مفهوم الطاعة
تعد الطاعة هي السلوك الإنساني ، وشكل من أشكال التأثير الاجتماعي يقوم الشخص فيه بالاستسلام لتعليمات وأوامر صريحة ، ومحددة من سلطة أكبر ، أو أعلى منه فالطاعة هي سلوك يهدف إلى الخضوع لتعليمات معينة كما يمكن اعتباره من السلوكيات الأخلاقية حيث أنها جزء من البنية الاجتماعية ، ولها عدة أشكال فهناك طاعة واجبة ، وهي طاعة الله عز وجل ، وطاعة الوالدين ، وطاعة الزوج ، وغيرها من الأنواع التي سنتعرف عليها من خلال هذا المقال. [1]
معنى الطاعة في التشريع
الطاعة في التشريع هي الامتثال مع القيادة ، وأداء ما هو مطلوب منك من قِبل السلطة ، وكذلك الامتناع عما هو غير مرغوب فيه فيقع ضمن المحظورات كل هذا بما يتوافق مع الأمر ، والقانون.
فالأمر يتمثل في طاعة العباد لربهم ولنبيهم ، ولله المثل الأعلى ، وطاعة الضباط لرؤسائهم ، وكذلك طاعة الطفل لوالديه ، وطاعة المتدرب لمدربه ، وطاعة الطالب لمعلمه فهذه الأمثلة تُبين لنا أن الطاعة واجبة لكل من يعرف مصلحتنا ، وينصحنا ، ويرغب في وضعنا على الطريق الصحيح ، وكذلك يتمنى لنا الأفضل في كل شيء حتى نُصبح مواطنين صالحين لوطننا قادرين على خدمته ، وتقدمه ، والدفاع عنه بشرف ، وإخلاص. [2]
الطاعة المشروعة
الطاعة المشروعة هي أحد الجوانب الأساسية للتفاعل داخل المجتمع ، وتتمثل في أن بعض الأشخاص لديهم سلطة ، وتأثير أكبر من الآخرين فالقوة الاجتماعية تتمثل في قدرة الفرد على خلق التوافق عندما يحاول الأشخاص المتأثرون مقاومة التغييرات.
ومن أمثلة الطاعة ، والسلطة المشروعة :
- سلطة رئيس العمل على العمال ، وكذلك سلطة صاحب العمل على الرئيس.
- سلطة الآباء على الأبناء.
- سلطة الحاكم العادل على المحكومين.
فالسلطة ، والقوة تمثل لنا مدى التأثير الاجتماعي فمن لديهم القوة ، والسلطة هم الأفراد الأكثر تأثير ، وإقناع على الآخرين ، وفي النهاية فطاعة أولي الأمر واجبة ، وكذلك العلماء فاتباعهم يعود عليك بالخير ، والنفع ، والابتعاد عنهم يُضلك على الطريق الصحيح ، وطريق الخير ، والفلاح ، وكذلك طاعة الوالدين ، وبرهم من واجبات الأبناء ، وسبيل للحصول على رضا الله ، والسعادة في الدنيا ، والآخرة. [3]
الطاعة في القرآن الكريم
تعد الطاعة من المفاهيم الأساسية التي تتضمن أهمية كبيرة داخل كافة المجتمعات ، والمجتمع الإسلامي بالأخص حيث ورد ذكر أمر الله تعالى في القرآن الكريم بالطاعة عدة مرات مما يؤكد أهمية الطاعة ، وضرورتها مثل :
- في سورة النساء : “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59)”.
- وفي سورة المائدة : “وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (7)”.
- وفي سورة الأنفال : “يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنفَالِ ۖ قُلِ الْأَنفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ۖ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (1)”.
- وفي سورة محمد : “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ (33)”.
- وأخيرًا في سورة التغابن : “وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ۚ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (12)”.
وهذه ليست كل الآيات التي ذُكِرَ فيها لفظ ، ومصطلح معناه الطاعة الكاملة لأوامر الله ، والرسول بل هذا جزء منها.
