ما هي ظاهرة الحس المرافق Synesthesia
ظاهرة الحس المرافق هي حالة عصبية يؤدي فيها تحفيز مسار حسي أو إدراكي واحد (السمع على سبيل المثال) إلى تجارب تلقائية لا إرادية في مسار حسي أو إدراكي ثاني (مثل الرؤية)، أو ببساطة عندما يتم تنشيط إحساس ما، يتم تنشيط إحساس آخر غير ذي صلة في نفس الوقت، وقد يتخذ هذا على سبيل المثال شكل سماع موسيقى معينة ورؤية أشكال من الدوامات أو أنماط الألوان في نفس الوقت .
الحس المرافق
هي حالة عصبية تؤدي إلى قيام الدماغ بمعالجة البيانات في شكل عدة حواس في وقت واحد، على سبيل المثال قد يسمع الشخص المصاب بال Synesthesia الأصوات بينما يراها أيضا في شكل دوامات ملونة، وهذه الحالة ليست مفهومة تماما، لكن يعتقد أنها وراثية وتؤثر على النساء أكثر من الرجال، والـ Synesthesia غير شائعة كثيرا، حيث تحدث في حوالي 1 من كل 2000 شخص فقط، ووفقا للجمعية الأمريكية النفسية فإن هذه الظاهرة أكثر انتشارا في الفنانين والكتاب والموسيقيين.
حيث أن حوالي 20 إلى 25 بالمائة من الناس من هذه المهن لديهم هذه الحالة، من أشهر المصابين بها : مغني البوب لورد عازف الكمان كيتلين هوفا، والرسامين واسيلي كاندينسكي وديفيد هوكني، والكاتب فلاديمير نابوكوف، والملحن أوليفييه ميسيان، و الفيزيائي ريتشارد فاينمان [1] .
أنواع ظاهرة الحس المرافق
نظرا لأن تداخل الظاهرة يمكن أن يتضمن مجموعة من الحواس، فقد يكون هناك ما يصل إلى 60 إلى 80 نوع فرعي، ولكن لم يتم توثيقها أو دراستها جميعا والسبب في هذا غير واضح، لكن النوع الأكثر شيوعا هو synthhesia-grapheme-color، حيث ترتبط الأحرف والأرقام الفردية بألوان محددة وأنماط ملونة في بعض الأحيان، وهناك نوع آخر شائع أيضا هو Chromesthesia وهو ارتباط الأصوات بالألوان، فقد تدرك بعض المواد الملموسة استجابة للبصر، أو تسمع الأصوات استجابة للروائح، أو تربط الأشكال بالنكهات، والعديد من المواد الاصطناعية لديها أكثر من نوع واحد من أنواع الحس المرافق، وتشير التقديرات إلى أن حوالي 3 إلى 5 في المائة من الأشخاص لديهم شكل من أشكال الظاهرة [2] .
ومن أشهر أنواع الظاهرة :
- شم رائحة معينة عند سماع أصوات معينة
- رؤية الموسيقى كألوان في الهواء
- تذوق الكلمات
- الشعور بأن بعض الملموسات تسبب عواطف معينة (مفعول اللمس العاطفي)
- الشعور وقت معين له خاصية جسدية (تخليق المكان والزمان)
- رؤية لون معين عند الشعور بالألم
- رؤية لغة الإشارة كألوان
ويعاني بعض الأشخاص من ظاهرة تسمى “التخليق المفاهيمي”، حيث يرون المفاهيم المجردة مثل وحدات الوقت أو العمليات الرياضية كأشكال يتم عرضها إما داخليًا أو في الهواء المحيط بهم .
أسباب ظاهرة الحس المرافق
تمت دراسة Synesthesia لأول مرة في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، ولكن الأبحاث حول الحالة لم تتم حتى سبعينيات القرن العشرين، ومنذ ذلك الحين قام العديد من علماء الأعصاب بدراسة الحالة واقترحوا العديد من النظريات حول أسبابها، على سبيل المثال أشارت الأبحاث التي أجراها سايمون بارون كوهين الذي يدرس synesthesia في جامعة كامبريدج، إلى أن synesthesia ناتجة عن وفرة في الروابط العصبية.
ومع ذلك يعتقد بيتر غروسنباخر عالم نفسي في جامعة ناروبا في كولورادو، أنه بدلا من إعادة ترتيب بنية الدماغ، تحدث الظاهرة عندما تحصل مناطق الإحساس الفردية في الدماغ على تغذية مرتدة من مناطق متعددة الحواس، حيث أن المعلومات التي يصاب بها الأشخاص المصابون بهذه الظاهرة تكون مختلطة .
