نظرية الطلقة السحرية
نظرية الطلقة السحرية، هي إحدى النظريات التي تتحدث عن قدرة الإعلام على إيصال أي فكرة بشكل مباشر إلي الجمهور، كما أن لها العديد من المسميات، مثل نموذج إبرة تحت الجلد ونموذج الحقن، ونظرية الحقن، ونموذج نقل الحزام، فلقد تأصل هذا النموذج في الثلاثينيات من القرن العشرين، عندما بدأ الإعلام في أن يكون له أثر كبير على الجمهور، في تحديد مصير الكثير من الأحداث المهمة مثل الحرب العالمية وغيرها.
ما هي نظرية الطلقة السحرية
نظرية الاتصال الخطي التي تشير إلى أن وسائل الإعلام لها تأثير مباشر وقوي على الجماهير، مثل الحقن بإبرة تحت الجلد، تعتبر هذه النظرية خياراً واحداً فقط، وهو أن الجمهور سلبي وما يرونه سوف يتصرفون أو يؤمنون به.
نظرية الطلقة السحرية هي نظرية اتصال خطية توحي بأن رسائل الوسائط يتم حقنها مباشرة في أدمغة الجماهير السلبية، في هذه النظرية، يُنظر إلى وسائل الإعلام على أنها قوية وقادرة على “ضخ” الأفكار في جمهور ينظر إليه على أنه ضعيف وسلبي ويمكن أن يتأثر برسالة، في ألمانيا النازية في الثلاثينيات وأثناء الحرب العالمية الثانية، استخدمت الأفلام “لحقن”
أفكار الدعاية
التي تروج للقضية النازية للجمهور الألماني، ما زلنا نرى اليوم بثاً سياسياً للأحزاب على شاشات التلفزيون خلال الانتخابات.
تأتي نظرية تحت الجلد نتيجة للخوف من وسائل الإعلام، وتمنح وسائل الإعلام قوة أكبر بكثير مما يمكن أن يكون في أي وقت مضى في الديمقراطية، يتجاهل المفهوم الفكرة التي مفادها أنه لا يتصرف كل شخص في جمهور بنفس الطريقة، وكيف يمكن أن يكون الجمهور سلبياً.
استندت نظرية الطلقة السحرية لآثار التأثير المباشر على الملاحظات المبكرة لتأثير وسائل الإعلام، كما استخدمها الدعاية النازية وتأثيرات هوليود في الثلاثينيات والأربعينيات، كان يُفترض أن الناس يتحكمون بشكل موحد من خلال غرائزهم البيولوجية وأنهم يتفاعلون بشكل أو بآخر بشكل منتظم مع أي شيء يأتي من المنبهات المختلفة.
تفترض نظرية الطلقة السحرية أن رسالة الإعلام هي رصاصة أطلقت من مسدس الوسائط إلي رأس المشاهد بشكل مباشر، حيث أنها تشير إلى أن
وسائل الإعلام
تضخ رسائلها مباشرة إلى الجمهور السلبي، يتأثر هذا الجمهور السلبي على الفور بهذه الرسائل، لا يمكن للجمهور بشكل أساسي الهروب من نفوذ وسائل الإعلام ، وبالتالي يعتبر مثل البطة الجالسة التي تعد هدف سهل، يشير النموذج إلى أن الجمهور عرضة للرسائل التي يتم إطلاقها عليهم بسبب محدودية أدوات الاتصال ودراسات تأثيرات الوسائط على الجماهير في ذلك الوقت، وهذا يعني أن وسائل الإعلام تستكشف المعلومات والطريقة التي تمكنهم من ضخ الأفكار في أذهان الجماهير كالرصاص.[1]
جذور نظرية الطلقة السحرية
إن جذور الرأي القائل بأن وسائل الإعلام لديها القدرة على أن تدهش جمهورها والتأثير عليها وحتى التحكم فيها، لها جذور راسخة في أوائل القرن العشرين، ودعم ذلك تكنولوجيا الاتصالات الجديدة في شكل صور متحركة، و
الإذاعة
وسائل الإعلام التي كانت تشغلها الصحف في السابق.
يمكن القول أن الحرب العالمية الأولى كانت أيضاً الحرب الأولى التي قامت باستخدام وسائل الإعلام، خلال فترة أصبح فيها الرأي العام حاسماً، تم استخدام وسائل الإعلام لاستنباط المعنويات والدعم، وحتى أنشأت بريطانيا وزارة إعلام لإنتاج الدعاية اللازمة، ونشر الروس والألمان والإيطاليين والإسبان أساليب مماثلة للإقناع الجماعي.
في السنوات الفاصلة بين الحربين العالميتين (1918-1939) تم شرح قدرة الاعلام على غسل دماغ المواطنين على ما يبدو باستخدام نموذج (الرصاصة السحرية)، كان هذا النموذج متجذراً إلى حد كبير في الفكرة السائدة للسلوكيات في هذا الوقت، والتي تمثلت أكثرها شهرة في تجربة بافلوف حيث تم تدريب كلب على اللعاب عند حلقة الجرس.
