قصة اكتشاف قبر الملك توت

قضى عالم الآثار البريطاني وعالم المصريات

هوارد كارتر

تحت رعاية اللورد كارنارفون سنوات عديدة، وأنفق الكثير من المال في البحث عن مقبرة في وادي الملوك في مصر لم يكونوا متأكدين من وجودها بعد، لكن في 4 نوفمبر 1922 لم يكتشف كارتر قبراً مصرياً قديماً مجهولاً فحسب، بل اكتشف أيضاً قبراً لم يتمكن أحد من إزعاج ملكه من أكثر من 3000 عام، وهو قبر الملك توت الذي أذهل العالم.

كارتر واللورد كارنارفون

كان كارتر يعمل في مصر لمدة 31 عام قبل أن يجد قبر الملك توت، بدأ حياته المهنية في مصر في سن السابعة عشر، مستخدماً موهبته الفنية لنسخ مشاهد الحوائط وما عليها من نقوش، بعد ثماني سنوات في عام 1899، تم تعيين كارتر المفتش العام للآثار في صعيد مصر، في عام 1905 استقال كارتر من هذا المنصب وفي عام 1907 ذهب للعمل لدى اللورد كارنارفون.

أحب إيرل كارنارفون الخامس، أن يتجول في السيارات التي تم اختراعها حديثاً، لكن حادث سيارة في عام 1901 تسبب له في حالة صحية سيئة، وتعرض اللورد كارنارفون للضعف بسبب الشتاء الإنكليزي، ولهذا أراد أن يقضي فصل الشتاء في مصر في عام 1903، الوقت الطويل الذي كان يأخذه كارنارفون في مصر، جعله يهتم بعلم الآثار كهواية، إلا أنه لم يجد إلا قطة محنطة، ولهذا قرر اللورد كارنارفون استئجار شخص على دراية بالآثار، لهذا استأجر هوارد كارتر.

البحث الطويل عن المقابر الفرعونية

بعد عدة فصول ناجحة نسبياً، توقف نشاط الحرب العالمية الأولى في مصر، وبذلك بحلول خريف عام 1917، بدأ كارتر واللورد كارنارفون التنقيب بشكل جدي في وادي الملوك.

صرح كارتر أن هناك العديد من الأدلة التي تم العثور عليها بالفعل، مثل كوب القيشاني، وقطعة من رقائق

الذهب

، وذاكرة التخزين المؤقت للعناصر الجنائزية التي تحمل جميعها اسم توت عنخ آمون، وكل هذه الأشياء جعلت كارتر يعتقد أن قبر الملك توت لا يزال لم يُعثور عليه، ويعتقد كارتر أيضاُ أن مواقع هذه العناصر تشير إلى منطقة محددة قد يجدون فيها قبر

الملك توت

عنخ آمون، كان كارتر مصمماُ على البحث المنتظم في هذه المنطقة عن

طريق التنقيب

بشكل عميق.

وجد كارتر بعض أكواخ

العمال

القديمة عند سفح قبر رمسيس السادس و13 جرة كالسيت عند مدخل قبر مرنبتاح، إلا أن كارتر لم يكن لديه الكثير لإظهاره حول قبر الملك الشاب بعد خمس سنوات من التنقيب في وادي الملوك، وهكذا قرر اللورد كارنارفون إيقاف البحث، إلا أنه بعد مناقشة مع كارتر تراجع كارنارفون ووافق على البقاء لموسم تنقيب أخر.[1]

قبر الملك توت عنخ امون

دفن توت عنخ آمون في قبر كان صغيراً بشكل غير عادي بالنظر إلى وضعه، ووفاته قد حدثت بشكل غير متوقع، وذلك قبل الانتهاء من أعظم مقبرة ملكية كانت يتم بنائها له، مما تسبب في أن يتم دفنه في مقبرة مخصصة لشخص آخر، هذا جعلهم يحافظون على الاحتفال بعادة 70 يوماً بين الموت والدفن.

تعرض قبر توت عنخ أمون للسرقة مرتين على الأقل في العصور القديم، ولكن من المحتمل أن تكون هذه السرقات وقعت في غضون عدة أشهر على الأكثر من الدفنة الأولي، لقد فُقد موقع القبر لأنه قد تم دفنه من على حطام من المقابر، وتم بناء منازل العمال على مدخل القبر.