هناك نظرية أخرى اقترحتها دافني مورير عالم نفس في جامعة مكماستر في أونتاريو، تقول أن لكل فرد هذه الصلات ولكن لا يستخدمها الجميع، وبالتالي يكون أولئك الذين يستخدمون هذه الصلات أو الروابط هم الذين يعانون من ظاهرة الحس المرافق، وفي دراسة استقصائية شملت 11000 طالب جامعي، وجد الباحثون أن الأطفال الذين نشئوا وهم يتكلمون ويتحدثون لغتين ابتداء من سن مبكرة للغاية هم أكثر عرضة للظاهرة من الأشخاص الذين لم يتحدثوا لغتين ابتداء من سن مبكرة للغاية .
مدى انتشار ظاهرة الحس المرافق
من الصعب تحديد عدد الأشخاص الذين يعانون بالفعل من ظاهرة الحس المرافق، وذلك بسبب قلة البحوث التي تهدف إلى تناول هذه المسألة، علاوة على ذلك قد لا يعرف بعض الأشخاص أن ما يتعرضون له غير عادي، وبالتالي قد لا يتحدثون عنه، وقد لا يدرك العديد من الأشخاص لفترة طويلة أن حالتهم فريدة من نوعها، وقد اقترح الباحثون في جامعة بوسطن في ولاية ماساتشوستس أن حوالي 1 من كل 100000 إلى 1 من بين 5000 شخص لديهم شكل أو أكثر من أشكال الحس المرافق.
وقد أشارت دراسة أجريت في عام 2006 من قبل العديد من الباحثين المقيمين في جامعة ساسكس في المملكة المتحدة إلى أن التركيب الزهري اللوني قد يتعرض له أكثر من 1 بالمائة من الأفراد .
ومن وجهة نظر متخصصة، يتم تعريف الظاهرة كحالة عصبية، لأنها تغير من نظر الشخص إلى بعض جوانب العالم المحيط وتفاعله معها، وكما يوضح بعض المتخصصين فإن السمة الرئيسية لهذه الحالة هي ارتباط اثنين من الأحاسيس أو التصورات التكميلية والتي تنشأ تلقائيا أثناء التطور المبكر، كما أن هذه التصورات ثابتة، فمثلا إذا كنت ترى الحرف أ باللون الأزرق على سبيل المثال فلن يتغير هذا التصور أبدا [3] .
كيف تؤثر ظاهرة الحس المرافق على حياة الشخص
يمكن أن تكون الظاهرة مصدرا رائعا للإلهام، ويمكن أن تكون مفيدة في المواقف اليومية مثل مساعدة الأشخاص على تذكر الأسماء المنسية، ويمكن أن تكون الظاهرة مفيدة بشكل عملي حيث يمكن بسهولة استخدام الارتباطات التي تسببها كأجهزة تذكر مما يسمح باستدعاء أنواع معينة من المعلومات بسهولة أكبر .
تاريخ ظاهرة الحس المرافق
يعود تاريخ أبحاث synesthesia إلى التقارير العلمية الأولى المستمدة من جورج ساكس في عام 1812، في أطروحته يصف تصوراته التركيبية الخاصة، وفي القرن التاسع عشر لاحظ فرانسيس غالتون أن نسبة معينة من عامة السكان مصابين بحالة وراثية أطلق عليها اسم “synesthesia”، ومن قدمت هذا المصطلح إلى العلم العالمة الأمريكية ماري كالكنز وذلك في نهاية القرن التاسع عشر، وحوالي عام 1930 اكتسبت السلوكية أهمية في العلوم النفسية، وكان من المفترض أن المشاعر والأفكار الداخلية ليست قابلة للقياس، لذلك لم تنسجم النهج العلمية مع ظاهرة synesthesia في هذا الوقت، وتم نسيانها لعدة عقود [4] .
وفي الثمانينيات عندما بدأت الثورة المعرفية ومناقشات الحالات الداخلية ودراسة الوعي تحظى بالاحترام مرة أخرى، بدأ العلماء في دراسة هذه الظاهرة الرائعة مرة أخرى بقيادة لورنس ماركس وريتشارد سيتوفيتش في الولايات المتحدة، وسيمون بارون كوهين وجيفري جراي في إنجلترا، وبدأت الأبحاث في هذا المجال مرة أخرى، وفي أواخر التسعينيات بدأ الباحثون في الانتباه لنوع معين من هذه الظاهرة يطلق عليه grapheme-color synesthesia وهو أكثر الأنواع شيوعا، وفي عام 2006 تم نشر 26 مقالا لهذه الحالة .