ما هي لسانيات النص

إن علم اللغة يُعد أحد أغنى وأثمن العلوم التي يجهلها عدد كبير جدًا من الأشخاص ؛ وهناك عدد كبير جدًا من القواعد التي تحكم اللغة والنصوص والتي تُساعد على تأكيد المعنى والربط بين الدال والمدلول بطرق بلاغية واضحة وصريحة ، ومن أهم تلك القواعد هو علم اللسانيات العام الذي ينبثق منه علم لسانيات النص .

تعريف اللسانية

إن اللسانية بوجه عام تُشير إلى شكل العلاقة بين الدال والمدلول ؛ حيث أنه من المعتاد أن يكون هناك علاقة وثيقة الصلة بين كل من الدال والمدلول ؛ في حين أن اللسانيات تؤكد على أن تلك العلاقة لا تشترط أن يكون بالضرورة هناك علاقة واضحة بين الدال والمدلول ؛ وإنما قد تكون علاقة قائمة على إعمال العقل والتفكير ومن ثم اكتشاف وجه الشبه بينهما وهذا بالطبع يهدف إلى تنمية الجانب الفكري والإثرائي في الأذهان بشكل كبير ويُساعد على تطوير علوم اللغة بشكل غير مسبوق .

ويسعى

علم اللسانيات

النصي أيضًا منذ ظهورها على يد دي سوسير على أن تقوم بتحليل المكونات الأساسية للغة والنص وعلى سبيل المثال تحليل عناصر الخطاب وإبراز أهم جوانبه وعناصره ، وهي سمة حرص عليها عدد كبير من الكتاب والأدباء في مختلف أعمالهم الأدبية .

لسانيات النص

إن لسانيات النص هي عبارة عن أحد المصطلحات التي ترنو إلى اتجاه جديد في البحث في علم اللغة والنص ، وقد اختلف الباحثين اللغويين في توصيف هذا المصطلح ؛ حيث أشار البعض إلى أن مصطلح textologie يعبر عنه ، في حين أن البعض الاخر يرى أن المصطلح الاخر Texte linguistique هو الأكثر تعبيرًا عن هذا المعنى المراد من لسانيات النص .

أما في اللغة العربية ؛ فقد قام علماء اللغة أيضًا بوضع عدد كبير من المفردات والمرادفات لهذا المعنى ، مثل : ( الألسنة النصية ، علم اللغة النصي ، علم اللغة النص ، نحو النص ) ولكن استقر الكثيرين منهم في النهاية على توصيف ومصطلح لسانيات النص باعتبار أنه هو المصطلح الأنسب لهذا المعنى .

نشأة وخصائص لسانيات النص

تُعتبر لسانيات النص هي أحد الفروع المعرفية الجديدة التي قد ظهرت في النصف الثاني من الستينات وبداية السبعينات ، وهو علم يهتم بدراسة النص بشكل أساسي على اعتبار أنه هو الوحدة الأساسية للغة وليس الحرف أو الكلمة ، واطلق أصحاب هذا المبدأ على النص مصطلح ( الوحدة اللغوية الكبرى ) ، ومن أهم خصائص لسانيات النص ؛ أنه يهتم بدراسة الجوانب التالية للنصوص :

  • مستوى الترابط والتماسك في النص .
  • وسائل وأنواع النص .
  • الإحالة المستخدمة في النص وأنواعها .
  • طبيعة السياق النصي .
  • طبيعة المشاركين في النص مثل المُخاطِب والمُخاطَب ، أو المرسل والمستقبل .
  • الزمن الخاص بإلقاء النص سواء في الحاضر أو الماضي أو المستقبل .

تصنيف النصوص في لسانيات النص

يعتبر علم النصوص هو أحد أفرع لسانيات النص ، غير أن تصنيف النصوص ينصب على اتجاهين أساسيين هما :

نظام اللغة

نظام اللغة هو عبارة عن الاتجاه الذي يُشير إلى السمات الخاصة بتركيب النص مثل الربط بين الضمائر والأزمة المستخدمة في النص والربط بينها أيضًا سواء الزمن الماضي أو الحاضر أو المستقبل وصياغة كل فعل وفقًا لوقت حدوثة ، وعلى الرغم من الاجتهاد الكبير من قِبل المهتمين بعلوم اللغة من اجل تصنيف أنواع النص في ضوء علم اللسانيات ؛ إلا أنهم لم يتوصلوا إلى تصنيفات وأنواع مُحددة له واكتفوا بتحديد طبيعة كل نص وفقًا للسمات التركيبية له .