بداية التنقيب عن قبر توت عنخ أمون

عقد حقوق امتياز للتنقيب في وادي الملوك من قبل تيودور ديفيز من 1905 حتى 1914، في ذلك الوقت كان قد اُكتشفت عشر مقابر بما في ذلك مقبرة سليمة تقريباً تعود للملكة تيي والآباء يويا تجويو، بينما واصل العمل هناك في السنوات اللاحقة، ولم يكتشف شيء ذي أهمية كبرى، ووجد ديفيس عدة أشياء في المقابر تشير إلى توت عنخ آمون والتي تضمنت المقابض والأيدي التي تحمل اسمه وأهمها مخبأ التحنيط للملك، كان يعتقد أن هذا هو قبر

الفراعنة

المفقود ونشر نتائجه على هذا النحو، حيث قال “أخشى أن وادي المقابر قد استنفد”.

في عام 1907 تم دعوة هوارد كارتر من قبل ويليام جارستين وجاستون ماسبيرو للتنقيب مع جورج هيربرت وإيرل كارنارفون الخامس في الوادي، كان إيرل كارنارفون وكارتر يأملان أن يؤدي هذا إلى حصولهم على الامتياز عندما تخلى ديفيز عنه، ولكن كان يجب أن يكون راضياً عن الحفريات في أجزاء مختلفة من مقبرة ذيبان لمدة سبع سنوات أخرى.

بعد بحث منهجي، ابتداء من عام 1915 اكتشف كارتر قبر توت عنخ آمون الفعلي (KV62) في نوفمبر 1922، بحلول فبراير 1923، تم إزالة غرفة الانتظار من كل شيء ما عدا تمثالين، تم اختيار يوم ووقت فتح القبر مع حوالي عشرين من الشهود المعينين من بينهم اللورد كارنارفون والعديد من المسؤولين المصريين وممثلي المتاحف وموظفي المكتب الصحفي الحكومي، في 17 فبراير 1923 وفي تمام الساعة الثانية بعد الظهر، تم كسر الختم.[2]

محتويات قبر توت عنخ أمون

تم العثور على 5398 قطعة في القبر، بما في ذلك تابوت ذهبي صلب، وقناع للوجه وعروش، وأقواس رماية، وأبواق وكؤوس لوتس، طعام، ونبيذ، وصنادل، وملابس داخلية من الكتان جديدة، واستغرق هوارد كارتر 10 سنوات لتصنيف العناصر، ويشير التحليل الأخير إلى أن خنجراً تم انتشاله من المقبرة كان يحتوي على شفرة حديدية مصنوعة من نيزك.

دراسة الآثار في ذلك الوقت بما في ذلك القطع الأثرية الأخرى من قبر توت عنخ آمون يمكن أن توفر رؤى قيمة في تقنيات تشغيل المعادن في جميع أنحاء

البحر الأبيض المتوسط

في ذلك الوقت.

حوالي 80٪ من المعدات دفنت مع توت عنخ آمون، بما في ذلك قناع توت عنخ آمون، وفي عام 2015 نشر عالم المصريات الإنجليزي نيكولاس ريفز أدلة تُظهر أن خرطوشة سابقة على قناع الذهب الشهير لتوت عنخ آمون، تشير الكتابة التي تحتويها على أنه تم صنع القناع في الأصل لنفرتيتي زوجة الملك إخناتون، ولقد استخدموا الاسم الملكي عنخ خيبرور عندما كانت تتولى العرش على الأرجح بعد وفاة زوجها، ربما تكون نفرتيتي قد أطيح بها في صراع على السلطة وربما حرمت من دفن ملكي، أو دفنت مع معدات إخناتون الجنائزية على أيدي مسؤولي توت عنخ آمون، حيث خلفها توت عنخ آمون كملك لها.

في 4 نوفمبر 2007 ، بعد مرور 85 عاماً على اكتشاف كارتر، تم عرض مومياء توت عنخ آمون في قبره تحت الأرض في الأقصر، عندما تمت إزالة المومياء الملفوفة بالكتان من تابوتها الذهبي إلى صندوق زجاجي يتم التحكم فيه بالمناخ، تم تصميم العلبة لمنع ارتفاع معدل التحلل الناتج عن الرطوبة والدفء من السياح الذين يزورون المقبرة، في عام 2009 تم إغلاق القبر من قبل وزارة الآثار ومعهد غيتي الأمريكي للمحافظة على القبر والترميم، في حين تم التخطيط للإغلاق القبر لمدة خمس سنوات لاستعادة الجدران المتأثرة بالرطوبة، وبعد ثورة 2011 المصرية أُعيد فتح القبر في فبراير 2019، لاستكمال مشروع الترميم.

لسنوات عديدة استمرت الشائعات عن ( لعنة الفراعنة)، بسبب الأقوال المؤكدة على الموت المبكر لبعض الذين دخلوا القبر، كان منهم جورج هيربرت، إيرل كارنارفون الخامس، الذين توفوا في 5 أبريل 1923، بعد خمسة أشهر من اكتشاف الخطوة الأولى المؤدية إلى القبر في 4 نوفمبر 1922.[3]