مفهوم الطاعة الزوجية في الاسلام
مفهوم الطاعة في الإسلام هي الالتزام بأوامر ، وحدود الله عز وجل ، وتجنب النواهي تنفيذًا لأمر الله تعالى فالله جل شأنه المستحق للعبادة ، والطاعة ، ومن ضمن أوامره هي طاعة الزوجة لزوجها فالطاعة الزوجية هي أمر شرعي فرضه الله على عباده ، ولكن علينا القيام به بالشكل الصحيح.
فعندما تُطيع الزوجة زوجها فهي تعبد ربها حقًا ، وتنال رضاه ، ثم ترضي زوجها ابتغاء وجه الله ، ورضاه جل ، وعلا فطاعة الزوج نوع من الإيمان ، والعبادة التي تحصل منها الزوجة على رضا زوجها ، وزيادة الود ، والألفة بينهما بالإضافة إلى الثواب ، والأجر من الله تبارك ، وتعالى فمن الممكن أن تكن طاعة الزوجة لزوجها سببًا لدخولها الجنة.
فقد ورد في حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيه : “خير النساء تسُرك إذا أبصرت ، وتُطيعك إذا أمرت ، وتحفظ غيبك في نفسها ، ومالك” رواه الطبراني ، وصححه الألباني.
وكما كانت طاعة الزوج هي من أسباب دخول المرأة الجنة فمن الممكن أن يكن عصيانها له سببًا في دخولها النار فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : “أريت النار فإذا أكثر أهلها النساء يكفرن قيل : أيكفرن بالله ؟ قال : يكفرن العشير ، ويكفرن الإحسان لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ، ثم رأت منك شيئًا قالت : ما رأيت منك خيرًا قط” رواه البخاري.
فطاعة الزوج اعتبرها الله ضمن الفروض الإسلامية التي فرضها على عباده فطاعته من طاعة الله ، وهذا لعظمة حق الزوج ، وما يفعله من أجل زوجته ، وأولاده فعن عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : “إذا صلت المرأة خمسها ، وصامت شهرها ، وحفظت فرجها ، وأطاعت زوجها قيل لها : ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئتِ” رواه أحمد ، وصححه الألباني .
مفهوم الطاعة في المسيحية
الطاعة في المسيحية تعني الحب لله ، واتباعه في كل الوصايا ، وطاعة المسيح أيضًا ، ولكن طاعة الله تعتبر طاعة مطلقة أما طاعة المسيح فلا يستطيع أحد أن يعدها من الطاعات المطلقة.
كما أن الدين المسيحي يُوصي بطاعة الوالدين فطاعتهما من طاعة الرب فهذا حق واجب على الأبناء فهناك مقولة لديهم تؤكد على ذلك ، وتقول : ” الأطفال طاعة والديك في الرب لأن هذا هو الحق ” ، وطاعة الزوجة لزوجها فهي مرضاة للرب فيأمرهم دينهم أن يقدموا أنفسهم لأزواجهم لينالوا رضا الرب فتتعامل الزوجة مع زوجها باحترام ، وتقدير فهو شريك حياتها كما تمنحه العناية ، والاهتمام الكافي ، وكذلك طاعة الكنيسة ، وتعاليمها ، وطاعة الرؤساء ، والخضوع للحكام في كافة الأمور ما لم تتنافى مع مبادئ الدين ، والعقيدة.
فالطاعة عادة يومية أساسية في يومهم واجب على كل مرء الالتزام بها داخل بيته ، وخارجه فالمجتمعات تتطلب منا ذلك فالخضوع للطلبات ، والقوانين ، وتنفيذ أوامر السلطات يمنحنا حياة كريمة ، ومجتمع متقدم ، وراقٍ. [4]
وفي الختام نؤكد على ضرورة استخدام مصطلح الطاعة ، وتطبيقه في حياتنا كعادة يومية للحصول على رضا الله تعالى ، والالتزام داخل مجتمعنا كي نكن من المواطنين الشرفاء كما يقتدي بنا من هو أصغر منا سنًا في تنفيذ الأوامر ، وطاعة أولياء الأمر ، والسلطة.