حل إشكالية النص

أما الاتجاه الثاني الذي قد تناوله علم النصوص اللغوية ، فهو السعي إلى حل إشكاليات النص بمختلف أنواعها ، اعتمادًا على بعض الجوانب التواصلية والموقفية ، والوظيفية أيضًا ، ولذلك فإن هذا الاتجاه يرى النص إنما هو نتاج الجمع بين بعض الأفعال اللغوية المركبة والروابط النمطية بين العبارات التي تؤدي في النهاية إنشاء النص ذو

السمات الوظيفية

والتواصلية والموقفية المختلفة .

وقد أخذت النصوص عدة أشكال أيضًا ؛ حيث أنها تتبع المعرفة اللغوية لصاحب النص ، حيث أن بعضها يكون شديد المعيارية مثل توضيح وصفة أو تجربة كيميائية أو ما إلى ذلك وقد يكون عبارة نص علمي مبسط أو نص خطابي حواري أو غير ذلك من أشكال النصوص المختلفة .

التمييز بين أنواع النصوص

ومع تعدد المحاولات ؛ تمكن بعض علماء اللغة والباحثين من الوصول إلى طريقة مُحددة يُمكن الاعتماد عليها من أجل تمييز أنواع النصوص وبعضها البعض عبر الخطوات التالية :

-تحديد وظيفة النص ووصفها جيدًا ، حيث أن بعض النصوص تكون وظيفتها بمثابة توضيح وصفة أو نقل رأي أو إجراء حوار أو خطاب أو رسالة ، وقد يكون النص أيضًا عبارة عن إعلان دعائي أو مادة قانونية أو تعليق أو مستند أو وصية أو غير ذلك ولا سيما أن وظيفة النص تُعتبر معيار أساس لتوصيف النص وتمييزه عن باقي أنواع النصوص الأخرى .

-وفي الخطوة الثانية من توصيف وتحديد نوع النص ؛ يتم الوقوف على وصف مجال الفعل وتحديد الطبيعة الزمانية للنص أيضًا ؛ هل هي صيغة مستقبلية مثل الدعوات ، أم صيغ ماضي مثل الكتب التاريخية ، أم صيغة مضارعة .

-والخطوة الثالثة في تمييز نوع النص تعتمد على النموذج الموضوعي والأساسي للنص ودرجة بلاغته النصية ، حيث أن بعض النصوص تعتمد على اللغة البسيطة التي تصل إلى أذهان كافة المستمعين وبعض النصوص تكون ذو قدر أعلى من

البلاغة

لا يفهمها إلّا فئة مُحددة فقط من المثقفين وهكذا .

-والخطوة الرابعة في توصيف وتمييز نوع النص تستند على الوسائل اللغوية المستخدمة في النص والقواعد التي قد تم الاعتماد عليها وشكل هذا النص على هو نصي خطابي عادي أم هو في صورة حوار أو رسالة أو نص يأتي في صورة شرح درس أو معلومة أو تعليقات أو غير ذلك .

-كما يعتمد ذلك أيضًا على تمييز المعايير السياقية للنص والمناسبة التي قد قيل فيها ؛ هل هو خطاب من رئيس إلى الشعب في مناسبة مُحددة، أم هو خطاب من الأب إلى أبنائه أو المعلم إلى تلاميذه أم هو حوار عادي بين الزملاء والأصدقاء وغيرها من المعايير السياقية الأخرى التي تُساعد بشكل كبير جدًا على تحديد شكل ونوع وطبيعة النص أيضًا .

وهناك عدد كبير من المساعي التي ترنو إلى فهم طبيعة وأنواع النصوص بشكل أكبر يُساعد على الوصول إلى توصيفات مُحددة لتمييز أنواع النصوص .

وأخيرًا ؛ فإن علم لسانيات النص ما هو إلى جزء صغير من علوم اللغة الواسعة ذو المفاهيم الكثيرة والمتعددة والتي يجهلها الكثيرين نظرًا إلى تراجع الاهتمام بأساسيات وعلوم

اللغة العربية

، وتُجدر الإشارة أيضًا إلى أن علم اللسانيات ليس مقصورًا على اللغة العربية فقط وإنما هو علم تم تعميمه على كافة

لغات العالم

.

ولكن يتم الاعتماد بشكل أكبر عند توصيف علوم اللغات على اللغة العربية نظرًا إلى انها ذات درجة كبيرة جدًا وهامة من الثراء اللغوي والمفردات والضمائر واللغويات التي لا وجود لها في أي لغة أخرى .