صحة البيئة وتأثيرها على الانسان
اصطلاح أو كلمة بيئة ، هو اصطلاح شائع يطلق على كل مدلول مرتبط بها ، فمثلًا نسمع عن البيئة الصناعية والبيئة الزراعية والبيئة الاجتماعية وغيرهم ، وبالتالي فالبيئة ترتبط ارتباطًا وثيقًا ومباشرًا بنشاط الإنسان نفسه ، وما يقصده من هدف ، وهذا هو الرابط الحقيقي بين الإنسان وبيئته. وفي هذا المقال نشرح العلاقة بين صحة البيئة وتأثيرها على الإنسان.
مفهوم البيئة وأصل الكلمة
كلمة بيئة بالانجليزية هي Ecology ، وهي تعني بالعربية علم البيئة ، وكان أول من أطلق تلك الكلمة هو العالم الألماني هيجل ، عندما أشار إلى كلمتين يونانيتين هما Logos وتعني علم و Oikes وتعني مسكن ، وقام بدمجهما معًا ثم عرف المعنى الشامل لهما بأنها ؛ هذا العلم الذي يدرس علاقة كل الكائنات الحية بالإطار المكاني المحيط بها ، وطريقة معيشتها فيه والغذاء الذي تعيش عليه ، والتجمعات التي تفضل المعيشة فيها وأنواعها ، هذا بالإضافة إلى دراسة عوامل أخرى مؤثرة في تلك الحياة ، مثل المناخ وخصائصه من حرارة ورطوبة ومياه وهواء وغيرهم ، إلى جانب تكوين التربة نفسها.
ومع الوقت اتفق
علماء البيئة
، بأن مفهوم تلك الكلمة يتسع للعديد من العوامل والعناصر ، التي تشمل ما يدور حول الإطار الذي تعيش فيه الكائنات الحية ، ومن ثم تنعكس تلك التأثيرات على الإنسان أو الكائنات الحية التي تعيش في هذا النطاق بوجه عام.[1]
مكونات البيئة
إذا كنا سنتحدث عن البيئة وتأثيرها على الإنسان ، فلابد لنا من تقسيم البيئة في حد ذاتها ، إلى عدد من المكونات التي تمثّل أساسًا لها ، فهي النطاق الذي تعيش من خلالها الكائنات الحية في كل مكان. ولهذا قسم علماء البيئة
مفهوم البيئة
، إلى مكونين رئيسين ، هما البيئة الطبيعية والبيئة المشيّدة.
البيئة الطبيعية
يشير هذا الاصطلاح إلى كل ما هو مخلوق بصورة طبيعية ، ولا دخل للإنسان في صنعه أو تخليقه ، على سبيل المثال ؛ البحار والمحيطات والجبال والأودية ، وكل ما يرتبط بالحياة البرية والمائية ، وجدير بالذكر أن للبيئة الطبيعية تأثيرًا مباشرًا على الإنسان ، وعلى حياة أية جماعة تعيش بالقرب منها أو في قلبها.
البيئة المشيدة
يتعلق هذا المفهوم بكل ما تدخل الإنسان في صنعه وتكوينه وتشييده ، على سبيل المثال ؛ كل ما له علاقة بالبنية المجتمعية والمؤسسات والمباني التي تقبع في خدمة البشر ، ويدخل في تأسيس البيئة المشيدة عناصر كثر من البيئة الطبيعية ، مثل الأراضي على سبيل المثال فهي تمثل وسيلة وأداة ، للتشييد من أجل خدمة احتياجات البشر ، ومن أبرز ما قام الإنسان بتشييده هو المدارس والجامعات والمراكز التجارية والطرق وغيرهم الكثير.[2]
عناصر البيئة
وإذا ما كانت البيئة لها مكوناتها الأساسية ، أو أنواعها التي يمكن تصنيف تكوينها بناء عليها ، إلا أن البيئة تمتلك عناصرًا أخرى يمكن إلقاء النظر عليها.
البيئة الطبيعية
للبيئة الطبيعية ثلاثة عناصر أساسية لا غنى عنها هي ؛ اليابسة والغلاف المائي والغلاف الجوي ، وكل ذلك يشمل تفاصيل أكثر دقة ، مثل الهواء والتربة وما تحويه من معادن وصخور وأحجار ، وكلها موارد استخدمها الإنسان من البيئة ، لتوليد الطاقة والحصول على احتياجاته الأساسية من غذاء ومأوى وكساء.
البيئة البيولوجية
هي العنصر الثاني من عناصر البيئة ، ويقصد بها كل ما يرتبط بالإنسان من أسرة ومجتمع يحيط به ، وكذلك باقي الكائنات الحية ، في دائرة واسعة وشاملة تمثل جزء أصيلًا من البيئة الطبيعية وترتبط بها.
