هل الغباء وراثي ام مكتسب
يتفاوت الذكاء بين البشر من شخص إلى آخر ، فنري مثلا بعض الأطفال يتمتعون بذكاء مرتفع ، بينما آخرون تكون معدلاتهم أقل ، فيتساءل البعض هل الغباء وراثي أم مكتسب ، هل يمكن أن يكون للجينات الأب أو الأم دور في نقل الغباء إلى الأبناء ، أم أن الأمر يكتسبه الإنسان من البيئة المحيطة به ، ويمكن أن يتم السيطرة عليه بالتدريب .
الإجابة على هذا السؤال ليست سهلة كما يعتقد البعض ، فوفقًا لعدد من الدراسات والأبحاث العلمية فإن الأمر مختلط ومتشابك بشكل يشبه الشجر ، حيث أن بعض الأبحاث تؤكد أن نسبة الذكاء إنما يتم توارثها من خلال الجينات من الأب أو الأم ، لكن يمكن التحكم فيها من خلال عوامل أخرى ، مثل التعليم والنشأة الاجتماعية وغيرها .
علاقة الغباء بالجينات المتوارثة
وفقًا لبحث علمي فإن الغباء من الصفات التي يتم وضعها في شفرة الــ “دي إن إي” لكن ما يكون طبيعة الإنسان ليس له علاقة بالجينات فقط ، فجميع القدرات العقلية على وجه الخصوص ، تتطور بشكل لحظي ، أثنا النشاط اليومي من خلال التعرف على أشخاص مختلفين ، تبادل المعلومات والأخبار ، والخبرات الحياتية ، التعامل بشكل مباشر مع البيئة وخلال العمل، كل تلك العوامل تساعد على تشكيل الوعي والذكاء . [1]
كذلك فإن البيئة التي ينشأ خلالها الإنسان تشكل عدة أنواع من الوعي والذكاء ، فهناك الذكاء النفسي والعقلي، الاجتماعي، الانفعالي الوجداني .
علاقة العوامل البيئية بالغباء
ووفقًا لموقع ” wired” فإن المشكلة التي يواجهها الأطفال ذوي معدل الذكاء المرتفع ، عندما ينشئون في بيئات فقيرة ، تفتقر إلى أبسط الإمكانيات، مثل التغذية المناسبة أو التعليم أو المسكن الملائم ،فضلا عن التنشئة الاجتماعية التي يتولاها الوالدان ، وقد يعرضان الطفل للتعنيف بهدف التخلص من أسئلته الكثيرة، أو تسريبه من التعليم، أو حتى استغلاله للعمل، مما يضعف من معدل ذكائهم .
والجينات لا تؤثر على معدل الذكاء أو أنواعه فقط ، لكنها تلعب دور أيضا في الغباء والسلوك ، كما هو الذكاء أنواع متعددة ، فإن الغباء أيضا يختلف باختلاف الظروف والنشأة، في حين أثبتت الدراسات العلمية أن توفير بيئة صحية قد يزيد من معدلات ذكاء الأطفال .
ووفقًا لما قاله العالم اينشتاين فإن الحدود القصوى للقدرات الذهنية هي ما تتحكم فيها الجينات ، وهو ما يفرق بين إنسان وآخر في مستوي الذكاء أو الغباء ، وفي الطبيعي فإن الإنسان الحديث خاصة مع انتشار التكنولوجيا والألات الصناعية أصبح يستخدم جزء بسيط من القابليات الذكائية الموجودة بالمخ .[2]
هل الغباء مرض وراثي
يقول جيمس واتسون عالم الأحياء 75 عاماً رئيس مختبرات كولد سبرنج هاربر في نيويورك ، إن الغباء هو مرض وراثي ، مؤكدًا على ضرورة حث العلماء عل بحث الأسباب وإيجاد حل أو علاج مناسب ، لأن الأشخاص الذين يعانون من معدل ذكاء منخفض ولا يعانون من أمراض ذهنية مثل التوحد أو التخلف العقلي لابد من علاجهم .
وأكد على أن هناك عوامل أخرى تؤثر على معدل الذكاء أو الغباء ، ومنها الصعوبات التعليمية التي يواجهها الشخص ، مثل صعوبات التعلم والفقر ، المشاكل الأسرية بداية من التفكك الأسري ، أو أن يعاني أحد أفراد الأسرة من مشاكل مثل إدمان المخدرات أو الكحول ، وكل تلك الأسباب تساهم في انخفاض ذكاء الطفل وضعف مستواه التعليمي .
ويوضح أن دور العلماء وخاصة الأحياء ومتخصصين في علوم الجينات هو عزل وتحديد الجين المسؤول عن تحديد نسبة ذكاء الشخص، وتطوير علاج جيني يساعد على تقليل تلك الظاهرة إن لم يكن اختفائها .
