القومية في السياسة والثقافة

تشير

القومية

الثقافية عموماً إلى الأفكار والممارسات المتعلقة بثقافة المجتمع القومي المزعوم، وعلى الرغم بأن القومية السياسية ركزت على تحقيق الاستقلال السياسي، فإن القومية الثقافية تركز على تنمية الأمة، هنا تكمن رؤية الأمة في أنها ليست منظمة سياسية، بل جماعة أخلاقية، وعلى هذا النحو تنطلق القومية الثقافية لتوفير رؤية لهوية الأمة وتاريخها ومصيرها، والعوامل الأساسية في القومية الثقافية هم المثقفون والفنانون الذين يسعون إلى إيصال رؤيتهم للأمة إلى المجتمع الأوسع، وتميل الحاجة الآن إلى التعبير عن هذه الرؤية بشدة خلال أوقات الاضطرابات الاجتماعية والثقافية والسياسية الناتجة عن مواجهة

الحداثة

.

بداية التاريخ القومي

يبدأ تاريخ القومية الثقافية في أواخر القرن الثامن عشر في أوروبا، وقد تلقى العديد من التطورات في مجالات الأفكار والثقافة والسياسة في هذا الوقت، بما في ذلك ظهور التاريخي المتعدد واللغويات الهندية الأوروبية وصعود الرومانسية في الأدب والفنون والالتزام المتزايد بالسياسة الدستورية وفكرة (الحكم من قبل الشعب).

بهذه الفترة من التغيير ظهر Weltanschauung مع نظرية الرؤية الكونية الشاملة، الذي قدم تصوراً ملخصاً للكون، حيث تم تحريك جميع الكيانات الطبيعية بقوة تفردت بها بدافع تحقيق الأهداف، فأصبحت الأمة هي أمة واحدة ذات قوى حياتية ذات شعباً بدائياً وثقافياً وإقليمياً، وتمكن الأفراد من خلاله من تطوير أصالة الكائنات بالجانب الأخلاقي والعقلاني.

كجزء من هذا المنظور العالمي الجديد، كان ظهور الإيمان بإمكانية التقدم أمراً بالغ الأهمية، وفقاً لغريغوري جوسدانيس، أصبح المثقفون في وسط وشمال أوروبا يدركون “تخلفهم” في مواجهة الهيمنة الفرنسية وسعوا إلى الحصول على مكانة عالية في ثقافتهم، وفي

الوقت

نفسه بدء برنامج التقدم في أوروبا، وانتشرت القومية الثقافية في الخارج، مستمتعةً بالنشاط المتجدد في جهود إنهاء الاستعمار في القرن العشرين، وهي الآن أصبحت ظاهرة متكررة في جميع أنحاء

خريطة العالم

.

الطبيعة الحديثة للقومية

القومية هي حركة حديثة وعلى مر التاريخ كان الناس مرتبطون بأرضهم الأصلية وتقاليد آبائهم وسلطاتهم الإقليمية، لكن حتى القرن الثامن عشر الميلادي لم نكن كما نعرفها كما نعرفها الآن، حيث أصبحت القومية مشاعر معترف بها عموماً لتشكل الحياة العامة والخاصة وتعتبر واحد من أكبر وإن لم يكن أعظم العوامل المحددة للتاريخ الحديث، نظراً لحيويتها الديناميكية وشخصيتها الشاملة.

غالباً ما يُعتقد أن القومية قديمة جداً، في بعض الأحيان يعتبر خطأً لو اعتبرنا القومية عامل دائم في السلوك السياسي القديم، ففي الواقع فإن أمريكا والثورات الفرنسية يمكن اعتبارها أول مظاهر القومية.

الجدير بالذكر أن القومية اخترقت بلدان أمريكا اللاتينية الجديدة، وانتشرت في أوائل القرن التاسع عشر إلى وسط أوروبا ومن هناك في اتجاه منتصف القرن إلى شرق وجنوب شرق أوروبا، وفي بداية القرن العشرين ازدهرت القومية في آسيا وإفريقيا، وهكذا أُطلق على القرن التاسع عشر عصر القومية في أوروبا، بينما شهد القرن العشرين صعود ونضال حركات وطنية قوية في جميع أنحاء آسيا وإفريقيا.[1]

تحديد الدول والناس وفق القومية

القومية المترجمة إلى السياسة العالمية، تعني تحديد دولة أو أمة من الناس، أو على الأقل تحديد الولاية وفقاً للمبادئ الإثنوغرافية، في عصر القومية ولكن فقط في عصر القومية، تم الاعتراف عموماً بالمبدأ بأن كل جنسية يجب أن تشكل دولة، وأن الدولة يجب أن تضم جميع أعضاء تلك الجنسية، فقديماً كانت الولايات السابقة أو الأقاليم الخاضعة لإدارة واحدة لم تكن محددة بالجنسية، لم يكن الناس تعطي ولائهم للدولة القومية أو لأي شكل أشكال التنظيم السياسية.

الدولة القومية لم تكن موجودة خلال الجزء الأكبر من التاريخ، ولم تعد حتى لفترة طويلة مثالية، ففي القرون الخمسة عشر الأولى من الحقبة المشتركة، كان المثل الأعلى والولاء للدولة العالمية التي تحكم أكثر من دولة ومنطقة، وليس الولاء لأي كيان سياسي منفصل، كما نرى في الإمبراطورية الرومانية والامبراطوريات و

الدول الإسلامية

التي قامت في أماكن مختلفة.

