تطبيق استراتيجية خرائط السلوك
الدول المتقدمة هي التي تحرص طوال الوقت على توفير أفضل الخدمات التعليمية إلى أبنائها ، ولا سيما أن التعليم الجيد وتنمية الجانب المعرفي والإبداعي والإدراكي لدى الطلبة والطالبات يُعتبر هو الأساس الذي قامت عليه جميع الحضارات الناجحة في العصر السابق والعصر الحالي أيضًا ، كما أن الاستراتيجيات والنظريات العلمية والتعليمية الحديثة قد ساهمت بدور كبير جدًا في تعزيز درجة الفائدة والتنمية الشخصية والفكرية للطالب عبر العملية التعليمية .
طرائق التدريس الحديثة
الطرائق هي الاستراتيجيات الحديثة ، وكلمة استراتيجية تعني النظرية المُحددة في أي مجال أو علم والتي يتم تطبيقها في صورة خطوات من أجل الوصول إلى نتائج مُحددة ، وفيما يخص التعليم ؛ فإن الاستراتيجيات التعليمية الحديثة هي التي تهدف بشكل كامل إلى تخريج جيل من الشباب يتمتع بقدر كبير من المعرفة العلمية والفكرية والإدراكية والإبداعية والشخصية والاجتماعية أيضًا حتى يكون شخص متكامل ومتوازن قادرًا على مواجهة الحياة وقيادة مسيرة الأوطان إلى التقدم والازدهار والرقي بدلًا من الارتكان على النظريات والاستراتيجيات التعليمية القديمة التي قد أسفرت عن تخريج دفعات لا تمتلك شيء سوى مجموعة من المعلومات الضخمة المُخزنة في أذهانهم والبعيدة كل البعد عن واقع الحياة الاجتماعية والعملية [1] .
خرائط المفاهيم والسلوك
إن خرائط المفاهيم هي عبارة عن بعض الرسوم التخطيطية التي تكون بتقنية الرسم ثنائي الأبعاد 2D ويتم من خلالها ترتيب مجموعة من الأفكار والمعلومات والمفاهيم والمصطلحات في أي من المجالات أو المواد الدراسية وهي تأخذ شكل هرم ، على أن تكون قمة الهرم محتوية على المفاهيم والمصطلحات العامة والأكثر شمولية والأقل في التخصصية ويلي ذلك المفاهيم والمصطلحات الفرعية وذات الدرجة الأعلى من الخصوصية في قاعدة الهرم ، ويتم الربط بين هذه المصطلحات وبعضها البعض عبر مجموعة من الأسهم والإطارات التي توضح طبيعة العلاقة بين بعضها البعض .
استراتيجية خرائط السلوك
تعتبر خرائط السلوك هي أحد أهم الطرائق التدريسية الحديثة التي يتم الاعتماد عليها من أجل تنمية قدرة المتعلمين على التحليل وإيجاد العلاقات بين المفاهيم وبعضها البعض ، فضلًا عن أنها تُساعد في التعرف على أهم الأولويات التي تأتي في قمة الهرم والتخطيط للأفكار وتنظيمها بطريقة علمية ومنطقية ممنهجة وسليمة ، ومن الممكن الاعتماد على هذه النظرية في أي من المواد التعليمية .
كما ان استخدام خرائط السلوك والمعرفة بشكل دائم ومستمر من قِبل المعلم يُساعد الدارسين على ملاحظة طريقة إعداد وعرض تلك الخرائط ؛ ومن ثَم يكتسب القدرة على أن يقوم بإنشاء الخرائط المعرفية والسلوكية بمفرده ، ولا سيما إذا قام المعلم بإشراك الطلاب في تكوين أجزاء الخريطة .
تطبيق استراتيجية خرائط السلوك
إن تطبيق استراتيجية خرائط السلوك أمر سهل جدًا وقابل للتنفيذ داخل الصف بسهولة فائقة ، حيث ينبغي على المعلم أن يقوم بالخطوات التالية من أجل تنفيذ هذه النظرية بشكل سليم كما يلي :
-يقوم المعلم في بداية الأمر بتحديد عنوان الموضوع أو الدرس الذي سوف يتم شرحه عبر خريطة السلوك .
-ويقوم بتحديد مجموعة من الأهداف المتعلقة بالدرس أيضًا ، ومن ثَم يقوم بالربط فيما بينهم من خلال تحديد المفاهيم الرئيسية والأساسية ومن ثَم تحديد المفاهيم المنبثقة منها وهي المفاهيم الفرعية الأكثر تخصصية .
-يطلب من الدارسين ملاحظة ما يقوم بها من خطوات في تكوين أجزاء خريطة السلوك والطريقة التي قد اتبعها للربط بين المفاهيم المختلفة .
