كيف يخطط العلماء لعلاج فيروس كورونا

اجتاحت حالة الفزع اجتاحت العالم بعد إعلان منظمة الصحة العالمية انتشار فيروس كورونا نوفا وتحوله إلى وباء، وقد ظهرت العديد من الحالات ، وتعداد الوفيات وصل إلى أكثر من ألف شخص في الصين فقط ، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية .

الخوف من انتشار الوباء جعل العلماء يحاولون البحث على قدم وساق للبحث عن طرق علاجية لهذا الوباء، وفي التقرير التالي سنتحدث عن كيف يخطط العلماء لعلاج فيروس كورونا .[1]

كيف يعمل العلماء للسيطرة على وباء كورونا

وفقًا للأستاذ في كلية ميلمان للصحة العامة بجامعة كولومبيا ستيفن مورس ، فإن هناك عدد قليل من الأدوية المضادة للفيروسات ، لبعض الأمراض الفيروسية مثل فيروس نقص المناعة البشرية “الإيدز” HIV ، وفيروس الكبدي الوبائي ب ، وهذا بسبب عدم قدرة الأطباء على فك شفرة الحمض النووي DNA لهذه الفيروسات .

وأضاف أن السنوات الأخيرة ، شهدت تطور كبير لمضادات الفيروسات خاصة بفيروس العوز المناعي البشري، التي أثبتت أنه قد يمكن اكتشاف أدوية لأنواع فيروسات مختلفة، وعلى الرغم من هذا فإن تطوير العقاقير الطبية الجديدة يتطلب ضخ استثمارات ضخمة من الوقت والموارد.

لذلك  لا يجب أن ينتظر الأطباء الدواء المعجزة ، بل يمكن إعادة النظر والبحث في الأدوية المضادة للفيروسات الموجودة حاليًا في الأسواق واستخدامها لعلاج الفيروس الجديد .

هذا هو بالضبط الطريق الذي سلكه الأطباء لعلاج رجل يبلغ من العمر 35 عامًا في ولاية واشنطن ، وهو أول مريض أمريكي مصاب بفيروس كورونا الجديد ، عندما ساءت الأعراض ، قام الأطباء بإعطائه دواءً غير موافق عليه مضاد للفيروسات يسمى ريمسيفير تم تطويره أصلاً لعلاج فيروس الإيبولا ، وفقًا لتقرير صحفي نُشر في 31 يناير في مجلة نيو إنجلند الطبية .

وقبل إعطاء المريض هذا العلاج ، قام الأطباء مخاطبة إدارة الغذاء والدواء (FDA) ، بإجراء يعرف باسم “استخدام متعاطف” وهو الذي يسمح بإعطاء الأدوية التجريبية للمرضي خارج التجارب السريرية ، وعادة ما توافق الإدارة في حالات الطوارئ ، وهو ما ساهم في إنقاذ حياة المريض ، حيث تحسنت حالته وخرج من المستشفي ، ولا يعاني من أي آثار جانبية للدواء .

بالإضافة إلى إن التجارب التي تتم على الحيوانات ، وجد العلماء أن دواء ريمسيفير يمكنه القضاء على أنواع فيروسات قديمة لكورونا ، وأمراض مثل التي تسبب متلازمة الجهاز التنفسي في الشرق الأوسط (MERS) ومتلازمة الجهاز التنفسي الحادة الوخيمة ( السارس ).

وقالت شركة جلعاد للعلوم ، وهي شركة أدوية بيولوجية تقوم بتطوير العقار ، في بيان إنه على الرغم من الأطباء استخدموه في حالات الطوارئ لأشخاص في مراحل متأخرة من فيروس كورونا ، إلا أنه لم يثبت فعاليته أو آمنه على المرضي . [1]

المعارك الفيروسية في المختبرات

في الآونة الأخيرة ، قام مجموعة من الباحثين باختبار عدد من الأدوية المضادة للفيروسات في المختبر للتأكد من فعاليتها ضد فيروس كورونا الجديد  ، وجدوا أن دواء remdesivir أوقف الفيروس من التكاثر في طبق مختبر وبالمثل ، وجدت المجموعة أن الكلوروكين – وهو دواء معتمد ومستخدم على نطاق واسع لمكافحة الملاريا وأمراض المناعة الذاتية – كان فعالًا أيضًا في منع الفيروس من الانتشار في الخلايا البشرية في المختبر .

وكلا العقارين كانا فعالين في التركيزات المنخفضة ، ولم يكن أي عقار لها آثار جانبية سيئة على للخلايا البشرية .

نتائج مشجعة لكن ليست مفاجئة

وقال فانشيو تشو الأستاذ بقسم العلوم البيولوجية بجامعة ولاية فلوريدا والذي لم يكن جزءا من الدراسة “هذه النتائج كانت مشجعة لكنها لم تكن مفاجئة” بسبب الاختبارات التي كانت تتم في السابق في مرضى الايبولا واضطراب الخلايا والنماذج الحيوانية.

