التلاعب بالعقول Gaslighting

يستخدم

علماء النفس

مصطلح “التلاعب بالعقول” للإشارة إلى نوع معين من المعالجة، حيث يحاول المتلاعب حث شخص آخر أو مجموعة من الأشخاص على التشكيك في واقعهم أو ذاكرتهم أو تصوراتهم، إنها مشكلة خطيرة وفقا لما يؤكده علماء النفس، حيث يقول علماء النفس أن : ” خطر التخلي عن واقعك وتصوراتك أمر خطير للغاية ” [1] .

التلاعب بالعقول وسياسة الخداع

التلاعب بالعقول هو تكتيك يقوم فيه الشخص أو الكيان – من أجل الحصول على المزيد من السلطة – بجعل الضحية لا يعرف شيئا عن حقيقة الأمر، وهي طريقة مؤثرة للغاية، وأي شخص معرض لأنه يتم التلاعب بعقله، وهذا الأسلوب شائع بين المسيئين و

الديكتاتوريين

والنرجسيين، ويتم ذلك ببطء لذلك لا تدرك الضحية مقدار تعرضها لغسيل دماغ، على سبيل المثال في فيلم Gaslight (1944) يتلاعب الرجل بزوجته إلى الحد الذي جعلها تعتقد فيه أنها تفقد عقلها .

فن اللعب بالعقول

هذه 10 علامات تدل على وجود ظاهرة ” التلاعب بالعقول ” [2] :

قول الأكاذيب الصارخة

ففي حين تكون متأكدا أن ما يقال لك كذبة صريحة، يؤكد المتلاعب لك أنه يقول الحقيقة وأن هذه ليست كذبة، وبالتالي تكون دائما في حالة عدم تأكد مما يقال لك ” هل هو كذبة أم لا ؟ ” .

إنكار قول الأشياء

أنت تعلم أنهم قالوا إنهم سيفعلون كذا وكذا، وأنت تعرف أنك سمعت ذلك منهم، لكنهم ينكرون ذلك، وهذا ما يجعلك تبدأ في التشكيك في واقعك – ​​ربما لم يقولوا هذا الشيء أبدا ! وكلما فعلوا ذلك كلما شككت في واقعك وبدأت في قبول واقعهم هم .

استغلال حبك لأشخاص وأشياء معينة

إنهم يعرفون مدى أهمية أطفالك بالنسبة إليك، وهم يعرفون مدى أهمية هويتك بالنسبة لك، لذلك قد تكون تلك واحدة من أول الأشياء التي يهاجمونها، إذا كان لديك أطفال فسيخبرونك أنه ما كان ينبغي أن تنجب هؤلاء الأطفال، وسيخبرونك أنك ستكون شخصا أفضل إذا لم تكن لديك هذه القائمة الطويلة من

السمات السلبية

، وبالتالي فهم يهاجمون أساسك ووجودك وشخصيتك .

الاستمرار في التلاعب ببطء

هذا هو أحد الأشياء الخبيثة المتعلقة بالتلاعب بالعقول، حيث يتم الأمر تدريجيا وبمرور

الوقت

، فكذبة هنا وكذبة هناك وتعليق بسخرية في كل مرة، وبعد ذلك يبدأ الأمر في التصعيد، فحتى أكثر الناس ذكاءا والذين يكون لديهم إدراك ذاتي، يمكن أن يتعرضوا للتلاعب بالعقول، فالاستمرار ببطء أمر فعال، فالأمر أشبه بضفدع في مقلاة يتم فيها رفع الحرارة ببطء، لذلك لا يدرك الضفدع أبدا ما يحدث له .

عدم تطابق الأفعال مع الكلمات

عند التعامل مع شخص أو كيان معين انظر إلى ما يفعله بدلا مما يقوله، فما يقولونه لا يعني شيئا، إنه مجرد كلام، وبالتالي يكون ما يفعلونه هو الشيء الحقيقي بالفعل .

إعطائك بعض التعزيز الإيجابي

هذا الشخص أو الكيان الذي دائما ما يخبرك أنه ليس لديك قيمة، هو الآن يشيد بك لشيء قمت به، هذا يضيف شعور إضافي بعدم الارتياح، فأنت ستعتقد بعدها أنه ربما لم يكن هذا الشخص سيئا للغاية، وهذا هو ما يريده، فهذه محاولة محسوبة منه لإبعادك عن اكتشاف ما يقوم به، من أجل أن ينجح في جعلك تتشكك في واقعك .

هز استقرارك

يعرف الأشخاص الذين يقومون بالتلاعب بالعقول أن الناس يحبون الشعور بالاستقرار والحياة الطبيعية، ويكون هدفهم هو اقتلاع هذا الأمر منك وجعلك تسألهم باستمرار عن كل شيء، وهذا يجعلك تنظر لهم على أساس أنهم هم الأمان والاستقرار، وبما أن الميل الطبيعي للبشر يكون في النظر إلى الشخص أو الكيان الذي يقدم يد المساعدة بأنه رمزا للاستقرار، فإن هذا يجعله أكثر سيطرة عليك .