البيئة الاجتماعية
تمثل البيئة الاجتماعية العنصر الثالث من
عناصر البيئة
، وهي تعني شبكة العلاقات الاجتماعية التي تربط الإنسان بكل ما حوله من كائنات ، في إطار البيئتين الطبيعية والبيولوجية ، وتمثل البيئة الاجتماعية الأساس في أي مجتمع ، فالتنظيم داخل أي مجموعات اجتماعية ووضع مسميات واضحة وحدود له ، هو ما يساعد في بناء المجتمعات ومن ثم الحضارة.
فإذا كانت البيئة بهذا الشكل تمثل المكونات والعناصر التي يستطيع الإنسان من خلالها ، الحصول على موارده الأساسية ، واستثمار واستخدام باقي الموارد لسد احتياجاته ، بل وتكوين أسرة وإنشاء علاقات اجتماعية وحضارات ممتدة لسنوات طويلة ، فلابد أن تكون البيئة التي يعيش فيها الإنسان صحية وخالية من أي ملوثات أو شوائب ، وهذا ما يؤكد ضرورة الاهتمام بصحة البيئة نظرًا لتأثيرها المباشر على الإنسان.[3][4]
الإنسان ودوره في البيئة
الإنسان هو أساس كل شيء داخل النظام البيئي ، وإحداث أي تغيير بيد الإنسان في البيئة أو نظامها أو أحد عناصرها ، سوف يؤدي بالطبع إلى نتائج وتأثيرات على قدر تدخل الإنسان في هذا النظام البيئي المحكوم بقوانين ثابتة. ومع التقدم العلمي والتكنولوجي ، ازداد تحكم الإنسان وبدأ في فرض سيطرته بشكل أكبر ، بحيث يستطيع تسخير البيئة وفقًا لأهدافه ورغباته ، وبمرور الأعوام يحكم الإنسان قبضته على البيئة ومكوناتها ؛ فنجد أنه قد اقتطع الأشجار والغابات وقام بتصحير الأراضي لينشيء عليها ما يرغب من مبانٍ ، بالإضافة إلى وضع الأسمدة بالتربة والمزروعات ، والتخلص من مخلفات المصانع بالأنهار ، وأدخنتها في الهواء ، كل تلك الأمور كانت من أجل تحقيق أهداف التقدم التكنولوجي ، إلا أنه قد أخل بشكل كبير بالنظام البيئي المستقر.[5]
تأثير البيئة على الإنسان
في هذا الأمر ، نسرد بعض التأثيرات الناتجة عن تعامل الإنسان مع البيئة ، وما أدى إليه إخلاله بأهم الأسس التي خلقها الله عليها ، ومن أبرز تلك التأثيرات هو التأثير على العلاقات بين البشر ؛ والبيئة الصحية والمريحة للنفس ، دائمًا ما تسهل على البشر علاقاتهم وتجعلها أكثر مرونة ويسرًا ، وكذلك التأثير على سلوكياتهم ؛ فكلما كانت بيئة العمل نظيفة وهادئة ، كلما حقق الإنسان أعلى معدلات الإنجاز في عمله.
كما تؤثر البيئة على الحالة المزاجية للإنسان ؛ فالبيئة الصحية المضيئة ، تؤثر على طاقة الإنسان وتمنحه قدرات أعلى للعمل والاجتهاد ، وهذا بدوره يؤثر على جودة الإنتاج ودورته ، كما تقلل البيئة الصحية من مستوى التوتر للإنسان ، وتحد من إصابته بحالات الاكتئاب المتكررة ، ومن ثم تؤثر على
متوسط العمر
بوجه عام.[6][7]
الإنسان في مواجهة التحديات البيئية
إذا كان الإنسان جزءً أصيلًا من البيئة التي يعيش فيها ، فهو بالطبع يستخدم مكوناتها ومواردها من أجل الحياة ، فهو يستخدم هوائها للتنفس ، ومن ثم يقوم جسمه بالعمليات الحيوية الضرورية لإبقائه على قيد الحياة ، كما يستخدم موارد
الطاقة الدائمة
أو المصنعة ، لاستكمال احتياجاته ، هذا بغض النظر عن كل ما يلجأ له الإنسان لسد احتياجاته ، ولكنه للأسف يعرض كل تلك المكونات والموارد البيئية للتلوث الذي يؤثر بدوره عليه ، وهنا يجب على الإنسان أن يبحث عن حلول واقعية لتلك المشاكل ، ويمكن أن يتم ذلك عن طريق:
- البحث عن بديل واضح ومستمر للطاقة ، من أجل توفير الغذاء المناسب للأعداد المتزايدة من البشر.
- تطوير أنظمة حديثة ، للتخلص من الفضلات المتزايدة ، دون تلويث للبيئة المحيطة والحفاظ على اليابسة والماء والهواء.
وأخيرًا يمكن القول ، أن العلاقة بين البيئة والإنسان هي علاقة تبادلية في المقام الأول ، فكل ما يفعله الإنسان داخل البيئة ينعكس عليه ، فإذا ما نعمت البيئة بواقع صحي ، استطاع الإنسان أن يستفيد منها بشكل جيد ، ويعيش في مناخ أكثر أمنًا بالنسبة له.[8]