مفهوم هرم الاعمار
يُعتبر علم الديموغرافيا هو أحد العلوم المشتقة من علم الجغرافيا والتي تتناول عدد كبير جدًا من الإحصائيات المتعلقة بالسكان في منطقة ما ؛ ومن ثَم تحديد أعداد هؤلاء السكان وأهم خصائصهم واحتياجاتهم وغيرها من أوجه وجوانب الحياة الأخرى الخاصة بالسكان ، ومن هنا ظهر مفهوم هرم الأعمال أو المعروف أيضًا باسم هرم السكان .
تعريف هرم الأعمار
إن هرم الأعمار أو الهرم السكاني هو عبارة عن عملية توزيع نسبي للسكان وفقًا للنوع والسن ، ولقد أخذت هذه العملية الإحصائية هذا الاسم A population pyramid ؛ لأن الشكل البياني والكلاسيكي لها يأخذ شكل مثلث مقلوب قاعدته في الأسفل ورأسه إلى أعلى ؛ وبالتالي فهو يشبه الهرم تمامًا وبناءً على ذلك عرف للتسهيل بين الدارسين وخبراء الإحصاء باسم هرم الأعمار أو الهرم السكاني [1] .
وصف هرم الأعمار
عند دراسة وصف هرم الأعمار ؛ فسوف نجد أن قاعدة الهرم تمثل السكان ذو الفئات العمرية الصغيرة أي السكان الذين يحتاجون إلى إعالة ودرجة أنفاق أكبر ولا يمكنهم العمل لصغر سنهم ، ولذلك ؛ فإنه كلما اتسعت قاعدة هذا الهرم في الإحصاء السكاني لأي منطقة أو دولة ؛ يكون دليل على ارتفاع معدل الإعالة بها والحاجة الأكبر إلى رفع معدل الإنفاق .
كما أن مدى اتساع قاعدة الهرم مرتبط ارتباط كبير جدًا بمعدلات الوفيات والمواليد داخل الدولة ؛ حيث أنه كلما ارتفع عدد المواليد ؛ كلما زاد عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى إعالة ، وكلما زاد عدد الوفيات كلما قل نسبة أكبر من كبار السن ، وبالتالي ؛ فإن ارتفاع معدل الإعالة يجعل الهرم السكاني يأخذ شكله الكلاسيكي وهو القاعدة المتسعة والرأس الضيقة مثل الهرم .
تغيير شكل الهرم السكاني
كان هناك اعتماد كبير على استخدام الهرم السكاني للتعرف على معدلات الوفيات والمواليد التي كانت مرتفعة جدًا نتيجة كثرة الإنجاب في الأسرة الواحدة ونتيجة ارتفاع نسبة الوفيات بسبب انخفاض كفاءة الخدمات الصحية ، أما الان ؛ فقد طرأ على تلك النظريات عدد كبير من التغييرات ، ولا سيما أن نشر الوعي بين المواطنين جعلهم يُقللون من الإنجاب وعدد الأبناء في الأسرة الواحدة ، وساعد أيضًا على خفض معدل الوفيات ، وهنا أصبح شكل الهرم السكاني مختلف تمامًا عن سابق عهده ؛ حيث أنه يأخذ شكل اسطواني نتيجة أن نسبة الوفيات ونسبة المواليد أيضًا قد انخفضت بشكل ملحوظ في العديد من المناطق والمدن والبلدان .
ويرى خبراء الإحصاء والسكان إلى أن الهرم السكاني أصبح يأخذ شكل البرميل الأسطواني نتيجة أن نسبة العاملين في الدولة الذين لا يحتاجون إلى إعالة قد ارتفعت بالمقارنة مع نسبة المواليد ونسبة الوفيات ، وبالتالي ؛ أصبح هناك توازن في قيمة الإنفاق المطلوبة نتيجة انخفاض معدل الإعانة وارتفاع نسبة العاملين سواء بالعمل العام أو الخاص .
أهمية الهرم السكاني
لقد ساعد الهرم السكاني على التنبؤ المبكر بظاهرتين متزايدة بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة [2] ، وهما :
ارتفاع ظاهرة الشيخوخة
مع التطور الطبي والصحي ، ارتفعت معدلات الأعمار بين المواطنين على مستوى العالم ، وفي هذا الصدد ؛ فإن عدد الأشخاص المتقاعدين عن العمل والذين قد تجاوزوا الستين عامًا والمواطنين في سن الشيخوخة قد زاد وارتفع بشكل كبير جدًا ، وهو ما أدى إلى اتساع قمة الهرم وتحول الهرم إلى اسطوانة .
