من هو كونفوشيوس
كونفوشيوس هو فيلسوف وسياسي صيني ، كانت فلسفة كونفوشيوس تدعو إلى تعزيز الأخلاق في العلاقات الاجتماعية ، وترسيخ قيم العدالة واللطف والإخلاص بين الناس ، وبينما زخر عصره بمئات المفكرين الذين قدموا العديد من المدارس الفكرية الداعمة للقمع السياسي لصالح ” تشين ” الأسرة الحاكمة آن ذاك ، إلّا أنه بعد انهيار كين وانتصار ” هان ” على ملوك ” تشو ” تبنت الحكومة الجديدة أفكار كونفوشيوس ، وتم تطويرها حتى أصبحت نظامًا في الغرب يعرف باسم ” الكونفوشيوسية الحديثة ” .
من هو كونفوشيوس
ولد كونفوشيوس في منطقة ذو القريبة من مدينة ” تشوفو ” الحالية في الصين ، في 28 سبتمبر 551 قبل الميلاد ، وتوفي في الحادي عشر من إبريل 479 قبل الميلاد ، اسم كونفوشيوس هو شكل لاتيني من لغة المندرين الصينية ، وقد كان اسم ولادته ” كونك – فو – دزا ” ، وسمي بين تلامذته بـ ” كونك
المعلم
” . [1]
قام كونفوشيوس بتأليف وتحرير الكثير من النصوص الصينية الكلاسيكية ، أبرزهم ” الكلاسيكيات الخمسة ” وحذر العديد من المفكرين الجدد من نسب أي نصوص محددة إلى كونفوشيوس ، ولم يتم جمع تعاليمه وفلسفته إلا بعد وفاته . [1]
قامت فلسفة كونفوشيوس على أسس مشتركة مع مبادئ المجتمع الصيني ، مثل الدفاع عن العائلة وتبجيل كبار السن من قبل الصغار ومن قبل زوجاتهم وأبنائهم ، كما أكد على أن الأسرة هي أساس البناء السليم للحكومات ، كما دعم المبدأ الشهير ” لا تفعل بالآخرين ما لا تريد أن تفعله لنفسك ” ، وتم اعتبار كونفوشيوس إلاهًا من قبل الداودية . [1]
وبالفعل كونفوشيوس هو واحد من أهم الشخصيات المؤثرة في التاريخ ، حيث استطاعت فلسفته أن تؤثر على الناس في كافة أنحاء العالم ويمتد تأثيرها حتى الآن . [1]
الحياة العائلية لـ كونفوشيوس
بالرغم من ولادة كونفوشيوس في عصر كانت الصين بالكامل تحت حكم عائلة ” تشو ” إلا أن المنطقة التي ولد بها ” ذو ” كانت مستقلة تمامًا عن هذا الحكم وكانت تحت سيطرة اللوردات المحليين ” لو ” توفى والد كونفوشيوس وهو في الثالثة من عمره بعد ، وكانت أمه ” أو شوليانج هي ” قائدة مسنة في حامية لو المحلية ، وكان أجداده يقيمون في سونغ التي كانت تحت حكم ” تشو ” لكن الروايات التقليدية قالت أن جده هاجر إلى حامية لو . [1]
وترعرع كونفوشيوس مع أمه في حالة من الفقر ، تزوج من ” كيغوان ” وهو في التاسعة عشر من عمره وأنجبا ولدهما الأول ” كونغ لي ” بعد عامًا من الزواج ، ثم أنجبا بنتان وتوفيت إحداهما وهي طفلة بحسب الروايات .
درس كونفوشيوس الفنون الستة في مدارس حكومية ، فهو ابن الطبقة الفقيرة التي تسمى ” تشي ” وهي بين الطبقتين
الأرستقراطية
والعامة ، حيث عمل موظفًا حكوميًا في مستهل العشرينات من عمره ، وانتقل بين العديد من تلك الوظائف من بينها راعيًا للأغنام وحافظًا للخيول .
توفت والدته وهو في عمر الـ23 عامًا ، لكنه استطاع من خلال عمله أن يوفر لها مدفنًا لائقًا ، وظل يبكي لثلاثة سنوات بعد فقدها ، إذ كانت تلك هي العادات . [1]
كونفوشيوس والحياة السياسية
في عصر كونفوشيوس حكمت ولاية ” لو ” أسرة ” دوقي ” ، وتحت منصب الدوق ثلاثة مناصب أخرى كانت من نصيب ثلاثة أسر أرستقراطية ، تحمل لقب ” الفيكونت ” ، ويكون الحكم لهم وراثيًا ، والأسر الثلاث كما يلي :
أسرة ” جي ” منصب رئيس الوزراء .
أسرة ” منغ ” منصب رئيس الأشغال .