وشرح واتسون حديثه مشددا على ضرورة قيام الأمهات والآباء بتوفير وسيلة لتحسين مستوى الأطفال من الذكاء ومساعدتهم في هذا الجانب ، لافتا إلى أنه أسس مشروع الجينوم البشري والذي يدرس مستقبل علم الجينات وكيفية التحكم فيها واختيار الأنسب والأفضل .
ويختلف مع تلك النظرية البروفسيور توم شكسبير وهو خبير في علم الأحياء فهو يقول إن واتسون مخطئ وهو يقول أن إصابة معظم الناس بالذكاء أو الغباء هو جزء من التفاوت البشري الطبيعي ، حيث أنه لا يقدر مسألة مدى تعقيد آلاف الجينات وارتباطها مع عوامل مختلفة في البيئة والتي ينتج عنها الذكاء المتفاوت .
ما هو الذكاء
يمكن تعريف الذكاء بأنه مرادف لمصطلح النبوغ ، والقدرة على الاستيعاب والقدرة على تحديد عوامل المشكلة ومعرفة العقدة والتفاصيل وحلها بشكل سريع، بالإضافة إلى إمكانية التصرف السليم والصحيح في أقرب وقت ممكن .
أما الغباء فهو النقيض التام لتعريف الذكاء، ويمكن القول بأنه سلوك بطئ وردود أفعال غير سليمة ، وعدم القدرة على التصرف وعدم الانتباه لما يحدث حول الشخص.
برامج تنمية الذكاء التي تقدمها المراكز النفسية
وباعتبار أن الذكاء مرتبط ومتشعب العوامل ما بين المكتسبة والوراثية، فإن العلماء يقومون بوضع عدد من البرامج التدريبية الذهنية، التي من شأنها أن ترفع معدل الذكاء لدي الأطفال والأشخاص .
وهناك عدة أنواع من التدريبات العقلية منها الذهنية التي تبدأ بطريقة متدرجة والهدف منها رفع درجة الذكاء الاجتماعي بعدة طرق ، منها المسرح النفسي أو العلاج بالموسيقي والرسم ، وتعمل تلك الطريقة على زيادة مهارات التعلم والذاكرة ، وهو الأمر الذي يؤدى في النهاية إلى زيادة مستوى الذكاء.
ولم يتوقف العلم عند رفع مستوى الذكاء فقط ، بل إن الأمر تطور إلى علاج دوائي للسيطرة على مستوى الغباء ، من خلال البحث عن الفيتامينات والمواد التي تزيد من قدرة الدماغ عن التركيز ، وتحسن التعلم والذاكرة .
وفي دراسة حديثة ، كشفت عن سر إصابة بعض البشر بالغباء دون غيرهم ، أشرفت عليها جامعات مرموقة هما جامعتي Johns Hopkins وNebraska ، حيث وجدت إن هناك فيروس يتغذي على الطحالب الخضراء ، ويعيش في المياه والبحيرات العذبة وينتقل إلى الإنسان عن طريق تناول الأعشاب البحرية في بعض الدول والأسماك في أخري، ويستقر في حلق الشخص.
هذا الفيروس يؤثر على قدرات الإنسان في الإدراك ، ويرفع من معدلات الغباء ، موضحة أن 44% من البشر يحملون هذا الفيروس الذي يدوم تأثيره لوقت طويل جدًا ، وينتقل من الآباء إلى الأبناء
واعتمدت الدراسة على التجارب الحيوانية ، حيث درست على مدار 5 سنوات تأثير ذا الفيروس على الفئران ، ووجد أن الفئران التي تعاني من هذا الفيروس لديها مشاكل في اجتياز اختبارات الذكاء ، وهو ما يؤكد نظرية العلماء أن التغيرات الجينية التي قد تحدث في دماغ البشر لها علاقة مباشرة بهذا الفيروس الذي أطلق عليه الأطباء اسم ” Chlorovirus ATCV-1 “.
ومن ضمن الاختبارات التي قام بها الأطباء هو وضع تلك الفئران الحاملة للفيروس في متاهة ، عدة مرات على فترات متقاربة ، فوجد أن لديها انخفاض ملحوظ على الإدراك المعرفي ، الذي يحدد الاتجاهات .
وأجرى العلماء العديد من الأبحاث والاختبارات المعملية ، لتوضيح مدي تأثير هذا الفيروس على الجسم وليس وظائف الدماغ ، فقاموا بتحليل عينات دم وبراز لتلك الفئران وتشريحها ، فوجد أن الفيروس تغلغل في الدم والأنسجة واستطاع أن يغير نشاط الجينات لدى أدمغة الفئران .
ومن شان هذه الدراسة وما شاكلتها أن تشرح للأطباء والعلماء طريقة عمل الدماغ والذكاء والغباء وأن يتوصل العلماء إلى طريق آخر ، من شأنه تحسين القدرات العقلية والإدراكية للبشر .