تشتيت انتباهك بالاتهامات

ربما يكون متلاعبي العقول

متعاطو مخدرات

أو غشاشون، لكنهم يتهمونك أنت بذلك، لكي تبدأ بمحاولة الدفاع عن نفسك، وتشتت انتباهك عن سلوكهم الخطير .

التشكيك في الأشخاص من حولك

إن خبراء التلاعب بالعقول هم أسياد التلاعب، حيث سيستخدمون الأشخاص من حولك ضدك، وسيقدمون بإلقاء تعليقات مثل “هذا الشخص يعرف أنك لست على حق” أو “هذا الشخص يعرف أنك عديم الفائدة”، لكن ضع في اعتبارك أن هذا لا يعني أن هؤلاء الأشخاص قالوا هذه الأشياء عنك بالفعل، لأن المتلاعبين بالعقول كاذبين كبار، حيث يستخدمون هذا التكتيك لجعلك تشعر أنك لا تعرف من تثق به حقا، وهذا يقودك مباشرة إلى اللجوء لهم في كل مرة، وهذا بالضبط ما يريدون، فعزلتك عن الآخرين تمنحهم مزيدا من التحكم .

يقولون لك وللآخرين أنك مجنون

هذه هي واحدة من أكثر الأدوات فاعلية في التلاعب بالعقول، لأن المتلاعبين يعرفون أنه إذا ما تم التشكيك في عقلك فلن يصدقك الناس عندما تخبرهم أن هذا المتلاعب شخص مسيء، لذا فإن هذه التقنية من التقنيات الرئيسية لديهم في التلاعب .

كيفية التلاعب بالكلام

ليس سرا بالطبع أنه يمكن التلاعب بالناس عن طريق اللغة، وبشكل عام، يمكن تقسيم تقنيات التلاعب إلى ثلاث فئات : الحيل المنطقية، الحيل البلاغية، والحيل النفسية، وكل فئة لديها العشرات من التقنيات الفرعية، فلا توجد حدود لقوة اللغة واستراتيجية التأثير والتلاعب [3] .

والتلاعب بالكلام لن يتم توضيحه إلا من خلال بعض الأمثلة، فمثلا إذا نظرنا عن حالة من حالات التلاعب العائلي سنجد حالة تحكي عن أندرو ووالده، حيث أن والد أندرو رجل غاضب بشكل مستمر، بحيث يخشى أندرو كل يوم أن يقلب مزاج والده لأنه غالبا ما ينفجر في نوبات من الغضب، ويصف أندرو بأنه لقيط وخاسر ولا قيمة له وفاشل، ومن بين العديد من الأسماء الأخرى الضارة التي يصفها بها والده، عندما يواجه أندرو والده بشأن هذا الكلام وهذه الأسماء العدوانية، يضحك والد أندرو ويخبره أن يتوقف عن كونه شديد الحساسية !!

وفي حكاية أخرى عن التلاعب في العلاقة الزوجية نجد ” جاد ” التي تزوجت منذ 5 سنوات ولديها طفلان صغيران وزوجها مايك، وعلى مدار الأشهر القليلة الأخيرة كانت جاد تحاول إنشاء متجر فني صغير، لكن عندما تطلب مساعدة من زوجها فإن مزاجه ينقلب ويقول لها : ” لا أستطيع أن أصدق أنك ستقضي الكثير من الوقت في هذا المتجر، ألا تهتمي بي ؟ ألا تهتمي بأطفالك ؟ وعندما تقول له جاد أنها لم تكن تريد أكثر من مساعدته في إنشاء المتجر، وأنها لم تكن مهملة أبدا لأيا منهم، يقترب منها مايك ويخبرها أنه عندما تزوجها كان هذا على أساس أنها ستكون موجودة فقط من أجل عائلتها، ويخبرها أنه يجب عليه بناءا على هذا أخذ الأطفال والذهاب بعيدا .

وعندما يمر الوقت ويهدأ مايك وتجلس معه زوجته وتلومه حول تهديده لها، يقول مايك : ” عزيزتي أنتي تعلمي أنكي تبالغي في رد فعلك، وأنتي تعلمي كم أنتي مهووسة بهذا المتجر كثيرا، وهذا ما يجعلنا نشعر بالتجاهل والإقصاء أنا وأبنائك، أتمنى أن تفهمي ذلك ” [4] .

وهكذا في العديد من الحالات التي يتم فيها التلاعب العقلي والنفسي بالأفعال والكلمات، والتي تجعل المتلاعب به يشك في نفسه وفي واقعه ووجوده وحتى نواياه .