كما الولاء السياسي قبل عصر القومية لا يحدد بالجنسية، لذلك لم يتم التفكير في الحضارة على أنها مصممة وطنياً خلال العصور الوسطى، بل كان ينظر إلى الحضارة على أنها مصممة دينياً، مثل جميع الجنسيات المختلفة من المسيحية بالإضافة إلى جنسيات الإسلامية، لم يكن هناك سوى حضارة واحدة إما مسيحية أو مسلمة، وكان هناك لغة واحدة للثقافة سواء لاتينية أو العربية.

في وقت لاحق في فترات النهضة والكلاسيكية، كانت الحضارة اليونانية والرومانية القديمة قاعدة عالمية صالحة لجميع الشعوب وجميع الأوقات، بعد ذلك تم قبول الحضارة الفرنسية في جميع أنحاء أوروبا باعتبارها حضارة صالحة للمتعلمين من جميع الجنسيات، فقط في نهاية القرن الثامن عشر، تم اعتبار الحضارة على أساس الجنسية لأول مرة، عندها تم طرح المبدأ الذي يقول إنه يجب أن يلقوا الناس تعليمهم بلغتهم الأم فقط، وليس بلغات الحضارات الأخرى، سواء كانت لغات كلاسيكية أو إبداعات أدبية لشعوب أخرى وصلت إلى درجة عالية من الحضارة.[2]

القومية الثقافية

منذ نهاية القرن الثامن عشر فصاعداً، كان تأميم التعليم والحياة العامة يسيران جنباً إلى جنب مع تأميم الدول والولايات السياسية، وبدأ الشعراء والعلماء التأكيد على القومية الثقافية أولاً، وقاموا بإصلاح اللغة الأم، ورفعوها إلى رتبة لغة أدبية، وتعمقوا في الماضي الوطني، وهكذا أعدوا الأسس للمطالبات السياسية لإقامة الدولة الوطنية التي سيثيرها قريباً الأشخاص الذين أشعلوا فيها الروح القومية الوطنية.

قبل القرن الثامن عشر كانت هناك أدلة على الشعور القومي بين مجموعات معينة في فترات مختلفة، وخاصة في أوقات التوتر والصراع، وشجع صعود الشعور القومي إلى أهمية كبيرة للسياسية من قبل عدد من التطورات المعقدة، مثل إنشاء دول مركزية كبيرة يحكمها بشكل مطلق الملوك الذين دمروا الدول القديمة إقطاعية الولاءات.

بالإضافة إلى علمنة الحياة والتعليم، والتي عززت

العامية

واللغات وأضعفت روابط الكنيسة والطائفة، ونمو التجارة التي طالبت بوحدات إقليمية أكبر لإتاحة المجال للروح الديناميكية للطبقات المتوسطة الصاعدة ومشاريعها الرأسمالية، أصبحت هذه الدولة الإقليمية الموحدة الكبيرة، مع مركزيتها السياسية والاقتصادية والتي أصبحت مشبعة في القرن الثامن عشر بروح جديدة وهى روح الحماسة العاطفية الشبيهة بحركة الحركات الدينية في الفترات السابقة، والتي تعمل تحت تأثير النظريات الجديدة لسيادة الشعب والحقوق الفردية.

نتيجة لمما سبق حل الشعب محل الملك باعتباره مركز الأمة، لم يعد الملك هو الأمة أو الدولة، حيث أصبحت الولاية لدولة الشعب أو الدولة القومية أو

الوطن

الأم، أصبحت الدولة مرتبطة بالأمة، وحينها أصبحت الحضارة مرتبطة بالحضارة الوطنية.

يتعارض هذا التطور مع المفاهيم التي سيطرت على الفكر السياسي في السنين السابقة، حتى ذلك الحين تم التشديد بشكل عام على العالمي والاتحاد، إلا أن القومية شددت على والاختلافات، والأفراد والقوميات والثقافات المختلفة.

في البداية كانت القومية أقل جاذبية فلم تكن واضحة، وفي القرنين السابع عشر والثامن عشر، كانت هناك معايير مشتركة للحضارة الغربية، وأصر المسيحيين على إبقاء كل هذه التقاليد الخاصة بهم التي كانت لا تزال قوية للغاية بحيث لا تسمح للقومية بالتطور بشكل كامل، وهكذا كان يُعتقد أن القومية في بدايتها تتوافق مع المعتقدات العالمية والمحبة العامة للبشرية، وخاصة في

أوروبا الغربية

وأمريكا الشمالية.

القومية السياسية في أمريكا

في العصر الحديث، تركزت عقيدة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على السياسات القومية التي تشمل زيادة التعريفات الجمركية على الواردات، وقمع الهجرة غير الشرعية، وانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقيات التجارية التي تعتقد إدارة ترامب أنها ضارة بالأمريكيين، وصف النقاد علاقة

ترامب

القومية بأنها سياسة هوية بيضاء، في الواقع تزامن انتخابه مع ظهور ما يسمى حركة اليمين المتطرف، وهي مجموعة مترابطة بشكل فضفاض من الشباب والجمهوريين الساخطين والقوميين البيض.[3]