-وبعد ذلك يُعطي الطلاب فترة زمنية مُحددة تتراوح بين 15 إلى 20 دقيقة وفقًا لمدى درجة صعوبة أو سهولة الدرس من أجل أن يقوم كل طالب بإنشاء خريطة السلوك والمفاهيم بمفرده .
مزايا استراتيجية خرائط السلوك
هناك عدد كبير جدًا من الفوائد الهامة الناتجة عن تطبيق استراتيجية خرائط السلوك ، مثل :
-تُعتبر هذه الاستراتيجية من الطرائق التعليمية البسيطة غير المكلفة والتي تُساعد على تنمية جانب الفكر والتحليل بشكل كبير لدى الطالب وبسهولة تامة .
-كما أنها من الاستراتيجيات المرنة جدًا التي يُمكن تطبيقها على أي مادة من المواد الدراسية داخل الصف .
-تعتبر من أسهل وأسرع الطرق التي يُمكن من خلالها تثبيت المعلومات بشكل سلس وسريع في أهان الطلاب من خلال الربط المنطقي بين المفاهيم والمفردات وبعضها البعض .
-يُمكن إنساء خرائط سلوك ومفاهيم سهلة وواضحة كما يُمكن أيضًا إنشاء خرائط معقدة بعض الشيء وذات درجة صعوبة كبيرة ويطلب المعلم من الطالب الربط بين أجزائها ، لذلك ؛ فهي تُعتبر من النظريات التي تُساعد على تنمية ورفع كفاءة التفكير المنطقي والتسلسلي في ذهن الطالب فضلًا عن تنمية جانب التركيب والفهم والإبداع أيضًا إذا ما تم عرض تلك الخرائط متدرجة الصعوبة على الطالب بشكل مستمر على مدار العام الدراسي .
عيوب استراتيجية خرائط السلوك
وعلى الرغم من وجود عدد كبير جدًا من فوائد تطبيق استراتيجية خرائط السلوك ؛ إلا أنه من جهة أخرى يرى البعض أ، تطبيق تلك الاستراتيجية قد يشوبه بعض أوجه القصور والعيوب ، مثل :
-عدم تمكن نسبة كبيرة من المعلمين أنفسهم من إنشاء خرائط المفاهيم ، وبالتالي ؛ فهي تحتاج إلى تدريب المعلمين أولًا ، وهذا بالطبع يحتاج إلى وقت وجهد كبير .
-فضلًا عن أن بعض أنواع خرائط المعرفة تحتاج إلى وقت طويل من أجل إنشائها بطريقة مناسبة تناسب درجة وعي وتفكير الطلاب في المراحل الدراسية المختلفة .
-كما أن المعلم لن يكون قادرًا خلال مدة الحصة الدراسية على دراسة كل الخرائط التي قد قام الطلاب بإعدادها بمفردهم ، وبالتالي ؛ لن يتمكن من اكتشاف جوانب القوة والضعف في مدى تحصيل كل طالب على حدا .
-كما أن البعض يرى أن هذه الطريقة قد لا تكون مناسبة في بعض المواد التي لا تحتوي على قوانين وقواعد مثل الأدب ومواد التاريخ ؛ في حين أن البعض يرى أنها طريقة مناسبة لعرض تسلسل الأحداث التاريخية المختلفة .
مثال على استراتيجية خرائط السلوك
عند الرغبة في عمل خريطة معرفة في مادة اللغة العربية وعلى أسماء المشتقات ، فهنا يتم إعداد خريطة المعرفة والسلوك على النحو التالي :
-تحتوي قمة الهرم على العنوان الرئيسي وهو ( اسم المشتقات ) .
-وبعد ذلك يتم مد أفرع وأسهم من العنوان الرئيسي في صورة مخطط متدرج من أعلى إلى أسفل ، وكل سهم يُشير إلى أحد أسماء المشتقات وهي ( اسم الفاعل ، اسم المفعول ، اسم الزمان ، اسم المكان ، اسم الالة ، وغيرهم ) .
-وفي خطوة إضافية ، يتم مد بعض الأسهم أيضًا من كل اسم من أسماء المشتقات وذكر مثال تطبيقي على كل اسم .
-بعد ذلك يقوم المعلم بكتابة بعض عناوين الدروس الأخرى مثل أركان الإسلام ، أنواع الصفات ، وغيرها ، ويطلب من التلاميذ أن يقوم كل منهم بإنشاء خريطة معرفية بمفرده وتقديمها ضمن الأنشطة الصفية الأسبوعية .
ويُذكر أن تطبيق هذه النظرية في مختلف صفوف التعليم الأساسي قد ساعد بشكل كبير على زيادة درجة تفاعل الطلاب داخل الصف وساعد أيضًا على تطوير ملكة الفكر والتحليل والربط بين الأشياء وبعضها بشكل منطقي ، وهذا ما جعل العديد من المدارس داخل وخارج المملكة تُقبل على استخدام استراتيجية خرائط السلوك .