تطبيق مفهوم التكيف
في نموذج الإبرة تحت الجلد، تم تطبيق مفهوم
التكييف
على جمهور الجماهير الذي كان ينظر إليه كمتلقي سلبيي لأي رسالة تم حقنها (أو إطلاقها) من قبل وسائل الإعلام، والذين يمكن التلاعب بهم للرد بطريقة يمكن التنبؤ بها وغير متوقعة ومشروطة الطريقة.
دراسة الحالة الكلاسيكية المذكورة لدعم هذا الرأي هو البث الإذاعي الشهير لحرب العالمين بقلم أورسون ويلز في عيد الهالوين عام 1938، في هذه الحلقة من مسلسل درامي إذاعي بثته محطة كولومبيا للإذاعة (CBS) ، تم مقاطعة البرنامج بإعلان عاجل عن غزو المريخ في تقدم نحو الأرض.
أدى التصوير الواقعي للقصة إلى إثارة حالة من الذعر على نطاق واسع في جميع أنحاء البلاد، وتم اعتباره دليلإً إضافياً على أن وسائل الإعلام لديها القدرة على التحكم في الجماهير، ومع ذلك أدى عدم وجود دراسات تجريبية بعض العلماء إلى التشكيك في هذا النموذج، الذي كان يستند إلى العديد من الافتراضات التي لا تدعمها البحوث، باستخدام مثال غزو المريخ، أشاروا العلماء إلى أنه لا توجد بيانات تجريبية فعلية حول مدى انتشار الذعر بين الناس، واقترحوا أن تكون الصحف التي أبلغت عنها مبالغاً فيها.[2]
أمثلة على تأثير نظرية الطلقة السحرية
في الحرب العالمية الثانية، لعب الإعلام في كل الدول التي دخلت الحرب دور كبير، في الولايات المتحدة وألمانيا وقدرتهم في التأثير على الناس، ففي الولايات المتحدة الأمريكية مثلاً لم تكن الولايات المتحدة ضمن الحرب إلا أنها تمكنت من إقناع الشعب الأمريكي من الدخول في الحرب وبالفعل قام الرئيس الأمريكي ويلسون بصناعة لجنة الإعلام (CPI)، التي كان يديرها الصحفي الكبر جورج كريل، الذي يعتبر هو المروج للحرب العالمية الثانية.
قامت الولايات المتحدة في إنتاج أفلام مثل فيلم (حدث لها ليلة واحدة) وفيلم (إنها حياة رائعة)، حيث تم تصوير ألمانيا كما لو انها قوة شر، حيث أثرت هذه الأفلام بشكل كبير في عقل الأمريكيين، كما كان هتلر يستخدم
صناعة الأفلام
للدعاية له وللجيش الألماني، وقاموا بإنتاج العديد من الأفلام التي تتناول إنجازات الجيش الألماني والحكم النازي لألمانيا، والتي أثرت بالفعل في أذهان
الألمان
.
انتقادات لنظرية الإبرة تحت الجلد
-تعتمد النظرية على فكرة تدفق الرسائل دائماً من المُرسل إلى المستقبل أو من أعلى إلى أسفل.
– افتراض النظرية أن الجمهور سلبي قابل للتأثر بسهولة بالرسالة التي من الممكن ألا تكون صحيحة، إلا أن الحقيقة أن ردود فعل الناس تختلف، يمكن لبعض الناس أن يكونوا سلبيين فعلاً في بعض الأحيان ولكن ليس دائماً ولا يتم هذا الأمر على كل الناس، كما أن بعض الناس قد لا يؤمنون بالإعلام.
-لقد فشلت النظرية في العديد من الدراسات مثل بحث (اختيار الشعب) لنمط السلوك السياسي والتصويت خلال فترة فرانكلين روزفلت، كما أوضحت الدراسة أن نمط الجمهور تأثر بوسائل الإعلام في الحد الأدنى، إلا أنه تأثر أكثر بالاتصال الشخصي، وتشير الدراسات في حقيقة الأمر أن وسائل الإعلام لها تأثير انتقائي على كتل من الجمهور وليس بشكل كامل.
-لا يمكن أن نعتبر النظرية تجريبية، فيمكننا التحقق منها من خلال الخبرة والملاحظة بدلاً من المنطق الخالص أو النظرية.
-هناك العديد من الخيارات الخاصة بوسائل الإعلام في هذا الوقت، والعديد من القنوات المختلفة، كما أن وسائل الإعلام تطورت بشكل كبير، وظهرت ومواقع التواصل الاجتماعي التي مكنت الناس من التواصل بشكل كبير مع بعضها البعض، لتمكنهم من التعرف على الحقيقة من الأشخاص الموجودين في الحدث نفسه، حيث تمكنت هذه المواقع من خلق وسائل إعلام ووسائط خاصة بالجمهور، هذا يعني أن النظرية غير قابلة للتطبيق في عالم اليوم.[3]