمة للمهندسين المتميزين مصنوعة من حديد الجسر المنهار كما أشيع آنذاك ، لكن انهيار ذلك الجسر أدى إلى صنع هذا الخاتم الصغير الذي يرمز إلى تواضع المهندسين وقابليتهم للخطأ.[1]

ماهو خاتم المهندسين

تم إنتاج الدفعة الأولى من الخواتم من قبل قدامى المحاربين في الحرب العالمية الأولى في مستشفى كريستي ستريت العسكري في تورونتو ، و في 25 أبريل سنة 1925 ، تمت أول طقوس في

جامعة مونتريال

، و بعد ذلك تم تنظيم  طقوس ثانية في تورونتو في 31 أبريل من نفس السنة ، واستمرت الطقوس حتى يومنا هذا.

شكل خاتم الهندسة

هو عبارة عن خاتم صغير دائري خفيف الوزن ، مصنوع من الحديد أو الفولاذ المقاوم للصدأ ، يتميز ببعض النتوءات المنحوتة على شكل نصف دائرة في الواجهة، ولا يعتبر قطعة مجوهرات، ويتم ارتداؤه في إصبع الخنصر من اليد اليسرى أو اليمنى المُستخدَمة بشكلٍ رئيسي في انجاز العمل، من قبل أي مهندس قام بالتعهد خلال احتفال رسمي لأحد الأقسام ، و هذا الخاتم محمي بموجب

قانون العلامات التجارية

.

ويتميز الخاتم بسطح خارجي خشن الملمس ، تم صنعه بشكل يدوي وحتى التصميم الحديث للخاتم تم صنعه بشكل مماثل كتذكير بالصناعة اليدوية القديمة للخاتم.

من أجل التذكير دائماً بأهمية الضمير المهني في مهنة الهندسة، يتسلم المهندسون الخاتم مباشرة بعد أداء اليمين المعروف بتسمية المهندس خلال احتفالية خاصة لارتداء الخاتم.

من صاحب فكرة خاتم المهندسين

يجب أن نعود إلى سنة 1922 ، لكي نتذكر تاريخ طقوس تسمية المهندس أو ما تسمى بطقوس كيبلينغ، عندما التقى سبعة رؤساء سابقين للمعهد الكندي للمهندسين في مونتريال مع مهندسين آخرين، في كلمته ، أعرب الأستاذ هولتين ، المهندس المدني في جامعة تورنتو ، عن الحاجة إلى منظمة أو نقابة من شأنها أن تخلق روحًا جماعية بين المهندسين الكنديين، كما يرغب في تطوير طقوس التعهد أو تنظيم حفل رسمي مهيب يشارك فيه كل

خريجي الهندسة

الشباب.

رحب الرؤساء السبعة السابقين للمعهد بالفكرة وتحمسوا لتنفيذها ، مما دفع هولتين إلى التواصل مع الكاتب روديارد كيبلينغ ، الذي كان له مؤلفات وقصائد كثيرة تشيد بعمل المهندس، خاصة قصيدة “أبناء مارتا”، فطلب منه مساعدته في صياغة التعهد الرسمي والمراسم المناسبة لهذا الحفل، وجائت استجابة كيبلينغ سريعة، واحتوت على نص التعهد و تفاصيل خاصة بطقوس تسمية المهندس، وكانت هذه بمثابة دعوة للوحدة المهنية بين المهندسين، دامت حتى يومنا هذا.[2]

كانت شركة “Seven Wardens Inc” التي تم تأسيسها رسميا سنة 1938 ، هي المسؤول الرسمي عن هذه الطقوس، و كان الرؤساء السبعة المنتهية ولايتهم للمعهد الكندي للمهندسين في عام 1922، أول سبعة وكلاء لهذه الجمعية، وتم إنشاء أقسام في مختلف البلديات في كندا لتسهيل إدارة الطقوس، التي تقع على عاتق هذه الشركة،  بعد ذلك تمّ تشكيل مجموعات محلية أطلق عليها مخيمات، يتكوّن كل مخيم من سبعة أمناء من مهندسين ممارسين، وليس غريباً أن المخيم الأول قد تأسّس في جامعة تورونتو.

ما هي طقوس خاتم المهندسين

يتسلم المهندسون الخاتم بعد أداء اليمين المعروف بتسمية المهندس خلال احتفالية كبيرة ، فقط من يستوفون المعايير العالية للتدريب أو الخبرة الهندسية الاحترافية هم من يمكنهم التعهد و ارتداء الخاتم طوعًا مدى الحياة ، ولا يُعد هذا الالتزام عاديا ، ولكنه بمثابة حفل لتقديم المهندس إلى مجال عمله، وسط حضور أفضل العاملين في مهنته و ينطبق هذا الكلام على المهندسين المتخرجين حديثًا ، كما يفرض

البروتوكول

أنه يجب إعادة الخواتم من قبل المهندسين المتقاعدين أو من قبل أسر المهندسين المتوفين.

يقام هذا الحفل بشكل خاص ولا يتم توجيه الدعوات إلا لخريجي الهندسة والمهندسين المحليين، الذين تمت دعوتهم من قبل أولئك المقرر أن يكونوا جزءًا من الحفل فقط ، و من الجدير بالذكر أن هذا الحفل ليس له علاقة على الإطلاق بالجمعيات الهندسية أو مدارس الهندسة، على الرغم من أن العديد منهم يوافقون على هذه الفكرة ويساهمون في تنظيم الاحتفالات.

ما هو الهدف من الخاتم؟

الخاتم يضعه العديد من المهندسين المدربين الكنديين والأمريكيين أيضا ، كرمز وتذكير بالالتزامات والأخلاق المرتبطة بمهنتهم، حيث كان و ما زال الهدف من طقوس تسمية المهندس و

الخاتم

الخاص بذلك، هو جعل المهندس الجديد على دراية بمهنته النبيلة وأهميتها الاجتماعية والقيم التي تحيط بها ، وتشجيع المهندسين ذوي الخبرة على تحمل مسؤوليتهم في الترحيب بالوافدين الجدد، ودعمهم بكل الطرق عندما يكونون على استعداد لبدء ممارسة مهنة الهندسة.

هذا

الخاتم

هو رمز فخر واعتزاز للمهندس بمهنته النبيلة، كما يذكره بالتعهد الذي قطعه  على نفسه بكل تواضع و طواعية من أجل الالتزام بشرف المهنة، بشكل احترافي وفقا لمعايير عالية جدًا ، حيث يجب على المهندس التقيد بمبادئ الشرف و النزاهة في سلوكياته و تصرفاته ، وأن يقوم بجميع واجباته بإخلاص وأمانة وتجرد ، كما يجب أن لا يقبل بممارسة مهنته بأي شكل يخالف القوانين والأنظمة ، وعليه الإمتناع عن القيام بأي عمل لا يقتنع بسلامته وصحته الفنية، أو إذا كان تنفيذه يؤدي إلى ضرر عام.