أسرة ” جو ” منصب رئيس الحربية . [1]
وذات شتاءً في عام 505 قبل الميلاد ، قام ” يانغ هو ” فرد من أسرة ” جو ” بالإنقلاب على أسرة ” جي ” واستولى على منصب رئيس الوزراء ، وبحلول صيف 501 قبل الميلاد ، قامت الأسر الحاكمة الثلاث بطرد ” يانغ هو ” من ولاية ” لو ” ، في الوقت ذاته كان كونفوشيوس قد ذاع صيته في تلك الفلسفة الأخلاقية التي يروجها ، فجاءت الأسر الثلاث لتعرف ما قوة السلوك الأخلاقي للناس في التأثير الإيجابي على انتمائهم للحكومة الشرعية ، وهكذا تم تعيين كونفوشيوس في عام 501 قبل الميلاد بمنصب حاكم بلدة صغير ، وبالقليل من الوقت حتى وصل لمنصب وزير الجريمة . [1]
كانت كل أسرة قد أحكمت غلق المدينة التي تحكمها وانفصلوا تمامًا عن سلطة ” الدوق ” ، وهنا أراد كونفوشيوس أن يعيد له سلطته من خلال تفكيك تحصينات المدن الثلاث ، ليتمكن من إنشاء حكومة مركزية ، لكن في الوقت ذاته لم يكن كونفوشيوس يملك قوة حربية لذا حاول أن يقنع الأسر الثلاث بتفكيك تحصينات مدنهم بالدبلوماسية لكنه فشل ، فجاءته الفرصة من تلقاء نفسها عام 500 قبل الميلاد ، حيث ثار ” هو فان ” حاكم مدينة ” هوى ” ضد رئيسة من أسرة ” شو ” وقامت أسرة شو بمساعدة أسرة منغ في محاصرة مدينة هوى لكنه كان حاصرًا فاشلًا غير مجدي ، لكن أحد المسؤولين الموالين قام بثورة مع شعب هوى وأجبر ” هو فان ” على الرحيل إلى مدينة ” تشي ” ، لذا رأى كونفوشيوس وتلاميذه أن هذه فرصة إقناع الأسر الثلاث بتفكيك تحصينات مدنهم ، وبالفعل بعد الكثير من المحاولات والمفاوضات استطاع بعد عام ونصف أن يقنع أسرة ” شو ” بتدمير جدران ” هوى ” وأقنع أسرة ” جي ” بتدمير جدران ” بي ” ، وأسرة ” منغ ” تدمير جدران ” تشنغ ” ، ولكن دخلت العائلات الثلاث في محاولات مستميتة لغزو مدن بعضهم ، وخلال ذلك التمرد الموجود في مدينة ” قونغشان ” استطاع كونفوشيوس أن يحمي ” تشونغ أنت ” وزوجاته الثلاث ، وفي حال أن تلميذه ذاك كان من أسرة ” جي ” وكان كونفوشيوس يريد له أن يصبح الحاكم ، فقد أراد حماية الدوق من تلك الغارة التي سمع بقدومها ، فطلب من ” فيسكونت جي ” أن يعود الدوق ومحكمته إلى معقله والاحتماء في قصره ، بناءً على ذلك تراجع حكام الأسر الثلاث إلى قصر ” جي ” وصعدوا إلى الشرفة ، ينما أمر كونفوشيوس ثلاثة ضباط بقيادة هجوم ضد الغارة أو عائلة ” جي ” وبالرغم من انتماء اثنين من الضباط إلى تلك العائلة إلا أنهم لم يستطيعوا رفض الأمر إذ لم يغادر الدوق بعد ، وبالفعل تمت هزيمة المتمردين في ” قو ” وبعد ذلك على الفور قامت أسرة ” جي ” بهدم أسوار مدينة ” بي ” . [1]
وبذلك تراجع الكثيرين من المسؤولين المتمردين ، ولفت كونفوشيوس الأنظار إلى براعته في الحقل السياسي والسلوك الإنساني .
لكنه خلق له الكثير من الأعداء داخل الدولة بسبب تلك النجاحات ، والتي لم يكن من بينها عودة السلطة للدوق ، نظرًا لتراجع حاكم ” منغ ” عن هدم جدرانه .
تلك العداءات التي من أبرزها عداء ” الفيكونت جي ” جعلت كونفوشيوس يغادر وطنه عام 497 قبل الميلاد ، لكنه لم يقدم استقالته من منصبه ، أو ممارسة عمله .
ظل كونفوشيوس في منفاه الاختياري ، غير قادرًا على
الاستقالة
حتى لا يعلن فشل الدوق الذي كان يخدمه ، لذا انتظر كونفوشيوس حتى يقوم الدوق بأي خطأ أقل ، وبالفعل لم يرسل الدوق لكونفوشيوس نصيبه من الذبيحة كما جرى العُرف وقت ذاك فاتخذها ذريعة للاستقالة .
وبعد استقالة كونفوشيوس بدأ في رحلات عديدة تنقل فيها بين شرق ووسط وشمال الصين ليشرح أفكاره السياسية التي لم يرى تنفيذها . [1]