التغيرات الديموغرافية
كما قد طرأ على عدد كبير من السكان أيضًا في مختلف بلدان العالم عدد كبير من التغييرات الديموغرافية ، نتيجة ارتفاع نسبة المتعلمين والحاصلين على مؤهلات والذين يمتلكون درجة كبيرة من الوعي ساعدت على تقليل عدد مرات الإنجاب خصوصًا للمرأة العاملة وساعدت أيضًا على رفع درجة الوعي الصحي ونشر أهم الإرشادات للحفاظ على الصحة ، وهذا ما ساعد أيضًا على انخفاض معدل الوفيات ، وهذا ما أدى بشكل قاطع إلى حدوث توازن في أجزاء الهرم السكاني وجعله يأخذ الشكل متجانس الاتساع سواء عند القمة أو عند القاعدة .
هرم الأعمار في الدول المتقدمة
إن شكل ومظهر هرم السكان يختلف من دولة إلى أخرى بشكل كبير ؛ وعلى سبيل المثال ؛ فإننا نجد أن الدول المتقدمة التي قد تمكنت من تحقيق تُقدم غير مسبوق في عالم الطب والبحث العلمي المتعلق بعلاج الأمراض واكتشاف الأدوية الجديدة وغيرها ، قد ساعد بشكل مّهل على ارتفاع متوسط الأعمار لديهن حتى أن الكثيرين يصلون إلى سن الستين وهم لا زالوا يتمتعون بوافر الصحة واللياقة البدنية ، ولذلك ؛ فإن هرم السكان الاسطواني المتجانس فقد ظهر للمرة الأولى في البلدان المتقدمة التي قد ارتفعت نسبة أعمار السكان بها وانخفضت نسبة المواليد بها أيضًا .
هرم الأعمار في الدول النامية
أما البلدان النامية ؛ فإن الشكل الكلاسيكي لهرم السكان لا يزال قائمًا بها ، ولا سيما أن معدلات المواليد ما زالت مرتفعة جدًا في الكثير من البلدان النامية ومنها البلدان العربية وبعض البلدان الاسيوية ، في حين أن عدد الوفيات قد قل نوعًا ما ولكنه لا زال لم يصل بعض إلى تكوين الشكل الاسطواني لهرم السكان الذي يُنذر بانخفاض عدد المواليد وانخفاض عدد الوفيات أيضًا .
عيوب هرم السكان
على الرغم أن عدد لا حصر له من البلدان سواء المتقدمة أو الأقل تقدمًا أو الدول النامية تعتمد على هرم الأعمار لتحديد ماهية وديموغرافية سكانها ؛ إلا أن بعض الخبراء قد أشاروا إلى بعض المآخذ على هذه النظرية الإحصائية على النحو التالي :
-في ظل استخدام هرم الأعمار ؛ يكون مفهوم الوفيات مقصورًا على كبار السن فقط ؛ في حين أن الكثير من الأطفال وحديثي الولادة والشباب قد يفقدون حياتهم في سن صغير ، ولكن هرم الأعمار لم يأخذ ذلك في الاعتبار .
-هناك تغيرات لحظية قد تحدث سواء في معدلات الإنجاب أو معدلات الوفيات وخصوصًا معدلات الوفيات ولا سيما البلدان التي تتعرض بشكل متكرر إلى الكوارث الطبيعية مثل الهزات الأرضية والبراكين والفيضانات وغيرها ، وبالتالي ؛ فإن الحكم على عدد الوفيات في هذه الحالة ؛ لن يكون منطقيًا وقد يأخذ هنا الهرم شكل اسطواني كاذب .
-كما أن هرم الأعمار يرى أن جميع المواليد في حاجة إلى كفالة الدولة وتوفير الرعاية الاجتماعية في ضوء موارد الدولة ؛ في حين أن تفاوت الطبقات الاجتماعية ؛ قد يجعل عدد كبير من الأطفال والذين ما زالوا في سن الإعالة غير مستفيدين من موارد الدولة وخصوصًا أن الكثير من الآباء الميسورين يُفضلون إلحاق أبنائهم بالمدارس الخاصة وما إلى ذلك من تلبية الاحتياجات الأخرى البعيدة عن موارد الدولة ، وبالتالي فإن تعميم الإعالة على كل جوانب الحياة للأشخاص الذين ينتمون إلى المرحلة العمرية الخاصة بسن الإعالة لا يكون دقيقًا .
ومع ذلك ؛ فإن الكثير من الدول حتى الآن تعتمد بشكل كبير على نتائج وشكل هرم السكان وهرم الاعمار حتى تتمكن من التعرف على معدلات الوفيات ومعدلات المواليد والإعالة بها أيضًا ، وبعض الدول أصبحت تعتمد على بعض المعايير الأخرى الأكثر دقة أيضًا إلى جانب هرم الأعمار .