رغم أن الباحثين توقعوا أن تحقق تلك الأدوية فعالة ، إلا أن هذه المجموعة أثبتت فعاليتها ، على الأقل في المختبر ، في فترة زمنية قصيرة .

وقال مورس إنه على الرغم من هذه النتائج ، فإن اختبار الأدوية المضادة للفيروسات في المختبر “هو البداية وليس نهاية العملية”. إذا كان يعمل في المختبر ، أو حتى في النماذج الحيوانية ، “هذا لا يضمن أنه سيكون ذو فعالية عند استخدامه على البشر.

وقال الدكتور آميش أداليا ، أخصائي الأمراض المعدية وكبير الباحثين في مركز جونز هوبكنز: “أعتقد أن هناك الكثير من الأمل في أن يكون لعلاج لرسميديرس بعض التأثير ، ونحن نحاول اكتشاف هذا من خلال التجارب السريرية”.

البحث عن ادوية لفيروس كورونا

علاج الفيروسات ليس بنفس سهولة البكتريا ، يرجع ذلك إلى تنوع وكثرة أعداد وأنواع الفيروسات التي لها خصائص فريدة لا يمكن القضاء عليها باستخدام أدوية واسعة النطاق مثل المضادات الحيوية .

حيث أن الفيروسات تستخدم الأجزاء الخلوية البشرية لإنشاء بروتينات تساعدها على التكاثر ، لذا فإن استهداف الفيروسات في حين أنها ليست ضارة بالخلايا البشرية يمكن أن يشكل تحديا . [2]

آلية عمل فيروس كورونا داخل الخلايا

عندما يصيب الفيروس الجسم ، فإنه يصيب بروتينات معينة في الخلايا يسمى المستقبلات ، ثم يدخل الفيروس الخلية عبر حويصلة تدعى “إندوسوم”، من داخل هذه الحويصلة ، تُطلق الحمض النووي الريبي RNA في السيتوبلازم في الخلية ويحدث أمران: يختطف الفيروس آلية الخلية البشرية لإنتاج البروتينات الفيروسية اللازمة لتكرارها ، ويستخدم إنزيمه الفيروسي الخاص به لنسخ الحمض النووي الريبي. أخيرًا ، تتجمع البروتينات الفيروسية والحمض النووي الريبي (RNA) في بنية تسمح للفيروس بمغادرة الخلية والانتقال إلى إصابة الخلية التالية.

آلية عمل الادوية المضادة للفيرسات

قالت كارول شوشكس ريس ، أستاذة علم الأحياء والعلوم العصبية بجامعة نيويورك ، إن الأدوية المضادة للفيروسات تستهدف عدة عمليات حيوية خلال دورة حياة الفيروس ..

حيث تمنع مادة الكلوروكين قدرة الفيروس على تغير الأندوسومات أو المستقبلات وإطلاق الحمض النووي الريبي في الخلية ، وهي خطوة لمنع انتشار الفيروس في الخلايا .

وقال ريس إن عقار ريمسيفير ، على النقيض من ذلك ، يتصرف مثل النيوكليوتيدات – فيعمل على بناء الحمض النووي الريبي (RNA) – ويلصق نفسه في تسلسل الحمض النووي الريبي المنسوخ ، مما يخلق “خطأ مطبعي” ويجعله عديم الفائدة.

عندما تسبب فيروس كورونا “سارس” في موجه وباء مشابه في عام 2003 ، أشارت بعض الأدلة الطبية إلى أن فئة من الأدوية تسمى “مثبطات الأنزيم البروتيني” المعتمدة لعلاج فيروس نقص المناعة البشرية “الإيدز” يمكن أن تكون فعالة ضد فيروس كورونا سارس.

واستنادا إلى الدراسات السابقة التي أظهرت احتمالية وجود فائدة لهذه الأدوية في علاج كلًا من سارس وفيروس كورونا الجديدة ، ويجري الآن اختبار اثنين منهم أثبتا قدرتهما على علاج 2019-nCov  خلال التجارب السريرية في الصين ، وفقا لمقال نشر في مجلة JAMA.

وتستهدف هذه الأدوية نقطة أخرى وهي منع تكاثر الفيروس ، من خلال التأثير على البروتين الذي يطلق عليه “البروتياز” مما يعوق الفيروس على التكاثر.

وحاليا يكمن علاج المرض من خلال تخفيف الأعراض عن طريق التعامل مع المشاكل التنفسية ، ومخفضات الحرارة وعلاج الحمى والتأكد من حصول المرضي على الترطيب اللازم .

على الرغم من أنه مستقبلا قد يتم اكتشاف إمكانية استخدام عدد من الأدوية المضادة للفيروسات لعلاج الفيروس التاجي الجديد ، لكن التأكد من هذا قد يستغرق بضع سنوات حتى يتم اختبار هذه الأدوية والموافقة عليها. وحتى بعد الموافقة عليها ، سيكون هناك نقاش حول ما إذا كان ينبغي إعطاء هذه الأدوية المضادة للفيروسات للمرضى للوقاية من المرض أو للمرضى الذين يعانون من حالات غير معقدة نسبيًا .